مدونة نظام اون لاين

صفحة 2 من 22 الأولىالأولى 123412 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 6 إلى 10 من 107

الموضوع: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود , رواية انفاس قطر

  1. #6

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صباح البهجة والسعادة والرضا
    على كل صديقاتي الأثيرات
    عاجزة عن إيصال إحساس سعادتي لكم
    وأنا أرى صديقاتي المساندات لي مع كل جزء جديد
    وأنا أرى الأسماء الجديدة
    وأنا أرى أسماء مضى على اشتراكها سنوات ثم تطوق عنقي بشرف رفيع
    أن يكون توقيعها الأول بين صفحات بين الأمس واليوم
    .
    الجزء الماضي
    كان جزءا عاصفا أثار أراء عاصفة
    حاولت أن أختار ردين أو حتى ثلاثة أوأربعة كما قلت لكم المرة الماضية
    لكني لم أستطع
    لأن غالبية الردود أثارت قضايا مهمة وتعليقات رائعة
    لذا اسمحوا لي هذه المرة على ما أثاركم المرة الماضية بعجالة
    .
    .
    زايد
    هل هو مدين لخليفة حتى يكون وفيا لهذه الدرجة؟!!
    هناك فرق بين رد الدين.. وبين الوفاء
    رد الدين واجب على كل إنسان..
    ولكن الوفاء مروءة لا تتوفر لكل إنسان ومن يتمتع بها هو في المقام الأعلى من البشر
    فأيهما زايد في نظركم؟؟
    .
    .
    منصور
    هل هو عاجز؟؟ صعب المعاشرة وحاد؟؟ عقيم؟؟ يعامل زوجاته معاملة عسكرية؟؟ تزوج لمجرد العناد في زايد؟؟
    لم يجد من تستطيع إقناعه بالحياة الزوجية؟؟
    أو هو لم يرد أن يقتنع؟؟؟
    هذه هي توقعاتكم..أي واحد منها يعتبر حجة جيدة وقد يكون صحيحا
    وكلها قد تكون خاطئة أيضا
    فما رأيكم أن ننتظر قليلا
    .
    .
    كاسرة
    لحد الحين ما عرفتوها وانا قاصدة هالشيء
    بتعرفون عنها أكثر قريب..
    لما قالت لأمها: يا بنت جابر..
    أنا والله لما كتبت العبارة ماقصدت العقوق ولا انعدام التربية ولا قلة احترام
    لكن الغضب
    لأنه احنا ما نقول بنت فلان واحنا نقصد تقليل احترام
    ولو أنا وصلت لكم هالمعنى.. يكون الغلط غلطي

    اللي قصدته امها تعاني الغضب فقالت لها: اقصري الشر يا بنت ناصر..
    لو قالت لها اقصري الشر يأمش.. كان ردت عليها بنفس طريقتها وقالت لها: ماني بقاصرته يمه
    وأنا قصدت هالشيء تمام
    كاسرة تربية أمها وهي اللي سوتها كذا..
    .
    .
    البنت اللي جات تميم في المحل
    هل لها دور؟؟ هل هي سميرة؟؟
    لا هذا ولا ذاك
    أنا بس حبيت أبين يوم عادي من أيام تميم في العمل
    .
    .
    جميلة
    لحد الحين هي بعد ما عرفتوها
    اليوم بيتكشف لكم شوي من شخصيتها
    وترا لما كانت الشخصيات تقول عنها ياحرام إن اللي فيها عين
    أنا قصدت إن الناس يرجعون التغير الجسدي السيء في الناس دايما للعين
    والعين فعلا حق
    لكن جميلة مريضة
    وبنكتشف أكثر اليوم عن مرضها وأسبابه لكن جزئيا
    مازال في الجعبة الكثير
    .
    .
    خليفة
    هل سيصبح أحد الشخصيات الرئيسية أو هو مجرد عابر؟؟
    هل تعتقدون أنني صنعت الموقف لأجعله مجرد عابر ينتهي برفض جميلة له؟؟
    أو صنعت الموقف لأجعله عابر سيكون له تأثير على علاقة زايد بعلي؟!!
    أو هو لن يكون عابرا بأي حال من الأحوال.. والموقف تمت صناعته من أجله هو؟؟
    .
    .
    علي
    هل ستتأثر علاقته بوالده وهو الأقرب بين أخوته لزايد
    أم أن علاقته بزايد ستصمد أمام خذلانه له
    وما تأثير كل ذلك عليه
    .
    .
    جزء اليوم
    نتعرف على عائلة فاضل
    هل تذكرن في الجزء الثاني مقدمة ظهور وضحى وشعاع..
    قلت لكما أن الصبيتين تطويان حزنا ما في قلبيهما نشأتا فيه ولم يكن لهما ذنب فيه
    تعرفنا على حزن وضحى.. اليوم نتعرف على سبب حزن شعاع
    ولكن ليس بتفصيل.. فالتفصيل قادم في حينه
    .
    والحدث اللي جميعكم تنتظرونه
    رد جميلة على خليفة
    في هذا الجزء بيكون فيه ملكة/ عقد قران
    من يا ترى؟؟
    هل عفراء وزايد؟؟ أو عفراء ومنصور؟؟
    أو جميلة وعلي؟؟ أو جميلة وخليفة؟؟
    هذي كانت توقعاتكم.. ونشوف أيها يصدق
    .
    .
    إليكم
    الجزء السادس
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء السادس






    "يمه شتهوجسين فيه؟؟" صوت جميلة الضعيف المبحوح




    عفراء تنتفض بخفة ثم تهمس في أذن ابنتها المتهالكة تعبا: جميلة يمه بيجي ولد عمش خليفة يكلمش



    جميلة بالكاد رفعت حاجبا علامة الاستغراب.. ثم همست بصوت مبحوح تماما:


    وش يبي يمه؟؟ وأشلون يكلمني؟؟ وليه يكلمني؟؟



    عفراء لم تستطع إيجاد إجابة مناسبة.. لذا همست بأكبر قدر من الطبيعية استطاعت أن تصطنعه:


    إذا جاء درينا.. كل حي ملحوق



    جميلة بتساؤل مرهق: وش قلتي اسمه يمه؟؟



    عفراء بنبرة طبيعية: خليفة يأمش



    سرح خيال جميلة نحو البعيد.. وهي تهمس بألم عميق مثقل بالحنين: خليفة على اسم إبي يمه



    كانت عفراء على وشك الرد عليها لولا أنها سمعت صوت زايد ينادي بعلو: يأم جميلة.. خليفة جا



    بدأت دقات قلب عفراء تتعالى برعب..


    بينما جميلة كانت سارحة في خيالاتها حتى سمعت الصوت الرجولي الغريب الذي جاءها من خلف الستارة:



    مساج الله بالخير يابنت العم!!




    تمنى زايد في أعماقه وبكل العنف ألا تجيبه.. وترفض الرد عليه


    فصورة علي يخرج منسحبا ثائرا مكسور النفس.. تعذب خيال زايد المثقل بالإحساس بالذنب والضيق


    ولكن أمنياته ذهبت أدراج الرياح وهو يسمع الصوت الخجول الضعيف الذي بالكاد يُسمع:


    هــلا




    جميلة ذاتها استغربت كيف ردت عليه


    شاب غريب لا تعرفه


    والموقف كله غريب


    ولكن نبرته الواثقة.. صوته الدافئ الحنون جعلها تشعر برغبة عميقة في البكاء


    وذكرى عظيمة صنعها لها زايد تقفز لخيالها




    لطالما أجلسها زايد في حضنه ليحكي لها عن والدها بحماس وانبهار


    رسم لها صورة خيالية لرجل فريد من نوعه.. أشبه ما يكون بأسطورة


    ترعرعت وهي تؤمن أن والدها هو هكذا..


    أسطورة لا تتكرر


    وهاهو بعض رائحة الأسطورة وحامل اسمه يأتيها اليوم.. بل حامل الجينات نفسها


    جينات خليفة.. والدها.. أسطورتها


    أفلا ترد عليه على الأقل؟!!




    خليفة بذات نبرته الواثقة: مساج الله بالخير خالتي أم جميلة



    عفراء حاولت أن ترد بطبيعية رغم إحساس الضيق الذي يخنقها:


    هلا خليفة


    أشلونك؟؟ واشلون إبيك وإخوانك؟؟



    خليفة بهدوء حازم: طيبين ياخالة


    ثم أردف بذات الهدوء الحازم: جميلة سمعيني عدل


    أدري إنج تعبانة وايد وبتسافرين للعلاج


    عمي أبو كسّاب وعياله ما قصروا طول هالسنين


    وترا اهم الداخلين وأنا الطالع


    بس ما تظنين يا بنت عمي إنه الطيور تحن لأعشاشها


    أنا أبيج يا بنت عمي


    ما بقى لنا من ريحة عمي خليفة إلا أنتي


    تبين أنتي بعد تروحين عنا ؟!!


    ما تبين ذكر عمي خليفة يقعد في هله وجماعته؟!!




    "عرف هذا الخليفة من أين تؤكل الكتف.. عرف من أين يأتي لها


    وأنا السبب.. دائما أنا السبب"


    هذا ما كان يدور في بال زايد المصعوق الموجوع


    خليفة... دائما كان المفتاح خليفة!!


    ولكن من أين أتى هذا الشاب بهذا المفتاح؟!!



    "وهل كان لديه غيره يازايد؟؟


    أنت من أعطيته المفتاح


    فإلى أين سيقوده المفتاح؟!!


    وأي أبواب مغلقة سيفتحها به؟!!


    جميلة يا بنيتي لا تخذلي علي كما خذلته


    أنتي لم تعرفي خليفة كما عرفته


    خليفة هو مجرد ذكرى لكِ.. ولكنه لي كان حياة وروح


    لا تخذلي علي


    لا تخذليه


    إلا علي ياجميلة


    إلا علي !! "




    خليفة كان يتكلم.. ووجه جميلة الشاحب يزداد شحوبا.. بينما كان وجه عفراء قد امتقع تماما:


    يا بنت عمي.. وربي اللي خلقني


    إني أحطج في عيوني الثنتين


    لا تحاتين شيء وأنتي معي


    أنا أبوج اللي ما عرفتيه


    وأخوج اللي ما يابته أمج..



    كان يتكلم بثقة حنونة مختلفة مشتعلة بدفء غريب.. بعثت الرعشة في أوصال جميلة اليابسة..


    هل هذا القلب يرتجف ودقاته تتعالى؟!!



    "شتقولين يا بنت عمي؟؟


    موافقة علي؟؟"



    كان زايد على وشك التكلم.. لولا الكلمة الحادة السريعة المفاجئة التي صعقته حتى نخاع النخاع:



    "مــوافــقـــة"



    عفراء تهاوت على المقعد منهارة بينما سارع زايد ليهمس بحزم يخفي خلفه جزعا بات يخنقه:


    يا بنتي ترا الخيار في يدش


    وترا الشباب كلهم متقدمين لش


    تبين علي وإلا خليفة؟؟



    الصوت المبحوح نفسه يهمس: " أبي خليفة"



    ليسود وجه زايد وتتسع إبتسامة الانتصار على وجه خليفة


    الذي ما خطر بباله إطلاقا أن جميلة قد توافق عليه


    كل ما أرده من هذه الحركة أن يُصعب الموقف قليلا على زايد وابنه


    يفعل كما يفعلون حينما يحلو لهم التحكم في المصائر


    وحتى لا يبدو غير جاد وهو يقف في وجه ابن زايد في موقف مصيري


    كان لابد أن يتقن دوره.. ويتحدث كما يتوجب عليه في مثل هذا الموقف


    ولكن لم يتوقع حتى لثانية واحدة أنها قد توافق عليه وهي لا تعرفه


    مهما كان كلامه مؤثرا وصوته حنونا..


    توافق!!


    تـــوافـــق؟؟؟!!



    "ماذا؟؟


    هل وافقت عليّ أنا فعلا؟!!"




    حينها ذهبت السكرة.. وحلت الفكرة!!






    *********************






    قبل سنتين




    بيت عفراء





    صوت كسّاب الغاضب يتعالى : أنا أبي أعرف بنتش هذي وش طينتها؟؟ ما تستحي على وجهها؟!!



    عفراء بجزع: بنتي؟؟ ليه وش هي مسوية؟؟



    كسّاب بذات نبرة الغضب المخيفة: فشلتني.. فشلتني.. خلتني في نص هدومي



    تغيرت نبرة عفراء من الجزع للرعب وهي تمسك بجيب كسّاب: بنتي وش سوت؟؟



    كسّاب بذات الغضب: الشيخة أمس متغدية في كوفي هي وصديقاتها ثنتين


    متغدين بـ2500 ريال


    نعنبو بنتش البطة ذي كلت المحل كله...


    تدرين خالتي.. الفلوس والله العظيم ماهمتني وأنتي عارفة ذا الشيء زين..


    والله ثم والله لو أنها شارية لها طقم ألماس بـ200 ألف ومرسلين لي فاتورته كان أهون علي من الإحراج اللي صار لي



    كانت عفراء تريد أن تقاطعه لتتكلم ولكنه لم يسمح لها وكلماته تتدافع كسيل غاضب كاسح:


    تخيلي راعي المحل يتصل لي ويقول لي ترا حساب غدا بنت خالتك وصديقاتها هدية من المحل


    أقول له هي عازمة قروب صديقات.. يقول لي: لا بس ثنتين


    ول عليها وش ذا الكرش اللي عندها؟؟ وأكيد صديقاتها مثلها


    يعني يوم الشيخة مسوية روحها شيخة وعازمة البطات وما معها فلوس


    كان كلمتني وجيت ودفعت.. مهوب تقول لراعي المحل إنها بنت خالتي كنها طرطارة تبيه يتصدق عليهم بثمن غداهم


    ثم أنفجر بغضب أكبر وكأن بداخله مستويات من الغضب لا تنتهي:


    وبعدين تعالي.. أنتي أشلون مخليتها تطلع مجمع وأنتي منتي بمعها.. أشلون؟؟


    جزاها اللي بيحبسها سنة مايخليها تطلع مكان



    كان مازال سيتكلم لولا أنه فوجئ بدوي هائل لشيء قُذف من الأعلى ليتحطم على مقربة منهم


    كانت سلة ضخمة من الشوكولاته


    ثم تلاها خمس ورقات كل ورقة من فئة الـ500 ريال


    رفع رأسه ليرى جميلة تغطي وجهها بجلالها وتقف على حاجز الطابق العلوي المطل على الصالة السفلية وهي تصرخ: هاك أغراضك ياحيوان


    الله الغني عنك.. لولا خوفي من زعل عمي زايد


    وإلا والله ماعاد نقعد عندكم دقيقة


    ترا أبي يوم مات.. خلا لنا خير ربي.. ماخلانا في حاجة لكلاب الشوارع اللي تعوي مثلك



    كان كسّاب الذي أحمر وجهه غضبا ناريا على وشك الاندفاع للأعلى ليسحبها سحبا على الدرج


    لولا أنها هربت لتغلق على نفسها باب غرفتها في الوقت الذي تمسكت به عفراء وهي ترجوه بحرارة: تكفى يأمك.. عشان خاطري أنا


    لا تزعل منها.. هذي بزر.. وأنت قهرتها بزود



    كسّاب كانت خلاياه كلها تنتفض غضبا: هديني يا خالتي..


    يعني عاجبش سواتها.. مع شينها قوات عينها بعد



    عفراء مازالت تتمسك به بكل قوتها.. لأنها تعلم أنها ما أن تفلته قد يركض لابنتها ليكسر بابها عليها.. فكسّاب حين يحتد غضبه لا يفكر مطلقا


    همست عفراء برجاء أشد حرارة: خلني أنا أشرح لك


    يأمك ترا الثنتين اللي مع جميلة أنا وأختك مزون



    حينها تصلب جسد كسّاب بعنف وخالته تكمل حديثها: وترا غدانا كله كان بـ250 يمه..


    بس أنا اشتريت لك من نفس الكوفي سلة الشوكلاته ذي


    قصدي اللي بقي منها..


    واشتريت سلة فخمة عشان تحطها في مكتبك الجديد لضيوفك اللي بيجون يباركون لك


    عطيت بطاقتي لجميلة عشان تدفع وأنا ومزون رحنا للحمام


    هي نست رقم البطاقة.. وانحرجت.. وهي تتكلم مع البنت اللي على الكاشير جاء صاحب المحل..


    ارتبكت أكثر وصارت تقلب في شنطتها تدور فلوس


    فطاحت من شنطتها بطاقتك اللي فيها كل أرقامك اللي أنت معطينا إياها..


    فصاحب المحل شاف الاسم وسأل: وش يقرب لك كسّاب آل كسّاب؟؟


    فهي قالت ولد خالتي.. فحلف ما تدفع شيء..


    فانا جيت وأصريت أدفع وما رضى..


    والمشكلة إني قبل ما نروح الحمام ناديت السواقة عشان تأخذ السلة توديها السيارة


    أو كان رجعناها..


    وللعلم إحنا كنا مجهزين الفلوس في ظرف بنخلي السواقة توديها الحين.. بس أنت جيت الله يهداك هداد علينا






    بعد ذلك بقليل




    عفراء تصعد لابنتها.. تطرق الباب الموصد عليها


    همسها الخائف الباكي: من؟؟



    عفراء بحنان: أنا يا جميلة.. كسّاب راح خلاص



    فتحت الباب وهي تشهق: بيذبحني يمه.. بيذبحني..



    عفراء تمسح شعرها بحنان: ترا كسّاب يعتذر منش ياقلبي.. ويقول العصر بيجيب لش هدية ماجا لبنت في الدوحة مثلها رضاوة لش



    حينها ارتفعت شهقاتها: ماأبي منه شيء ما أبي شيء.. قولي له لا يجيب شيء


    عقب اللي هو سواه كله يبي يجيب لي هدية..


    ما أبي منه شيء.. ما أبي منه شيء..



    عفراء تحتضنها بحنو: خلاص يأمش.. خلاص.. لا تزعلين



    جميلة تبكي: إلا بأزعل وبأزعل..


    والله العظيم لو إنها مزون اللي صاير معها نفس الموقف.. حتى لو كان زعلان عليها وما يكلمها


    إنه ما يسوي لها ذا السالفة كلها..


    إيه بنت بطن و بنت ظهر



    عفراء تهدهدها بحنان مصفى: يامش ياجميلة.. عيب ذا الكلام..


    كساب شايفش أخته الصغيرة وهذا من خوفه عليش



    جميلة ترفع رأسها وتهمس بغضب بصوتها المبحوح: لا والله خايف علي؟!!


    قصدش خايف على برستيجه قدام الناس..


    وإلا أنا بالطقاق..



    عفراء صمتت وهي تحتضنها وتمسح على شعرها..


    لأنها تعلم أنها إن بقيت تحاورها وهي في حالة الغضب هذه فهي لن تقتنع مطلقا مع عناد المراهقين المتزايد لديها


    وخصوصا مع تحسسها الغريب والمضاعف من وجودهم في بيت زوج خالتها..


    فهي مع اضطرارها أن تغطي وجهها عن زايد الذي كانت تشعر به كأب فعلي لها..


    وإحساسها بالغربة يتزايد ويتزايد حتى خنقها


    فمهما كانت تشعر به كأب.. فهو لم ولن يكون والدها يوما..


    فوالدها الذي لا مثيل له بين الرجال رحل... رحل


    رحــــــــــــــل!!


    وحتى زايد ماعادت تستطيع تقبيل رأسه أو دفن وجهها في كتفه لتشتم عبق رائحة دهن العود الدافئ التي طالما عشقتها فيه


    لتمثل لها رائحة الأب الوحيد الذي عرفته..


    حتى هذا الأب المبتور.. استكثر نفسه عليها!!


    أ كلهم لابد أن يرحلوا ويتركوها؟!!




    كانت الأفكار المتناقضة تتنازع روح جميلة المراهقة..وهي تستكين لصدر والدتها


    لتهمس بخفوت ووجهها مختبئ في صدر أمها:


    يمه أبيش توديني بكرة للدكتورة عائشة صقر تسوي لي برنامج ريجيم



    عفراء بدهشة عميقة: ما يحتاج يمه ريجيم.. جسمش حلو ويجنن



    جميلة بغضب طفولي: إلا أحتاج.. أنا دبة..دبة.. دبة



    هل أردتِ أيتها الصغيرة شيئا تدفنين فيه فوضى التفكير؟!!


    تشغلين نفسك فيه؟!!


    أم أن هناك شيئا آخر؟!!!







    *******************************






    قبل أكثر من سنة




    "بسش وقفي ذا الرجيم والرياضة... جننتيني.. خلاص صرتي جلد على عظم"



    جميلة تركض على جهاز الجري وهي تشير لخصرها النحيل الشديد الضمور:


    يمه ما تشوفين ذا الكرش كلها.. تكفين خليني على راحتي



    عفراء بغضب ووجع: أي كرش يا غبية.. أنتي عمياء.. وحدة مثلش طولها 165 وزنها 42 وتقولين لي كرش..






    قبل عشرة أشهر





    " أنا حجزت لش موعد مع الدكتورة"



    "أي دكتورة؟؟ وموعد لويش؟؟"



    عفراء بحزم: الدكتورة اللي ألف مرة قلت لش بنروح لها وأنتي مني براضية



    جميلة بعناد: ولحد الحين ما أنا براضية.. وش اللي تغير



    عفراء بغضب كاسح نادرا ما رأتها جميلة فيه وهي تمسك عضد جميلة النحيل بقوة:


    ورب العزة والجلال لو مارحتي معي برضاش.. لأدعي كسّاب يشلش للسيارة غصب



    جميلة بجزع: بأروح يمه بأروح.. بس تكفين عيال خالتي لا تدخلينهم في شيء يخصني.. تكفين






    قبل خمسة أشهر






    "جميلة ياقلبي.. الدكتورة تقول الأحسن لو نروح لمصحة برا


    بأكلم كسّاب يحجز لنا"



    جميلة تنتفض رفضا: لا لا لا... أولا مافيني شيء يستلزم السفر


    ثاني شيء حتى لو فيني


    أموت ولا أروح مع كسّاب.. تبينه يتمنن علي وإلا يقعد يمسخرني في الطالعة والنازلة



    عفراء برجاء: زين علي..



    جميلة بذات العناد: ولا علي.. ولا حتى عمي زايد.. مانبي نثقل على احد


    مهوب كفاية مستحملين غثانا ذا السنين كلها



    عفراء بعناد مشابه: مهوب على كيفش


    بتسافرين يعني بتسافرين ورجلش فوق رقبتش



    جميلة بحزم مجنون: سويها عشان أهج من البيت ولاعاد تشوفين وجهي


    والله العظيم لأهج من البيت




    يائس هو الإنسان المصلوب بين قسوة أحبابه وبشاعة استخدامهم لسيطرتهم على قلبه..


    حربٌ.. كل الاطراف فيها خاسرة!!







    اليوم صباحا





    عفراء تستعد لإخبار جميلة بخطبة علي لها.. توترها يغتالها


    كم تمنت أن تحتفل بابنتها الوحيدة في ظروف طبيعية


    وخصوصا أنها سعيدة بالفعل أن يكون نصيبها مع علي بالذات


    فعلي رجل حقيقي.. حنون ومتفهم وتعلم أنها تستطيع أن تأتمنه على فلذة كبدها بكل ثقة


    ولكن فرحتها بابنتها مبتورة وقاصرة.. عروس يُعقد قرانها في مستشفى لتسافر شهر عسلها على نقالة طبية!!


    تتمنى فقط أن ينتهي كل هذا على خير ليعودوا جميعا للدوحة وجميلة استعادت عافيتها بمشيئة الله



    "يمه.. يــ ــمـــ ــه..


    خليهم يشيلون ذا المغذيات اللي تنفخ عني"


    للتو صحت جميلة وهمست بصوتها المتقطع ارهاقا



    عفراء ابتسمت وهي تميل على صغيرتها وتمسح شعرها بحنان مصفى:


    اليوم يوم خاص.. طالبتش ما تقولين شيء ولا تعترضين على شيء



    جميلة بتساؤل مبهم خال من الحماس: ليش خاص؟؟



    عفراء بابتسامة دافئة: علي طلبش مني.. ولو وافقتي تملكتوا اليوم عشان يسافر معنا بكرة للمصحة في فرنسا..



    جميلة شهقت بعنف.. ثم كحت لتستطيع سحب أنفاسها..


    وهمست بدهشة عميقة متوترة:


    علي يمه؟؟ علي ما غيره.. علي عمره مابين إنه يبيني..



    ثم حاولت بفشل ذريع تجاوز دهشتها العميقة وتوترها الأعمق لأسباب خاصة بها وهي تهمس بغضب:


    وبعدين أنا مابي أسافر.. ما أبي أسافر.. غصب هو



    عفراء بتوتر: أول شيء علي هو اللي أصر عليش بنفسه.. والسفر عمش زايد اللي حجز وملزم تسافرين


    وإلا تبين تزعلينه؟!!....



    جميلة بهمس متعب وأفكارها تطوف في دوامات هائلة:


    وعمي زايد موافق على زواجي من علي؟؟



    عفراء بحنان وهي تمسح على شعرها: أكيد موافق



    همست حينها جميلة بنبرة محايدة قدر ما سمح لها تعبها وتوترها وفوضى تفكيرها:


    خلاص كيفكم يمه.. اللي تبون سووه..



    لا تعلم مابها.. تشعر كما لو أنها تنفصل عن ذاتها.. ماعاد يهمها شيء..


    فهي تشعر أنها توشك على مغادرة الحياة


    فهل يختلف إن غادرتها آنسة أو زوجة لعلي؟!!


    أو إن غادرتها في الدوحة أو فرنسا؟!!


    المهم أن تكون والدتها وعمها زايد راضيين


    ماذا بقي لها يربطها بالحياة سوى رضاهما؟!!


    لا تنكر أنها في داخلها وفي عقلها الباطن.. تمنت أن تتزوج أحد ابني خالتها


    لسبب وحيد



    هو أن يصبح زايد والدها فعلا..


    لتستطيع حينها الارتماء في حضنه بلا قيود





    هكذا كان تفكير جميلة هذا الصباح فقط... فمالذي تغير مع خليفة؟؟


    ما الذي تـــغـــيــــر؟!!






    ***********************






    صالة بيت فاضل بن عبدالرحمن


    بعد صلاة الظهر




    يدخل فاضل وابنه عبدالرحمن عائدين من المسجد.. يستند فاضل على ذراع عبدالرحمن.. رغم أنه في غير حاجة للتسند..


    فأبو عبدالرحمن في أواسط الخمسينات ومازال يتمتع بصحة رائعة فهو شديد الاهتمام بالأكل والمشي


    عدا عن تولعه برياضة الصيد بالصقور التي لم يأخذ عنه تولعه فيها سوى ابن أخ زوجته تميم..



    وهاهما الأب والابن يتهاديان.. بينهما شبه كبير.. ومن يراهما يعلم فورا القرابة بينهما..


    طويلان.. ممتلئا الجسد.. لون بشرتيهما يميل لبياض بحمرة لطيفة.. لهما إطلالة رجولية جذابة.. وكلاهما يرتديان نظارة طبية!!


    ولكن إن كان أبو عبدالرحمن ارتداها قبل سنوات لضعف في بصره.. فإن عبدالرحمن لا يعاني أي مشاكل في النظر


    ولكنه اعتاد على لبس نظارة للحماية حين بدأ يُكثر من الجلوس أمام شاشة الحاسوب


    حين كان يُعد اطروحة الدكتوارة.. ثم اعتاد بعد ذلك عليها!!!



    فاضل مولع كثيرا بابنه عبدالرحمن..


    فهو ابنه الوحيد الذي لم يرد الله لزوجته أن تسنده بآخر بعد أن أصيبت بمشاكل خلال ولادة شعاع أدت لتطورات أدت للعقم



    لا ينكر أبو عبدالرحمن أن شبح الكثير من الأبناء الذكور يسندون كبره وشيخوخته ظل حلما يطارده بلا هوادة.. ولكنه كان يقمع دائما هذه الأفكار.. ليس من أجل أم عبدالرحمن ولا بناتها


    ولكن من أجل عبدالرحمن.. وعبدالرحمن فقط!!



    كره أن يؤذي مشاعر عبدالرحمن بإحضار زوجة أب


    ثم بإنجابها أولاد آخرين قد يشاركون عبدالرحمن في محبته التي يجب ألا يشاركه فيها أحد.. ويجب أن تكون خالصة له وحده..



    حينما سافر عبدالرحمن قبل سنوات للدراسة كاد يجن من الشوق له..


    ولكنه مطلقا لم يحاول منعه من تنفيذ رغبته..


    فرغبات عبدالرحمن كالسيف الذي لا يمكن معارضته أو حتى النقاش فيه



    ثم أنه كان يجد له سببا ليزوره كل شهر.. رغم كراهيته الشديدة لتلك البلاد بعيدا عن أبله وصقوره



    وهاهما يدخلان إلى البيت ليجدا جوزاء وشعاعا جالستين في الصالة السفلية.. تقفزان فور دخولهما احتراما لهما


    بينما يصرخ أبو عبدالرحمن: اشعيع ووجع.. روحي جيبي القهوة.. وتعالي قهويني أنا وأخيش..



    تسارع شعاع للتنفيذ بينما يستوقفها عبدالرحمن ويشدها وهو يقول لوالده باحترام:


    وش قهوته يبه طال عمرك.. ماعاد إلا الغدا.. مهوب زين لك القهوة على كل حزة



    يبتسم أبو عبدالرحمن ليهمس بمودة عميقة : إن شاء الله يأبيك.. على خشمي ولو أني مشتهي القهوة



    يجلس فاضل وعبدالرحمن وهو مازال ممسكا بشعاع ويجلسها جواره..


    تهمس له شعاع بمرح خفيض في أذنه: خلني أقوم قدام يلاقي أبيك سبب يكوفني عشانه



    يهمس لها عبدالرحمن في أذنها بذات المرح: ياسلام على أبيك ذي.. ليه هو أبي بروحي يعني؟!!



    شعاع بذات المرح المنخفض: الظاهر كذا.. وأنا وجوزا جينا بالغلط



    قاطع حديثهما صراخ أبي عبدالرحمن: اشعيع ياللي ماتستحين قومي ضيقتي على عبدالرحمن



    عبدالرحمن احتضن كتف شعاع وهمس بمودة: شعاع عصفور ما تضيق على حد



    بينما كانت شعاع تفلت يد عبدالرحمن من كتفها برقة وتنهض لتجلس جوار جوزاء



    أبو عبدالرحمن بابتسامة: هذا أنت قلتها عصفور.. يعني مافيها فود.. ماحتى هي بحبارى ولا أرنب نعشيها الطير



    شعاع تهمس في أذن جوزاء بمرح لا يعرف هل هو مقصود أو موجوع: خوش إب.. يبي له أرنب وإلا حبارى بدالي



    ثم أردفت شعاع بدات المرح الموجوع الهامس وهي تمسح على شعر حسن الجالس على رجلي جوزاء كالعادة


    وهي تبقيه ملتصقا بها لا تعطيه فسحة للتنفس:


    زين إنش جبتي ولد... هذا أبي يحب حسن الحمدلله.. لو جبتي بنت مهوب بعيد يحذفش أنتي وإياها..



    جوزاء تهمس في اذنها بغضب: لا تبهتين أبيش.. صحيح أبي قاسي علينا شوي..


    بس عمره ماقصر علينا..


    أنا حتى يوم كنت عند عبدالله الله يرحمه كان كل ماجيتكم زيارة يحلف إلا يعطيني فلوس.. مع أني أحلف بس هو بعد يحلف



    شعاع بسخرية مرة عميقة الوجع: والأبوة فلوس وبس؟؟!!!







    ******************************






    الكورنيش


    بالقرب من رأس النسعة




    دار كساب طويلا.. قبل أن يخطر هذا المكان بباله


    كان يعلم أن هذا هو مكان علي المفضل للجلوس


    ولكنه لم يتوقع أنه قد يجلس هنا في هذا الجو الحار الملتهب


    وعند الظهر تماما!!


    مشروع ضربة شمس قاتلة باقتدار!!



    اقترب من الخيال الأبيض حتى أصبح خلفه تماما


    وضع يده على كتفه.. لم يتحرك مطلقا ولم يلتفت


    همس كساب بود عميق: علي .. قوم نرجع البيت.. بتجيك ضربة شمس على ذا القعدة



    همس علي بهدوء خالص: توني جاي من صلاة الظهر.. مابعد لي واجد وأنا قاعد هنا



    كساب بذات الود: خلاص ماتبي نرجع البيت.. قوم نروح لمكان ثاني


    نتكلم شوي!!



    علي بذات الهدوء الروحي المصفى: كسّاب لا تحاتيني.. ماحد يأخذ إلا نصيبه


    وأنا عمري ما اعترضت على شيء كتبه ربي


    ما أنكر إني متضايق واجد.. بس شوي وأروق يأخيك



    كسّاب بحنان عميق مختلف عن شخصيته الحالية : يأخيك مابعد صار شيء


    وأنا متأكد مليون في المية إن جميلة مستحيل تختار حد عليك



    كان كسّاب مازال سيتكلم لولا انه قاطعه رنين هاتفه..


    التقطه بسرعة وهو يرى المتصل: بشّر يبه


    ..............


    - ويش؟؟.. ويــــــش؟؟؟


    اللي ما تستحي.. ناكرة الجميل.. الكــلــبــة (صراخ كسّاب الغاضب يتعالى)


    ..................


    - إلا بأقول.. وأقول.. وأقول..


    ذا العرس مستحيل أخليه يتم


    تعيي من أخي..عشان تاخذ كلب مثلها ماحتى تعرفه



    كان كساب ينهي الاتصال.. وهو على وشك الركض للمستشفى.. لولا اليد القوية التي أمسكت به والصوت الهادئ العميق الذي همس له:


    والله ثم والله ماتسوي شيء.. ولا تقول شيء


    مستكثر على جميلة حقها في الاختيار؟!!!


    هذا أبسط حق من حقوقها..


    هذي بنت يتيمة ومريضة.. ومستحيل أخلي حد يجبرها على شيء


    ولو حاولت أنت تجبرها.. أنا بأوقف في وجهك


    يعني أنت متمنن عليها إنه حن راعيناها ذا السنين..؟!!


    راعيناها لأنه حن كنا محتاجينهم أكثر ماهم محتاجينا


    أشلون كان قدرنا نعيش من غير خالتي عفرا؟!!



    كسّاب بغضب ملتهب وكأنه لم يسمع شيئا: هدني يا علي.. هدني


    خلني أوريها شغلها.. تظن إنها طلعت من شورنا؟؟


    تبي تختار عليك.. تختار عليك أنت..


    هدني.. هددددددددني


    هددددددددددني



    علي يمسك به بقوة وهو مازال يهمس بهدوء: امش نروح لسيارتك


    خلنا نتكلم على قولتك..



    كساب يحاول التفلت وهو يصرخ بغضبه العميق: خلني أوريها شغلها وعقبه نتكلم



    علي بدا صوته يعلو بارتعاش موجع: أنا حلفت ياكسّاب.. حلفت


    تبي تفجرني؟؟ .. تبي تفجرني؟؟ (يفجر= لا ينفذ الحلف)


    هذي حشمتي عندك؟!!


    خلاص يا كسّاب.. جميلة لو كانت آخر بنت في الدنيا طابت النفس منها


    جميلة اختارت حد غيري ياكساب.. اختارت حد غيري


    السنين اللي مضت كلها ما كان لها قيمة عندها


    19 سنة ضاعت قدام كلمتين قالها لها ولد عمها


    على ويش أتحسف ياولد أمي؟؟ على ويش؟!!







    ***************************






    "يا الله قولي لي وش اللي مزعلش؟؟"



    انتفضت كاسرة بخفة ثم ابتسمت وهي تهمس بعذوبة : ومن اللي قال لك إني زعلانة فديت عينك؟؟



    الجد بعمق: بتدسين على أبيش ياكاسرة؟!!


    أعرفش أكثر ماتعرفين روحش.. زعلانة وزعلش كايد بعد



    كاسرة احتضنت عضده ووضعت رأسها على كتفه


    وهمست بعذوبة مصفاة مغلفة بحنان عميق: مافيه شيء جعل يومي قبل يومك



    الجد بحنان عميق: إلا يومي أنا قبل يومش.. وش حياتن ماأنتي بفيها يأبيش.. أمحق حياة.. كني ميت وأنا حي


    جعل ربي ما يقوله



    هتفت كاسرة بجزع: إلا جعل ربي ما يقوله.. تبي تروح وتخليني ياجابر؟؟ أهون عليك؟؟



    الجد برجاء حازم: ها والله إنش زعلانة..كاسرة والله لما تقولين لي الصدق ذا الحين إن قد أزعل ليش..



    لا تستطيع أن تخفي عليه شيئا وخصوصا حين يتكلم بهذه النبرة التي تذيب قلبها أو حين يهدد أنه سيغضب منها


    لذا همست بطبيعية قدر ماتستطيع وهي تهز كتفيها: امهاب ضربني أنا ووضحى


    ثم أردفت وهي تستدرك بسرعة: بس حن اللي غلطانين يبه.. نستاهل



    ليس من طبع كاسرة أن تُركب نفسها الخطأ وخصوصا حين تعلم أنها على حق وصاحبة حق..


    وكان صعبا عليها لأبعد حد أن تقول لجدها أنها من أخطأت لدرجة أنها تستحق الضرب


    ولكنها فعلت ذلك من أجله.. من أجل هاتين العينين الغاليتين


    لم ترد أن تغضبه أو تكدر خاطره.. أو تجعله يعنف مهابا من أجلهما


    فهي قادرة على التصرف مع مُهاب بطريقتها الخاصة.. المهم ألا يضايق جدها أدنى شيء


    ولكن محاولتها لم يكن لها فائدة لأن الجد انتفض بشكل مفاجئ


    وهو يبحث عن عصاه ليتوكأ عليه وهو يصر على أسنانه بغضب عميق: الخاسي.. وينه.. وينه؟؟


    يضربكم وانا عادني حي..إجل إذا متت وش بيسوي فيكم


    وإلا ماعاد لي قدر ولا حشيمة؟؟



    كاسرة تناست كل شيء عدا عبارة واحدة: كم مرة قلت لك لا عاد تجيب طاري الموت



    الجد غاضب وموجوع: دقي على امهاب خله يأتي ذا الحين



    كاسرة برجاء عميق: حلاص يبه فديتك.. موضوع وانتهى.. وقلت لك إنه حن اللي غلطانين وخذنا المقسوم



    الجد بإصرار غاضب: قلت لش دقي عليه الحين.. يعني دقي عليه ذا الحين






    **************************






    مستشفى حمد


    غرفة جميلة



    زايد الموجوع أبدا الظالم والمظلوم ذهب ليحضر الشيخ ليملك خليفة في أسرع وقت.. ليستخرج عقد الزواج في الغد قبل سفر جميلة



    مزون وصلت لتصدم بالاخبار التي روعتها


    وهاهي تجلس صامتة في الزاوية تشعر بغثيان حقيقي وعيناها زائغتان..



    بينما عفراء تهمس بحزم في أذن ابنتها: جميلة.. أنتي عارفة وش سويتي؟؟


    اخترتي واحد ما تعرفينه على علي.. علي ياجميلة


    عـــلـــي


    هذا زواج يا بنتي.. زواج وبتملكين الحين ولا تقدرين تراجعين عقبها


    زواج يا بنتي زواج مهوب لعبة..



    جميلة بصوتها المبحوح المتقطع وهو تحاول تركيز النظر لوالدتها بنظرها الذي ضعف مع المرض:


    أدري يمه إنه زواج.. وأنا خلاص أبي خليفة



    عفراء تلقي سلاحها الأخير والأخطر: جميلة لو خذتي خليفة.. ماني برايحة معش فرنسا


    إذا أنتي مستعدة تروحين معه.. أنا ماعندي استعداد أروح مع واحد ما أعرفه



    جميلة صمتت للحظة وهي تصارع أفكارها وجنونها: بكيفش يمه



    عفراء انهارت جالسة على الكرسي.. لم يخطر ببالها أن جميلة قد تختار هذا الخليفة المجهول حتى عليها.. على أمها!!!


    كيف ستتركها تسافر لوحدها مع رجل غريب وهي بهذا الوضع الصحي المزري؟!!


    كيف؟؟


    كــــيــــف؟؟


    ألقت هذه الكلمة وهي شبه متيقنة أن ابنتها يستحيل أن تسافر دونها


    كانت متأكدة إن هذا السلاح سيجعل جميلة تتراجع عن جنونها المتمثل في الموافقة على خليفة


    وإذا بها تتورط مع ابنتها ومع جملتها!!!






    **************************






    "أنا ما أبي عبدالرحمن ما أبيه


    تكفى ما تغصبني


    ولا تحطها في الشيمة


    لأنك تدري بغلاك.. فلا تستخدم غلاك سلاح ضد أختك"



    تنهد مهاب بعمق.. يبدو أنه سيحتاج للكثير من اللف والدوران:


    ياقلبي يا وضحى


    ما يصير تقررين مصير في دقايق


    اخذي وقتش وفكري


    وما عليش من غلاي.. لأنش عندي أغلى



    وضحى بحزم رقيق: عبدالرحمن ماينفع لي ولا أنفع له


    مهما حاولت أنسى أو اتناسى.. شبح كاسرة بيظل بيننا


    أنا وعبدالرحمن مشروع زواج فاشل


    والمشاريع الفاشلة الأحسن الواحد ما يناقش فيها


    طول عمري حاطة في بالي عبدالرحمن وقباله كاسرة


    مايصير أحطه قبالي أنا.. والله العظيم مايصير ولا حتى تركب الصورة



    مهاب يستعد للمغادرة وهو يلتقط هاتفه الذي يرن.. سينهي الجولة ولكن ليس الحرب.. يهمس بحزم:


    إذا بغيتي الصورة تركب..


    بتركب يا وضحى


    بتركب!!





    ************************






    "خليفة يأخوي من جدك هاللي سويته؟!!


    أنت في كامل قواك العقلية


    البنية يقولون لك تعبانة ويمكن تموت


    كان خليت ولد خالتها هو اللي ياخذها


    السالفة مافيها لعب"



    "جاسم اسكت عني


    الله يلعنك يا أبليس


    والله ما أدري وش هببت


    وش هببت؟!!"



    انتهى عقد القران


    انتهى



    أصبحت جميلة زوجة لخليفة المصدوم الذي لابد أن يبدأ بالتجهيز للسفر معها غدا


    فقط هو وهي


    هـــــو


    و


    هــــــــي



    فقط





    #أنفاس_قطر#


    .


    .


    .


    مع نهاية أجزاء هذا الأسبوع سنطوي مرحلة من بين الأمس واليوم


    أجزاء الأسبوع القادم سنبدأ فيها مرحلة جديدة أكثر إثارة وعمقا


    سنتعرف على آخر عائلتين في بين الأمس واليوم


    عائلتان مثيرتان جدا


    الأسبوع القادم سنبدأ بالتعرف على كاسرة من الداخل


    ومع نهاية الأسبوع سنقفز لذروة الإثارة مع شخصيتين من الشخصيات الجديدة


    فإلى الملتقى بإذن الله ومشيئته


  2. #7

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صباح الخير ياوجوه الخير الباهية
    صباح السعادة المختلفة التي قفزت من ليلاس إلى قلبي هذا الصباح
    أي مفاجأة كنتم تخبئونها لي بعثرت مشاعري سعادة وجذلا طفوليا؟؟
    أشكركم أهل ليلاس على تطويق عنقي بهذا الجميل
    وأتمنى أن أكون استحق المسمى والتكريم
    واستغل الفرصة هنا لأهنئ صديقتي الغاليتين العذبتين المبدعتين حد السما
    أقدار وشارمي
    وأهنئ نفسي لأن الله جمعني بهما ومعهما
    .
    .
    عبرنا مرحلة مضت وكم أنا سعيدة بكل هذا الجذب والتعارض والاختلاف
    أشعلتم الحماسة في عروقي
    لن أكثر الثرثرة عليكم اليوم.. أعاني من صداع مؤلم منذ البارحة <<< رحمكم الله من ثرثرتها<<< هذا كله ولم تثرثري؟!!
    .
    اليوم موعد جديد مع مرحلة جديدة
    نتعرف اليوم على عائلة جديدة ومثيرة
    والبارت القادم نتعرف على العائلة الأخرى ليكتمل عقد شخصيات بين الأمس واليوم حتى حين
    اليوم نرى ردة فعل الجد على مهاب وتأثير ذلك على كاسرة الذي سيرينا وجها جديدا لها
    تمهيدا لجزئها الخاص في البارت القادم
    كما سنراها اليوم وهي تخبر وضحى برأيها في عبدالرحمن
    نتعرف على ما حدث لعلي بعد عقد قران جميلة
    كما سنعرف هل ستذهب عفراء مع ابنتها أو لا.. والأسباب
    .
    .
    إليكم
    .
    .
    الجزء السابع
    .
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .

    بين الأمس واليوم/ الجزء السابع




    "تضربني يبه؟!!
    ما عمرك سويتها حتى وأنا بزر
    تضربني وأنا رجّال في الثلاثين"


    " ويوم أنك رجّال موجعك أني ما حشمت الثلاثين سنة اللي فاتت من عمرك
    أجل اللي فات من عمره أكثر من 90 سنة ولا له حشمة ولا قدر.. وش يقول؟؟"


    كاسرة المبهوتة من صدمتها لهول ماحدث أمامها تحاول أن تقف على الحياد
    وتجد نفسها مجبرة على الإشاحة بنظرها حتى لا تقابل نظر مُهاب..
    ومشاعر متضادة تصطرع في أعماقها
    وجع.. انتصار.. خيبة.. ومن المؤكد كثير من الألم المتزايد الذي جثم على صدرها..
    لم تكن تريد مطلقا أن تختبئ خلف جدها ليأخذ لها بحقها
    ولم تكن حتى تتوقع أبدا أن هذا الرد الحاد الموجع قد يكون ردة فعله على مهاب
    لو كانت تعلم كان يستحيل أن تتصل بمهاب وتطلب منه القدوم لمقابلة جدها..


    لا تنكر أنها شعرت بشيء يشبه السعادة وهي ترى جدها يصفع مهابا
    قد لا تكون صفعته بقوة صفعة مهاب لها ولا حتى نصفها
    فالجد عاجله بصفعة قدر ماسمحت له قوته وضعف بصره بينما كان مهاب ينحني عليه ليقبل رأسه
    ولكنها تعلم أن ألم الصفعة النفسي أكثر بكثير من الألم الجسدي

    وعلى الطرف الآخر أيضا لا تستطيع منع نفسها من الإحساس بكثير من الألم الثقيل الوطأة .. وهي ترى أخيها الأكبر في هذا الموقف
    وهو يؤخذ على حين غرة وبدون توقع وبهذه الصورة المهينة التي لم تعتد على رؤية مهاب المهاب فيها

    (ينحني على جده ليقبله
    فيعاجله بصفعة!!!)


    قد لا يكون فعليا شعر بأي قوة لهبوط الكف الذاوية على خشونة عارضه
    ولكن هذا على كان على مستوى القياس الجسدي الاعتيادي
    ولكن على المستوى الروحي
    كان الألم غائرا لأبعد حد
    كما لو أن والدك يضربك لأنك ضربت أبنائك
    والأبشع لو كان أولادك يشاهدون
    كيف ستستطيع بعدها النظر لأولادك؟!!

    كيف سيستطيع بعدها النظر لكاسرة؟!!

    هتف مُهاب بحزم دون أن ينظر ناحية كاسرة: كاسرة اطلعي برا وسكري الباب وراش

    ربما في موقف آخر كانت كاسرة لترفض ولكنها الآن شعرت أنها تريد لها سببا للهروب منحه لها مهاب
    لذا انسحبت بصمت مثقل بوجع شفاف غير مفهوم وهي تغلق الباب وراءها

    مُهاب جلس بجوار جده ثم التقط كفه وقبلها
    ولكن الجد انتزع كفه بحدة في الوقت الذي كان مهاب يهمس باحترام:
    يبه يوم أنك يوم دعيتني ناوي تضربني.. كان على الأقل قلت لكاسرة تروح لحجرتها
    وعقبه سو فيني اللي تبي إن شاء الله تذبحني..

    يبه كاسرة بالذات يالله قادر احكمها أشلون عقب ماضربتني قدامها
    الحين قويت رأسها علي.. وهي أصلا رأسها قوي..

    الجد بثبات غاضب: ضربي لك ما يعيبك.. لكن يعيبك ضربك لأخياتك اليتامى
    وكاسرة منت بعاجز فيها
    وأدري إن كاسرة على غلاها عندي يمكن تحد الواحد على ضربها
    بس وضيحى وش سوت عشان تضربها

    مهاب بهدوء نادم: اللي صار يبه.. غلطت وضربتهم وأنا بحل الموضوع ومالك إلا الرضا
    طالبك ما تشيل بخاطرك علي..

    الجد بعمق: أمنتك الله يا امهاب ماتضيم حد منهم.. أنا شيبة رجلي في القبر
    سمعي ثقيل وشوفي ثقيل وحركتي يا الله يا الله
    ماعاد باقن لي الا ذا الحشمة.. احشمني في بنياتي..ترا مايهين المره إلا الرخمة
    وانت منت برخمة ياأبيك.. إلا رجّال وشيخ الرياجيل
    لا تقهرهم ولا تغصبهم على شيء ما يبونه..
    ترا ذي وصاتي لك.. والوصات ثقيلة يأبيك

    مهاب بعمق مشابه وهو يميل على رأس جده ليقبله: أبشر يبه.. أبشر




    ****************************




    بيت آخر في الدوحة
    أسرة أخرى.. هم آخر !!



    تتمدد على سريرها.. بطنها على السرير.. تستند على كوعيها لتقرأ في مجلة..
    وساقاها الملفوفتان في بنطلون بيجامة زهرية تتلاعبان ذهابا وعودة
    كانت مستغرقة تماما في القراءة.. لذا لم تنتبه لمن دخل حتى شعرت بقوة ضربته على ساقها تلاه صوته الغاضب:
    كم مرة قايل لش ذا السدحة ما تنسدحينها والباب مفتوح.. هذا أولا
    ثاني شيء الحين عقب صلاة الظهر وأنتي عادش لابسة بيجامتش..
    لو إبي اللي داخل عليش الحين وش كان سويتي؟؟
    توقفين قدامه وأنتي متشنقطة بذا السروال؟؟

    حينها قفزت الشابة ليتناثر شعرها المصبوغ بالأشقر الداكن على كتفيها في لفات طبيعية حول صفحتي خدين ناصعي البياض لدرجة الإشراق
    وهي تنفخ في جيبها وتهمس بطريقة مصطنعة:
    يالله سكنهم مساكنهم... هما بيطلعوا أمتى دول على قولت أمي.. صبيت قلبي يا غنوم

    حينها هتف غانم بجدية: كم مرة قايل لش غنوم ذي ما أبي اسمعها... نعنبو صار عمري 27 احترميني شوي

    حينها همست بخوف مصطنع: يمه خوفتني... شوف يدي أشلون ترجف... شوفني خلاص بانهار.. بانهار... خلاص انهرت!!

    قالتها وهي تلقي بنفسها على السرير وتخرج لسانها كله للخارج وتغمض عينيها في إغماء مسرحي مضحك

    حينها ابتعد غانم خطوة وهمس بقرف باسم: أقرفتيني .. دخلي لسانش يا الوسخة..

    حينها همست وهي مازالت على نفس الوضعية ولسانها يتدلى للخارج: أنا مغمي علي.. أشلون أدخل لساني...

    ابتسم غانم لجنون شقيقته ثم قال بجدية: قومي سميرة.. بدلي ملابسش وانزلي لأمي.. محتاسة مع البزارين.. جننوها..

    حينها قفزت سميرة وصاحت بغضب حماسي مضحك:
    أما أمك هذي غريبة..
    اللي مثلها المفروض تقول يالله حسن الخاتمة... مهوب يوم صار عمرها خمسين رايحة تجيب بزرين على آخر عمرها
    والمشكلة ماعاد فيها حيل تبزي... اخذي ياسميرة وابزي..
    جابت أول شيء القرد صويلح.. قلت يالله خطأ مطبعي.. ما نشره على الشيبان
    لكن عقبها على طول ترجع وتحمل وتجيب السحلية مهاوي... هذي عاد متقصدة هي وشايبها...
    ومن زين الانتاج بعد.. صدق انتاج شيبان مخبطين... شواذي يلوعون الكبد...
    قال بزران قال... هذولا آفات..

    حينها انفجر غانم بالضحك: وهذا كله شايلته في قلبش يا حرام...يا مظلومة...

    حينها ابتسمت سميرة: إيه وش عندك اضحك.. على طقم السنون اللي يلمع هذا
    ولا ابتسامة نجم سينما

    غانم يضحك: الله أكبر يأم عيون...

    سميرة بمرح: عدال يا غنوم... ترا كله إلا سنون تركيب.. وش بأنظل عاد

    ثم أردفت سميرة بخبث لطيف وهي تخفض صوتها وتلتصق بغانم: إلا غانم صدق صدق..
    اللي تكسرت سنونك عشانها .. تستاهل إنك تهاد عشانها.. ويكسرون بظمك الشين بعد؟؟؟

    حينها أبعدها غانم عنه بغضب: كم مرة قايل لش ذا الموضوع ما تفتحينه... الشرهه علي إني علمتش.. المفروض خليتها هدة شباب وبس... وما قلت لش السبب

    سميرة باستجداء مرح: غانم حبيبي.. غنومتي تكفى... بأموت أبي أدري..
    شوف كم لك معلمني ثلاث وإلا أربع سنين يمكن... والله ماحد درا
    بس أبي أدري هي حلوة تستاهل إن غنوم الجنتل يحوسون وجهه عشانها...
    تكفى فضول بنات... تهون عليك سميرة حبيبتك

    حينها غادر غانم دون أن يرد عليها.. ليقف عند الباب ويهمس بحزم:
    لا تأخرين على أمي... محتاسة بين الاثنين وماعندها حد من الخدامات... بسرعة انزلي...



    بعد دقائق تنزل سميرة لتجد والدتها تحمل الصغيرة ذات الأشهر الثلاثة على ساقيها..
    والصبي الذي أكمل عامه الأول للتو تهزه على مقعده الهزار وصراخه يتعالى..

    سميرة تنحني لتقبل رأس والدتها ثم تتناول صالح من مقعده لتجلسه في حضنها
    وهو تحتضنه بحنو وتوزع قبلاتها على وجهه ويديه وهي تهمس بحب شاسع :
    (يا لبي قلبه.. يهبل ياناس.. من وين ياكلونه ذا السكر ذا) وهي تتناسى كل شتائمها في الأعلى قبل دقائق

    همست والدتها بتعب عميق: زين جيتي.. تعبانة خالص...هلكوني

    سميرة برقة: والخدامات وينهم؟؟ غانم جايب لش ثنتين حق البزارن بس.. وما تخلينهم حتى يمسكونهم..

    أم غانم بإرهاق: دول لسه لحمة حمراء.. أزاي أخلي الخدامات يبزونهم

    حينها انفجرت سميرة ضاحكة: أما عاد يمه (أزاي يبزونهم) ذي... مافيها حيلة على قولت حمد السعيد..

    ابتسمت أم غانم بتعب: الله يا بت.. لازم تعزربي بس..

    انفجرت سميرة بضحك هستيري: (تعزربي؟؟) بس يمه تكفين... بطني.. بأموت


    "شوي شوي لا تموتين على روحش بس"

    التفتت سميرة لمصدر الصوت الباسم .. التفت لناحية الباب الذي يؤدي للمطبخ الخارجي
    حيث دخلت شابة لتنتزع جلالها ويظهر وجهها المحمر من حرارة الجو
    ابتسمت سميرة: هلا طماطة هانم أنتي ما تشبعين من قعدة المطابخ..
    ما ألوم صويلح طردش من بيته... تقابلين المطبخ أكثر ما تقابلينه

    ابتسمت الشابة: أقله يوم رحت للرّجال مافشلت روحي.. بيضت وجهه في كرايمه وعزايمه
    أما أنتي الله يخلف على اللي بتاخذينه ما تعرفين حتى تسلقين بيضة

    لاعبت سميرة حاجبيها: بأسوي له كل يوم بديكير ومنيكير ويحمد ربه

    الشابة انحنت على والدتها وأخذت الصغيرة من يدها وهمست بحنان:
    يمه روحي أنتي نامي.. شكلش منتهية من التعب.. ولا تحاتين صلوح ومهاوي

    أم غانم بتردد: وعيالش يمه؟؟

    الشابة بحنو: عيالي اليوم عند إبيهم ومهوب جايين الا في الليل
    ثم ابتسمت: وبعدين عيالي صاروا شيبان أصغرهم عزوز قرب يكمل خمس سنين..

    أم غانم غادرت تسحب قدميها لغرفتها القريبة التي نقلتها للطابق السفلي بعد أن أصبحت عاجزة عن صعود الدرج بشكل متكرر

    بينما همست سميرة بخبث وهي تميل على أختها: وش عندش راضية على أبو العيال.. خليتيه يأخذ الشباب طول اليوم

    همست الشابة بغيظ: ياختي ما أبيه يلاقي سبب يدقدق علي (خليهم معي شوي) وانا عارفة إنه يتلكك عشان يكلمني بس..
    قلت لخويلد يقول له إنهم اليوم بيقعدون معه لين في الليل

    حينها همست سميرة بمرح: ياحرام على الحركات يا ويلي يا ويلي
    ثم أردفت بابتسامة أكبر: اما يا نجول خسارة اسم اخي صلوح اللي سميناه على رجّالش

    رفعت نجلاء حاجبا وأنزلت الآخر: والله يا حبيبتي ما سميتوا صالح عشانه رجّالي.. لكن عشانه عاجبكم
    وبعدين يا حبيبتي ترا سماوة أبو خالد لحد الحين واقفة في حوشكم وهي اللي توديش وتجيبش

    سميرة تضحك: يه يه يه.. بتذلنا عشان رجالها عطانا سيارة سماوة عليه..
    هذا أصلا أقل شيء يسويه.. يحمد ربه سمينا ذا القرد عليه.. قصدي الغزال
    (قالتها وهي تدير وجه صالح الصغير ناحية نجلاء وتعتصره بين سبابتها وإبهامها)

    نجلاء بغضب رقيق: هدي صلوح يالخبلة.. آجعتيه..
    وبعدين لا عاد تقولين رجّالي.. ما أحب تذكريني

    سميرة تهز كتفيها: ويعني ولو ما قلت رجّالش.. بيغير من الوضع شوي.. لا هو اللي طلقش.. ولا أنتي إلا رجعتي

    نجلاء بحزم موجوع: مصيره يمل يطلقني..

    سميرة بهدوء مختلف عن شخصيتها الصاخبة: يا خوفي يتزوج وهو معيي ومعند ما طلقش..

    همست نجلاء بضيق شعرت به يكتم على أنفاسها فجأة: يعني سمعتي سالفة إنه يبي يتزوج؟؟

    سميرة بهدوء : سمعت مثل ما سمعتي...
    إنه يخطب جوزاء أرملة أخيه.. أخت اشعيع بنت فاضل

    نجلاء بضيق متزايد تحاول كتمانه: غريبة إن صالح مانفذ وتزوجها أو تزوج غيرها .. لأن صالح ما يقول شيء إلا هو بيسويه فعلا
    لكن هي أو غيرها ما يهمني.. المهم يطلقني قبل ما يتزوج

    سميرة تبتسم: ماظنتي يطلقش.. أنا عمري ما شفت رجّال يحب مرته مثل ما صالح يحبش..

    نجلاء بحزن عميق: أمحق حب يعرفه صالح.. وش الحبيب اللي يعاير حبيبه في الطالعة والنازلة..

    سميرة انتفضت بغضب حاد مفاجئ: أمي تاج رأسه هو وهله وطوايفه.. أمي مهيب عيارة

    نجلاء بضيق عميق عميق: أكيد سميرة أمي مهيب عيارة.. بس لما يكون هو قاصد يعايرني ويهيني مستحيل أسكت..
    تخيلي بكرة كل ما يعصب يقول لي قدام عيالي يا بنت المصرية..
    لما كان يقولها على سبيل المزح.. مثل: خذتي هالحمار والبياض من خوالش المصريين.. كنت عادي أمشيها ولو أني ماعندي خوال
    بس صار كل ما يعصب علي يقول لي يا بنت المصرية.. كن مالي أب أو مالي اسم..
    يعني مافيه يا بنت راشد ولا يا نجلاء ولا يأم خالد.. بنت المصرية وبس

    ثم بدأ صوت نجلاء بارتعاش: يعني ما حشم أني بنت عمه ولا أم عياله.. ولا عشرتنا ذا السنين اللي فاتت كلها..
    خلاص مافيني أستحمل والله مافيني...
    عاد كله ولا عيشة مع رجال ما يحترمش ويحترم هلش.. حتى لو هو يذوب في الأرض اللي تمشين عليها

    سميرة ترفع عينيها لغانم الذي ينزل الدرج بثبات حازم وتهمس بخفوت:
    اقصري السالفة.. غانم نازل... لو درا ، مهوب بعيد ييتيم عيالش.. مجنون ويسويها




    **************************




    بعد صلاة العصر..
    خليفة يتجهز للسفر وهو لا يعلم حتى إن كانت تأشيرته ستنتهي في الغد كما وعده زايد
    يشعر كما لو أنه مخلوق آلي يتحرك بدون أي احساس
    هاهو يضع ملابسه في حقيبته.. يشعر كإحساس ضائع في لجة محيط مرعب
    فهو اعتاد دائما على التخطيط الدقيق.. والارتجال يربكه
    حين قرر الوقوف في وجه زايد كان مخططا بسيطا سينتهي برفض جميلة له ولكنه في ذات الوقت سينتهي بنوع من الرضى النفسي له
    لأنه استطاع أن يجعل غيره يشعر بما شعر به
    وغريب هو الإنسان الذي يجد في سلواه في رد الأذى عن نفسه أن يمارس ذات الأذية في حق الآخرين

    ولكن هاهو الآن رجل متزوج ومسؤول عن فتاة مريضة حمّلته والدتها مئات الرجاءات المبللة بالدموع:

    تكفى ياخليفة يأمك.. جميلة اختارتك حتى علي أنا
    اختارت ريحة إبيها فيك.. تكفى ما تخذلها
    جميلة مريضة واجد ووضعها صعب.. والحالة النفسية أهم خطوة في العلاج
    تكفى ماتخليها دقيقة ولا تحسسها بالغربة..جميلة عمرها مافارقت حضني دقيقة
    وتراها من رقبتي في رقبتك..
    تكفى يامك..
    تكــــفى..
    تـــــــــــكفــــى


    صدى صوتها يتردد في كيانه المثقل.. ليختلط مع صدى صوت الطبيبة التي راح يستوضح منها عن مرض جميلة بالتفصيل
    ليزداد ضياعا على ضياعه..وارتباكا فوق ارتباكه:

    جميلة مصابة بمرض فقدان الشهية العصبي anorexia وفي مراحل متقدمة من المرض ووضعها متدهور
    يعني يأخ خليفة وبما أنك زوجها خلني أصارحك
    إن أم زوجتك تأخرت كثير في علاجها يعني المفترض على الأقل 6 شهور من بدء المرض تجيبها عندي لكن هي جابتها بعد سنة
    لأنها اعتقدت انه هذا مجرد ريجيم تعمله بنت مراهقة..
    بينما بعد الست شهور فكرة النحافة تصير هوس عند المريض..ومهما نحف يظل يعتقد انه يحتاج للمزيد
    وبعد ذلك تأخروا في السفر لمصحة للحالات المتدهورة واللي انا لي زمان انصح فيها
    الآن انت قدامك مشوار صعب.. لأنه جميلة نفسها لازم يكون عندها رغبة قوية للعلاج وهالشي مش موجود..
    جميلة لحد الآن مقتنعة إنها تعاني من السمنة وترفض الأكل ..
    ولازم أصارحك إن 70 بالمئة من العلاج بيعتمد عليك بما أنك الوحيد اللي بتكون معاها..
    لازم تمسك العصا من النص تشد عليها عشان الأكل.. وفي نفس الوقت تكون حنون عليها..
    ولازم تزرع فيها رغبة العلاج وتقنعها انها الآن نحيفة بطريقة ماتعزز الأنوثة عندها لكن تسلبها
    ولازم تقنعها إنك تحب الجسم المليان.. وماتحب الوحدة الهزيلة بهالشكل

    حينها انتفض خليفة بجزع: أنا؟؟

    الدكتورة أكملت بابتسامة: أيوه أنت.. لأنه بما أنك زوجها ..
    فأكيد هي تبي تكون حلوة وجذابة في عيونك.. فلازم تعزز هالشيء عندها
    الشيء الثاني وعشان تكون على بينة.. مرض فقدان الشهية في مراحله الاخيرة يؤدي لتوقف الدورة الشهرية
    وفعلا دورة جميلة متوقفة من أكثر من 7 أشهر.. ورحلة العلاج راح تكون طويلة فعلا..
    وبتستغرق وقت أطول لرجوع الدورة الطبيعية وهالشيء يمكن يأثر على الحمل حتى في حال شفاء جميلة إن شاء الله

    كان وجه خليفة يتلون بشتى الألوان والطبيبة تتحدث وهو يسب نفسه على إدخال نفسه في كل هذا..
    حتى وصلت الطبيبة لموضوع الحمل ليمتقع لونه تماما ويهمس بحرج:
    أي حمل يا دكتورة؟!!.. خليها الحين ربي يشافيها على خير.. ولكل حادث حديث


    وهاهو يستعيد كل هذا في ذهنه وهي يرتب ملابسه بذات الآلية الرتيبة دون حتى أن ينتبه لدخول شقيقه جاسم عليه:

    "خليفة يأخوي من جدك هاللي سويته؟!!
    أنت في كامل قواك العقلية
    البنية يقولون لك تعبانة ويمكن تموت
    كان خليت ولد خالتها هو اللي ياخذها
    السالفة مافيها لعب"

    نظر خليفة لجاسم نظرة خالية من الحياة وهمس بسكون :جاسم اسكت عني
    ثم أردف بضيق: الله يلعنك يا أبليس..والله ما أدري وش هببت..وش هببت؟!!"

    جاسم يجلس على السرير وهو يشبك يديه أمامه بقلق: خليفة لو ماتت البنت عليك وانتو بفرنسا لا قدر الله
    أشلون تقدر تحط عينك بعين أبو كسّاب اللي قعد ساعة عقب الملكة يوصيك عليها جنه معطيك قطعة من يوفه...
    والله العظيم أني ظنيت انه مزوجك بنته موب بنت عمنا

    خليفة بقلق مشابه: لا تفاول ياجاسم إن شاء الله ما نرجع الا وهي مثل الحصان

    جاسم بحزم: خليفة لا تاخذك العزة بالأثم.. طلق البنت وخل أهلها يسافرون معاها مثل ماكانوا مقررين

    انتفض جسد خليفة بعنف ليقذف بالقميص الذي كان بيده داخل الحقيبة بحدة وهو يلتفت بغضب لجاسم:
    شنو شايفني عشان أسوي جذيه.. حرمة؟!!
    يمكن غلطت في تهوري.. بس خلاص جميلة صارت حرمتي.. وأنا الحين اللي مسئول عنها
    ومستحيل أتنازل عن مسؤلياتي لأحد.. ومستحيل أصغر نفسي قدام الرياييل..

    جاسم يقف وهو يهمس بحزم: أنا بريت ذمتي خلاص وأنت بكيفك..




    *****************************




    "اشعيع ومرض.. سكري الدريشة لا أحد يشوفش"

    شعاع تلتفت لجوزاء وهي تهمس بملل: ليت حد يشوفني بس
    خير شر ماعاد تشوفين في ذا الشوارع حد مزيون.. يا سواق بنغالي والا هندية طاقة من بيت أهلها
    الظاهر وقفوا عن تصنيع المزايين على حظي..

    جوزاء تجلس ابنها على حجرها وتهمس: زين يالزينة اللي تدورين المزايين ليش مادة البوز؟؟

    شعاع بحماس غاضب: وضوح الكلبة ماترد على تلفوناتي

    جوزاء تهز كتفيها: وخير ياطير ماردت.. وش حارقش أنتي؟؟

    شعاع بغضب لطيف: أشلون خير ياطير... باموت أبي أعرف وش رأيها في خطبة عبدالرحمن ؟؟

    جوزاء بسخرية: رأيها؟؟ تحب يدها مقلوبة اللي جاها واحد مثل عبدالرحمن..
    غير عن أخلاق عبدالرحمن العالية وكونه دكتور جامعة..عبدالرحمن حتى على مستوى الزين أحلى منها..

    شعاع بابتسامة: ماخذة مقلب قي أخيش.. ترا عبدالرحمن ماشيء حاله .. مهوب ذابحة الزين ترا
    ثم أردفت باستغراب: بس أنتي صدق ما ينعرف لش توش اليوم الصبح تقولين وضحى أحسن من أختها المعقدة
    يعني ماعجبش يوم خطب الحلوة ولا عجبش يوم خطب العادية..

    جوزاء تضحك: عادية؟!!.. تحبين تخففين المسميات.. وضحى مهيب حلوة أساسا

    حينها انتفضت شعاع غضبا: وضحى مافيها قصور.. وزين أخلاقها يغطي على كل عذاريبها.... هذا لو فيها عذاريب!!..
    ثم تهورت شعاع في غضبها وهي تصرخ: وهي أساسا أحلى منش وأخلاقها أحسن من أخلاقش.. وما أسمح لش تغتابنيها

    جوزاء انتفضت بغضب كاسح: أنا يام لسان.. أنا ياقليلة الأدب؟؟ تطولين لسانش علي عشان بنت خالش..

    شعاع بذات الغضب: بنت خالي مهيب هنا ترد عن نفسها.. وإلا أنتي بس تبين تعذربين في الناس
    لا كاسرة عاجبتش ولا وضحى عاجبتش... عشانش وحدة معقدة وتبين تطلعين عقدش في الناس

    حينها مدت جوزاء يدها لشعر شعاع وأنشبت أناملها فيه وشدته بقسوة:
    والله لا عاد تطولين لسانش علي لا تشوفين شيء مايسرش... وو.....

    كانت شعاع تصرخ بألم وهي تحاول تخليص شعرها من براثن جوزاء
    وكانت جوزاء مازالت ستتكلم وتسب وتصرخ فشعاع جاءت على وجيعتها تماما
    حتى شعرت باليد الصغيرة التي تضربها والصوت الباكي: ماما خلي شاشا خليها

    لتنتفض بعنف جازع وتفلت شعر شعاع وهي تنظر ليديها برعب كالمذهولة ثم تحتضن صغيرها:
    بس حبيبي أنا آسفة.. كنت ألعب مع شاشا حبيبي

    بينما تأخرت شعاع للزواية تبكي..
    حين أسكتت جوزاء ابنها.. اقتربت منها وجلست جوارها وهمست بحنان انقلبت فيه من النقيض للنقيض.. حنان ولّده صغيرها حسن:
    آسفة شعاع آسفة سامحيني ياقلبي

    ولكن شعاع تأخرت للخلف.. بينما جوزاء قرصت خدها برقة: خلاص اشعيع انتي بعد طلعتيني من طوري

    شعاع بين شهقاتها: يعني تبين أخليش تأكلين في لحمها وأسكت..أنتي تعرفيني ما أسكت على الغلط

    جوزاء بجزع: ياكبرها عند الله... استغفر الله استغفر الله... خلاص يا بنت الحلال أخر مرة أجيب سيرة حد.. ماقصدت شيء والله العظيم
    ثم أردفت بمودة صافية : أنتي عارفتني.. يالله عاد مايهون علي زعلش
    آخر مرة أخر مرة صدقيني..

    سكتت شعاع وهي تضع رأسها على كتف شقيقتها استجابة لمد جوزاء ليديها لها.. وهي تعلم أنها لن تكون المرة الأخيرة كما تقول
    لن تكون الأخيرة!!
    حتى وإن كانت لا تقصد كما تقول.. فهي ستقول.. ثم ستندم.. ثم ستقول.. فتندم
    في دائرة لا تنتهي من التناقضات التي تغضب جوزاء نفسها قبل أن تغضب غيرها..

    فهذا دأب جوزاء بشخصيتها المتقلبة العصية على التفسير
    والتي ظهرت بشكل مركز بعد حادثة وفاة زوجها الغريبة!!




    ********************************





    "كاسرة يأمش.. روحي شوفي وضحى..ماطلعت من غرفتها من صبح..مع إن امهاب جاني وتعذر مني ويقول إنه أرضاها
    فليش ما نزلت.. وحتى الغداء ما تغدت.."

    كاسرة بابتسامة: كفاية أنا تغديت معش..

    كاسرة تجاوزت ضيقها كلها من صفعة مُهاب لها صباحا.. فجدها اقتص لها منه.. وأراحها من التفكير بوسيلة للتنكيد على مُهاب ومعاقبته
    ولكنها طبعا لم ولن تخبر أحدا بما حدث.. ربما كان السبب الأبرز أنها بطبعها كتومة لأبعد حد..
    وربما لأنها لم ترد إثارة غضب والدتها..
    وربما لانها في عقلها الباطن ترفض فكرة إهانة مُهاب ونشر خبر إهانته
    وربما لانها شعرت أنها في ذات اللحظة التي ارتاحت فيها عادت لتتضايق من أجله..


    مزنة بضيق: قومي يا بنت.. تبين تقارنين وضيحى اللي كل شيء يحز بخاطرها بوحدة مثلش وجهها بليته..

    كاسرة مازالت مبتسمة: أفا يام امهاب.. أفا.. الدعوة خاربة...
    الحين هذا انضربت معها.. ولا حد عبرني.. ولا حد رضاني
    لكن أبشري بأروح لأم دميعة أشوف علومها

    كاسرة وقفت للتوجه للأعلى.. بينما وصلها صوت والدتها الحازم:
    إياني وإياش توجعينيها بالحكي.. أعرفش إذا بغيتي تصيرين مغثة.. صرتي أكبر مغثة..

    التفتت لها كاسرة وهي تكاد تصل أسفل الدرج ومازالت تبتسم:
    تدرين يامزنة.. مالي خاطر أزعل عليش.. بس ما يضر نسجلها في الدفتر.. يمكن نعتازها بعدين

    كاسرة صعدت للأعلى بخطوات هادئة حتى وصلت لباب غرفة وضحى.. طرقت الباب بهدوء وحزم ثم فتحت مباشرة..
    لتتفاجئ أن وضحى تجلس على مكتبها منخرطة في الاستذكار

    كاسرة هتفت بسخرية: ماشاء الله الأخت تدرس.. ومخلية أمي قلبها ماكلها عليش

    وضحى رفعت عينيها بعتب عميق وساخر في ذات الوقت: والله ماحد طل علي ولا سأل عني..
    وبعدين حنا في آخر الكورس وامتحاناتي خلاص ماباقي عليها شيء.. وأنا كورس تخرج
    وش تتوقعين أسوي.. أتحزم وأرقص يعني؟!!

    كاسرة أنزلت حاجبا ورفعت الآخر وهي تميل شفتيها بسخرية: عشتو.. وتنافخين بعد
    والله ظنتي إن أخيش حبيب قلبش هو اللي معطيش طراق مهوب أنا ولا أمي

    وضحى بذات السخرية: والله امهاب جعل يومي قبل يومه.. جاني وراضاني وسمّح خاطري

    حينها اقتربت منها كاسرة بغضب.. لتنكمش وضحى قليلا وهي تشعر أن كل شجاعتها التي حاولت تجميعها تبخرت
    همست كاسرة بغضب خفيض وهي تقف فوق رأس وضحى:
    أنتي شنو جنسش؟؟ لعب عليش بكلمتين.. وقولي بعد إنش بتوافقين على عبدالرحمن أبو تمبة

    وضحى تفرك يديها وهي تنظر للكتاب بين يديها وهي تقرر اتخاذ استراتيجية أخرى..
    لتهمس لكاسرة باحترام مدروس تماما غذت به غرور كاسرة: هل تشوفين فيه عيب؟؟

    حينها تنهدت كاسرة بارتياح لأنها شعرت أن زمام الأمور عاد ليديها وتراجعت لتجلس على طرف السرير قريبا من وضحى
    وهمست بهدوء حازم: عبدالرحمن بنفسه.. مافيه عيب أبد..
    بس أنا ما أحب حد يجبرش على شي أنتي ما تبينه أو منتي بمقتنعة فيه

    حينها همست وضحى باستجداء تمثيلي بارع لا تقصده مطلقا..
    ولكنها طريقة تعرف أنها تنفع مع كاسرة التي تكره أن يعاندها أحد.. وإذا رأت أن من أمامها يستسلم فهي تتنازل عن كثير من حدتها:
    زين كاسرة.. ويوم أنه مافيه عيب أبد.. ليش ما وافقتي عليه؟؟..
    وهل ياترى لو أنا وافقت عليه.. الموضوع بيضايقش؟؟؟

    حينها ضحكت كاسرة برقة: أتضايق وليش أتضايق؟؟ من جدش ذا السؤال..
    طبعا مستحيل أتضايق وهذي إجابة السؤال الثاني.. وإذا كان هذا سبب رفضش له تكونين غبية
    أما إجابة السؤال الأول فعلا عبدالرحمن مافيه عيب عندي إلا عمره.. أشوفه صغير واجد علي

    وضحى باستغراب شديد وهي تعرف للمرة الأولى سبب رفض كاسرة لعبدالرحمن:
    صغير؟؟!! وواجد؟؟ عبدالرحمن عمره 31 سنة يعني أكبر منش بخمس سنين!!

    حينها ابتسمت كاسرة: أنا واحد أقل من الاربعين ما أبي

    وضحى بدهشة عميقة: كاسرة أنتي صاحية؟؟ وحدة في جمالش وشخصيتش وش يحدها تأخذ شيبة؟!!
    اللي مثلش تحط رجل على رجل وتختار في أحسن الشباب

    كاسرة بذات الابتسامة: واحد في الأربعينات ماينقال له شيبة.. لكن ينقال رجّال.. ثقل ورزانة وشخصية تبلورت خلاص..

    ثم أردفت وهي تقف بالقرب من النافذة وتنظر للخارج:
    تدرين وضحى.. أنا أدري إن شخصيتي قوية.. لكن في ذات الوقت ما أبي شخصيتي تطغى على شخصية اللي بأتزوجه..
    لو خذت لي شاب صغير.. صدقيني أنا اللي بأفرض عليه كل شيء أبيه
    لكن لو خذت رجال عدى الأربعين.. رجّال شخصيته مكتملة ومتبلورة من سنين.. صعب أفرض عليه شيء...
    وهذا هو اللي أنا أبيه... رجّال صدق..

    وضحى وقفت بجوارها وهي تنظر معها للخارج وتهمس باستنكار رقيق:
    أفكارش غريبة صريحة... كم شاب في الثلاثينيات أو حتى العشرينيات شخصيته قوية ومستحيل حد يفرض عليه شيء
    الحين امهاب مثلا توه ثلاثين.. تعتقدين إنش تقدرين تفرضين عليه شيء؟؟

    كاسرة ببساطة: شخصية امهاب غير.. وظروفنا كانت غير..
    امهاب اضطر يتحمل المسئولية وهو صغير.. وذا الشيء قوى شخصيته
    وخصوصا مع تربية أمي اللي هي بعد كانت غير

    وضحى عاودت الجلوس على مكتبها وهي تهمس بالاحترام المدروس إياه:
    بصراحة كاسرة كلامش مهوب مقنع.. اسمحي لي

    حينها التفتت كاسرة لها وهمست بهدوء: مهوب لازم تقتنعين المهم أنا مقتنعة
    وثاني شيء انزلي لأمي شوي.. أمي تحاتيش
    ثالث شيء إذا أنتي مقتنعة بعبدالرحمن وكنتي تبين ترفضينه عشاني.. فخلي منش ذا الخبال.. وسوي اللي أنتي مقتنعة فيه وبس وماعليش من حد

    أكملت كاسرة عبارتها وانسحبت بهدوء لتغلق الباب خلفها..
    بينما توجهت وضحى لتستبدل ملابسها وتنزل لوالدتها وكثير من الأفكار تزدحم في خيالها
    وهي تشعر براحة عميقة لجلسة المصارحة الغريبة بينها وبين شقيقتها..
    فهذه المرة كانت من المرات القليلة التي تفتح كاسرة قلبها وتحكي مابداخلها!!




    **************************




    بعد صلاة المغرب
    في سيارة كسّاب التي تطوف شوارع الدوحة دون هدف

    "كسّاب ولا عليك أمر.. اصفط عند أول محل سفريات بتلاقيه"

    كسّاب باستغراب: ليه محل سفريات؟؟

    علي بهدوء: بأحجز على أول طيارة طالعة الليلة من الدوحة.. بأرجع لشغلي..

    كسّاب باستفسار: واشدراك انك بتلاقي لك حجز على جنيف الليلة وبذا السرعة؟؟

    علي بذات الهدوء: لو مالقيت لجنيف طلعت للنمسا وإلا ألمانيا وإلا إيطاليا
    ومنها بالقطار لجنيف.. معي تأشيرة شنغن لكل دول الاتحاد الأوربي

    كسّاب بتساؤل لم يقصد منه شيء فعلا: وليش مهوب لفرنسا.. جنيف على حدود فرنسا على طول ..

    انتفض علي بخفة: فرنسا لا.. ما أبي أروح لفرنسا

    حينها انتفض كسّاب بغضب: يعني هربان؟؟ لمتى ذا الهروب يا علي.. لمتى؟؟
    متى بتقعد وتواجه

    علي بذات هدوءه الساكن: إذا أنا هربت برا ديرتي.. فأنت هربت وأنت فيها
    لا تقعد تفلسف علي يا كسّاب
    لأني الليلة آخر واحد محتاج فلسفة.. أنا بس أبي أختلي بنفسي




    *******************************





    انتهى عشاء للرجال في مجلس فاضل بن عبدالرحمن.. غادر الجميع..
    حتى أبو عبدالرحمن نفسه استاذن وترك الشباب ليسهروا بعيدا عن أعين ورقابة "الشيّاب"
    بقي فقط عبدالرحمن ومُهاب وتميم..
    تميم يريد المغادرة.. ولكن لأنه هو من أقل مُهاب بسيارته لا يستطيع أن يتركه
    بدأ يشعر بالملل وبمرارة غريبة والشابين الأكبر منه ينخرطان في حديثهما الخاص والصاخب ليتناسيا وجوده
    ورغم ضيقه من ذلك إلا أنه في احيان كثيرة يتمنى ان يتناسيا وجوده كليا..
    فتلك الإشارات التي تشبه الصدقات التي يمنون بها عليه من وقت لآخر تؤذيه أكثر مما تسعده
    يشيرون له يسألونه عن رأيه في مباراة المنتخب بالأمس.. أو ربما حدث سياسي اليوم..
    فيشير لهما إشارة مجاملة قصيرة ردا على مجاملتهم
    ثم يعود غارقا في الصمت الساكن بعيد عن ضجيج كلماتهم
    تناول هاتفه المحمول ليلتهي به.. وحتى لا يشعرهم بملله المستحكم..

    حينها التفت عبدالرحمن لمهاب وهمس بمرح: يالله قوم توكلوا لبيتكم

    مهاب بابتسامة: أفا... هذي طردة أنت ووجهك؟!!

    عبدالرحمن بابتسامة مشابهة: تميم شكله زهق وحن حابسينه معنا..
    ثم أردف (بعيارة): وبعدين تميم هو اللي ولد خالي.. وإلا أنت حيا الله أخ ولد خالي

    مهاب يضحك: لا يا مسود الوجه ذي أخرتها.. صدق مافيك خير
    ثم أردف بمرح: تلاقي ولد خالك مستعجل يبي يروح لوضحى يصب علومه عندها.. ماحد يفهم له مثلها.. واليوم مابعد عطاها علومه

    حينها همس عبدالرحمن بدفء مَرح: لا يكون بكرة أخيك كل شوي ناط عند مرتي ومزعجنا

    تنحنح مُهاب بحرج وقفز لموضوع آخر ولكن في ذات الاتجاه:
    أنت عارف إن تميم يبي يتزوج بس الوالدة مهيب راضية الله يهداها

    لم يفت ذكاء عبدالرحمن قفزة مُهاب الذكية لموضوع آخر.. لكنه قرر أن يتجاوز هذه المرة وحاول أن يهمس بطبيعية:
    وتميم يعني يعرف وحدة معينة في نفس حالته عشان كذا مصمم عليها

    قطب مُهاب جبينه: وين يعرف الله يهداك... هو مقرر يسأل أو يستعين بخطابة لو وافقت أمي..

    عبدالرحمن باستغراب: خطّابة؟؟؟

    ابتسم مهاب: إيه خطّابة...
    ثم أردف بسخرية: ليه يعني أنت تعرف حد عندهم بنت نفس حالة تميم.. وفي نفس الوقت تناسبه؟!!

    صمت عبدالرحمن لدقيقة كأنه يفكر ..ثم همس بعمق: من حيث أني أعرف... فأنا أعرف




    *************************




    بيت زايد آل كسّاب
    وقت متأخر من ذات الليلة


    يدخل كسّاب إلى البيت وهو ينتزع غترته عن رأسه ويلقيها على أقرب مقعد بتعب
    يعبر الصالة الواسعة ليتجه للأعلى.. كان مرهقا بالفعل ومستنزفا نفسيا وجسديا
    لذا لم ينتبه للجالس الذي عبر من أمامه تماما

    "صحيح إني قصير.. بس مهوب لدرجة إنك ما تشوفني"
    استوقفه الصوت الحازم الذي لم يخلُ من رنة غضب

    تنهد كسّاب بعمق.. فأخر شيء تمنى أن ينهي به هذه الليلة المريعة هو والده
    تراجع وهو يهمس باحترام: مساك الله بالخير يبه

    زايد بغضب: ماعاد هو بمسا قده صبح يالشيخ

    تنهد كساب وهو يحاول أن يجيب بتهذيب: يبه الله يهداك من متى تحاسبني على التأخير..

    زايد بذات الغضب: ليه كبرت على المحاسبة.. وأخيك الثاني وينه؟؟ مهوب معك؟؟ ليش تأخر هو بعد؟؟

    كساب تنهد للمرة الألف: اللي أخرني هو علي.. لأني وديته المطار.. وطيارته توها طارت..

    زايد بجزع لم يستطع اخفاءه: وين راح؟؟

    كساب بنبرة لا تخلو من سخرية مبطنة موجوعة: رجع لشغله.. وشو له يقعد!!

    زايد بصدمة غاضبة متوجعة: وبدون حتى مايقول لي ولا يسلم علي؟؟

    كساب بذات النبرة الساخرة الموجوعة: يبه أنت مشغول اليوم في ملكة خليفة اللي بديته على ولدك..

    زايد بنبرة حازمة: اقصر الحكي يا ولد وتلايط

    كسّاب بغضب: لا ماني بقاصره..يعني حتى الحكي نغص به وما نحكي..

    هذه المرة من رد بسخرية هو زايد: ومن متى وأنت تحب تأخذ وتعطي معي.. يوم تشوفني تركبك السكون

    كسّاب يتجاهل تعريض والده لينظر له بنظرة مباشرة ويهمس بنبرة ذات مغزى:
    يبه.. علي يوم بغى جميلة.. بغاها لأنها تربت في بيته وقدام عينه ولأنها بنت خالتي اللي مثل أمنا
    لأن جميلة في وضعها الحالي تعتبر كارثة على أي زوج..
    عــــدا..........
    لو تموت ويورثها
    فانت إسأل نفسك وش اللي يخلي خليفة هذا يتزوجها؟؟
    فكّر في ذا السؤال زين... ومثل ماكان ذنب علي في رقبتك.. ترا ذنب جميلة وأي شي بيصير لها في رقبتك بعد

    ألقى كسّاب بعبارته المسمومة وانسحب صاعدا تاركا زايد يزأر كأسد مجروح بعد أن أثارت كلمات كسّاب مخاوفه التي تخنق روحه:
    صدق إنك تربية منصور.. لسانك سم مثله
    ما تعرفون تقولون كلمة خير

    كساب يهمس بهدوء ملغوم وهو يصعد: ماحد رباني غيرك طال عمرك


    عاود زايد الجلوس لينتزع غترته ويلقيها جواره بغيظ وقهر
    يمرر أصابعه عبر خصلات شعره بإرهاق
    كل المشاعر الكثيفة التي تثور في أعماقه كالبراكين انزاحت أمام شعور مرّ بالوحشة
    كم هو مشتاق لهذا الفتى الذي غادر دون أن يزرعه في أحضانه
    ليخزن في روحه بعضا من عبق رائحته علها تصبره على البعد
    كيف يذهب ويكون آخر ما رآه منه ظهره يخرج مقهورا مثقلا بالأسى
    ويجد زايد نفسه ممزقا بين رغبته في اللحاق به
    وبقاءه مع أحمد وأبنائه للتناقش في التفاصيل
    كانت الأولى هي الرغبة والثانية هي الواجب
    لينتصر الواجب على الرغبات
    ويبقى هو ممزق الروح معلقا بين خوفه وحزنه..
    خوفه على جميلة وعلي.. وحزنه عليهما!!!




    *******************************




    مهاب يدخل إلى غرفته بعد أن عاد من سهرته مع عبدالرحمن التي طالت طويلا
    بعد أن سمح لتميم أن يعود للبيت لوحده على أن يوصله عبدالرحمن بعد ذلك

    لا ينتبه لضيف لطيف يقبع على سريره.. لأنه خلع ملابسه وتوجه للحمام مباشرة ليتوضأ ويصلي قيامه أولا
    حين توجه لسريره ليتمدد.. وجد وردة جورية بيضاء تتمدد على مخدته وتحتها بطاقة بيضاء
    ابتسم وهو شبه متأكد من صاحبة البطاقة..
    تناول البطاقة

    "والله العظيم إني ما اشتكيت منك لجدي
    وإني ركبت نفسي الغلط بعد
    ووالله مهوب هاين علي اللي صار لك مع جدي
    بس تدري.. أنت تستاهل..
    يعني تعتذر لوضحى وما تعتذر لي..
    أظني إني انضربت مثل ماهي انضربت
    وإلا هي أختك وأنا لا ؟! "

    اتسعت ابتسامة مُهاب..
    يعلم أن هذه طريقتها في الاعتذار
    ولطالما وجدت طرقا أكثر غرابة ..
    المهم ألا تعتذر بنفسها.. أو حتى تقترب من مفهوم الاعتذار

    مازالت ابتسامته مرتسمة وهو يتناول هاتفه ويرسل لها

    " آسفين طال عمرش
    حقش علينا
    أي أوامر ثانية ياصاحبة السمو؟؟"




    ******************************





    مستشفى حمد
    الوقت بعد منتصف الليل وقبل صلاة الفجر


    "بس خالتي فديتش.. ذبحتي روحش بكا.. عيونش ورمت"
    همس مزون الحنون المختلط بعبراتها المكتومة وهي تمسح على كتف خالتها التي لم تتوقف عن البكاء منذ عقد قران جميلة

    عفراء تهمس بصوتها الذي تغير من كثرة النحيب: بأموت يامزون.. بأموت.. أشلون أخليها تروح بروحها.. أشلون؟؟
    حاسة روحي بتطلع من مكانها

    مزون بعتب رقيق: بعد أنتي ياخالتي سكرتيها من كل صوب.. خليفة الحين عبارت ولدش.. وش فيها لو رحتي معه؟!!

    رفعت عفراء عينيها المحمرتين لتنظر لمزون بحدة: لا مهوب ولدي..
    ولدي اللي كسروا بخاطره وخلوه يهج من الدوحة مجروح وحزين..

    ابتلعت مزون عبرتها التي وقفت في حلقها وماحصل لعلي يعود لذاكرتها بعنف يائس..
    ولكنها حاولت تجاوز كل هذا وهمست بثبات:
    علي رجّال.. وبيعدي ذا كله.. لكن جميلة محتاجتش ياخالتي.. لا تخلينها..

    عفراء بحزن مرير: يمكن أحسن لها تروح من غيري.. ويمكن هذي خيرة ربي لها اللي خلاها تاخذ خليفة... عشان أهون وما أروح معهم..

    مزون باستغراب عميق: أشلون تقولين كذا يا خالتي؟؟

    عفراء همست بمرارة شعرت بها تمزق حنجرتها: الدكتورة كثير كانت تعاتبني إني السبب في تدهور حالة جميلة..
    وإني بدلالي لها خربتها وما أرضى يشدون عليها في العلاج
    وأصلا الدكتورة أساسا كانت تقول لي أنتي لا تروحين معها.. بس طبعا أنا رفضت.. وكان مستحيل أخليها
    بس يوم صار اللي صار... خلاص هذي خيرة رب العالمين... وأنا مالي إلا الصبر والدعاء لوجه الكريم




    #أنفاس_قطر#

  3. #8

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    صباح المودة والترحيب والبخور والعطور


    أهلا بكل القادمين من أماكن أخرى ليحملوني شرف اشتراكهم من أجلي


    تأكدوا أنكم في بيتكم .. وإن كنت أنا السبب في حضوركم هنا


    فصدقوني أن المقام سيطيب لكم هنا..ليس من أجلي


    ولكن لانكم ستشعرون بالراحة في أحضان ليلاس


    .


    .


    ألف شكر لكل من أقتطعت من وقتها زمنا لتفكر معي وتعلق وتناقش


    وهي تمنح بين الأمس واليوم بعضا من عبق روحها الغالية


    تأكدوا من تقديري وامتناني لكل حرف يُخط هنا


    .


    .


    ألف شكر لكل المهنئات بلقب القاص المتميز.. أخجلتموني بفيض مشاعركم الدافئة


    ولولا تشجيعكم لم أكن لأصل هنا


    .


    .


    نعود للجزء الماضي..


    مع بعض التعليقات.. وبعض الردود


    .


    أولا التوقف مع قضية زواج كثير من شيباننا أول من جنسيات أخرى


    وأنا شخصيا أعرف كثير أمهاتهم ليسوا خليجيات.. فيهم خير أكثر من غيرهم


    وعيالهم يكون فيهم بداوة ومرجلة فوق الوصف..


    ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى


    .


    وبنشوف قصة نجلاء وصالح <<< قصة قريبة من قلبي


    يمكن لأني أحب القصص اللي يكون العلاقة فيها عمق وتعقيد بين الأزواج


    .


    .


    نجي لتوقع لطيف جدا.. بس أشلون انتو جبتوه وسويتو الربط.. ما أدري صراحة


    التوقع هو: إن اللي عبدالرحمن بيعرضها لمهاب هي سميرة أو جوزاء أو شعاع..



    انتبهوا يا بنات للحوار:



    ابتسم مهاب: إيه خطّابة...

    ثم أردف بسخرية: ليه يعني أنت تعرف حد عندهم بنت نفس حالة تميم.. وفي نفس الوقت تناسبه؟!!





    صمت عبدالرحمن لدقيقة كأنه يفكر ..ثم همس بعمق: من حيث أني أعرف... فأنا أعرف




    يعني الحوار مفسر نفسه... وحدة نفس حالة تميم.. وموب وحدة سليمة


    فمن وين جبتوا التوقع ياحليلكم؟؟


    على العموم اليوم بتعرفون من هي اللي اقترحها عبدالرحمن


    .


    .


    .


    نوقف مع أخونا الفاضل تساهيل اللي استغرب الشتيمة بالكلب والحيوان في هالرواية


    اللفظتين جات عند شخص واحد هو كسّاب


    وكسّاب بالفعل شخصية أتعبتني في المعالجة.. ولم يسبق أن عالجت شبيها لها


    لأني بطبعي أنا كأنسانة مهذبة جدا في الحوار << ماتمدح روحها أبد


    ولكن شخصياتي أحاول إلباسها التنوع فهي تعبر عن نفسها


    وشخصية فيها خيط رفيع بين سلاطة اللسان والوقاحة وحدة الشخصية مثل كسّاب


    هذه الألفاظ هي أقل ما قد يرد على لسانه رغم صعوبتها عليّ..


    .


    .


    .


    وعن كساب بالذات


    في أحيان كثيرة يؤلمني قلبي وأنا أكتب كيف يكون كسّاب سليطا مع والده


    لأن للوالدين مكانة رفيعة ومهما فعلوا لا يحق للابن أن يتجاوز حدوده معهم


    ولكن هذا تفكيري أنا.. وليس تفكير كسّاب


    ولكن ألا تلاحظون أن كسّاب بقي يحتفظ بخط احترام غريب في طريقته لوالده


    خط يتناسب مع شخصيته وشخصية زايد


    .


    .


    وللعلم كل الشخصيات سيظهر لها جوانب متعددة..فالإنسان كائن معقد أبعد ما يكون عن الأحادية


    وطبعا هذا التنوع لا يعني التعارض.. ولكنه الغنى الإنساني العسير على الفهم..


    ولكن دعونا ننتهي من أجزاء هذا الأسبوع أولا


    .


    .


    ماذا أيضا.. نشكر أختنا سكوت على تنبيهها لي..


    في حواراتي أحاول أن أقترب جدا من اللغة الحية المحكية


    فأجدني أنزلق دون قصد مني رغم أني أكون أعرف الحكم الشرعي ولكنه في حينها يغيب عن بالي
    وقد قمت بالتعديل في النص فورا


    اللهم أني أعوذ بك من وسوسات الشياطين



    خالص شكري لسكوت ومن قبلها للواثقة


    والشكر موصول لكل أخت تتكرم بتنبيهي لأي خطأ أقع فيه


    فكل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون


    اللهم أني أستغفرك وأتوب إليك


    .


    .


    اليوم أتوقف عند زوزو وزارا الغاليتين المنثالتين بعبق الحياة الجامح


    توقعاتكم وتعليقاتكم أكثر من رائعة


    لكن أتعلمان.. فيها من الصحة وفيها الخطأ


    ولكن طبعا لن أقول أي التوقعات صحيحة وأيها خاطئة


    وأيكما مصيبة وأيكما مخطئة


    حتى ترونها على أرض الواقع


    كان لكما في تعليقيكما الماضيين توقعات خطيرة


    لكن في حينه.. في حينه


    .


    .


    .


    اليوم جزء كاسرة الخاص


    تذكرون الإشارات اللي قلت قبل


    طبعا الإشارة اللي تحولت لتلميح هي علاقتها بجدها


    الإشارة الثانية المهمة تذكرون أول مشهد طلعت فيه وضحى وشعاع


    لما وضحى قالت لشعاع: ترا أختي ما تنغلب في الحكي وتقدر تخلي جوزاء ما تسوى بيزة بس هي تحشم عمتي..



    ما استغربتم وقتها إن شخصية مثل كاسرة تسكت على تنغيز جوزاء لها؟؟


    اليوم نتعرف على السبب


    ونتعرف على شخصية كاسرة من الداخل


    .


    .


    اليوم سنطوف بكثير من الشخصيات


    ونتعرف على العائلة الاخيرة في بين الأمس واليوم


    .


    وسيحدث شيء يقلب توقعاتكم بخصوص سفر عفراء مع ابنتها


    .


    .


    إليكم


    الجزء الثامن


    جزء طويل جدا أتمنى يعجبكم


    .


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن






    صباح الدوحة


    يوم يحمل الكثير


    قلوب تُفجع.. وقلوب تتأمل..


    وقلوب ليس لديها سوى فتات الأمل!!







    ينزل السلالم بخطوات ثابتة..


    يبتسم وتشرق روحه المثقلة حين يرى العينين الدافئتين الحنونتين تطلان من خلف برقعها


    تحيط بهما تجاعيد رقيقة جعلت هيئتها تبدو أكثر ضعفا وهي تنحني بوهن..


    أو ربما وحشة أمام قهوتها الصباحية!!



    ابتسمت بشجن ورحبت قبل أن يصلها: حيا الله أبو خالد.. صبحك الله بالخير



    يصلها لينحني على رأسها مقبلا.. ثم يهمس باحترام ودود: صباحش أخير جعلني فدا أرجيلش.. كيف أصبحتي يأم صالح؟؟..



    ابتسمت بحنو: إذا قدك بخير أنت وأخوانك ما أشكي باس



    ابتسم لها بمرح حنون: هذا أنا وأخواني قدامش قرود تنطط



    همست بحزن عميق مسرف في العمق.. وكأن هذا الحزن المقيم يأبى الإنزياح أو التراجع أو الإنكماش:


    جعل ربي ما يفجعني في حد(ن) منكم..


    من عقب ماراح عبدالله والخاطر كلش(ن) يجيبه ويوديه



    همس بحنين موجوع وهو يتذكر شقيقه الأصغر الذي رحل قبل أكثر من ثلاثة أعوام:


    جعلها برايد عليك يابو حسن..


    أنا أشهد إن الموت خذ له وليدة.. (الوليدة= الرجل النادر)



    همست أم صالح بحنين: صالح يأمك.. جيب لي حسن اليوم فديتك..


    قد لي كم يوم ماشفته.. وأنا بأكلم أمه تجهزه وتلبسه



    ثم أردفت بألم شفاف: ما أدري لمتى ربى كاتب علي ماحد من عيال عيالي يقعد عندي!!


    ذبحتني الشحنة لهم!!



    ابتسم لها صالح: خلاص ولا يهمش خلي أم حسن توافق علي.. ونجيب حسن عندش



    حينها نظرت له والدته بعتب: يعني تجيب حسن وأمه.. وأم خالد وعزوز وخويلد ؟؟



    حينها أنزل صالح فنجانه وهو يشعر بضيق كتم على صدره أخفاه خلف هدوء صوته:


    وش أسوي بنجلاء هي اللي معندة.. ومعية ترجع لي.. هي اللي حدتني أخطب عليها



    نظرت أم صالح لابنها نظرة مباشرة وهمست بعتب مقصود:


    نجلاء مرة عاقلة.. وماحدها على ذا كله إلا شي(ن) كايد


    شوف وش أنت مزعل(ن) بنت عمك فيه؟؟



    صالح بعتب: يعني رجعتي على ولدش.. وش بزعلها فيه يعني؟؟


    لا عمري مديت يدي عليها ولا قصرت عليها بريال



    أم صالح بذات النبرة المقصودة: أنت أخبر يأمك.. السالفة مهيب سالفة ضرب وفلوس



    ثم أردفت بمودة: ياحيها نجلاء.. ليت كل النسوان مثلها..


    كانت كافيتني غثى عزايمك أنت وأبيك.. وشاله البيت كله مني..


    وين من هي مثلها؟؟



    ابتسم صالح: إذا السالفة على كذا.. زوجي الجباوة الثنين اللي أخنزوا من الرقاد فوق..



    أم صالح باستنكار: هزاع توه صغير.. أنت صاحي؟؟ خله يخلص الثانوية ذا الحين



    ثم أردفت بابتسامة حنونة: أما أخيك الفاسخ كل ما قلته أعرس قال لي..........




    "هذا حضرت العقيد عزابي.. وأنا مأنا بأحسن منه"




    ارتفعت الأعين لمصدر الصوت الواثق المرح وصاحبه ينزل بخطوات سريعة عن الدرج


    بلباسه العسكري الأنيق والنجمتين اللامعتين على كتفيه العريضين


    ليصلهم خلال ثوان ليقبل رأس والدته وشقيقه الأكبر بينما كان صالح يهتف بابتسامة:


    والله ياملازم فهد..ترا منصور آل كسّاب تزوج بدل المرة ثلاث..


    يعني جرّب مثله.. ما تضر التجربة.. يمكن يعجبك الحال عقب



    فهد يسكب لنفسه فنجانا من القهوة ويرد بابتسامة مشابهة:


    هذا أكبر دليل إني لازم ما أتزوج


    لأنه إذا حضرة العقيد بنفسه جرب ثلاث مرات وما صلحت له مرة..


    معناتها النسوان كلهم مافيهم خير..



    ثم استدرك وهو يعاود تقبيل رأس والدته ويقول بمرح حنون:


    إلا أم صويلح.. المصنع عقبها سكروه



    أم صالح بحنان: إيه إلعب على أم صويلح بدل ما تبرد خاطرها بشوفت عيالك..



    صالح يضحك: وأشفيش أنتي وولدش.. شايفيني أصغر بزرانكم.. صويلح وصويلح...



    فهد يعاود تقبيل رأس والدته للمرة الثالثة ويهمس باحترام ودود:


    لاحقين خير يا الوالدة.. ما يصير إلا اللي يرضيش.. بس خلوني الحين على راحتي



    صالح يبتسم: إيه يمه خليه.. وادعي في كل صلاة إن منصور آل كسّاب يتزوج..


    صدقيني يا ساعة يأتي إخبره متزوج..


    يافهيدان إن قد يجيش يعدي كنه سلقة يبي العرس...



    أم صالح بغضب: يكرم ولدي عن السَلق..


    ثم أردفت بابتسامة لطيفة: بس ما يضر ندعي لمنصور.. اللي فهيدان يحبه أنا أحبه



    فهد يقفز ويقبل رأس والدته للمرة الرابعة ويقول بمرح:


    إيه جعلني فدا عويناتش.. ادعي لحضرت العقيد.. يستاهل..


    وادعي لي ما أتاخر اليوم على طابور اليوم.. ويعطيني حضرت العقيد جزا



    صالح يبتسم وهو يرى شقيقه يغادر: أستغرب حبك لقائدك على كثرة ما يجازيك.. المفروض تكرهه



    فهد بابتسامة واثقة: أنا أدري إن حضرة العقيد يعزني ويقدرني.. لكن العسكرية مهي بلعب..


    ولو هو ما تعامل معي ومع الفرقة كلها بذا الطريقة ما كان حبيناه


    لأنه يعرف يمسك العصا من النص..


    يعطينا حقنا.. ويأخذ حق العسكرية منا



    ثم أردف فهد (بعيارة) : بعدين يأخي سيادة العقيد كله كاريزما.. يئبر ئلبي شو مهضوم..



    صالح يضحك بصوت عالٍ: أمحق عسكرية تعرفها ياهيفا



    فهد يشير له بيده مودعا وهو يضحك


    بينما دعوات والدته ترتفع خلفه أن يكتب لكل من ابنها وقائده الزوجة الصالحة والذرية البارة..



    بينما صالح يتذكر شيئا... ويهتف وراء فهد بصوت عالٍ حازم يختفي خلفه قلق عميق:


    فهيدان الله الله في الركادة وأنت تسوق ياولد..






    **********************************







    مستشفى حمد


    الساعة العاشرة صباحا


    غرفة جميلة الخالية من جميلة!!!




    نحيبها المكتوم الموجوع حينا ينخفض.. وحينا يرتفع


    وهمهمات متقطعة تصدر متحشرجة من حنجرتها التي تمزقت من طول النحيب الذي لم يتوقف مطلقا منذ يوم أمس:


    راحت.. راحت بدون حتى ما أسمع صوتها.. يا حر جوفي حراه



    مزون تحاول كتم عبراتها: شتسوين يا خالتي؟؟


    عادها ما وعت من تخديرتها البارحة عقب ما خدروها عشان ما تشيل المغذي من يدها



    تغرس أظافرها في معصم مزون التي تجلس جوارها تحتضن كتفيها تهدهدها


    وهي تهمس بصوت مبحوح ممزق: بأموت يأمش يامزون بأموت..


    حاسة إني ماعادني بشايفة بنتي..ياحي جميلة حياه




    "قومي الحين جهزي أغراضش..


    والله ما تمسين إلا عندها واللي رفع سبع(ن) بليا عمد"




    الاثنتان نظرتا بدهشة للواقف بجوار النافذة الطويلة ينظر للخارج وهو يوليهما ظهره ويكمل بحزم شديد:


    أنتي تأشيرتش جاهزة.. وأنا عندي تأشيرة شنغن مجهزها عشان لو جاتني سفرة شغل مفاجئة


    قومي يالله..



    عفراء وسط عبراتها: لا يأمك ماني برايحة.. هي عبرة وانقضت.. بفضي رأسي من دموعه وعقبه بأهدأ



    كسّاب بذات الحزم البالغ: أنتي تحسبيني حلفت وبأفجر؟؟.. لا والله إن قد تروحين..



    عفراء بضعف: يأمك ما أبي أروح.. لو أبي أروح كان رحت معها من أول..



    كساب يدير وجهه ناحيتهما وعيناه ممتلئتان بتصميم غريب حازم.. ويقول بقسوة:


    خالتي لا تضيعين وقتي ووقتش..


    يالله قومي أوديكم البيت وتجهزين وأنا بأروح أحجز لنا على طيارة فالليل


    لأنش بتروحين يعني بتروحين



    مزون بتردد: كسّاب خلها على راحتها



    كسّاب ينظر لها نظرة مباشرة شعرت كما لو كانت نظرته ستسلخ جلدها عن عظمها


    وهو يقول بقسوة أكبر: أنتي تلايطي ولا تتدخلين في شيء ما يخصش



    مزون تراجعت بجزع.. وعبراتها تتضخم في حنجرتها



    بينما انتفضت عفراء بغضب لم يمنعها منه استغراقها في الحزن:


    ما أسمح لك تكلمها بذا الطريقة وقدامي.. أنا ما لي حشمة عندك



    كسّاب يتجه للباب وهو يقول بذات الحزم القاسي:


    أقول لش خالتي.. الأحسن اتصلي في سواقتش توديكم


    أنا طالع أجيب التذاكر.. الساعة 7 في الليل تكونين جاهزة..



    كسّاب خرج.. لتنفجر مزون في بكاء حاد مترع بالشهقات في حضن خالتها..



    عفراء تهمس لها بحنان.. وحزن مزون يأخذها من حزنها:


    بس يا قلبي لا تزعلين على كسّاب.. أنتي صرتي عارفته..



    مزون تهمس بألم ووجهها مختبئ في كتف خالتها:


    حتى لو كنت مستوجعة من قسوة كسّاب وتقصاده إنه يوجعني..


    مهوب ذا سبت زعلي


    أنتي عارفة إني كنت عاملة حسابي إني بسافر معش أنتي وجميلة


    لكن الحين أشلون بأقدر أقعد على أعصابي من غيرش ومن غير جميلة..


    لا وبعد من غير كسّاب وعلي



    عفراء بحنان وهي تحتضنها بحنو: ماني برايحة يأمش.. بأقعد عندش..


    أنتي عارفة إني من لما تزوجت جميلة خليفة قررت إني ما أروح



    حينها مزون انتفضت بجزع: لا خالتي تكفين.. لا يرجع كسّاب ويلاقيش ما تجهزتي بيعصب..


    انا ما أستحمل أشوف عصبيته.. تذوب ركبي من الخوف



    ثم أردفت بوجع: يا سبحان الله.. مع إن كساب طول عمره عصبي..


    بس فرق السما عن الأرض بين عصبيته مع حنانه وعصبيته مع قسوته!!



    ثم مسحت دموعها وأردفت بتشجيع: خلينا نرجع البيت.. أغراضش تقريبا جاهزة


    روحي على الأقل تطمني على جميلة.. لو حبيتي تقعدين مرخوصة


    ولو بغيتي ترجعين لي.. هذا أحب ما على قلبي






    بعد دقائق في سيارة كساب الذي يزفر غضبه في زفرات محرقة


    توشك أن تحرق لشدة لهيبها الهواء العابر أمام أنفاسه:




    "تريدني أن أراها على هذه الحال وأتركها


    تريدني أن أرى روحها تذوي وأتركها


    هل تريد أن تتركني كما تركتني وسمية؟!!


    هل تريد أن تعذبني بحزنها كما عذبتني أمي بمرضها


    أعلم أن للاثنتين قلب سرعان ما يذيبه الحزن كما يذيب الماء الملح


    إن لم أستطع أن أبقي أمي جواري..


    فلن أسمح لعفراء أن تتركني وحيدا في هذا العالم.. مخلوق مشوه الروح.. مشبع بالأسى والأحقاد


    ما زالت هي نافذة الضوء التي تأخذني من عتمة أيامي المظلمة إلى فضاء يبصق بعض الضوء


    الذي يبقيني على تواصل مع كينونتي الإنسانية


    لن أسمح لروحها أن تغرق في الحزن..


    لن أسمح لابتسامتها أن تنطفئ


    فكيف تنطفئ ابتسامة أيامي الوحيدة؟!!!"






    *****************************






    "صبحش الله بالخير يأم امهاب"



    ترفع رأسها للقامة المديدة التي تنحني عليها وهو بكامل ألقه في لباس الطيارين الأنيق وتهمس بهدوء: صباحك أخير يامك


    ثم أردفت باهتمام: ما قلت لي إنك عندك رحلة اليوم..



    مازال واقفا وهو يقول بهدوء: واحد من الزملاء اعتذر عنده ظرف وكلموني.. رحلة قصيرة للبحرين.. قبل المغرب باكون راجع إن شاء الله



    أم مهاب بمودة: تروح وترجع بالسلامة يأمك..



    تفكير معين يدور في ذهن مُهاب..


    يتردد للحظات ثم يهتف بثقة: يمه فيه موضوع أبي أكلمش فيه



    مزنة تعتدل بفرحة وهي تشهق: تبي تعرس؟؟



    ابتسم مُهاب: يعني مافيه موضوع أكلمش فيه إلا موضوع عرسي



    مزنة عاودت الجلوس وهي تقول بخيبة أمل: مهوب القصد.. بس المقدمة حسيت فيها ريحة عرس



    مازالت الابتسامة مرتسمة على وجهه: هو من حيث ريحة عرس فيها ريحة عرس.. بس مهوب أنا


    صمت لثانية ثم همس بحذر: عرس تميم



    مزنة بضيق: شوف يا امهاب تقول لي ياخذ طرماء صمخاء لا..


    عندك سالفة غيرها.. وإلا لا تعطل روحك على شغلك



    مهاب يتنهد بعمق ثم يقول بثبات: يمه اسمعيني جعلني الاول.. ذا المرة العروس غير والله غير..


    بنت دكتور مع عبدالرحمن في الجامعة.. عبدالرحمن يقول شافها مع أبيها..


    يقول مزيونة ومخلصة ثانوية.. وإبيها يمدحه عبدالرحمن واجد



    تقاطعه مزنة بنفاذ صبر: والزبدة إنها طرماء صمخاء..


    توكل يا ولد بطني.. توكل الله يحفظك



    مهاب باحترام لم يخلُ من رائحة الاستجداء اللطيف:


    يمه ما يصير تسكرينها في وجه تميم.. الولد يبي يتزوج



    مزنة بغضب: اسمعني امهاب.. يا ويلك تزين ذا البنت ولا ذا السالفة كلها في عين تميم


    والله إنه زعلي عليك دنيا وآخرة..


    تميم يبي يعرس.. بأزوجه أحسن بنت اليوم قبل بكرة.. وغير ذا الحكي ما عندي






    *************************






    مطار الدوحة الدولي


    سيارة الإسعاف التي تحمل جميلة تصل وتدخل إلى داخل أرض المطار


    فالمرضى لا يعبرون عبر القنوات الاعتيادية


    فسيارة الإسعاف تقف تماما تحت الطائرة..


    وجاء ضابط الجوازات للتأكد من الجوازات وأخذ بياناتها لإدخالها في الحاسوب..


    ومن ثم لأخذ زايد معه الذي أخذ إذنا خاصا ليدخل معهم لأرض المطار



    خليفة يكاد يذوب توترا..


    مازال حتى الآن لم يرَ المخلوقة المسماة زوجته.. ولا يشعر مطلقا بأي رغبة لرؤيتها


    يشعر بالجزع يخنق روحه.. على أي حال هي؟!!


    قالو له أنها مريضة جدا.. ما مدى مرضها؟!


    كيف هي هيئتها التي يشعر بالرعب من فكرة رؤيتها؟!!


    منذ علم بوزنها وهو لا تفارق أفكاره صور موجعة لضحايا المجاعات


    ولكن .. فرق شاسع بين من ترك الطعام مجبرا وهو يستميت ليبحث عنه


    وبين من تركه مخيرا وهو يُجبر عليه


    فكيف هذه التي قررت تجويع نفسها اختيارا ؟!!




    الطاقم الطبي رفع جميلة لسطح الطائرة..


    بينما بقي خليفة مع زايد الذي أثقل على روحه بكثرة الوصايا:


    ترا جميلة أمانتك ياخليفة.. والأمانة ثقيلة وتُسأل عنها يوم القيامة


    هذي بنت الغالي.. وتراها أمانتك يأبيك



    خليفة بثقة يذوب خلفها توترا: في عيوني ياعمي.. لا تحاتيها



    زايد غادر.. وخليفة صعد بخطوات أكثر توترا وثقلا إلى متن الطائرة



    قابل الطبيبة في الممر.. فزايد أصر أن تسافر طبيبتها معها..


    وتبقى معها حتى يستقر وضعها هناك.. ودفع من أجل ذلك مبلغا مهولا من المال



    همس خليفة بتوتر متعاظم: أشلون وضع جميلة الحين؟؟



    ثم أردف وهو يحاول ابتلاع ريقه الذي يرفض عبور حنجرته الجافة: صاحية الحين؟؟ ممكن أشوفها؟؟



    رغم أنه في داخله كان يهرب من اللقاء.. ويريد أن يؤجل هذا اللقاء المحتوم لأطول وقت..


    ربما حتى يعتاد على الفكرة..


    أو ربما حتى يكون قادرا على التحكم في تيارات مشاعر قلقه وتوتره المتزايدة بعنف


    .. ولكن حتى متى الهروب؟؟



    فهذه الشابة أصبحت زوجته.. أمانته.. وهو المسؤول الأول عنها..


    فلمن يترك مسؤولياته الإجبارية التي ورّط هو نفسه فيها؟!!



    أجابته الطبيبة بمهنية ودودة رتيبة: صاحية لا..


    بس أكيد تقدر أشوفها..


    أصلا تركنا المقعد اللي جنب سريرها فاضي عشانك



    انتفض خليفة في داخله بجزع ( أ سأبقى مقيدا لجوارها طوال الرحلة؟!!)



    توجه خليفة بخطوات مترددة ناحيتها..


    ليجلس جوارها وهو يشيح لا إراديا بنظره عنها


    يحاول الإلتفات لها ليجد نظره يهرب إلى كل مكان إلا مكانها


    يعاود الإلتفات ليعاود نظره المتخاذل القلق رحلته في الهروب..


    يكثر الدعوات في قلبه أن يلهمه الله الصواب ويمنحه القوة




    يسمي بسم الله ويلتفت نحو المخلوقة الممدة بلا حراك جواره..


    لتكون هذه الإلتفاتة هي المحاولة الجادة لإكتشاف رفيقة سفره



    انتفض بعنف..والمنظر الصادم يبعثر تفكيره كاعصار عاتٍ


    وهو يشعر بشيء ما يسد بلعومه ويجعله عاجزا عن التنفس..


    شعوران تصاعدا في روحه حتى خنقاه..



    الشفقة والرعب..



    كان ينظر بشفقة كاسحة لوجهها الخالي من الحياة..


    مظهرها البائس وعظامها البارزة.. عنقها شديد النحول.. أناملها اليابسة الموصلة بأجهزة التغذية


    كان يفتح عينيه ويغلقهما وهو عاجز عن استيعاب المنظر أمامه


    ليقفز له حينها إحساس الرعب الموجع..



    "هذه المخلوقة توشك على الموت


    توشك على الموت


    فما هذا الذي أدخلت نفسي فيه


    كيف أستطيع أن أنجو من الإحساس بالذنب ومن عتب والدتها وزايد.. لو حدث لها شيء؟!!


    أي مخلوقة جافة هذه كغصن خشب متحطب بُتر من شجرته لتغادره كل معالم الحياة ونضارتها؟!!


    أ يعقل أنها من فعلت بنفسها هذا؟!! أي مجنونة هذه؟!


    أي مجنونة؟!!


    بل أي مسكينة؟!!


    أي مسكينة؟!!"




    حاول خليفة أن يمد يده ليمسح على خدها ترجمة لشعور الشفقة المتزايد ناحيتها


    ولكنه لم يستطع.. لم يستطع


    مشاعر كثيفة معقدة متداخلة تمور في جوانحه المثقلة..


    نفور ربما..!!


    خوفا من أن يؤذيها وهي تبدو هشة لدرجة التكسر السريع ربما!!



    أرجع ظهره للمقعد وهو يربط حزامه..


    ويشعر في داخله برغبة حقيقية في البكاء


    على حاله.. على حالها.. على هذا الوضع غير الإنساني الذي أدخل نفسه فيه



    ولكنه نهر هذه الرغبة المضادة لإحساس الرجولة الثمين


    الذي لابد أن يتمسك به حتى النهاية!!


    وما بعد النهاية..!!






    **************************






    نهار عمل اعتيادي يقترب من ختامه بخطى حثيثة..


    ترفع كاسرة الهاتف وتتصل بنبرة عملية رسمية: فاطمة لو سمحتي باقي أي شغل؟؟



    فاطمة السكرتيرة ترد عليها بذات النبرة الرسمية: لا أستاذة كاسرة الحين مافيه شيء..



    حينها انقلبت نبرة كاسرة للنقيض تماما..النقيض تماما.. مودة رقيقة شديدة العذوبة :


    زين فطوم قولي للساعي يجيب لنا قهوة.. وتعالي تقهوي معي



    فاطمة ترد عليها بذات النبرة ولكن مغلفة بالمرح:


    زين سوسو.. دقيقة بس.. أقول لسماح تجي تمسك مكاني.. وأجي لش



    بعد دقيقتين تدخل فاطمة ومعها الساعي الذي يحمل القهوة..


    ويضعها على المكتب ويخرج لتخلع كاسرة نقابها وتعلقه جوارها



    همست فاطمة بمرح شفاف وهي تخلع نقابها بدورها لتجلس:


    كم صار لنا متصاحبين؟؟.. أكثر من عشر سنين..


    تأثير خلعتش للنقاب علي مثل أول يوم شفتش داخلة المدرسة وتشيلين نقابش


    يومها قلبي وقف.. شهقت وقلت نعنبو هذي من وين جايه..


    لا تكون مضيعة الدرب وتحسب مدرستنا مكان انتخاب ملكات الجمال



    ضحكت كاسرة: والله أيام يافطوم..


    ثم أردفت بهدوء عذب فيه رنة حزن لا تكاد تُلحظ: ماطلعت من كل دراستي في المدارس ثم الجامعة إلا بش أنتي وبس



    فاطمة تضحك: ياحظش.. أنا أكفي عن العالم كله.. مو؟؟



    كاسرة تبتسم: إلا مو.. ومو.. ومو..


    ثم أردفت بذات نبرة الحزن الـمُخبئة: الحين ماعاد يهمني.. بس زمان وأنا صغيرة تمنيت يكون عندي صديقات كثير..


    تمنيت أكون مثل أختي وضحى الحين ماشاء الله وش كثر صديقاتها..



    فاطمة تضحك بمرح: زين يا بنت الحلال إني رفيقتش الوحيدة.. عشان ما تتوسطين إلا لي.. وتشغليني


    لولاش وإلا كان قاعدة الحين في البيت أشد شعري..



    كاسرة تبتسم: أنا من يوم انطردتي من الجامعة عقب الانذار الثالث


    وحن أخر فصل.. ومهوب باقي لش إلا 12 ساعة على التخرج وأنا محترة



    فاطمة بحزن: لا تذكريني.. ضاع عمري في الجامعة وعقبه يطردوني ماباقي شيء على تخرجي..


    تقارير مرض أمي وانشغالي فيها ماشفعت لي عند إدارة الجامعة بشيء..


    وعقب ذا كله هذا أنا اضطر اشتغل بالشهادة الثانوية



    ثم أردفت وهي تتناسى هذا القهر الذي لا تستطيع تناسيه:


    بس أكيد الفصل اللي خليتش فيه بروحش في الجامعة.. كان فصل ممل



    كاسرة هزت كتفيها بسخرية موجوعة: ممل؟؟.. كان مأساة..


    كانت روحي بتطلع من الحزن على فراقش والقهر عليش..


    وأنا أمشي في الجامعة بروحي ماحد داري عني ولا معبرني



    ثم أردفت بحزن أعمق: يعني فطوم لهالدرجة أنا ما أتعاشر..


    مثل ما أصيد وضحى وتميم وامهاب وحتى أمي دايم يقولون علي كذا..


    وأبين إني ما شفت شيء ولا سمعت شيء



    فاطمة بتساؤل حنون: زين وليش تكونين كذا قدامهم..؟!!



    كاسرة بسخرية مرة: على قولت جدي (إذا سموك كلب، فصر نباح)..


    يعني أمي ربتني كذا.. لكنها يوم شافت الحالة زادت عندي.. ماحاولت تعدلني..


    كانت مبسوطة فيني.. لأني أذكرها بنفسها


    وعقب صار الكل ينتقدني.. يعني أنا صرت الكلب اللي لازم يرعب بنباحه..


    وصرت ما أعرف أتصرف إلا كذا..



    مثل يوم كنا في المدرسة تذكرين.. والبنات يقولون لش.. أشلون مصاحبة ذا المغرورة..


    يعني البنات يوم شافوني حلوة.. على طول قالوا: مغرورة..


    فقلت خلاص الغرور حق مكتسب لي.. ومن هي مثلي يحق لها تصير مغرورة



    فاطمة بذات الحنان: بس لو سمحتي لهم يعرفونش عدل.. لو حاولتي تنازلين أنتي عن عنادش..


    بينتي لهم داخلش.. كان حبوش..


    الإنسان لازم يظهر أحسن مافيه للناس..


    مهوب وأنتي راسمة نفسش نجمة في السما وتبين الناس يفهمونش بدون ما تقدمين مقابل



    كاسرة بعناد: ما أعرف أسوي كذا..


    وأنا ماني بمستعدة أتنازل عشان أغير صورة الناس حطوني فيها وعقبه أنا لبستها بجدارة



    فاطمة تهز كتفيها بمودة صافية حقيقية: الناس مالهم إلا الظاهر..



    كاسرة بحزم لطيف: خلاص خل الظاهر لهم.. أنا عاجبني حالي..



    الاثنتان مستغرقتان في حديثهما الودي.. ليرن هاتف كاسرة.. تلتقطه بهدوء: نعم وضحى


    ..................


    نعم


    ..................


    بحزم شديد: لا.. العصر أنا أوديش..


    ......................


    خلاص وضحى قلت لا يعني لا



    كاسرة أنهت الاتصال.. وفاطمة ابتسمت بتساؤل: وين تبي تروح وضحى وأنتي ما رضيتي كالعادة؟؟



    كاسرة بهدوء لم يخل من بعض غضب: اليوم تدري إنه أمي في مدرسة تحفيظ القرآن..


    وماحلا لها تروح إلا وأنا وأمي مهوب موجودين في البيت



    ابتسمت فاطمة وهي تتذكر: خالتي أم امهاب كم جزء وصلت لين الحين؟؟



    كاسرة بحنان غامر: فديتها.. ختمت 20 جزء.. عقبال العشرة الباقية بإذن الله..


    يا الله ياني ناوية أسوي لها شيء كبير إذا ختمت حفظ القرآن إن شاء الله



    فاطمة بتحسر: بس حرام إن أمش ما دخلت الجامعة..


    تذكرين واحنا في ثالث ثانوي وهي تمتحن معانا منازل..


    والله العظيم كنت على طول أسألها قبل الامتحان ماشاء الله إجاباتها على طول جاهزة


    وبعدين جابت أحسن مني.. ماشاء الله منازل وجابت 87 %.. وانا ياحظي 76 بس..



    كاسرة بحنان عميق: والله حاولت فيها تدخل بس هي مارضت..


    قالت بادخل مدرسة تحفيظ أروح يومين في الأسبوع..


    الجامعة تبي انتظام ومقابل.. وما أقدر أخلي إبي بروحه..



    ثم أردفت بمودة غامرة: فديت إبيها ..جعلني ما أذوق حزنه يوم..



    فاطمة بحذر: كاسرة جدش رجال عود واجد.. يعني توقعي ذا الشيء.. وأنتي إنسانة مؤمنة



    كاسرة بغضب: فاطمة سكري ذا السالفة..



    فاطمة بمرح: زين زين يمه منش..


    ثم أردفت لتنسي كاسرة الموضوع الذي تعلم أنه مصدر ضيقها الأول :


    زين خلاص قولي لي وين كانت وضحى تبي تروح..



    كاسرة تحاول أن تهدأ بعد الخاطر المزعج: المكتبة تبي تطبع بحث..



    فاطمة بتساؤل رغم أنها تعرف الإجابة: زين ليه ماخليتيها تروح.. يعني لازم تكسرين بخاطرها كل مرة



    كاسرة بهدوء: يعني فطوم كنش ما تعرفين أسبابي..



    فاطمة بهدوء مقصود: أنا أعرف بس هي ما تعرف.. وترا مبرراتش ممكن تكون مقنعة لش..


    لكن لها أو حتى لي مهوب مقنعة.. وضحى ماعاد هي بزر.. عمرها 22 وكلها أسبوعين وتتخرج من الجامعة إن شاء الله



    كاسرة بحنان موجوع: يا فطوم.. طيبة زيادة عن اللزوم.. إلا هبلا..


    العام اللي فات راحت تسوي نفس الشغلة بروحها..


    تدرين الطباع النصاب.. خذ على طباعته اللي ما تجي خمسين ريال..خذ 400 ريال.. وما عطاها حتى وصل


    ولما رجعت أنا له.. يقول إنها كذابة وماعطته إلا سبعين ريال.. تخيلي!!



    ومهوب هذي السالفة الوحيدة.. ياختي مكتوب عليها مقصة..


    ماتروح مكان إلا يقصون عليها.. وما تتوب ولا تتعظ.. عندها حسن ظن بالناس غير طبيعي


    وأنا ما ابي حد يستغفل أختي



    ثم أردفت بحزم: يأختي عدا أني أخاف عليها واجد.. أدري بتقولين كبرت وأخلاقها ماعليها كلام..


    صدقيني أدري.. بس طيبتها تخوفني.. أخاف حد يلعب عليها بكلمتين.. حد يضايقها في الطريق وما تعرف تتصرف


    تدرين إني مستحيل أخليها تسهر مقابلة الكمبيوتر عقب ما أنام أنا..


    أخاف تدخل شات.. وإلا حد يلعب بعقلها.. وضحى بريئة بزيادة وتصدق كل شيء



    فاطمة تضحك: والله إنش غريبة.. وش ذا التفكير الحجري اللي عندش..


    فكي عن البنية شوي..وضحى ما ينخاف عليها ..وتراش منتي بأمها


    فليش تخنقنينها بذا الطريقة.. لو أنا منها.. اخنقش وأنتي نايمة..



    ابتسمت كاسرة: عاد هذا اللي الله عطاني... خليها لا تزوجت.. بتنفك من غثاي..



    ابتسمت فاطمة: وافقت على عبدالرحمن؟؟



    كاسرة بهدوء رقيق: مابعد عطت رأيها..


    تدرين فطوم في داخلي أتمنى وأدعي ربي إنها توافق على عبدالرحمن


    سبحان الله هي وعبدالرحمن فولة وانقصت نصين..



    ابتسمت: طيبين ومهبل



    ثم أردفت بتوجس: بس أخاف إنه سالفة إنه عبدالرحمن خطبني أكثر من مرة تخرب عليهم حياتهم..


    عشان كذا أنا ما شجعتها.. وقلت لها سوي اللي أنت مقتنعة فيه



    تدرين فطوم لو كنت أنا الحين متزوجة كان اقنعتها توافق على عبدالرحمن.. بس بما أني لحد الحين عانس على قولتش


    أخاف إنها تحس في وجودي خطر عليها وعلى زواجها..



    فاطمة بمرح: زين ضحي بعمرش يالعانس وتزوجي عشان أختش واحد من اللي حرقتهم الشمس عند بابكم



    ثم أردفت بجدية: ماتعبتي من كثر ما تردين الخطاب..


    كاسرة العمر يجري.. أنا الحين عندي ولدين وأفكر إن شاء الله أحمل بالثالث


    ما تبين لش ولد تضمينه لصدرش.. والله العظيم الأمومة بروحها تكفي عن أي شيء..



    كاسرة بألم: اكيد نفسي أتزوج ويكون عندي عيال..


    ثم أردفت بابتسامة: بس أول خليني ألقى الأبو المناسب لعيالي..



    فاطمة بسخرية: إيه شايب منتهي مخرف.. يموت عليش ويخليش أنتي وعيالش..



    كاسرة تضحك: ول عليش.. على طول موتي رجّالي.. إلا عمره طويل إن شاء الله لي ولعياله


    طريتي علي العيال.. فديته حسون اشتقت له..



    فاطمة تبتسم: ما أدري وش حببش في ذا الولد اللي أمه ما تطيقش



    كاسرة تهز كتفيها: المحبة من الله.. ومهوب أنا بس اللي أحبه.. الكل يحبونه..


    ياسبحان الله يمكن عشان أبيه مات وهو في بطن أمه.. يخلينا كلنا حاسين بحنان عليه


    وبعد هو ماشاء الله أدب وحلاوة ودش تأكلينه من قلب..



    لكن أمه الله يهداها.. يوم تشوفيني أشيله وإلا أحبه تركبها العفاريت.. كني ذابحة لها أحد


    بس جوزا بالذات ما أقول لها شيء.. والله العظيم فطوم.. أول مرة أحس بوجيعة حد مثلها..



    بنت صغيرة توها عروس ما تتهنى حتى شهرين ويموت رجّالها وهي حامل في شهر


    لا ويقطون عليها كلام إنها وجه نحس.. وحدادها 8 شهور كاملة


    تغيرت كثير عقب موت زوجها.. كنها وحدة ثانية.. بس نعنبو لايمها.. قلبها احترق


    عشان كذا يوم تقط هي علي كلام.. أحط نفسي ما سمعت.. أو ما انتبهت..


    أو أرد رد عادي على أني ما فهمت قصدها


    ما ألومها مقهورة وتبي تفضي قهرها..وشكلي صرت كبش الفدا



    بس اللي جرحني بجد تخيلي فطوم قبل كم اسبوع جايبة لحسن هدية..


    تخيلي وأنا طالعة من بيتهم لقيتها مرمية في الزبالة اللي قدام البيت بعلبتها ما انفتحت...


    هذا تصرف وحدة عاقلة؟!!



    أحيان كثيرة أسأل نفسي أنا وش سويت لها.. والله العظيم فاطمة عمري ما ضايقتها بشيء



    ثم أردفت وهي تبتسم لفاطمة وتقول هذه المرة بغرور تمثيلي مرح باسم:


    بس واثق الخطوة يمشي ملكا.. خل اللي كاسرة مهيب عاجبته يحترق بحرته



    فاطمة تضحك: يالله ياكريم لا تحرمني أشوف كاسرة عند واحد كاسر خشمها


    تذوب فيه وتذبحها الغيرة عليه



    كاسرة باستنكار: من هو ذا اللي أغار عليه.. مابعد جابته أمه..


    ثم أردفت بغرور: ياحبيبتي تغار اللي خايفة رجّالها تزوغ عينه..


    لكن أنا الحمدلله واثقة إنه عينه بتكون عايفة خلق الله عقب ما يشوفني



    فاطمة تبتسم: اللهم علي الدعاء ومنك الاستجابة..







    ************************************







    "خلاص خالتي.. كل شيء جاهز؟؟"



    عفراء بتوتر وهي تلبس عباءتها: جاهز..


    ثم أردفت بحرج: يافضيحتي من خليفة.. أقول له ماني برايحة معكم.. مع أن الولد ترجاني..


    ثم ما يوصلون إلا يلاقيني ناطة عندهم.. وش يقول ذا الحين؟؟ إني مابغيت خوته؟!!



    مزون بابتسامة: وهذي الصراحة.. أنتي ما بغيتي خوته



    عفراء بغيظ: عيب مزون!!




    يتعالى صوت بوق سيارة قريب.. تقفزان معا بتوتر..


    وتهمس مزون بتوتر أكبر : يالله خالتي شكله كسّاب يستعجلش



    عفراء بحنان: ماتبين شيء يأمش



    تحاول مزون أن تمنع الدموع من التقافز لعينيها وهي تهمس بثبات قدر ما استطاعت:


    لا فديتش.. روحي وتطمني على جميلة..


    وأنا الحين بأخلي خدامتش تكمل ترتيب البيت وعقب بأسكره..


    واخليها تروح تنام هي والسواقة مع خدامات بيتنا



    عفراء تتنهد وهي تحتضن مزون ثم تنزل نقابها على وجهها وتسحب خلفها حقيبتها الصغيرة..


    فهي مصرة أن تكون زيارتها قصيرة وتعود مع كسّاب



    ما أن غادرت وأغلقت الباب.. حتى انهار تماسك مزون الهش


    لتتهاوى جالسة بيأس وهي تنخرط في بكاء خافت عميق الشهقات..



    "أما تعبتِ يا مزون من كثرة البكاء..؟!


    تبدين كما لو كنتِ عقدت معاهدة دائمة مع الدموع..


    يكاد طعم الدمع المالح لا يفارق حنجرتي


    فقدت الإحساس بطعم كل شيء.. فقط طعم مرٌّ كالعلم يتضخم ويتضخم


    حتى بتت أبصق هذه المرارة داخل أوردتي وشراييني


    كان يجب أن أكون أقوى من ذلك.. مررت بأقسى الظروف.. وتخصصت أصعب التخصصات


    تخصص لا يجرؤ عليه إلا الرجال.. وتفوقت عليهم فيه


    كان لابد أن أكون أقوى


    ولكن بقيت أنثى بدمعة حائرة لا تجف


    كسّاب لماذا كسرت ظهري هكذا؟؟


    كيف أستطيع الوقوف وأنا أعلم أنك لست خلفي لتسندي


    لماذا علمتني أن أعتمد عليك بينما كانت مساندتكِ لي مشروطة أن أنفذ أنا شروطك؟؟


    لماذا عجزت عن تفهمي .. عن مسامحتي.. عن احتوائي؟!!


    أ لم تقل لي دائما أنني ابنتك؟؟


    فكيف يقسو قلبكِ هكذا على ابنتك؟؟ كيف؟؟"




    تحاول الوقوف وهي تتنهد وتمسح دموعها وتنظر حولها بحنين عميق وتهمس بشفافية:



    " الله يرجعش يا خالتي على خير


    والله المكان والدنيا من غيرش ما تسوى"






    بعد دقائق.. في سيارة كسّاب المنطلقة التي يتبعها سيارة أخرى فيها اثنين من سائقي شركته حتى يعيد أحدهما سيارة كسّاب للبيت



    عفراء تشعر براحة عميقة وحال مختلفة عن حالها خلال اليومين الآخيرين..


    حتى وإن كان كسّاب أجبرها على السفر.. فكم هي شاكرة له أنه أجبرها!!


    كم هي ممتنة لإصراره عليه!!


    فرفضها الهش سرعان ما تهاوى أمام إصراره


    لأنها كانت تتمنى في داخلها أن يجبرها.. وفعل!!



    كان هذا التفكير يدور ببالها وهي تلتفت لكسّاب بحنان متعاظم..


    لتهمس بعدها بامتعاض: كسّاب يأمك.. ليه مالبست لك لبس غير ذا؟؟



    كسّاب يلقي نظرة خاطفة على لباسه الانيق والبسيط في آن


    (تيشرت أبيض نصف كم) بخطوط سوداء عشوائية وبنطلون جينز أسود


    ويهمس بهدوء وهو يعاود النظر للطريق: وش فيه لبسي خالتي ؟؟



    عفراء بذات الامتعاض وهي تلمس عضلات عضده الشديد الصلابة:


    يأمك كان لبست لك قميص كمه طويل وواسع..


    أخاف عليك من العيون ما تشوف أشلون التيشرت لاصق بصدرك وزنودك..



    حينها ضحك كسّاب: خالتي عيب.. والله العظيم عيب.. تراني رجال ماني ببنية..



    عفراء بحنان: وشيخ الرياجيل ماقلنا شيء.. بس العين حق..


    وأنت بعد يأمك مربي لي ذا العضلات بزود.. اللي ماعنده عيون بتطلع عيونه



    ثم أردفت وهي تتذكر شيئا: وإيه وتذكرت سالفة ثانية حارتني..


    لا وهذاك اليوم في عزبة أبيك شايفتك رايح للرياجيل شايل سرندلين كبار كنك شايل قواطي بيبسي..


    ياولدي الناس مامن عيونهم خير



    ابتسم كساب وهو يقول (بعيارة): الحين أنتي اللي أم عيون.. عاد السرندلات قواطي بيبسي؟!..


    ول عليش ياخالتي (سرندل=أنبوبة غاز)



    عفراء قرأت بعض آيات القرآن و نفثت عليه ثم همست باستفسار مبهم:


    خاطري أعرف السنة اللي أنت قعدتها في أمريكا وش سويت فيها؟!



    كسّاب بثبات وثقة: درست الماجستير.. وش سويت بعد..



    عفراء بنبرة ذات مغزى: ودراسة الماجستير تخلي الواحد عضلات كذا..


    شكلك كنت تشل حديد 24 ساعة في اليوم طول ذا السنة.. ولا ظنتي بعد تكفي



    كساب يبتسم ويهمس بنبرة مقصودة: خالتي اخلصي علي.. وش تبين تقولين؟؟



    عفراء بجدية: حلفتك بالله ثم حلفتك بالله ثم حلفتك بالله.. أنت كنت تاكل بروتينات وإلا ضارب إبر هناك..؟؟


    يأمك أنت عارف ذا الأشياء أشلون خطرة وتضر الصحة وتجيب الأمراض الخبيثة.



    حينها انفجر كسّاب ضاحكا: وهذا الموضوع اللي دايم تحومين عليه؟؟


    تحلفيني عشانه وثلاث مرات؟؟


    ثم أردف ببساطة: ها والله العظيم ثم والله العظيم ثم والله العظيم


    إنه عمره ماطب حلقي أي حبوب ولا كلت بروتينات ولا ضربت إبر..


    ارتحتي يالغالية؟؟؟



    حينها عاودت عفراء لمس عضده وهي تتساءل باستغراب: زين من وين جات ذي.. ؟؟



    كسّاب يبتسم: رياضة ياخالتي.. مابعد سمعتي بالرياضة؟؟



    عفراء بعدم ارتياح له زمن يرافقها: سمعت بالرياضة.. بس ماسمعت عن رياضة تسوي في الواحد كذا







    *********************************






    طرقات خافتة على الباب


    همست وضحى المستغرقة في استذكارها: ادخل



    ولكن الطرقات تكررت.. حينها ابتسمت وضحى بصفاء حقيقي


    وهي تقف لتفتح الباب بنفسها ثم تشير بعلامة ترحيب متحمسة وتهمس في ذات الوقت:


    هلا والله إني صادقة..



    يدخل إلى غرفتها بخطوات هادئة ويشير بإشارات هادئة:


    أمي تقول ما تعشيتي .. ليه؟؟



    أشارت بابتسامة وهي تهمس ذات العبارة كما اعتادت :


    عندي دراسة كثير والله..


    إذا خلصت نزلت كلت لي شيء



    تميم بهدوء عذب: يعني مهوب شيء ثاني؟؟



    ابتسمت وضحى: الشيء الثاني كان أمس.. وأنا خلاص اليوم لاهية في دروسي



    أشار تميم وفي عينيه نظرة مقصودة:


    وموضوع أمس بيقعد أمس.. وماراح ينحل اليوم يعني؟!!



    وضحى مع تميم مخلوق آخر.. محررة من التردد والخوف والتوتر..


    علاقتها مع تميم شيء فريد وكأن كل منهما يأخذ من عبق روح الآخر


    فروح هذا الشاب الشفافة الصافية تنعكس عليها لتبعث في أوصالها إحساسا حانيا بالإحتواء والمساندة والصفاء



    أشارت وهي تستعد للجلوس: أبي لي يومين.. قبل أبلغ امهاب رفضي..


    عشان ما يأكل كبدي ويقول لي استعجلتي في التفكير



    يجلس تميم جوارها: وأنتي كذا تشوفين إنش ما استعجلتي..


    عبدالرحمن ما ينرفض.. حرام تروحينه من يدش



    حينها انتفضت وضحى بغضب: حتى أنت يا تميم.. حتى أنت..


    شايف إنه من المفروض إني أحب يدي ألف مرة إن واحد مثل عبدالرحمن قرر يفكر فيني


    لأني ما أناسب مستواه العالي.. لازم أستغل الفرصة..عشان أدبسه فيني قبل ترجع له الذاكرة


    لأنه أكيد واحد مثله ماخطب وحدة مثلي إلا لأن فيه خلل في عقله لازم نستغله قبل يتصلح الخلل... ولأنه......



    تميم قاطعها وهو يمسك بيديها ليوقف سيل إشاراتها العصبية وكلماتها المتدافعة بغضب


    وهو يشير لها ببساطة: سواء كنتي أحلى وحدة في العالم وإلا أشين وحدة في العالم


    في كلا الحالتين عبدالرحمن ما ينرفض..


    أما إذا رجعنا لش.. أنا أبي أعرف أنتي من وين جايبة ذا النظرة السلبية عن نفسش..


    هذا أنتي قدامي وشايفش حلوة ومافيه أحلى منش



    وضحى بأسى: هذا عشانك تحبني.. شايفني في عيونك حلوة



    تميم يشير بحنان ومودة: وعبدالرحمن بعد بيحبش وبيشوفش في عيونه حلوة مع أنش حلوة بدون عيون حد


    وترا عمر الجمال ماكان هو سبب لنجاح الزواج


    الحين كاسرة هل فيه وحدة أحلى منها..


    مع كذا ما أتوقع إن الرجّال اللي بيتزوجها بيكون مبسوط معها.. لأن عشرتها صعبة


    لكن أنتي ياحظه اللي بتكونين زوجته



    ابتسمت وضحى: الله لا يحرمني منك.. دايم رافع معنوياتي..


    ثم أردفت بجدية: بس يا تميم والله أنا مأني بمقتنعة بذا السالفة كلها



    حينها أشار تميم بجدية: إيه كذا معقول.. منتي بمقتنعة.. حقش..


    وعلى العموم وضحى.. ماحد بجابرش على شيء


    بغيتي توافقين أو ترفضين هذا شيء راجع لش.. وتأكدي إني واقف معش وفي صفش مهما كان قرارش..







    *****************************







    "أوف جننوني عيالش.. مابغوا يرقدون..


    وش معطية عيالش أنتي؟؟ من وين جايبين ذا الطاقة كلها..


    نطينا على السرير.. وتطاردنا ولعبنا..


    أنا انهديت وهم يقولون مثل خالي هريدي: كمان"




    صرخت سميرة بهذه العبارة وهي تلقي بنفسها على سرير نجلاء التي كانت واقفة تجفف شعرها المبلول..



    ضحكت نجلاء: ما دريت إنه عندنا خال اسمه هريدي..



    سميرة تضحك: كنت بصراحة أحلم يكون عندي خال اسمه هريدي


    وواحد ثاني اسمه محمدين.. وحسنين بعد.. وابو المعاطي.. وعوضين



    نجلاء تضحك بهستيرية: من جدش؟؟.. عصابة مطاريد الجبل مهوب خوال ذولا..



    حينها اعتدلت سميرة جالسة وهي مازالت تضحك:


    وش سوي بأبيش.. اللي يوم حب له مصرية..


    خلا كل المصريات اللي أخوانهم أكوام أكوام.. وراح يتزوج وحدة (مئطوعة من سجرة)..



    نجلاء بمودة عميقة: فديتها أمي.. ليه هو كان بيلاقي أحلى منها..



    سميرة تضحك: إيه وأبيش عاد ما يطيح الا واقف..


    وين لقى له مصرية شقراء وبيضاء كذا كنها روسية؟؟ وش ذا الحظ اللي يفلق الصخر عنده؟!!



    نجلاء باستنكار باسم: ماعاد باقي الا أمش وأبيش تبطحينهم بعينش.. عقب ما بطحتي هل شارعنا كلهم



    سميرة (بعيارة): إيه وش عندش؟؟ مبسوطة في أمش.. ماحد خذ الشقار إلا أنتي..


    وأبيش عاد يموت على الشقار.. خليتوني أروح أصبغ شعري عشان ما أصير شاذة في البيت



    سميرة تضحك: أمي قسمتها بالعدل بيننا.. أنتي أبيض وحدة فينا.. وأنا خذت الشعر الأشقر.. وغنوم العيون العسلية



    حينها وضعت سميرة يدها على قلبها وهي تصرخ باصطناع: أه يا قلبي.. يا قلبي لا تذكريني...


    ماحد حارني إلا غنوم.. صحيح (يدي الحلئ للي بلا ودان)


    غنوم الخايس يأخذ العيون العسلية.. وأنا عيوني سود تروع في بياضي


    لا وبعد مهوب عاجبه لون عيونه... يا حرتي حرتاه


    لا وأنتي بعد عادش متمننة علي بالبياض.. هذا أنتي قدش بتنفقعين من البياض اللي بحمار



    نجلاء تضحك: ماتعرفين تذكرين ربش أنتي..



    سميرة تنزل حاجبا وترفع آخر: عارفته قدام أشوف وجهش يالطماطة..



    كانت نجلاء على وشك الرد عليها لولا صوت رنين الرسالة التي وصلت هاتفها



    حينها صرخت سميرة وهي تقفز لتلتقطه: والله ما يفتحه إلا أنا..



    تراجعت سميرة بحزن وهي تترك جهاز الهاتف لها وتقول بغصة:


    إذا قريتيه امسحيه ومافيه داعي تقولين لي وش فيه..



    سميرة بمرح: كذبش كذباه.. قال ما تبي تدري وش فيه... عليّ يانجول؟!!


    بس تدرين نجول.. صويلح هذا المفروض يعطونه جائزة أكثر رجال العالم مثابرة..


    9 شهور كاملة مامل.. يوميا نفس الوقت مسج..



    وأنتي بعد يعطونش جائزة أكثر نساء العالم تحجرا.. إذا قلبش مابعد ذاب من ذا المسجات.. و أنا قلبي ذاب منذو مبطي..



    ثم تنهدت وهي تفتح الرسالة: يارب ابعث لي من عندك واحد كلامه حلو مثل صويلح



    ما أن قرأت الرسالة حتى أغمي عليها أحد إغماءتها التمثيلية التي لا تنتهي:



    آه آه ياقلبي.. لا عاد رجالش ذبحني الليلة.. والله ذبحني..


    إن ما جهزتي شنطتش ورجعتي لصويلح عقب ذا المسج.. يكون ما عندش قلب


    وعليه العوض ومنه العوض في قلب أختي اللي انتقل إلى رحمة الله



    حينها لم تستطع نجلاء مقاومة الفضول..


    تناولت الهاتف الملقى بجوار سميرة التي مازالت مغمى عليها في تمثيليتها ..


    لترفعه إلى مستوى نظرها بتردد






    #أنفاس_قطر#


    .

  4. #9

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    صباحات المودة يامن تستحقون كل المودة


    مهما وصفت لكم سعادتي بكم وبمشاعركم وبتشجيعكم


    يبقى الحكي قاصرا.. قاصرا


    ولا يطاول هامات غلاكم الشامخة


    .


    .


    نوقف شوي عند منتدى ليلاس الثقافي التوقعات


    على فكرة مو لازم إني اقلب كل التوقعات.. فيه توقعات فعلا بتصير مثل ما توقعتوها تمام


    وأيضا فيه أحداث عكس التوقعات تمام.. المهم صياغة الفكرة...


    مثلا التوقعات ربطت

    منتدى ليلاس الثقافي
    منصور بكاسرة...كساب بكاسرة....ومهاب بمزون


    ممكن من هالتوقعات يصح وحدة أو ثنتين أو حتى ولا وحدة.. فهل لابد إني أروح أقلب الفكرة عشانكم توقعتوها بكثافة؟؟


    لا طبعا.. وهذي هي حلاوة لعبة التوقعات.. والمهم كيف بتصير


    او يا ماما لازم أزوج كساب من سميرة عشان تصير قنبلة التوقعات


    لأنه توقعك أنتي.. العبي غيرها <<< فيس يرقص حواجبه << موب تسوون كذا بالفيسات


    من زمان وأنا أقول التوقعات عندك تبي لها وزنية شوي ياماما..


    لكن الملاحظة الذكية بالفعل عندك يازارا هي أنه العوايل انتهت بس الشخصيات لا


    باقي شخصيات مثيرة ما طلعت...وبتطلع في الوقت المناسب..


    .

    منتدى ليلاس الثقافي
    .


    كساب


    العضلات من وين جات.. دام الرجل حلف وثلاث مرات إنه ماكل بروتينات...ليه ما تبون تصدقونه..؟؟


    تقولون مدخن.. وما ينفع رياضة وتدخين.. صح نوفة؟؟


    أقول لكم.. الرجّال قلنا ممكن يمر عليه أيام كثيرة ما دخن.. ولو دخن وحدة بس في اليوم

    منتدى ليلاس الثقافي
    يعني عبارة إنه ما يدخن.. بس عناد زايد الله يكفيكم شره..


    لا وأزيدكم من الشعر بيت... الفترة اللي قعدها في امريكا.. تقريبا الزقاير ما طبت حلقه..


    فيأما إنكم تقتنعون إنها رياضة وبس.. وياما تدورون لنا أسباب غير البروتينات..


    وعلى فكرة هو ما هد الرياضة للحين طبعا.. بس الحديث عنها بياتي في وقته..


    لكن بارت اليوم بنسمعه يتكلم بنفسه عن زعله من مزون..


    .


    .


    كاسرة سعيدة جدا بهذا الجدل الدائر حولها


    لكن موقفها الذي سيتم وصفها فيه بعيون خاصة كما سبق واخبرتكم لم يأتي بعد.. طيب ياجيلو انتظريه بس توقعي توقع غير إيطاليا ذي؟؟


    .


    .


    تميم كثر الجدل حوله...تميم تنتظره أحداثه الخاصة أنتظروه فقط


    .


    .


    نتوقف اليوم عند صديقتي الغالية ripe lady
    منتدى ليلاس الثقافي

    مناقشة ردود هذه الليدي الذكية يخيفني.. لأني أشعر بالخطر منها


    تبدو لي كما لو كانت قرأت الأجزاء قبل أن أنزلها...أو دخلت في عقلي لتعرف أفكاري وأنا أكتب


    مثلا تعليقها عن مزون ويا للعجب هو ذات ما ستقرونه في جزء اليوم ذاته تماما


    تعليقها عن كاسرة أصاب كبد الحقيقة


    بالفعل إحساسها بالألم لأنها ضُربت مع وضحى ولو لاحظتم هي لم تخطئ في حينها على مهاب ومع ذلك ضربها من أجل وضحى


    والكل يبحث عن رضى وضحى بينما هي اعتمدوا على أن قوتها تكفيها


    بالفعل أيتها الليدي أنتي معجزة..ويعجبني فيكِ كذلك التفاتك لتفاصيلي الدقيقة..


    فأنا أهتم كثيرا بالتفاصيل ويحزنني حينما لا أجد أن هناك من انتبه لها


    مثلا أنتي الوحيدة اللي لاحظتي أن كساب عنده جوالين..لم تلفت هذه الملاحظة اهتمام أحد سواكِ


    وأنا لا أكتب شيئا عبثا.. سأحتاج لهذه الملاحظة فيما بعد


    شكرا أيتها الليدي لدقة ملاحظتك التي أسعدتني حتى نخاع النخاع


    .


    .


    هل تعلمون عزيزاتي مازلنا في البداية البداية


    أنتم حتى الآن لم تروا مثلا حتى مشهدا جمع مزنة بوضحى.. أو مزنة بتميم لتروا علاقتهما بأمهما


    لم تروا وضحى مع صديقاتها وكذلك كاسرة مع ناس من غير أسرتها


    حتى الآن مازال هناك كثير من جوانب الشخصيات لم تتضح

    منتدى ليلاس الثقافي
    لم تروا مثلا منصور مع شقيقه زايد كشقيقين فعلا.. لم تروا منصور مع مزون


    ولا سميرة مع والدها.. ولا حتى شعاع وعلاقتها الملتبسة بوالدها أو حتى علاقتهم بأمهم



    لذا أنتم تستعجلون في الحكم على الشخصيات ثم تتفاجأون بشيء آخر


    مثلا البعض ظن أن العلاقة بين شعاع وجوزاء يشوبها المشاكل لأن جوزاء مدت يدها عليها


    هل كل أخت تفقد أعصابها وتمد يدها على أختها.. يكون هناك مصيبة بينها وبين أختها؟؟ ولا بد من وجود كراهية بينهما


    الأخوة علاقة أعمق من ذلك بكثير


    اليوم سنتعرف على المزيد من العلاقة بينهما


    في جزء خاص بجوزاء اليوم <<< وتم تنفيذ المطالب بأسرع وقت يازوزو <<< هل تقرين ترتيبي للبارتات؟؟؟


    .


    .



    اليوم أيضا سنتعرف على ردة فعل علي على والده فيما حدث...في قلب للتوقعات كما أظن


    وهذا هو ما أردته...أن اظهر أي شخصية مختلفة هو علي!!>> صح أميرة؟؟


    .


    .


    اليوم ايضا مع المزيد من نجلاء وصالح وعلاقتهم الغريبة


    ومشاعر صالح الأغرب والأعمق


    وبنعرف المسج وش فيه يأهل الرومانسية<<< زين بوحة؟؟


    وعلى صالح وتجلاء ستكون قفلة اليوم أيضا

    منتدى ليلاس الثقافي
    .


    واليوم أيضا مع المزيد من حزن مزون


    واليوم بالذات حزن علي ومزون وحوارهما مع نفسيهما ومع والدهما آلمني وأتعبني لحد كبير...أتمنى أن يصلكم إحساسي به بالفعل..


    .


    بارت اليوم طويل ويدور كله في ليلة واحدة في تناقل بين الشخصيات والأماكن


    .


    .


    إليكم


    البارت التاسع


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .




    بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع






    في غرفته يدور..


    حينا يجلس.. وحينا يقف..


    لم يجد الليلة شيئا يستطيع دفن نفسه فيه.. حتى يحين موعد إرساله لرسالته اليومية لها..

    منتدى ليلاس الثقافي
    الرسالة التي بقيت خيطا يعلم أنه يربط قلبه بقلبها حتى وإن لم تتكرم أن ترد عليه لو لمرة..




    يقف ليفتح خزانة الملابس.. مازالت ممتلئة بملابسها..


    يكاد أن يذكر لكل رداء منها حكاية من وله مصفى


    وهي يشعر حينما رآها فيه وكأنه رأى حورية تسربلت بالحسن من أجله وحده



    لا ينسى مطلقا شيئا خاصا ارتدته له..


    لتصبح ذاكرته مزدحمة بعشرات الصور التي لم يغفل تفصيلا واحدا من تفصيلاتها..


    وكيف يغفل وهذه التفاصيل انحفرت في ذاكرته حتى أقصاها؟!!



    لماذا تركت كل هذه الأشياء الخاصة بها وراءها؟؟


    لماذا؟؟



    "هل أردتِ تعذيبي أكثر؟؟


    هل أردتِ أن تتأكدي أنني سأظل مقيدا إليك.. وذكرياتك تخنقني وتغرقني وتستنزفني حتى الثمالة


    هل أردتِ أن تتأكدي أن عبقك الساحر الذي تخلف عنك وبقي هنا سيبقى حبلا ملفوفا حول عنقي لا انفكاك منه؟!


    منتدى ليلاس الثقافي
    أي أنانية لا قلب لها أنتِ؟؟


    إن كنتِ عزمتي على الرحيل.. فلماذا لم تجمعي كل أغراضكِ الموبؤة المسكونة براحتكِ الدافئة المسكرة


    إن كنت أنتِ رحلتِ.. فلماذا تتركين لي البقايا؟؟ لماذا؟؟ لماذا؟؟


    إن لم تكوني أنتِ لي، فلا أريد هذه القمامة.. لا أريدها !!"




    حين وصل تفكيره لهذه المرحلة..


    انتزع أشيائها من الخزانة وبدأ يقذف بها بغضب مجنون وروح ثائرة أثقلتها الوحدة والوجع واليأس..


    ولكنه سرعان ما توقف وهو يعيد جمعها بلهفة أكثر جنونا...


    ليعيد ترتيبها كما كانت تماما


    في ذات المكان الذي وضعتها فيه أناملها الساحرة التي يقتله الاشتياق للثم شفافيتها.. لضمها بين أنامله السمراء




    " والله باستخف يانجلاء.. قربت استخف..


    حرام عليش اللي تسوينه فيني


    حتى تهديدي بالزواج ماجاب نتيجة معش


    لذا الدرجة رخص صالح عندش؟!!

    منتدى ليلاس الثقافي
    صالح اللي ما أرخصش يوم!!


    أدري لساني يبي له قص أحيان


    بس والله أحبش يا بنت الحلال..


    خلاص ارحميني.. باستخف والله باستخف


    ارحموا عزيز قوم ذل!!"




    تنهد بعمق وهو يجلس على الأريكة..


    إحساس اختناق يطبق على رئيتيه..


    يخلع فانيلته ويلقيها بعيدا..


    يشعر أنه عاجز عن التنفس.. مخنوق.. يبحث عن ذرة أكسجين فلا يجدها..


    يتمنى لو يستطيع تمزيق جسده حتى.. ليخرج روحه من أسر هذا الاختناق

    منتدى ليلاس الثقافي
    وهو غارق بهذا الإحساس الشديد المرارة واليأس والثقل.. تناول هاتفه .. ليرسل رسالته اليومية لها:




    " تدري ليه أكره غيابك ؟!


    لأني في الغيبة .. أموت



    ضيقتي .. بعدك تجيني


    و (البُكى) من غير صوت !"






    *******************************






    نجلاء قرأت الرسالة وهي تغمض عينا وتفتح أخرى..


    وخائن صغير يتمرد عليها لينبض بجنون في يسار قفصها الصدري..


    تُسكت تمرده الذي فضح برودها وهي تعض شفتها السفلى بألم


    ثم تعيد الهاتف لمكانه وهي تصرخ في داخلها:


    "كذاب.. كذاب.. كذاب"



    سميرة نهضت من إغماءتها وهي تنظر لنجلاء في دهشة: أشوفش رجعتي التلفون



    نجلاء تهمس بهدوء ظاهري وهي تتجه للتسريحة لتمشط شعرها: ليه وش تبيني أسوي؟؟



    سميرة بنبرة غضب: ردي عليه.. خافي ربش في المسكين..


    ثم أردفت بمرح غاضب: يأختي رياجيلنا يأهل الخليج عندهم تقشف مشاعر


    احمدي ربش.. عندش واحد عنده فايض مشاعر ولا هوب عاجبش..



    نجلاء تمسك بطرف التسريحة حتى إبيضت مفاصلها وهي تهمس بغيظ موجوع: قصدش عنده فايض كذب



    سميرة تبتسم: زمان قالوا "أعذب الشعر أكذبه" وأختش سميرة تقول: " أعذب الحب أكذبه"



    تلتفت لها نجلاء وهي تبتسم رغم إحساس الألم المتزايد في روحها:


    يعني أنتي تبين واحد يقول لش أحبش وهو يكذب عليش



    سميرة تبتسم وهي ترقص حاجبيها: يازينه زيناه الرجال الكذوب..


    وش فيها الغزيلات؟؟ الغزيلات أصلا ملح الرجّال (الغزيلات=الكذبات الصغيرة)


    أما الرجّال اللي كل شيء صدق عنده.. فهو خيشة كبيرة



    تبتسم نجلاء: يالله لا تحرمني من أني أشوف سميرة عند رجّال مايعرف ريحة الصدق ويقطّع بطنها بكذيباته..




    " والله لا يحرمني منش يأم خالد بيضتي وجهي"




    الاثنتان تقفزان وهما تنظران للباب المفتوح الذي يقف غانم عنده



    سميرة تلوي شفتيها وتمدها وهي تصرخ: من متى وأنت هنا..؟؟



    غانم يضحك وهو يتقدم لداخل الغرفة: " من أعذب الحب أكذبه" يا فيلسوفة زمانش..



    حينها تقفز سميرة لتجلس عند قدميه وهي تتمسح به باستجداء تمثيلي:


    داخلة على الله ثمن عليك ياطويل العمر ما تكوفني.. توبة من دي النوبة.. حرمت أتفلسف..



    غانم يبعدها وهو يهمس بمرح: باعديها عشان أم خالد بس..


    وإلا أنتي لو ما تكوفنين كل يوم يكون فيه شيء ناقص في روتين حياتش



    غانم يقترب من نجلاء ويقبل رأسها ويهمس بمودة ممزوجة بالاحترام:


    بيضتي وجهي يأم خالد.. الشباب يقولون وش ذا المطعم العجيب اللي أنت مسوي عشاك عنده..



    قلت لهم: شغل البيت.. ماشاء الله تبارك الله كلوا لين قدهم بينفقعون من حلات العشا



    ثم أردف وهو يضحك: لا وفهيدان الكلب يشاورني يقول ردوا علينا مرت أخي.. هاد حيلها في عزايمك ثمن تمدّح على قفاها..



    أقول له وأنت وشدراك إنها مرت أخيك.. العشا مسويته سميرة.. (قالها وهو يضرب مؤخرة رأس سميرة بخفة)



    تدرين وش قال فهيدان: قال يحرم علي مجالس الرجال وشرب الفنجال


    كن ذا من زيان أختك العِثبر (العثبر= التي لا تحسن صنع شيء)


    هذا زيان أم خالد ما يخفاني..



    حينها انفجرت سميرة ضاحكة بغيظ: وولد عمك ذا بيموت وهو لسانه يلوط آذانه..



    حينها عاود غانم ضربها على مؤخرة رأسها: مثلش.. ظني يقبرونش ولسانش يلالي..



    ابتسمت نجلاء بمودة: جعل فيه العافية لك ولفهد.. بياض وجهك يابو راشد بياض لوجهي..



    ثم قاطعتها سميرة بمرح: بس لا عاد تعودها.. تراك مسختها..


    شكلك كنت تدعي إن نجول ترجع علينا عشان تكرفها في عزايمك..



    ثم أردفت وهي تمصمص شفتيها: ياعيني على بختك يأختي.. ئليل البخت يلئى العظم في الكرشة..


    هنا كارفينش وهناك كارفينش..



    ثم أردفت وهي تطبطب بحركة تمثيلية على كتف نجلاء: مسيرك هتموتي وهترتاحي يا بنتي عند رب كريم..



    غانم يضربها على مؤخرة رأسها للمرة الثالثة: مأ اشين فالش.. جعل يومش قبل يومها..



    سميرة تتراجع وهي تضع يدها على فمها وتقلب ملامح وجهها في مشهد تراجيدي خالص ودموعها تبدأ بالتساقط:


    اعترفوا.. اعترف أنت وياها



    ينقلب وجه غانم ونجلاء من تغير ملامح وجهها بينما أكملت بصوت باكٍ مفعم بالتراجيديا التمثيلية:


    أكيد أنا مانيب بنتكم.. أنا بنت بطل الفيلم.. وأنتو عيال الحرامي العود اللي خطفني عشان ينتقم من بابا..


    بس بابا لازم بيرجع وينتقم منكم على اللي سويتوه فيني وأنتو تعذبوني طول الفيلم.. قصدي طول ذا السنين اللي فاتت..



    ثم أردفت وهي تسقط على الأرض وترفع يديها للسماء وتكمل تمثليتها:


    يارب أنت وحدك اللي شايف.. ابعت لي بابا.. أنا تعبت خلاص



    غانم يضحك وهو ينفذ عن ذراعيه: هدوني عليها ياناس.. وتقول ليش تكوفني..



    سميرة تقفز وتختفي خلف ظهر نجلاء وهي تضحك: تراني في وجه أم خالد.. إلا لو أم خالد مالها حشمة عندك.. هذا شيء ثاني..







    *********************************






    طرقات حازمة على الباب..كانت حينها قد بدأت بخلع ملابسها..


    أعادت حشر كتفيها المرمريين المصقولين في قميصها الحريري ليستر الحرير حريرا أكثر نعومة منه


    أغلقت أزرارها على عجل وهي تهمس باحترام: دقيقة يمه



    تعرف كل طارق من دقته.. ولم يخب حدسها يوما


    والدتها طرقاتها حازمة قصيرة


    وضحى طرقاتها ناعمة وكأنها تخشى أن تؤلم الباب


    مهاب طرقاته لها صدى ضخم لأنه يطرق الباب بقبضته


    تميم نقراته هادئة وطويلة وبين كل طرقة والآخرى زمن ما..



    فتحت الباب لوالدتها على اتساعه وهي تهمس باحترام: هلا يمه.. فيه شيء؟؟



    مزنة بعتب رقيق: يعني لازم إني ما أجي لغرفتش إلا لسبب..



    كاسرة تبتسم: لا والله يمه مهوب القصد.. بس توني كنت معش من خمس دقايق..



    مزنة بحزم حنون: بكرة أبيش تودين وضحى وسميرة يشترون لهم طابعة زينة عشان مشروع تخرجهم.. يقولون تعبوا من الطباعين..



    كاسرة بعتب: ووضحى تبي لها وسيط.. ما تقدر تجي تطلب مني على طول؟!!



    مزنة بهدوء عاتب: يعني كل شيء لازم تفهمينه مقلوب.. وضحى أصلا طلبت مني أنا أوديها هي وسميرة..


    بس أنا تدرين ما أحب المجمعات وإزعاجها وهم يبون فيرجن في فيلاجيو


    فانا حبيت إنش تكفيني... عندش مشكلة في ذا الشيء..خلاص قولي لي وأوديهم..



    كاسرة بعتب مشابه: وأنتي بعد يمه لازم تلاقين شيء تغلطيني فيه ..


    ثم أردفت بهدوء عذب: خلاص فديت عينش.. عشانش أودي مندوبهم لو جاني


    بكرة عقب المغرب أوديهم.. وقولي لوضحى تقول لسميرة عقب صلاة المغرب على طول تجهز مهوب تنقعنا عند بابهم مثل كل مرة..







    ******************************






    يدخل إلى شقته وهو يسحب نفسه سحبا.. مستنزف من الإرهاق.. مستنزف من الوجيعة..


    مستنزف من كل شيء في الحياة التي تبدو باهتة خالية من الألوان بعيدا حتى ألوان ذكراها التي أصبحت محرمة عليه


    حتى الذكرى!!


    حتى الذكرى لا حق له فيها!!




    يلقي بنفسه على الأريكة بعد رحلته الطويلة... فهو لم يجد رحلة مباشرة لجنيف.. وكانت أقرب رحلة لبرلين..


    لذا حين وصل برلين أخذ قطار منها لجنيف.. ليتعطل القطار في الطريق.. ويعاني في رحلة التوقف التعيسة فوق إحساسه المر بكل شيء



    ما كاد يريح كتفيه.. حتى تعالى رنين هاتف شقته.. لم يكن له أبدا رغبة في الرد.. لكن الرنين استمر واستمر


    التقط الهاتف وبصوت مثقل بالإرهاق أجاب: ألو



    الطرف الآخر بغضب مستحكم: كذا تسوي فيني عليان..



    علي تنهد مطولا وهو يمسح وجهه ويستعيذ بالله من الشيطان: السموحة طال عمرك.. سامحني جعلني الأول



    زايد بذات الغضب: أشلون تسافر بدون حتى ما تسلم علي..


    ومن البارحة لين اليوم وينك.. حرقت جوالك اتصالات مسكر.. وتلفون شقتك ماترد عليه



    علي بإرهاق وهو ينتزع الهاتف اللاسلكي من قاعدته ويبدأ بنزع ملابسه عن جسده المنهكة ليستحم:


    جوالي فضا شحنه.. ورحلتي كانت طويلة شوي


    وأنا كلمت مزون على البيت وطمنتها عني.. ماقالت لك



    زايد بغضب متزايد: والله ياعيال زايد.. الظاهر ماعاد حد عطاني خبر شيء.. كلن يسوي اللي في رأسه وأنا مالي حشمة ولا تقدير


    على الأقل خافوا ربكم.. وإلا حتى ربي ماله مخوفة..



    علي يجلس على سريره وهو يحتضن الهاتف بين أذنه وكتفه ويخلع حذائه ويهمس بجزع:


    تكفى يبه لا تقول كذا



    ثم أردف بوجع شفاف في مصارحة مؤلمة: يبه أنا مستوجع.. مستوجع


    خلني جعلني فدا خشمك أروق شوي ومالك إلا اللي يرضيك



    قفز قلب زايد إلى حنجرته وأحرف كلمات "مستوجع" تتلبس جسده كتيار كهربائي صاعق ينسف خلاياه وجعا صاعقا..


    فهذا علي!! علي!!


    تمنى أنه جواره الآن ليأخذه في أحضانه.. ليقول له:



    " دعني أحمل هذا الوجع عنك


    فمازلت صغيرا على هذا الألم


    سامحني يا بني.. سامحني


    أعلم أني قسوت عليك.. ولكني وأنا أقسو عليك قسوت على نفسي


    وكل حزن جرح قلبك.. مزق قلبي تمزيقا


    لِـمَ لم تصارحني منذ البداية؟


    إن كان لها في قلبك مكان ما.. لِـمَ لم تخبرني؟!!


    متى اعتدت أن تخبئ أسرارك علي ياعلي؟!!


    ظننت أن الامر لا يعدو شهامة منك تجاه ابنة خالتك


    ما ظننت للحظة أن هناك المزيد


    فأبوك يا بني خير من يفهم ألم الحرمان من حلم المعشوقة


    أعرف أي ألم صارخ هو..


    فكيف أكون من يهديك إياه؟!!


    كيف أكون أنا؟؟!!"




    همس زايد بحنان مجروح: أجيك يأبيك؟!!



    انتفض علي بجزع.. يتركه في الدوحة.. ليجده أمامه في جنيف!!


    قد تكون رؤية زايد في هذا الوقت مقلبة لمواجعه


    ولكنه يا لا الغرابة مشتاق له!!.. فهو لم يكتفِ بعد من رؤية عينيه الصارمتين الحنونتين


    لا يستطيع أن يغضب من زايد.. لا يستطيع..


    مجروح منه حتى عمق العمق لذا لا يريد أن يراه الآن


    ولكنه ليس غاضبا منه.. ولا يستطيع الغضب منه


    فهذا زايد..


    مهما فعل يبقى زايد..


    لو حتى قطع لحمه بمنشار صدئ لن يشتكي


    ويبقى زايد...



    "فزايد كفاه ماعاناه حتى مني.. لن أكون سببا للمزيد


    الكل جرحه قاصدا أو بدون قصد


    جرحتني يا أبي ولكن أ تصدق إن قلت لك أنني أفهم مبرراتك..


    أ لم أكن رفيقك الدائم.. رفيق سمرك وحكاياتك؟!


    منذ توفيت أمي وأنا كظلك الذي لا يفارقك إلا مضطرا


    صدقني يا أبي حين هربت في المرة الأولى وحتى الثانية.. لم أهرب منك..


    فكيف أهرب من روحي التي تتلبسني؟!


    كيف أهرب من جلدي الذي يحتويني؟!


    هربت فقط من جو ضاغط لا يتفهم ولا يرحم



    أتفهم ما فعلته حتى وإن كان جرحني ومزّق مشاعري


    فقد أحببت خليفة كما أحبتته أنت


    فأنت أرضعتني هذه المحبة مع حكاياتك التي لا تنتهي عنه


    في أحيان كثيرة كنت أشعر أنني رفيقكم الثالث في مغامراتكم وحكاياتكم وصداقتكم الفريدة


    لا أعلم يا أبي.. ربما لهذا السبب أردت جميلة


    أردت أن أضم بعض رائحة خليفة إلى صدري


    عل الصورة حينها تكتمل في عقلي



    (لماذا كان لقرب خليفة منك كل هذا التأثير؟!) "



    علي انتفض من وطأة أفكاره وهمس بمودة: تبي تأتي حياك الله



    زايد بحنان عميق: يمكن تبي لك شوي وقت تقعد بروحك..



    تلافى زايد إخباره عن سفر عفراء وكسّاب اللذين سينزلان في جنيف أولا.. لأنه لم يرد أن يقلب عليه مواجع أي ذكرى


    وهو يتذكر أنه لا يستطيع السفر وترك مزون لوحدها حتى يعودا..



    رد عليه علي بذات الحنان: أشلون أقعد بروحي وأنت روحي طال عمرك..



    زايد بتأثر عميق: لا تعتب على أبيك..


    والله إني مستوجع أكثر منك


    تدري بغلاك يا علي.. فلا تخلي شيء يشكك في غلاك وإلا يبعدك عني..






    *******************************






    مطار شارل ديغول


    طائرة جميلة تصل


    مازالت جميلة لم تصحُ من مخدرها..


    والمصحة في مدينة أنسي البعيدة جدا عن باريس على حدود سويسرا..


    ولكن كان لابد من النزول أولا في باريس.. حتى يستقبلهم المكتب الطبي القطري في باريس.. ويقومون بتسجيل دخولهم وبياناتهم


    لينتقلوا بعد ذلك لطائرة طبية خفيفة لم يكن على متنها إلا هم..


    وهاهو خليفة يعاود الجلوس في مكانه جوارها.. يعاود النظر لوجهها الخالي من الحياة..


    ومشاعر شديد الكثافة تخترم روحه..


    يشعر أنه غريب مع امرأة غريبة في أرض غريبة.. ومع ذلك يجدان نفسيهما مرتبطين برباط لا انفكاك له


    رباط خانق يكتم على أنفاسه


    يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم


    وهو يعاود النظر لوجهها..


    تخرج خصلة من شعرها من تحت الطاقية التي ترتديها


    يحاول مد يده لإدخالها.. فلا يستطيع


    لا يستطيع...


    فيشير إلى الممرضة أن تفعل ذلك


    بينما عاود هو إسناد ظهره للمقعد.. والغرق في دوامات أفكاره العاتية






    ***********************************







    مزون في غرفتها.. في موال بكاء دائم.. ماعادت تعرف لماذا تبكي؟؟


    ليس لأنها لا تعلم ما الذي يدعوها للبكاء


    ولكن لأن كل شيء يدعوها للبكاء


    ولا تعلم أيهم يستحق البكاء أكثر.. أو هي تبكي من أجله



    أمن أجل وجعها الشخصي.. ونظرة المجتمع لها.. وقسوة كساب عليها؟؟


    أو من أجل كساب الذي فقد الإحساس بالسعادة؟؟


    أو من أجل جميلة التي يبدو أنها قد تغادر الحياة دون أن تراها حتى؟؟


    أو من أجل خالتها التي ما عرفت الراحة يوما؟؟


    بل من أجل علي.. أحدث الجرحى وأقدمهم.. القلب الصافي المطعون؟؟


    بل من أجل زايد.. نعم من أجله.. يحمل وجيعة الكل.. ولا أحد يحتمل مشاركته الألم..


    الكل يحمله الذنب.. لا يعلمون أي وجع مضاعف يشعر به.. أوجاعهم فوق وجعه..



    تنهدت بعمق.. توجهت للحمام لتغسل وجهها بماء بارد.. ارتدت روبها فوق بيجامتها.. وتوجهت لغرفته..


    وكم فعلت ذلك!!




    "ماذا بقي لي يازايد سواك؟؟


    وماذا بقي لك سواي؟؟



    الحياة ستمضي يازايد.. ستمضي.. كلهم سيعيش حياته


    سيتزوجون وينجبون الأطفال


    وينسوننا


    سأبقى أنا وأنت نجتر الوحدة..



    هل تعتقد يازايد أن كسّاب لو أنجب أطفالا سيسمح لي أن أحملهم؟؟


    لن أصبح أما يوما.. فهل سيحرمني أن أشتم رائحة الأمومة في ثنايا أطفاله؟!!



    علي لا أظنه سيعود يوما يا أبي.. أصبح طيرا مهاجرا


    ماعاد يألف جونا.. اعتاد أن يهرب.. وسيبقى هاربا..


    لماذا يعود؟؟ ماذا وجد هنا غير القهر والحزن


    مني أولا.. ثم من جميلة..



    خالتي عفراء.. كم أتمنى أن تعود.. ما معنى الحياة خالية منها؟!


    ولكن روحها معلقة بجميلة


    لو رحلت جميلة.. سترتحل روحها خلفها..


    قد تبقى جسدا ولكن بدون روح


    فكيف أعيش من دون روحها التي إليها أنتمي؟!




    أي أفكار مخابيل تلتهمني الليلة..


    بل تلتهمني كل ليلة


    تعبت يا أبي.. تعبت من هذا الجنون والحزن واليأس


    ليت السنوات تعود ليصحح الإنسان أخطائه يا أبي.. ليتها تعود؟!"




    مزون كانت غارقة في أفكارها حتى وصلت لباب غرفة والدها


    طرقت الباب ودخلت


    كان يصلي قيامه حين دخلت..


    لذا جلست على طرف سريره تنتظر انتهاءه



    حين سلم من صلاته التفتت ناحيتها وابتسم ..فزايد يشعر براحة عميقة بعد مهاتفته مع علي..



    ردت عليه مزون بابتسامة مشابهة وهي تقف وتتجه ناحيته لتنحني وتقبل رأسه:


    مساك الله بالخير.. ولو أنه عدينا نص الليل



    زايد بحنان: اللي تقولينه كله زين..



    نهض ليطوي سجادته ويضعها على المقعد..


    ثم يخلع طاقيته ويجلس على سريره



    تجلس مزون جواره وهي تمسح شعره.. وتهمس بمرح:


    ماشاء الله يبه على ذا الشعر كله.. تبي تسوي سبايكي..



    ضحك زايد: عيب يا بنت..


    ثم أردف بحنين عميق: هذا سر أمي الله يغفر لها.. شعرها كان كثيف وواجد..



    ثم عاد ليردف بابتسامة: ولو أنه اللي في عمري المفروض خلاص يصلع.. بس شعري عاده مقاوم عمليات التعرية


    ربعي الشيبان محترقين يقولون أنت وش تسوي بشعرك علمنا..



    مزون تقبل شعره تم تحتضن ذراعه وهي تسند رأسها لكتفه:


    خلهم يموتون حرة ..


    وبعدين وش سالفة عمري ويصلع...توك شباب يا زايد.. ووسامة ورزة..



    ضحك زايد: أما وسامة .. كثري منها يأبيش..



    تضحك مزون: والله العظيم يبه إنك كل ما تكبر تحلى..


    ثم أردفت بخبث لطيف: لو أنك بس تخليني أزوجك وحدة مزيونة..



    قرص زايد خدها: عقب ما شاب ودوه الكتّاب..



    مزون بابتسامة حانية: يبه والله ما أمزح.. توك شباب.. والله ما فيها شيء لو بغيت تتزوج..



    ثم أردفت وهي تضحك: بس مهوب تستخف وتتزوج بنية في العشرينات تجننك وتجننا معك..



    زايد يحتضنها بحنو: لا يأبيش.. لا عشرينات ولا خمسينات..


    ثم همس وهو يشدد احتضانها: خلينا فيش.. مستعدة لبكرة؟؟



    تصلب جسدها قليلا ثم همست ووجها مختبئ في صدره: إن شاء الله..


    أنا أصلا اللي كلمتهم وقلت لهم بجي للمقابلة بكرة


    عقب ماكنت مأجلتها على أساس إنه حنا بنسافر مع جميلة



    همس لها زايد بثقة حانية: لا تحاتين شيء يأبيش.. أنا وصيت الجماعة عليش


    وأبشرش بتطيرين مع طاقم نسائي كامل..


    الكابتن وحدة انجليزية اسمها إيمي ميلر.. والمساعد الأول بنت سورية.. فسافري وإنتي مطمنة



    حينها انتفضت مزون بسعادة مفاجئة وهي ترفع رأسها لتنظر إلى عينيه: صدق يبه.. صدق.. مامعنا رجّال..



    زايد بحنان: أفا عليش.. وراش زايد.. واللي تبينه يصير..


    بيضي وجهي والله الله في الستر والحشمة..







    *********************************






    طائرة تتهادى بين السحاب.. تفتح عينيها بهدوء لتجده جوارها مستغرقا في قراءة كتاب..


    تهمس بابتسامة: شكلي نمت واجد.. لي يومين ما نمت.. شكلي ماصدقت يرتاح بالي شوي أنام



    يغلق الكتاب ويضعه أمامه ويهمس بمودة: شكلش منتهية من التعب..


    ثم أردف بمرح: لا وتشخرين بعد



    ضحكت بمرح: لا عاد في هذي كذبت.. أنا ما أشخر.. وإسأل جميلة ومزون



    حينها شعرت بانقباض ما.. وهي تتذكر صغيرتيها التي كل واحدة منهما في بلد


    همست بهدوء حذر: يأمك يا كسّاب ما تشوف إنه كفاية اللي تسويه في مزون قطعت قلب البنية..



    تصلب جسد كسّاب ولاحظت بوضوح عروق عضده ورقبته التي برزت بعنف ودلت على استثارة الغضب التي يشعر بها:


    خالتي سكري ذا الموضوع خلي ذا الرحلة تعدي على خير.. طاري بنت أختش يعصبني



    قاطعته خالته بسخرية مرة: يعني أشلون ماعاد هي بأختك؟؟ ما تحبها؟؟



    كسّاب ببرود ساخر: أحبها؟؟ لو أقدر مصعت رقبتها مصع.. لكن خايف ربي بس ..وإلا هي مهيب كفو



    عفراء بجزع: يأمك وش ذا الكلام.. عمر الدم ما يصير ماي.. وأنا عمري ما شفت أخ يحب أخته مثلك



    كساب بذات البرود الساخر: كان يحبها.. ذاك زمان مضى..


    هي ماقدّرت ولا حفظت معزتي لها.. 13 سنة كاملة من عقب وفات أمي الله يرحمها وأنا حاطها فوق رأسي


    ومبديها على كل شيء في حياتي


    لو حتى بغت لبن العصفور والله لأجيبه لها.. والزعل على قد الغلا اللي كان



    عفراء بهمس موجوع: يعني خربتها بالدلع وعقبه تجي تحاسبها..



    كساب بمقاطعة: لا يا خالتي.. لا تركبيني الغلط.. هذا كلام مأخوذ خيره



    ثم أردف بوجع مغلف بالبرود أو ربما برود مغلف بالوجع: مزون ماكانت أختي بس


    كانت بنتي.. كانت أغلى مخلوق عندي..


    كل الحنان اللي ما لحقت أمي تعطينا إياه.. أنا عطيتها إياه..


    وعقبه تجي وتكسرني.. وتصغرني قدام الرياجيل..


    لو أنا ما رجيتها بدل المرة ألف كان دورت لها عذر



    لكن مزون مالها عذر.. مالها عذر..


    والله لو كانت بس تغليني نص ما كنت أغليها ماكان هان عليها تبيعني عشان شي مايستاهل


    الجرح يوم يجيك من الغاليين مهوب يجرح بس يا خالتي.. لكن يذبح!!


    مزون خلاص ماعاد لها في قلبي مكان...فسكري ذا الموضوع أحسن..



    ثم أردف وهو ينظر تحته ليتشاغل عن همومه التي أثارتها خالته بينما يحاول هو تناسيها: شكلنا على البحر المتوسط الحين..







    **************************







    "جوزا مابعد نمتي.. ممكن أدخل"




    همسها الهادئ: تعالي شعاع



    فتحت شعاع الباب ودخلت وأغلقته خلفها بخفة..


    وجدت جوزاء تجلس على سريرها وهي تقلب ألبوما تريه لحسن الصغير وتسأله: من ذا؟؟



    يجيب بابتسامة صافية: بابا



    فتسأله بحنان: وبابا وين الحين؟؟



    يجيب بذات الأبتسامة : عند لبي. (ربي)



    فتسأله بحنان أعمق: واللي عند ربي.. وش نقول له..



    حسن بعذوبة: الله يلحمه.. (يرحمه)



    شعاع فاضت عيناها بالدمع دون أن تشعر وهمست بصوت مبحوح:


    تكفين جوزا خلاص لا عاد تورين حسن صور أبيه.. تعلقينه فيه وهو حتى ما عرفه


    ترا اللي تسوينه غلط والله غلط... هو وش عرفه وش معنى عند ربي


    الحين يظن إنه رايح شوي ويرجع..



    جوزاء بألم شفاف: مهوب هاين علي إن حسن ما يكون عنده على الأقل ذكرى أب..



    شعاع تجلس معهما على السرير وتحتضن حسن وتنظر معهما للصور


    وتحاول أن تبتسم: بس تدرين مثل زين عبدالله الله يرحمه ماشفت.. إن شاء الله حسون يطلع يشبهه



    جوزاء بعتب: أحسن.. عشان ما يطلع مثل أمه الشينة... اللي كل الناس أحلى منها



    شعاع همست بحرج وهي تعرف سبب تلميح أختها:


    جوزا أنتي والله مافيش قصور وكلش جاذبية..وهذا الشيء أنتي عارفته زين


    بس هذاك اليوم يوم عذربتي في وضحى.. طلعتيني من طوري



    جوزاء بنبرة عدم اهتمام موجوعة: يا بنت الحلال أدري أني مافيني قصور اللهم لك الحمد والشكر ولا عندي أي شك في شكلي..


    بس الحق يقال عبدالله الله يرحمه كان أحلى مني ..


    قوية المرة تقول إن رجّالها أحلى منها.. بس هذي الحقيقة



    شعاع تقاطعها بحزن: بلاه ذا الموضوع.. وهاتي الألبوم أدسه.. وانسي..


    يعني اللي يشوف حرصش على عبدالله بذا الطريقة.. يقول إنش كنتي تموتين عليه..


    ترا كل اللي قعدتيه معه ما يجون شهرين حتى.. مالحقتي حتى تعرفينه الله يرحمه



    جوزاء تقف لتنظر لنفسها في المرآة الطويلة وتهمس بوجع:


    أول ما شفت عبدالله ليلة عرسنا توترت من وسامته اللي زيادة عن الحد


    قلت صحيح أنا حلوة وماشي حالي بس هذا المفروض يأخذ ملكة جمال.. ليش أمه اختارتني؟؟


    بس عقب قلت.. يمكن عشان ستايلي يعجب العجايز.. بس هو ما ظنتي عجبه شيء فيني



    اقتربت من المرأة اكثر وهي تضيق بيجامتها الحريرية عليها لتتضح تضاريس جسدها المثالية لدرجة الخيال المستعصي على كل تصور


    والتي لم تتأثر مطلقا بإنجاب طفل



    شعاع بمرح: تكفين رخي البيجامة.. أنا أختش ما أستحمل.. أشلون اللوح اللي كنتي ماخذته


    ثم أردفت بجزع: يا الله لا تأخذني.. الله يرحمه.. اللهم أني استغفرك وأتوب إليك



    جوزاء أكملت وكأنها تحادث نفسها: أحيان كثيرة كنت أشك إنه يدري لو أنا موجودة معاه في الغرفة.. أقول يمكن لو أنا كرسي كان انتبه لي



    والمشكلة إنه الناس كلهم يقولون عنه: رجّال مافيه منه اثنين..


    وين الرجّال هذا؟؟ أنا عشت مع لوح بكل معنى الكلمة..


    الشهرين اللي قعدتهم معه حتى سالفة وحدة على بعضها ماقالها لي..



    أحيانا كنت أشك في قواه العقلية.. بس عقب صرت أشك في عقلي أنا


    لأني كنت أشوف هله باقي ويحطونه فوق رووسهم من كثر ما يحبونه ويحترمونه..


    ومعهم يكون شخص ثاني.. شخصية غير وطلاقة في الكلام.. واحد ثاني مذهل


    لكن يتسكر علينا باب.. يرجع لوح مرة ثانية.. يتجاهلني كأني غير موجودة



    حاولت بكل الوسائل أثير أنتباهه.. ألفت إعجابه.. أحسسه إنه على الأقل فيه مخلوق بشري معه في الغرفة.. بس بدون فايدة



    لا وتخيلي عقب ذا كله.. أحاد عليه 8 شهور كاملة...


    يعني الأخ ما تنازل ولمسني إلا مرتين وأخرتها أتورط بحمل يمدد الحداد الدبل



    ثم التفتت خلفها وهي تنظر بحنان لحسن الذي نام : بس أحلى ورطة في حياتي الله يخليه لي



    شعاع بألم وهي تحتضن عضد جوزاء وتسند خدها لكتفها: جوزا ما تتعبين من ذا السيرة



    جوزاء بألم عميق وهي تمسح على خد شعاع: خليني أفضفض.. أنتي الوحيدة اللي تدرين...


    أحيان كثيرة والله احتقر نفسي على أفكاري الغبية والمريضة


    بس شاسوي يا اشعيع غصبا عني.. غصبا عني.. ما أدري ليه أتصرف كذا


    والله إني صرت أكره نفسي من تصرفاتي



    مثلا والله أدري كاسرة مالها ذنب عشان أكرهها..


    بس والله ما استحملت خالات عبدالله اللي دايم يقطون كلام وظنهم إني ما أسمع



    (من جدش تأخذين هذي لعبدالله خيرت عيالنا.. شوفي بنت خالها.. هذي اللي المفروض تأخذ عبدالله ..)



    في أحيان كثيرة أسأل نفسي لو عبدالله خذ وحدة جمالها صارخ مثل كاسرة.. وحدة تملأ عينه


    يا ترى كان اللي صار صار



    ما تتخيلين يا شعاع الشهور الثمانية الحداد اللي قعدتها في بيت هله.. كانت عذاب..عذاب.. حتى العذاب شوي على اللي شفته


    لولا نجلاء مرت صالح كانت تخفف علي أو كان استخفيت


    الحزن والذنب خنقوني.. كل ما حطيت عيني في عين عمي أو عمتي.. حسيتهم يحملوني ذنب اللي صار عبدالله



    ثم انهارت في بكاء مفاجئ بعد تماسكها الظاهري: وجهي كان نحس عليه.. أنا نحس.. نحس


    ليتني ماخذته .. ليتني ماخذته وقعد عايش لهله






    ****************************






    مازال يدور في غرفته..


    يغتاله السهد الليلة ووطأة الذكريات


    لا يعلم لِـمَ كان لديه أمل ما أنها قد ترد عليه بأي شيء الليلة..


    فهو وصل منتهاه.. منتهاه!!!


    عاجز عن النوم.. مثقل بالتفكير..


    يتمنى لو ينام قليلا فقط.. فلديه عمل غدا



    أصبح كل شيء مملا بعيدا عن ألقها.. بعد أن كان يصحو على رفرفة قبلاتها كفراشات معطرة حطت على وجهه..


    هاهو يصحو وحيدا على صوت منبه مزعج أشبه بصفير الموت



    بعد أن كان يرتدي ملابسه وعيناه تطاردان بولع حركتها الدؤوبة في الغرفة وهي ترتب فوضاه


    يرتديها وهو يتحاشى النظر لأي شيء قد يثير ذكراها مع هبوب نسمات الصباح التي تذكره بها قسرا..


    فهذا النسيم العليل الموجوع يمر على وجهه بحنان مشفق.. مثلها!!


    لماذا انقلبت هكذا للنقيض؟؟


    لماذا؟؟




    يشعر أنه يختنق يختنق.. سينفجر من غرفته.. ومن كل ذكرياتها الموبؤة.. من رائحتها المعطرة الشفافة التي تملأ جنبات الغرفة


    لتشعل شوقه الملتهب..


    أي ألم هذا؟؟


    كل شيء يخصها هنا.. إلا هي.. إلا هي!!




    طرقات حازمة على باب غرفته


    يهتف بهدوء ظاهري: ادخل ياللي عند الباب..



    يدخل فهد العائد لتوه من بيت عمه راشد..


    ينظر لصالح الجالس على الأريكة ويقول بهدوء مرح: شكلك كنت تبي تسبح يأبو خالد..



    صالح ينتبه أنه يجلس بدون فانيلة..يقف ليتناول له واحدة أخرى من الخزانة


    يرتديها وهو يقول بذات الهدوء الظاهري: لا كنت ألبس يوم دخلت حضرتك



    فهد يتقدم خطوتين للداخل ويهتف بابتسامة: وينك ماحضرت عشاء غانم


    فاتك خوش عشاء


    ثم أردف بخبث مرح وهو يغمز بعينه: شغل أم خالد حجت يمينها..



    حينها صرخ صالح بثورة مفاجأة مزقت هدوءه الظاهري: فهيدان أذلف تراني ماني بناقص ملاغتك الليلة..



    فهد مازال يبتسم: أفا أفا يأبو خلودي تونا اليوم الصبح حبايب.. صلوحي وفهودي..



    صالح من بين أسنانه: أقول فهيدان أذلف.. ترا أبليس راكبني الليلة.. فارق قدام أخلي وجهك شوارع



    حينها غادر فهد وهو يرسم على وجهه علائم الغضب المصطنع..


    أغلق الباب خلفه بخفة.. ولكنه عاود فتحه وهو يطل عبر الباب نصف إطلاله وهو يضحك:


    ما ألومها أم خالد هجت..


    قالب وجهك ترّوع لك قبيلة..


    تيك إت إيزي بيبي..



    وقبل أن يرد صالح عليه أغلق الباب خلفه وصوت ضحكاته مازال يتعالى.. بينما تعالى غضب صالح المكتوم:


    هذي أخرتها يا نجلاء.. خلتيني مضحكة حتى للبزارين..


    زين أخرتش بترجعين وبيطخ اللي في رأسش..




    بعد عدة دقائق صامتة.. قفز ليرتدي ملابسه.. ويلتقط مفتاح سيارته.. ويخرج دون غترة حتى..



    دار في الشوارع طويلا.. قبل أن يقف في شارع فرعي.. يتناول هاتفه ويرسل لها رسالة:



    "أنا الليلة بايعها بايعها


    لو ما رديتي علي بأي شيء.. أي شيء


    والله لأجيكم لين البيت..


    وتراني أصلا في سيارتي.. دقيقتين وأكون عندش"



    في وقتها كانت نجلاء.. تستعد للنوم بعد أن عادت من غرفة ولديهما وحصنتهما بالأذكار وأطمئنت على وضعهما


    رفعت رأسها عن المخدة وهي تشعر بتوجس.. "يالله مسا خير"



    قرأت الرسالة.. تنهدت بعمق.. وكتبت له:



    "أبو خالد الله يهداك.. أمسي


    إذا أنت فاضي.. انا وراي قومة الصبح مع عيالك"




    "وهذا اللي الله قدرش عليه تقولينه


    لو قدرت أمسي كان أمسيت.. ما أنتظرت أوامرش"




    "لا تنبشني يأبو خالد


    خلني ساكتة"




    "اشتقت لش


    ما تحسين أنتي؟؟


    ويش اللي يمشي في عروقش.. ماي؟؟


    اشتقت لش.. حسي فيني خلاص


    والله ما أقدر أصبر من غيرش ومن غير العيال"




    حينها تنهدت نجلاء بعمق وهمست لنفسها بغيظ : زين يالرومانسي.. تبي كلام حلو.. حاضرين



    أرسلت له:



    " جرحتني جرح(ن) كبير(ن) وباين


    جرحتني جرح(ن) يمس عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيل



    هنت الغلا كله وعيني تعاين


    بعت الهوى وأقفيت تنعي حطامه



    لا تحسبنّي وإن قسى الوقت لاين


    لا والذي يحصي بعلمه أنامه



    إنسى غرامي ثم فكّر وعاين


    شف موقعك وإرسم لحدّك علامه



    حدّي رسمته وأصبح اليوم باين


    ( عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيلحب عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيلالكرامة ) "




    لم يرد عليها.. وشعرت نجلاء بتوتر غير مفهوم.. وحزن أكثر استعصاء على الفهم..


    "جرحته.. أدري إني جرحته.. بس هو اللي جابه نفسه"



    بعد خمس دقائق.. وصلها رسالته:



    "يا بنت عمي.. أنتي والله على قولت المثل:


    سكت دهرا ونطق كفرا


    .


    .


    طلي على حوشكم"




    نجلاء شعرت بالرعب يتصاعد في قلبها.. خرجت تتسحب من غرفتها للصالة العلوية التي تطل شبابيكها الكبيرة على باحة البيت



    شعرت بالرعب وهي تتعرف سيارته التي تقف في منتصف الباحة


    اتصلت به فورا وهي تهمس برعب من بين أسنانها:


    وش جايبك هنا يالمجنون؟؟



    نظر صالح للأعلى رأى خيالها بين الستائر.. نزل من سيارته..


    ليقف بجوار السيارة ويسند جنبه اليمين على مقدمة السيارة ويهمس بثقة: انزلي... بأروح لمقلط النسوان.. لازم نتكلم



    نجلاء شعرت بألم غير مفهوم وهي تراه يقف بدون غترة..


    طوال عشرة السنوات الماضية.. يستحيل أن ينزل من غرفتهما حتى لداخل البيت دون غترة


    فأي هم هذا اللي أنساه إياها؟!!


    ولكن انفعالها التهم أي مشاعر اخرى: وش كلامه.. أنت عارف إني أبي الطلاق.. الحال بيننا هذا ما يمشي


    ولا هذي أول زعلة تصير بيننا على سبت ذا الموضوع.. كل مرة تقول آخر مرة.. بس ما تتوب من تجريحي



    صالح كأنه لم يسمع شيئا وهو يرفع عينيه للأعلى ويهمس بنبرة أمر صارمة:


    أقول انزلي يأم خالد.. انزلي قدام أطلع لش



    شعرت نجلاء برعبها يتصاعد لتنحدر لهجتها للرجاء:


    صالح تكفى.. روح.. غانم في غرفته وابي وبعد.. لو حد منهم شافك.. وش بيكون موقفك؟؟



    صالح بثقة : أنا ما سويت شيء غلط.. أبي أكلم مرتي.. اقصري الشر وانزلي لي قدام اطلع لش



    رعب نجلاء يتزايد.. تعلم أنه قد يفعلها: تكفى صالح لا تفضحني


    تعال بكرة الصبح.. خلاص والله بأقعد معك ونتكلم



    صالح بغضب: كذابة.. صار لي 4 شهور ما شفتش يالظالمة.. وكل ما طلبت أشوفش تحججتي بألف حجة..



    نجلاء بغضب مغموس بخجل عميق: قومي شين فعايلك تيك المرة.. خوفتني أقابلك مرة ثانية.. أنت واحد ما تتحكم في نفسك



    رغم غضب صالح.. ولكنه ابتسم لمجرد الذكرى.. ليهمس بخبث مغلف بنبرة خاصة:


    يومش خايفة ومستحية كان جبتي أمش معش..


    والله ما حد قال لش تجيني بروحش في المقلط.. لا وتردين الباب بعد


    أنا بصراحة فهمتها دعوة.. ولو جيتي للحق هي ما تتفسر إلا كذا


    وبعدين واحد ميت من الشوق لمرته.. وش تتوقعين يسوي.. يقول لها مساش الله بالخير من بعيد


    ليش مكبرة السالفة.. ترا كلها إلا كم بوسة..



    نجلاء تغمض عينيها وتضغط جانبي رأسها من شدة الخجل...


    مازالت رغم مرور السنوات تحتفظ في داخلها بروح صبية مغلفة بحياء مهذب..


    الروح التي لطالما أسرت صالح وأذابت جوانبه بحياءها الرقيق


    لتصرخ من بين أسنانها:


    قليل أدب.. وما تستحي


    توكل على الله و لا تجي بكرة


    والله لما تحرك سيارتك الحين إني لأقول غانم يتصرف معك



    حينها رأته يميل بجسده أكثر على مقدمة السيارة وهو يستند بثقله عليها.. ويهمس بثقة ساخرة:


    تخوفيني بغنوم البزر... خليه ينزل.. أنا أتناه


    إذا أنتي بايعة أخيش.. خليه ينزل..





    #أنفاس_قطر#

  5. #10

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    والله العظيم ما تتخيلون سعادتي بكل حرف تتكرمون بكتابته هنا


    بكل النقاش الثري الدائر هنا


    وعندي كلام كثير


    بس الصداع ذابحني.. من أمس ما فكني بشكل متواصل


    سامحوني عالقصور أرجوكم


    .


    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء العاشر






    نجلاء تصرخ من بين أسنانها:


    قليل أدب وما تستحي


    توكل على الله و لا تجي بكرة


    والله لما تحرك سيارتك الحين إني لأقول لغانم يتصرف معك



    حينها رأت صالح يميل بجسده أكثر على مقدمة السيارة وهو يستند بثقله عليها.. ويهمس بثقة ساخرة:


    تخوفيني بغنوم البزر... خليه ينزل.. أنا أتناه


    إذا أنتي بايعة أخيش.. خليه ينزل..



    نجلاء تبتلع ريقها.. تعرف أن صالحا لا يهدد.. عشرة أكثر من تسع سنوات


    قد يكتم طويلا.. ولكنه حين ينفجر.. مرعب لأبعد حد..


    وتعلم أن غانما لا يقل عنه حدة.. ويستحيل أن تعرض شقيقها ولا حتى والد أطفالها لموقف عراك سخيف من أجلها


    لذا همست برجاء: تكفى صالح روح.. أم عيالك مالها حشمة عندك



    صالح ببساطة موجوعة: وأم عيالي ليش ما تحشمني


    عاجبش وقفتي ذي..كني مراهق


    حتى غترتي توني أنتبه إنها مهي بمعي


    انزلي يا بنت الحلال أبي أشوفش بس..



    نجلاء بتردد: بانزل.. بس توعدني ما تسوي لي شيء ولا تقربني..



    صالح هتف بحزم شديد لم يتوافق مع ابتسامته المرتسمة بتلاعب: آسف ماني بواعد شيء..



    نجلاء تكاد تبكي فعلا: لا حول ولاقوة إلا بالله.. وش ذا الليلة؟؟


    منت بواعدني ماني بنازلة..



    صالح بحزم وهو يتوجه للداخل: تراش مسختيها..طولتيها وهي قصيرة.. أنا جايش لين غرفتش



    نجلاء بجزع: لا.. لا.. جايه جايه.. انتظرني في المقلط..



    صالح يفتح باب البيت ليلج للداخل.. وهو يقول بحزم: لو تأخرتي علي دقيقة وحدة.. بأطلع لش



    نجلاء كانت تتحرك كإعصار مجنون متوتر وهي تقفز لغرفتها لترتدي لها جلابية واسعة فوق بيجامتها..


    وتتناول جلالها وتضعه على رأسها وتنزل السلالم قفزا ..خوفا أن ينفذ المجنون تهديده


    كانت تنزل بدون تفكير حتى وصلت باب المقلط..


    حينها وقفت أمامه وهي تحاول سحب أنفاسه التي غادرتها وكل الأفكار تقفز لرأسها فجأة



    "ما الذي جاء بك ياصالح الليلة


    أي هم جديد تحمله لي؟؟


    ألم يكفيك كل الوجع والجرح بيننا؟! "



    ثم أردفت لنفسها وهي تشهق:


    "أنا غبية..غبية..أشلون وافقته؟؟


    تحت مافيه إلا غرفة أمي وإبي والحين نايمين


    والوقت متأخر


    وش بأسوي لو ...؟!"



    عضت على شفتيها بحرج عميق.. وهي تقرر العودة للطابق الأعلى بسرعة وإغلاق الباب على نفسها.. وليتصرف صالح كما يشاء



    ولكنها قبل أن تغادر الفكرة رأسها لمجال التنفيذ.. كان صالح يفتح الباب بغضب


    لتلتقي النظرة بالنظرة بعد كل هذه الأشهر..


    وتتحول نظرة الغضب في عيني صالح إلى شيء آخر.. أعمق وأدفا وأخطر


    وتتحول نظرة الخوف في عيني نجلاء إلى توتر صاف وهي عاجزة حتى عن ابتلاع ريقها أو أخذ أنفاسها



    لحظات مرت من الصمت..


    تبادل مستعر للنظرات.. وكأن كل واحد منهم يريد إكتشاف آثار غيابه على ملامح الآخر


    وهل فعلا قد ترسم انحناءات الوجه وأنثناءاته رائحة الفقد وتعاظم الشوق ووجيب القلوب؟!


    وهل تفضحهما نظرة الشوق؟؟ وتنهيدة الوجع؟؟ وشهقات الفراق؟؟




    كان صالح أول من تماسك من نشوة النظرات وهو يريد استغلال تبعثرها قبل أن تفكر بتصرف ما


    وهو يشدها من يدها للداخل ويغلق الباب..



    حينها انتفضت نجلاء بجزع وهي تنزع يدها منه: خل الباب مفتوح..



    صالح ببساطة: آسف ماني بمخليه مفتوح.. أوامر ثانية؟؟



    نجلاء بجزع خجول: لا تقرب مني



    قالتها وهي بالفعل تبتعد عنه لتجلس على المقعد الأقرب للباب..



    بينما رد عليها صالح بابتسامة غاضبة: هذي بافكر فيها


    ثم أردف بحنان ممزوج بالغضب: ما أبي إلا شوفت وجهش يالبوارة..


    ترا ماني بحيوان ولا همجي عشان تخافين على نفسش مني بذا الطريقة.



    نجح في إشعارها بالحرج والخجل لأبعد حد.. أنزلت وجهها وهمست بهدوء لتبعد عن نفسها الحرج:


    ها يأبو خالد.. وش الشيء الكايد اللي حدك على مساري الليل؟؟



    صالح بعتب عميق وهو يجلس على مقعد منفرد بعيد عنها بدوره:


    الحين تنشدين وش حدني على مساري الليل؟؟


    أربع شهور ما شفتش يا الظالمة.. وعلى قد ما حاولت أشوفش


    وأسوي حركات غبية وسخيفة.. ماهان عليش تبردين خاطري


    والله عيب عليش يا نجلا


    صالح على آخر الزمن يصير فيه كذا!!



    نجلاء بألم: صالح اللي سوا كذا فيني وفيه..



    صالح بعتب أعمق موغل في الوجع: عاجبش حالنا كذا.. كل واحد في مكان.. وعيالنا شتتيهم بيننا..


    ليش تحرمينهم يعيشون مثل باقي عيال خلق الله بين أمهم وأبيهم



    نجلاء نظرت له بعتب موجوع مجروح: إذا صار أبيهم ما يحترم أمهم..


    أحسن ما يشوفون أشلون أبيهم يهين أمهم.. أي قدوة بتعطها لهم وأنت تكسر أمهم قدامهم



    صالح يشعر بألامه تفور في فيضانات من مشاعر متضادة:


    وكل شيء أنا السبب فيه.. وأنتي يعني بريئة ما تسوين شيء


    وليش تنسين سبب خلافنا الثاني.. كم صار عمر عزوز؟؟


    خمس سنين.. غير إنه حن قعدنا 4 سنين لين جانا خالد..


    وأحطها في ذمتش.. هل وقتها ضايقتش بكلمة أو حسستش بشيء مع إن العيب كان منش؟؟


    انتظرت لين عالجتي وحملتي بخالد وعقبه عزوز وما فتحت ثمي بكلمة.. وعقبه تروحين تربطين خمس سنين..


    صبرت سنة سنتين ثلاث لين كبر عزوز.. بس أنتي ما احترمتي صبري عليش



    نجلاء تنهمر بألم: الموضوع هذا مرتبط بالموضوع الأول.. لما كنت تهيني بأمي.. كنت أقول يمكن مقهور عشان أنا ما أجيب عيال..


    جبت خالد.. وعقبه على طول جبت عزوز عشان أوريك فضل الله علي وإني الحمدلله ماعاد فيني شيء.. وعشان أرضيك


    لكن أنت مثل منت ما تغيرت.. قلت ماني بمستعدة أجيب بعد ولد وأنا ماني بضامنة حياتي معك.. وهذا كان معي حق


    كان معي حق.. أنت ما تستانس لين تجرحني وتهيني..



    حينها بدأ صوتها بالارتعاش وهي تقاوم ما سيأتي بعد ارتعاش صوتها..


    تخشى أن تهار صلابتها التي مازالت تحاول التماسك بأستارها المتهاوية



    تنهد صالح بعمق وهو يقاوم رغبته العارمة أن ينهض من مكانه ليدفنها في أحضانه المشتعلة اشتياقا لها


    ويمنعه من ذلك نظرة العتب في عينيها التي تجرحه في العمق..وارتعاش صوتها سهام تخترق فؤاده المتيم


    همس بحنان عميق: خلاص السموحة يا بنت الحلال.. ماني بمتعودها.. جربيني ذا المرة.. حرمت يأم خالد


    أنتي وأم غانم فوق رأسي..




    نجلاء بألم عميق: سمعت ذا الكلام بدل المرة ألف.. والحين ما أقدر أتنازل أكثر.. الحين عيالي كبروا


    وأنا ماني بمستعدة أخليهم يسمعونك تهين أمهم وبجدتهم بعد..مستحيل أعرضهم لذا الموقف


    أمي مهيب بعيارة ياصالح.. وذا الكلام قلناه الف مرة.. بس أنت..........



    صمتت على مرارة سدت حلقها.. صمتت والمرارة تنتشر حتى لسانها الذي جفت الكلمات الموجوعة عليه



    بينما همس صالح بألم مخلوط بالغضب: ألف مرة!!! ألف مرة!! صدق إنكم يا النسوان مكفرات العشير..


    ادري إني غلطان ومعترف.. بس لا تبالغين بذا الطريقة


    وخلاص يأم خالد أنا تعذرت لش.. وش تبين زود؟!



    نجلاء سحبت أنفاسها بعمق: الطلاق.. ما أبي شيء غيره..



    حينها انتفض صالح بعنف ليقفز عن مقعده ويتوجه ناحيتها لينتزعها من مقعدها وهو ينشب كفه القوية في عضدها ويهزها بعنف:


    نجوم السما أقرب لش.. والله لو حتى طار من رأسش طير أصفر


    وياويلش اسمعش تطرينه..


    ما تبيني.. انطقي في بيت هلش.. بس وأنتي على ذمتي



    نجلاء تشيح بنظرها عنه بينما جسدها كله يهتز مع مسكه لعضدها وتهمس بوجع حاولت ألا تسيل معه دموعها:


    تبي تقهرني إذا أعرست علي.. عشان كذا تبي تخليني على ذمتك..



    حينها أفلتها صالح فجأة وهو ينتفض بعنف وهو يلمح التماعة شفافة في طرف عينها وهي تحاول أن تشيح بنظرها عنه


    همس بوجع رجولي حان وهو يمد يده ليمسح دمعتها ثم يضع كفه بحنو على خدها: تبكين يا نجلا..؟؟ تبكين؟؟


    ذا السنين كلها بيننا عمري ما شفت لش دمعة..


    ليش يا قلبي تنحريني بدموعش؟؟ أدري إني غلطت والغلط راكبني من ساسي لرأسي ..والمسامح كريم..


    ولو ما تبين تسامحين بكيفش.. بس تبكين لا.. لا ..تكفين



    نجلا بوجع: لو هامتك دموعي.. أو أنا هامتك بكبري


    ما كان رضيت لي المهونة..


    ثم أردفت بوجع أعمق وهي تضع كفها الناعمة فوق كفه الساكنة على خدها:


    أدري إنك تحبني ياصالح.. وأنا بعد أحبك


    بس الحياة بيننا خلاص صارت مستحيلة


    تكفى خل بيننا ذكرى شيء حلو.. وطلقني.. خلاص







    **********************************






    الصباح في فرنسا


    مقاطعة سافوي الفرنسية في الجنوب الشرقي من فرنسا بالقرب من سويسرا وإيطاليا



    مدينة Annecy أنسي الصغيرة التي تعد جنة من جنان الله على الأرض والتي تقع في أحد وديان جبال الألب الثلجية


    تبعد عن باريس حوالي 600 كيلو ولكنها قريبة جدا من جنيف السويسرية


    لذا من يريد الذهاب لها للسياحة يتجه لها من جنيف..


    وكان هذا سبب اختيار زايد لها.. لقربها من من مقر عمل علي


    حيث تبعد من جنيف حوالي 65 كيلو فقط


    والسبب الثاني وجود مصحة شهيرة جدا لمعالجة مرض فقدان الشهية هي مصحة الدكتور (بوفار دوغال) في ضواحي أنسي الشديدة الهدوء والبالغة الجمال




    تصل الطائرة الطبية الصغيرة التي حملت جميلة من مطار شارل ديغول في باريس إلى مهبط الطائرات الخفيفة الخاص بالمصحة



    بعد ذلك بقليل تصل طائرة كسّاب وعفراء إلى جنيف وهما يختصران مسافة طويلة قطعها خليفة وجميلة


    ورغم رغبة عفراء العميقة في رؤية علي وخصوصا أنهما معه في ذات المدينة وهي لم تره حينما كان في الدوحة


    ولكن كسّاب رفض وأصر أن يتجها فورا لأنسي بعد انهاء إجراءتهما


    ولأسباب عديدة منها أنه حلف أن خالته عفراء لن تبيت إلا عند ابنتها


    والسبب الأهم بين أسبابه أنه كان يريد أن يترك عليا ليختلي بنفسه لفترة..


    فلم يكن يريد إثارة اوجاعه برؤيتهما متجهين لجميلة وجرحه مازال طريا ينزف


    على أن يزوراه في رحلة العودة





    وبالفعل استقل كساب سيارة خاصة من جنيف وتوجها فورا لأنسي ليصلاها بعد 40 دقيقة


    وبعد 4 ساعات تقريبا من وصول جميلة للمصحة






    قبل ذلك بثلاث ساعات


    غرفة جميلة..


    التي توقفوا منذ ساعات عن حقنها بالمهدئ استعدادا لاستيقاظها حين تصل للمصحة



    خليفة كان يجلس جوارها.. يقرأ ورده الصباحي.. سمع همهمات متقطعة


    انتفض بعنف..



    " هل هذا صوتها؟؟


    يبدو أن الأميرة النائمة صحت من سباتها


    ولحظة المواجهة حانت.."




    كان على وشك الركض لاحضار الطبيبة.. كان عاجزا عن مواجهتها وحيدا


    ولكنه استعاذ بالله من الشيطان وهو يقف ليضع المصحف على الطاولة المجاورة



    ويهمس لجميلة من قرب: صباح الخير جميلة..



    همست بصوت متقطع دون أن تفتح عينيها: يمه ريقي ناشف.. عطيني شوي ماي تكفين



    خليفة ابتلع ريقه: خالتي موب هنا جميلة... وإلا نسيتي؟؟



    همست جميلة بذات الضعف: زين مزون حبيبتي عطيني..



    خليفة شعر أن الحوار غير ذي جدوى.. لذا تناول قنينة ماء وفتحها.. وهو يقترب منها ويدخل ذارعه تحت كتفيها الناحلين


    شعر بألم غير مفهوم وهو يشعر بخفتها المؤلمة:



    "هل يوجد داخل جسد هذه المخلوقة عظام حتى؟! "



    قربها منه وهو يسندها لكتفه حتى يسقيها... وشعور واحد يسيطر عليه



    الــــشـــفـــقــــة




    جميلة مازالت تشعر بالدوار.. لكنها ما أن شعرت بيد خليفة حتى شعرت أن هناك شيء غير طبيعي يحدث..


    فهذه الذارع الصلبة وهذا الكتف القوي يستحيل أن يكونا ذراع أو كتف مزون الرقيقة


    لذا فتحت عينيها بجزع وهي تشتم رائحة عطر رجالي أكمل صورة جزعها.. لتجد جانب رأسها يستند لكتف رجل غريب


    حينها صرخت جميلة برعب وهي تحاول بفشل أن تدفعه وتدفع قنينة الماء


    ولكن قواها الخائرة لم تسعفها بينما صراخها المبحوح يتعالى: من أنت؟؟



    خليفة أنزلها بخفة على سريرها وهو يهمس بحرج: أنا خليفة يا جميلة.. خليفة ريلج..



    حينها شهقت جميلة بعنف وهي تحاول تركيز نظرها الضعيف في الرجل الغريب أمامها.. والذكرى كاملة ترجع لها


    لتبدأ بالصراخ الهستيري بشكل مفاجئ مرعب: أبي أمي.. أبي أمي.. جيبوا لي أمي...


    أبي أمي.. يمه.. يمه.. يــــمــــه




    خليفة نظر لها بجزع وهي تبدو كطفلة مذعورة.. اقترب منها ليقوم بتهدئتها


    ولكنها صرخت بهستيرية أكبر: لا تقرب مني.. لا تقرب مني



    خليفة تراجع.. والممرضات حضرن على صراخها.. ثم حضرت طبيبتها التي كانت تعطي طبيبها الجديد تفاصيل مرضها


    سارعت طبيبتها لسريرها لتجلس جوارها وتضع يدها على كتفها


    جميلة حين رأتها ارتمت في حضنها وهي تبكي بهستيرية


    داليا احتضنتها بخفة حانية وهي تشير لخليفة بنظرات عتب وتهمس له: إيش اللي عملته لها؟؟



    خليفة يهمس بحرج وبصوت خافت حتى لا تسمعه جميلة الباكية: والله العظيم ما سويت لها شيء.



    حين هدأت جميلة همست بصوت مبحوح تماما وهي توجه نظرها لخليفة: آسفة يا .... يا...


    كان صعبا عليها أن تنطق اسمه.. لم تستطع.. لم تستطع



    سارع خليفة للرد: لا تعتذرين.. يمكن أنا خوفتج بدون ما اقصد..



    لم تكن تريد أن تعتذر حتى.. ولم تكن حتى تشعر بأهمية الاعتذار.. ولكنها شعرت أن هذا مايجب تفعله ..


    أ لم تكن هي من أدخلت نفسها في كل هذا؟!


    أ ليست هي من اختارته حتى على والدتها؟؟ حتى على والدتها؟!


    كانت تبكي جزعا في داخلها.. لم تعتد على فراق أمها حتى لساعات


    كانت حتى وقت دوام والدتها في المدرسة تشتاق لها


    فكيف وهي في بلد وأمها في بلد؟!!


    تشعر برعبها يتجمع ويتجمع.. لأول مرة تكره عنادها.. عنادها الذي أوصلها لكل هذا


    فأي جنون ارتكبته؟!!


    أي جنون؟!!




    " لا لا .. ليس جنونا!! ليس جنونا!!


    بل هو الشيء العقلاني الوحيد


    أ ليس اسمه خليفة؟!!


    اسمه خليفة..


    وهو من اختارني دون ضغوط من أحد؟؟


    لم يختارني من أجل خالته ولا حتى عمه المتوفي..



    ولكن وإن كان اسمه خليفة.. فهو رجل غريب عني


    لا ..لا.. من كان اسمه خليفة.. ليس غريبا.. ليس غريبا


    فلماذا أشعر أنه غريب عني هكذا؟!!


    وهأنا معه في مكان غريب


    ولكن ليس لي إلا هو.. ليس لي إلا هو


    أ فلا أحاول أن أكون مهذبة معه..


    على الأقل يكون رحيما بي حين يغسلني ويكفني ويترحم علي وهو يتذكر عني شيئا جيدا


    غير عنادي وجنوني وصراخي!!






    ********************************






    وضحى تنزل إلى الطابق السفلي وهي ترتدي عباءتها استعدادا للذهاب للجامعة.. لتنتظر تميم الذي أخبرها أنه يحتاج لربع ساعة ليجهز حاسوبه للعمل



    وجدت والدتها تجلس في الصالة وجهازها المحمول على ساقيها


    وهي تسجل بعض الأشياء على ورقة


    كانت مزنة مستغرقة تماما في النظر للشاشة لذا لم تنتبه حتى احتضنت وضحى كتفيها من الخلف


    وهي تطبع قبلة على خدها ثم تلصق خدها بخدها وتهمس باحترام ودود: صباح الخير مزونتي..



    مزنة مدت يدها بحنان لتحتضن خدها: صباح الخير ياقلبي



    وضحى تنظر معها لشاشة الحاسوب وتهمس بمرح: وش تبين تطبخين لنا اليوم..أشوفش فاتحة مواقع طبخ



    مزنة بهدوء مرح وهي تعيد نظرها للشاشة: أبي أسوي معكرونة صينية عشان تميم وأدور طريقة جديدة..


    ذا الولد ذوقه غريب في الاكل.. وش فيها المكابيس؟؟ وإلا البرياني وإلا المشخول؟؟


    الحين بأسوي له غير غداكم أنتو..



    وضحى تعاود تقبيل خدها وتهمس بمودة: أنا بأتغدى في الجامعة.. وبعدين أنتي اللي مدلعته.. ومن لقى الحنا تحنا..



    مزنة بمرح حنون: خله يتدلع فديت قلبه.. أصلا وزنه نازل.. ماعاد كل مثل أول..



    وضحى تعاود تقبيل خدها للمرة الثالثة وتهمس بمودة مرحة: تدرين يمه أما حبة خدش الواحد ما يشبع منها


    وبعدين خلي تميم يسوي ريجيم صاير دب.. ويا ليت بعد امهاب يسوي ريجيم.. دب أكثر منه..



    مزنة بخبث لطيف: إذا عيالي الضعاف دبابة.. أجل عبدالرحمن ويش..



    وضحى تأخرت بحرج وهي تدور حول الأريكة لتجلس جوارها: وأنا وش دخلي في عبدالرحمن.. دب لنفسه



    مزنة تغلق الحاسوب وتضعه على الطاولة أمامها ثم تمسك كف وضحى بين كفيها وتهمس بحزم حنون:


    اسمعيني يامش.. أنا لحد الحين مثل منتي أكيد ملاحظة ما قلت لش أي شيء ولا تدخلت


    أبيش تفكرين زين بدون ضغط مني مع إني عارفة إنه أخوانش كلهم تكلموا معش في الموضوع بس أنا ماحبيت أستعجل


    والحين أبي أقول لش سالفة صغيرة أول..ترا هذي مهيب أول مرة يخطبش عبدالرحمن..


    هذي ثاني مرة والأولى كانت قبل 3 سنين.. لكن....



    حينها تصلبت أنامل وضحى بين كفي والدتها..وهي تقاطعها بغضب:


    يمه تكفين دوري سالفة تتنصدق غير هذي إذا أنتي تبين تقنعيني بعبدالرحمن اللي أنا مستحيل اقتنع فيه



    مزنة بغضب دفعت يد وضحى عنها: وضيحى هذي أخرتها.. تقاطعيني وتكذبيني بعد؟؟...


    ومتى كنت أكذب عليش وإلا على غيرش.. قومي من قدامي الحين.. يالله قومي ذا الحين قدام تسمعين شيء ما يسرش



    حينها انكبت وضحى على يد والدتها تقبلها بجزع: آسفة يمه.. السموحة جعلني فداش.. والله العظيم ما قصدي



    مزنة تشير لوضحى أن تغادرها وتهتف بحزم شديد: إذا عرفتي تثمنين كلمتش.. كملنا كلامنا..







    *********************************







    " داليا.. صحيح أمي ما جات معي؟!! معقولة؟! "


    همس متألم موجوع



    داليا تمسح على شعرها وتهمس بحنان: لا حبيبتي ماجات.. خلاص جميلة أنتي صرتي ست متزوجة.. والحين الأستاذ خليفة هو اللي مسؤول عنك



    سالت دموعها بصمت مليء بالحرقة : ما توقعت إنها ممكن تخليني.. توقعت أي شيء إلا ذا الشيء



    داليا تبتسم: بس جميلة أنتي عارفة هالشيء من قبل نسافر



    جميلة بصوت مبحوح مثقل بالقهر: ما أنا طول عمري أعند، وأسوي، وأقول أشياء ما أقصدها


    وأشمعنى ذا المرة صدقتني.. وأشمعنى؟!



    داليا بحزم لطيف: لأن هذا موضوع مافيه لعب.. ويوم تقررين شيء لازم تكونين قد قرراتك



    طرقات على الباب..


    جميلة تهمس لداليا بجزع: لبسيني حجابي داليا..



    داليا بهدوء: مافيه حد غريب.. أكيد زوجك..



    جميلة بإصرار: ماعليه داليا لو سمحتي.. لبسيني حجابي..



    داليا تلبس جميلة حجابها.. وبالفعل كان الطارق خليفة العائد من صلاة الظهر


    يسلم بهدوء ويجلس في هدوء يخفي خلفه توتره الخاص


    بينما جميلة بدأت تفرك أناملها اليابسة بتوترها الخاص بها ايضا..



    داليا تهمس في أذنها بتحذير: لا تعملي كذا.. انتبهي على إبرة الجلوكوز..


    ويالله أنتي وزوجك صليتوا الظهر باقي أنا أروح أصلي..



    جميلة تهمس لها بخفوت جازع: لا تخليني معه بروحي.. تكفين داليا..



    ابتسمت داليا وهي تهمس في أذنها: عيب يا بنت.. حاسة أنا قاعدة عزول.. رايحة شوي وراجعة.. باصلي وأخلص كم شغلة وأرجع



    داليا خرجت.. بينما عادت جميلة لفرك أناملها بتوترها وخجلها المتزايد


    خليفة كان يراقب تحركاتها بتوتر مشابه ولكنه نهض حينها ليتجه ناحيتها


    ثم يمسك بيدها ويهتف بحزم: بسج.. أنتي عندج إبرة في الوريد.. انتبهي



    جميلة انتزعت يدها بضعف وهمست بخجل متوتر: لو سمحت لا تلمسني..



    خليفة جلس على المقعد المجاور لها وهتف بهدوء: جميلة ترا عيب اللي تسوينه


    من لما جينا ما سمعت منج إلا كلمتين لا تقرب مني ولا تلمسني


    أنا بصراحة موب فاهم مضمون اللمسة عندج..


    أنا ريلج وما معج إلا أنا.. إذا أنتي حتى المساعدة البسيطة رافضتها مني..


    أشلون من المفترض أقوم بدوري



    جميلة بجمود: أنت مهوب مطلوب منك شيء.. شيء واحد أبيه منك


    إذا مت.. أنت تغسلني وتكفني.. وعقب رجعني للدوحة..


    أبي أندفن في الدوحة.. وما ابي أمي هي اللي تغسلني.. لأن أمي ماراح تستحمل


    ولأنه...........



    خليفة قاطعها بعنف وهو يكاد يجد من سيل الجنون الذي تهذي به: أنتي مينونة


    وش هالخبال اللي تقولينه؟!!


    أموت وكفني.. بسج.. ويا ويلج تعيدين هالكلام..



    جميلة بذات الجمود: على العموم أنا ماراح أعيده.. صار عندك خبر بوصيتي


    وإلا بعد منت بمنفذ وصات وحدة بتموت؟!!



    خليفة يتنهد بعمق وهو يقرر تجاهل كل ماقالته:


    ما تبين تأكلين شيء.. صار لج يومين تقريبا ماطب شيء حلقج..



    حينها انتفضت جميلة وهي تخرج من حالة الجمود لتعود لحالة الخجل والتوتر:


    لا شكرا ما أبي أكل..



    خليفة يتجاهل رفضها ويهتف بحزم: لازم تأكلين شيء.. موب على كيفج..







    ***************************






    مقر الخطوط الجوية القطرية الرئيسي



    مزون أنهت مقابلتها على خير


    لأول مرة تشعر بسعادة ما في هذا العمل منذ بدأت الدراسة


    فهاهي ستعمل مع طاقم نسائي كامل.. وهاهي منذ الآن متحمسة لرحلتها الأولى..



    بدا لها من أجرى المقابلة معها غير راض عن هذا الكابتن الذي يرتدي نقابا.. وهو يجد نفسه مع كل هذا مجبر على تنفيذ رغباتها.. بدلا أن تنفذ هي رغبات جهة العمل


    ولكنه لم يستطع سوى ابتلاع غيظه مع التوصية الخاصة جدا التي جأته من أجلها من جهاته العليا



    مزون كانت تخرج حين لحقت بها السكرتيرة وهي تهتف باحترام: كابتن مزون.. كابتن



    التفتت مزون وهمست بمهنية: نعم



    مدتها السكرتيرة بظرف فخم على طرفه اسم الخطوط الجوية القطرية : تفضلي كابتن.. هيدا كارد استراحة التيارين بالمتار



    مزون بابتسامة مهذبة وهي تعيده: شكرا.. أنا مهوب محتاجته.. ما أبي أقعد مع الطيارين في استراحتهم..



    السكرتيرة باستغراب: ياكابتن ما بيصير.. وين بدك توعدي لما يكون عندك رحلة.. وبعدين المكان كتير حلو.. وكتير ستايل.. سدئيني بيعجبك



    مزون هزت كتفيها ببساطة: بأجي على موعد رحلتي على طول.. ولو حبيت أرتاح في مكان.. استراحات المسافرين موجودة



    السكرتيرة ابتسمت: كابتن مزون ارجعي تا نعد شويه..شكلو مَنّك كتير فاهمة النزام..



    مزون تراجعت وجلست مع السكرتيرة التي همست باستغراب: أنا منّي عارفة ليه سيادتو ما شرح إلك التفاصيل



    مزون ابتسمت في داخلها (سيادتو شكله ماكان طايقني)



    السكرتيرة ابتسمت بمودة :


    كابتن مزون.. الئعدة في استراحة الطيران منّها ترف لكن واجب..


    لانو لازم توصلي ئبل الرحلة بـ 3 ساعات.. وتوعدي عالكمبيوتر الخاص هناك


    منشان تتأكدي من حالة الطئس والغيوم وتوئعات الارصاد وخطة الطوارئ


    وتوئعي على الحضور



    مزون بصدمة: أنا أعرف كل هالأشياء.. بس أنا الحين مساعد ثاني وفي فترة تدريب..


    ومفروض إنه كابتن إيمي هي اللي تسوي هالشغلات مهوب انا



    ابتسمت السكرتيرة برقة: يا ئلبي يا كابتن.. لازم تكوني معاها خطوة بخطوة.. وإلا كيف بدها توئع إنك تدربتي..


    الشيء التاني.. ليش بيحطوا اتنين مساعدين..لأنه هيدي أرواح ناس..


    ولو حصل لا سمح الله للكابتن شيء وحتى للمساعد الأول


    المفروض إنه المساعد التاني يكون جاهز تا يكود التيارة


    فلازم تكوني مع الكابتن وهي بتستلم كشوف المسافرين والتاقم وتوئعي معاها


    ومعاها وهي بتتأكد من كل شيء بيخص الرحلة من الكمبيوتر اللي باستراحة التيارين


    وبعدين معاها وهي بتستلم التيارة من المهندس اللي عمل تشييك عليها



    مزون قاطعتها باستغراب باسم: عفوا على هالسؤال.. بس دقة معلوماتش أحسن مني.. من وين تعلمتي كل هذا


    عفوا والله ما أقصد إساءة.. بس ما اعتقد إن عمل سكرتيرة في مكتب ما يأهلش إنك تعرفين كل ذا التفاصيل عن العمل في أرض المطار



    حينها ضحكت السكرتيرة برقة: ما أنا كنت كابتن تيارة وهربت..






    ******************************






    "أستاذة كاسرة.. فاضية خمس دقايق؟"



    كاسرة تبتسم وهي تمسك بسماعة الهاتف بمودة مرحة: يا ملغش فطوم..


    شكلش عجبتش سالفة أستاذة ذي.. نعم أستاذة فطوم المليغة فاضية آمريني



    فاطمة تكتم ضحكتها وهي تنظر للرجل الواقف أمامها وترد بذات الاحترام:


    الأستاذ سعود هنا عندنا.. ويقول يبي يقابلكم خمس دقايق



    حينها تغيرت نبرة كاسرة من المودة للحزم: أكيد جاي يشتكي؟؟



    فاطمة مازالت تكتم ضحكتها: أكيد أستاذة كاسرة.. فيه شيء ثاني يعني؟!



    كاسرة بهدوء: خليه يتفضل وتعالي أنت وسماح معه.. وأدعي الله يثبتني لأسوي في ذا المخلوق البليد شي..



    باب مكتب كاسرة ينفتح.. ليدخل سعود أمامه سماح وخلفه فاطمة


    تتوجه الاثنتان لتجلسا في الزواية.. بينما سعود يتجه ليجلس على المقعد المقابل لمكتبها من ناحية اليمين



    كاسرة تهمس بحزم مهني: نعم أستاذ سعود.. فيه شيء؟؟



    توتر سعود قليلا.. ودائما هذا ما يحدث.. لا يعلم ما يوتره..


    هل هو صوتها الغني بالمتناقضات؟؟ أم صفوف أهدابها المتماوجة التي لم تستطع فتحات النقاب الشديدة الضيق أن تخفيها؟!!


    أم حضورها الحازم الذي يكتم على أنفاسه بالضيق ويذكره بمأساته الدائمة أنه من كان يجب أن يكون مكانها...



    ولكنه تناسى كل هذا وهو يحاول أن يهتف بحزم: ممكن أعرف استاذة كاسرة


    ليش ما طلعت للدورة اللي أنا قدمت عليها؟؟



    كاسرة بحزم: أعتقد أستاذ سعود إنك عارف... الدورة طلع لها الأستاذ فيصل والاستاذ هلال..



    حينها هتف بحزم ممزوج بغضب: وليش هلال وفيصل هم اللي يطلعون وأنا لا؟؟



    كاسرة ببساطة واثقة: لأنهم هم الأحق بها من حضرتك..



    سعود بذات الغضب: ومن وين جا حقهم... أعتقد أني أقدم منهم في القسم



    كاسرة مازالت تحتفظ بهدوؤها: أستاذة سعود حضرتك توك راجع من دورة.. والدور للأستاذ فيصل والاستاذ هلال



    سعود بذات الغضب الذي بدأ يتزايد: بس الدورة هذي غير.. وانتي عارفة إني من السنة اللي فاتت وأنا أبيها


    قبل ما تصيرين حضرتج رئيسة القسم حتى..



    كاسرة مازالت تتمسك بهدوؤها المهني الذي أثار غضب سعود لأنه يريدها أن تغضب ليجد عليها ممسكا:


    أستاذ سعود الذنب في هذا الموضوع يكون ذنبك ومهوب ذنبي


    لأنه بما أنك كنت تبي هذي الدورة بالتحديد.. كان من المفروض إنك ما قدمت على الدورة اللي فاتت


    لأنك عارف القانون.. ما أقدر أطلعك دورتين ورا بعض إلا لو كان ما فيه متقدمين..


    وأنت عارف إنه الدورة هذي تقريبا تقدم لها كل موظفين القسم


    والأحق كان فيصل وهلال


    عندك شيء ثاني أستاذ سعود؟؟



    سعود وقف وصوته يرتفع بغضب: إيه عندي باقدم شكوى ضدج.. إنه انتي عندج محاباة بين الموظفين..



    كاسرة بذات الهدوء الذي لم تتغير وتيرته: حقك أستاذ سعود


    قدم الشكوى اللي تبي... ومدير الإدارة بيكون الحكم بيننا



    سعود يرتفع صوته اكثر: ومن قال بأقدمها لمدير الادارة.. بأقدمها لمدير الهيئة شخصيا



    كاسرة ببرود مهني محترف: حقك بعد.. بس قصر حسك.. تراك في مكان عمل محترم.. هذا مهوب سوق خضرة



    سعود يصرخ: وتسبيني بعد وتقولين إني بياع خضرة.. زين يا استاذة كاسرة.. زين بتشوفين..


    تراج أنتي إلا بنت يومين.. لكن أنا ولد ذا الهيئة من سنين..


    وترقيتج كلها كانت غلط.. والغلط لازم يتصلح..



    كاسرة زادت من درجة برودها الشديد الحزم: انتهت الخمس دقايق أستاذ سعود


    تفضل لمكتبك شوف شغلك..


    وأنا بأكون سعيدة جدا نتقابل عند مدير الهيئة شخصيا


    لكن حط في بالك إني بأطلب نقلك لقسم ثاني..


    أنا طولت بالي عليك كثير.. واحترمت أقدميتك في القسم


    لكن مصلحة العمل عندي في المقام الأول... وأنا ماني بفاضية لمهاتراتك كل يوم..






    ****************************






    "صالح يأمك قوم.. وش ذا النوم كله.. الظهر قرب يأذن وحتى دوامك مارحت له اليوم"



    صالح همس بإرهاق: تعبان يمه شوي



    أم صالح وضعت يدها على جبينه وهي تهتف بجزع: وش فيك يأمك؟؟ وش أنت تانس؟؟



    صالح جلس وهو يتناول كفها من جبينه ويقبل ظاهرها ويهمس بصوته المرهق:


    ما أنس شيء جعلني الأول.. بأقوم الحين..



    أم صالح بقلق: يأمك حالك مهوب عاجبني.. ما كنت تسهر ذا السهر.. اليوم جيت أدورك صلاة الصبح.. ما لقيتك..



    همس صالح وهو يقف ويتناول فوطته ليتجه للحمام: يمه صليت الفجر وجيت..



    أم صالح بنبرة ذات مغزى: زين ووين كنت لين صلاة الصبح..



    صالح بإرهاق: وين بأكون يعني يمه؟؟



    أم صالح بذات النبرة: أنت علمني..



    صالح بضيق: أدور في سيارتي كني خبل.. ارتحتي يأم صالح..



    أم صالح تعلم عادته الرديئة هذه مؤخرا.. فكثيرا ما أخبرها إنه يقضي الليل يطوف في سيارته أو حتى يمشي على قدميه حتى ينهكه الإرهاق


    همست بضيق عميق: ولمتى على ذا الحال يأمك؟؟



    صالح يقبل رأسها: ضايق يمه.. وش حيلتي؟؟



    أم صالح بحزم غاضب: منت برجال.. اللي فرقى مره يسوي فيك كذا..



    ابتسم صالح: وليه تظنين إني ضايق عشان نجلاء.. انتي تدرين يمه وش كثر أحب عيالي


    وبعدين جعلني فدا عويناتش ابن فطيس يقول:


    والله إن أحر من دمع اليتيم.... دمعة الرجال من فرقا مرة



    أم صالح بجزع: ويش؟؟ دمعة؟؟



    ضحك صالح من جزع والدته: لا أبشرش ما بعد وصلنا ذا المرحلة.. الشهر الجاي يمكن..



    أم صالح تنهدت بعمق: يأمك حالك مهوب حال.. أما أنك ترد مرتك وإلا أعرس.. جوزاء وإلا غيرها



    صالح يتجه للحمام وهو يهتف بحزم: خلينا من ذا السالفة الحين.. أبي اسبح قدام الأذان







    ******************************






    وضحى وسميرة وشعاع في مجمع المطاعم في الجامعة.. يتناولون غدائهم



    وضحى تهتف بابتسامة: سمور شوفي تصلين المغرب وتكونين جاهزة.. تعرفين كاسرة دقيقة في المواعيد وما تحب اللي يتأخر


    وأنا ماني بمستعدة أسمع لي كلمتين عشان وجهش الشين..



    تضحك سميرة: وه يا قلبي.. أنا اموت عليها لا عصبت أصلا.... ياحلوها إذا عصبت.. فديت المعصبين


    عسل ياناس.. شفتي العسل يوم ينكت.. كأني شايفة برميل عسل مكتوت..



    تضحك شعاع: خوش تشبيه... زين وأنا إذا عصبت..



    أغلقت سميرة أنفها وهي تهمس بتأفف: زبالة مكتوتة وأنتو بكرامة.. وريحتها فايحة بعد



    شعاع قرصت ذراع سميرة وهي تضحك: وجع يالبرصاء..



    سميرة تفرك القرصة وهي تضحك: أنتي اللي وجع.. الحين عارفتني برصاء.. وحن يالبرص أقل شيء يسوي علامات في أجسامنا


    الحين شوهتيني... وخربتي مستقبلي.. من اللي بيتزوج وحدة مشوهة الحين؟؟



    وضحى تضحك بدورها: على الأقل إذا عنستي يكون عندش سبب تحججين فيه..



    سميرة الضاحكة على الدوام: العانس أنتي وبنت عمتش.. وإلا أنا سوقي ماشي


    تدرين عاد هل الديرة القرود يموتون في البياض..


    على قولت خالي هريدي: الجعان يحلم بسوق العيش..


    وأنا عاد بينكم يالكويحات سوق العيش...



    شعاع تضحك: أمحق عيش... أشهد أنه على العازة اللي بيضويش..



    ثم التفتت وضحى لشعاع بابتسامة: اشعيع تروحين معنا عقب المغرب لفيلاجيو..



    شعاع بمودة: مالش لوا.. تو كنا فيه أمس رايحين أنا وجوزا نلعب حسون..


    وبعدين أنتو تبون فيرجن تشترون طابعة حق مشروع تخرجكم وتطلعون..


    وش يوديني معكم..



    ثم أردفت شعاع بضيق: كل ما يطري علي إنكم بتتخرجون وتخلوني.. يضيق خاطري..



    وضحى تهمس بمودة صافية: كلها شوي وتلحقينا..



    شعاع بضيق فعلي: وش شوي.. سنة شوي



    سميرة تبتسم: أنتي يام الأفلام الهندية.. أنتي أصغر منا بسنة.. تبين بعد تخرجين معنا أنتي ووجهش..



    شعاع بالفعل تشعر أنها ستبكي: مالت على وجهش.. ما عندش إحساس..



    حينها رقصت سميرة حاجبيها: ياحرام.. مسكينة.. بنروح ونخليها.. تدوج في الجامعة بروحها



    حينها بالفعل سالت دموع شعاع.. لتنتفض كل من وضحى وسميرة بجزع


    وتهتف سميرة بجزع: أمزح معش يا غبية...وبعدين ترا ماحد منا مهاجر..


    بيوتنا كلها قريب من الثاني.. مالت عليش يأم دميعة ترا قلبي ما يستحمل







    *******************************






    منصور ينهي عمله ليتفاجأ أن سيارته شبه خالية من البترول.. ويستحيل أن توصله لمكان ..


    لذا تلفت حوله ليرى أي حد قد يأخذه لمحطة البترول القريبة ليحضر بعض البنزين الذي سيكفيه للعودة للمحطة



    هتف بحزم وهو يرى السيارة القريبة منه: ملازم فهد.. ممكن توصلني للمحطة.. سيارتي مافيها بترول



    فهد ينزل من سيارته ويهتف باحترام وهو يؤدي التحية العسكرية:


    والله إن قد تاخذ سيارتي... وانا بعبي سيارتك بترول وعقب باوصلها لبيتك وأخذ سيارتي



    منصور هز رأسه نفيا وهو يهتف بحزم: جعلك سالم يأبو خالد.. استغفر ربك..


    أبيك بس توصلني للمحطة وعقبه ترجعني..



    قالها وهو ينزل ليتجه لسيارة فهد.. فهد عاد لمقعده.. بينما ألقى منصور نظرة سريعة على سيارة فهد وهو يركب جواره..



    هتف فهد باحترام ومودة عظيمين: نورت سيارتنا يابو علي..



    منصور بمودة: نورك يابو خالد..


    ثم أردف بنبرة ذات مغزى: فهد..



    فهد انتفض من الحمية: لبيه..



    منصور بذات النبرة: لبيت في مكة.. فهد أنت اكيد تدري إني أعدك مثل ولدي..



    فهد بمودة عميقة مغلفة باحترام متجذر: أدري الله يكبر قدرك..



    منصور بذات النبرة: يعني لو أنت محتاج شيء منت بداس علي؟؟



    فهد باستغراب: أكيد طال عمرك



    منصور بحزم مباشر: أنت محتاج فلوس؟؟



    فهد انتفض باستغراب وحرج: فلوس؟؟ لا والله .. الخير واجد ولله الحمد



    منصور بعتب: تدس علي يافهد.. لو أنك منت بمحتاج فلوس.. وش حادك تركب سيارة مثل ذي.. متكسرة من كل صوب..



    حينها لم يستطع فهد منع نفسه من الضحك: السموحة طال عمرك.. بس لو قلت لك السبب بتزعل علي..



    منصور باستغراب: فهد خلص علي.. سيارة مثل ذي مايركبها حد صاحي.. صحيح إنها موديل السنة الجديدة.. بس شكلك شاريها مكسرة من الحراج



    فهد بابتسامة محرجة: طال عمرك أنا شاريها من الوكالة مالها شهرين..



    منصور بصدمة: ويش.. وويش اللي سوى فيها كذا؟؟



    فهد بحرج: وش أسوي بهل الدوحة اللي خلو العالم كلهم.. ومالقوا حد يدعمونه غيري.. لازم كل يوم يومين دعمة ..


    زين عادني حي.. أنت داري إني أوقفها ورا البيت عشان أمي ما تشوفها.. والحين أبي اشتري غيرها أصلا..



    حينها هتف منصور بأمر حازم: اصفط على جنب..



    فهد نفذ الأمر دون تفكير.. ليهتف منصور بامر آخر: انزل أنا بأسوق..


    فهد نفذ الأمر بدون نقاش رغم شعور الحرج المتعاظم



    حين ركب منصور مكان السائق هتف بالامر الثالث: عطني رخصتك



    فهد أعطاه الرخصة.. وحرجه يتزايد ويتزايد


    (يا الله وش ذا النهار؟!!)



    حينها هتف منصور بحزم: والله ماعاد تسوق سيارة لين تدخل مدرسة السواقة من جديد..


    وانا اللي بوصي ضابط مخصوص هو اللي يسوي لك التراي


    لأن اللي عطاك الرخصة يبي له محاكمة عسكرية



    فهد بجزع: تكفى يأبو علي لا تفشلني.. وش عاد بيفكني من لسان الشباب في الثكنة.. والله إن قد يخلوني مطنزتهم..


    أنا أخرتها أرجع أتدرب مع البزارين والسووايق عقب 15 سنة سواقة


    والله إني أسوق من يوم عمري 13 سنة.. وش مدرسته بعد؟؟



    منصور بحزم شديد: فهد انتهى الموضوع.. ومهوب كل مرة تسلم الجرة.. كفاية على أمك وأبيك مراح عبدالله الله يرحمه عليهم


    تبي تفجعهم فيك بعد؟!!






    ******************************







    سيارة كسّاب وعفراء تمخر عباب جمال أنسي الخلاب دون حتى أن ينتبه الاثنان لشيء .. فكلاهما غارق في أفكاره الخاصة


    حتى وقفت السيارة أمام بوابة المصحة التي تقع على مساحة شاسعة من الأرض أكثرها حدائق ومحميات طبيعية..


    تحادث السائق مع الأمن قليلا.. ثم ركب بجوار السائق أحد رجال الأمن.. وتوجهوا للداخل..



    دقات قلب عفراء بدأت بالتعالي وتفكيرها ينصب بحال ابنتها كيف هي الآن..


    شوقها يغتالها لها.. رغم أنه بالكاد مضت 24 ساعة على رؤيتها الأخيرة لها


    تشعر بالتوجس والقلق.. هل صحت من مخدرها؟!


    كيف تقبلت الوضع؟!!


    هل أكلت شيئا؟!!





    ذات الوقت في غرفة جميلة



    صوت خليفة يرتفع بحزم: جميلة بس اشربي الحليب من الممرضة.. لا تاكلين الحين.. بس الحليب



    جميلة تلتفت له ثم تنزل عينيها بخجل وتهمس باستغراب خجول: أنت بأي حق تطول صوتك علي؟!



    خليفة بنبرة استغراب إنما حازمة: نعم؟؟ أي حق؟؟ بصراحة ما أدري بأي حق يا بنت عمي.. أنتي قولي لي..



    جميلة تنهدت بعمق (أي جنون أدخلت نفسي فيه)


    ثم همست بخجل: ماعلية خليفة لو سمحت.. انا ما أبي حليب.. شايفني بيبي..



    خليفة يشعر أنه سينفجر ولكنه قاوم رغبته.. فما زالت هذه هي المحاولة الأولى.. فكيف بمحاولات كل يوم


    هتف بحزم: تشربين أو اشربج غصب..


    قالها وهو يقترب فعلا..



    انتفضت جميلة بجزع.. وذكرى رأسها في كتفها تعود لها...همست برعب: لا بشرب بروحي خلاص..



    الطبيبة كانت تجلس في الزواية غير المرئية من جميلة وهي تسجل ملاحظاتها وتبتسم



    جميلة كانت تشعر أنها تريد أن تتقيأ وهي تشرب الحليب الذي يعبر بدفئه بلعومها الجاف..


    وهتفت بالفعل بالم: بس خليفة والله العظيم بازوع خلاص..



    خليفة باستغراب: شنو تزوعين هذي.. ثم أردف وهو يكتشف المعنى: قصدج تطرشين..


    لا ما راح تطرشين.. كملي كاسج..



    جميلة لم تكمل كأسها لأنها بالفعل أرجعت الحليب كله في ذات الكاس الذي كانت تشرب منه..


    عدا بعض القيء الذي تناثر على يديها ووجهها وملابسها..ويدي الممرضة التي كانت تسقيها



    جميلة شعرت بألم عظيم وخجل أعظم.. شعرت أنها ستختنق من الحرج والإهانة


    وانخرطت في بكاء متحسر أشبه بالأنين


    رغم أنها لم تكن تريد أن تبكي أمامه..



    خليفة شعر أنه هو أيضا سيتقيأ ولكنه قاوم رغبته وهو يقول: ماعليه جميلة عادي.. المرة هذي تطرشين المرة الياية لا


    تبين أساعدج نبدل ملابسج..



    جميلة بجزع بين شهقاتها: لا لا.. دكتورة داليا.. دكتورة داليا..



    داليا قفزت من مقعدها وهي تشير لخليفة أن يخرج.. وأغلقت الباب لتبدل لها ملابسها.. بينما خرجت الممرضة لتغسل وتبدل..


    وجميلة تبكي: تكفين داليا أنا أستحي أقول له.. قولي له يروح الفندق.. يروح أي مكان.. ما أبيه قاعد فوق رأسي.. تكفين



    داليا تبلل الفوطة وتمسح وجهها ويديها وتهمس بحزم: جميلة حبيبتي هذا زوجك..


    والقضية مش لعب.. يعني هو يقدر يقول لي أنتي روحي.. بس أنا ما أقدر أقول له.. وخصوصا أني قاعدة معاكم شوي وبأرجع



    تمسكت جميلة فيها بجزع: لا داليا تكفين لا تخليني.. أنا أصلا باموت قريب داليا.. مستكثرة تقعدين عندي لين أموت..



    داليا بذات الحزم وهي تكمل إلباسها ملابس نظيفة: لا ماراح تموتي إن شاء الله.. أنتي بتشفين وترجعين للدوحة.. ما تريدين ترجعين لأمك وعمك زايد ومزون..



    حينها انفجرت جميلة في بكاء هستيري وهي تتذكر ما تحاول تناسيه دون أن تفلح:


    أبي أمي.. أبي أمي.. جيبو لي أمي.. يمه.. يــــمــــه..


    يـــــــمــــــه



    ليفتح الباب حينها بشكل مفاجئ..


    وتدلف عفراء كأعصار وهي تسمع صراخ ابنتها الموجوع المكلوم يناديها






    #أنفاس_قطر#

المواضيع المتشابهه

  1. رواية سكتني بالقوة وقلي أحبك كاملة , روايات حب جديدة 2014
    بواسطة ∞ Ģoğє في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2013, 12:12 AM
  2. رواية ثرثرة أرواح متوجعة كاملة, روايات حزينة 2014
    بواسطة ∞ Ģoğє في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2013, 12:10 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2013, 12:05 AM
  4. رواية بعض ما خبأته الرياض كاملة , روايات الكاتب أبو بقية 2014
    بواسطة ∞ Ģoğє في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-11-2013, 11:34 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-11-2013, 11:25 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •