مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 13

الموضوع: الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الاول

  1. #1
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الاول

    الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الاول
    الى السيدة الرائعة
    (الحاجة هدى )..
    شكرا
    .. أنا شاب في السادسة والعشرين.. من عمري .. ولكن وجهي يخبرك.. بأني أكبر من ذلك بكثير .. السادسة والأربعين.. على أقل تقدير .. كنت جالساً على السلم الحجري .. المؤدي إلى الباب الخلفي.. لملهي الأوقات السعيدة .. أحد الملاهي الصغيرة.. المنتشرة في شارع عماد الدين..بوسط القاهرة .. الحي الذي أعشقه.. وأعيش فيه .. الليل في نصفة الأول .. وأصوات الموسيقي.. الآتية من داخل الملهي.. تصلني خافتة .. الغيوم تتكاثف في السماء .. فتضفي رهبة.. على ذلك الشارع الجانبي .. كنت في انتظار (باهر) .. صديقي.. وقائد الفرقة.. التي كنت يوماً ما .. أحد أشهر عازفيها .. بجواري على الأرض .. تستقر حقيبة صغيرة .. تحوي داخلها.. على آلتي الحبيبة .. ناي جميل.. لا أملك غيره.. في دنياي البائسة .. سمعت صوت خطوات تمر إلى جواري .. كان القادم هو عم (إبراهيم).. حارس الملهى.. تجازوني.. دون أن يتلفت إليّ.. كعادة الجميع معي في هذه الأيام.. وفتح الباب .. فالتفت أنظر خلفي .. كان الباب يطل على كواليس المسرح .. وهناك شاهدت الفرقة الموسيقية.. بكامل عدتها .. وقد وقف عازف ناي.. "غيري".. على المنصة .. وراح يعزف بمهارة.. وهو يضرب الأرض بقدمه.. كإيقاع مصاحب .. إلى أن أنتهى من العزف .. وعلى الفور.. سمعت اصوات الاستحسان والتصفيق.. من جمهور الحاضرين .. الذين أعجبهم العزف كثيراً .. بعدها غادر العازف المنصة.. لتأخذ الفرقة قسط من الراحة .. خرج اثنين من أعضاء الفرقة.. من الباب الخلفي .. ووقفا يشعلان سيجارتيهما.. بالقرب مني .. وهما ينظران نحوي.. ويتهامسان .. في هذه اللحظة.. خرج (باهر).. ووقف إلى جوارهما .. رأيتهما يتحدثان معه بصوت منخفض .. بعدها أنفصل (باهر) عنهما.. وأقترب مني .. حاولت أن أغتصب ابتسامة.. أو أن ألصق واحدة على شفتي .. وابتعلت ريقي.. ثم قلت.. وأنا أضع يدي على حقيبة الناي "ماذا قلت يا (باهر).. لقد أحضرت طفلتي معي.. .. فلربما كنت في حاجة إلى شخص لديه بوق".. نظر (باهر) نحوي.. ثم هز رأسه وقال (( لا ياضياء .. ليس هذه المرة .. لقد افسدت كل شيء في المرة السابقة.. مما أضطرني إلى أن أشتري لك الخمر بنفسي.. حتى يستقيم الأمر )) ثم هز رأسه.. واستطرد قائلاً (( أنت وهذه الآلة لم تعودا تنتميان إلى عالم واحد)) نظرت نحوه بكبرياء مجروح.. وهتفت ((أنا .. خمرة .. لا لا .. لقد تخطيت هذه المرحلة .. أقسم لك)) حاولت في يأس أن تكون كلماتي مؤثرة.. بقدر الإمكان (( أنا أعرف مضار الخمر .. أنا لست عجوزاً إلى هذا الحد .. إن أمامي بصحة هذه الآلة.. العديد من السنوات اليانعة.. فأنا استطيع أن أكون الفتى الأول .. رقم واحد .. كل ما ينغي علي عمله.. هو.. أن أقلع عن عادة سيئة واحدة .. استمع إليّ يا (باهر) ..إن هذه الآلة الجميلة.. وهذه الألحان الرائعة القابعة داخلها.. أنت بنفسك تعلم إنني عندما أرفع هذا الشيء إلى فمي .. أستطيع أن أبكي كل من يسمعني )) وهممت بالوقوف.. كي استطيع الاسترسال.. في اقناع (باهر) بقدراتي .. ولكن هذه الحركة .. أفلتت زجاجة الخمر .. التي كنت أخفيها.. تحت معطفي .. فسقطت على الأرض.. وتحطمت بصوت مسموع .. نظر (باهر) نحو السائل المسكوب .. فنكست راسي.. أتطلع إلى الزجاجة المحطمة .. شاهدت (باهر) يكنس بقاياها بقدمة.. ويركلها إلى أرض الحارة المظلمة .. وهنا سمعت أحد العازفين.. يقول لزميله ساخراً (( إذا كان الرجل لديه العديد من الاصدقاء الجيدين.. فلماذا يستأجر أسوء أعدائه )) بالطبع كان يشير بكلامه إليّ .. وهنا رفع (باهر) نظره من الأرض.. دس يده في جيبه .. وأخرج ورقة من فئة الجنيهات العشر .. واخفاها في جيبي.. وهو يقول (( هذا من أجل صداقتنا الماضية)) أومأت براسي.. غير قادر على الكلام .. ولكني شعرت بالرقة في صوته.. وهو يتابع ((الأيام الجميلة .. ايام كنت تمتلك الناي الذهبي.. وتعزف عليه أعظم المقطوعات الموسيقية )) وصمت قليلاً.. ثم أردف (( لكنك بعت كل هذا بالخمر .. أدمتها.. وضيعت سمعتك وحياتك )) وامتلئت عيناه بالدموع.. وهو يقول في تأثر واضح (( لماذا فعلت بنفسك هكذا يا (ضياء) .. لماذا .. لماذا )) وراح يكررها كالمعتوه .. ظللت منكس الرأس لفترة طويلة .. استعدت خلالها عذابات حياتي كلها .. ثم قلت بصوت باكي (( تريد أن تعرف لماذا فعلت ذلك يا (باهر).. فعلت ذلك لأني .. لأني حزين .. لأني لا شيء على الاطلاق .. لأني سأعيش حياتي.. كلها.. فوق سطح متهدم قذر .. ولن استطيع التعرف على أي فتاة .. لأني إنسان خجول .. خجول .. خجول .. ولن أكون أي شيء.. لان نصفي هذا البوق .. فأنا لا أستطيع أن أتحدث مع الناس.. لا أستطيع أن أقيم علاقات اجتماعية مع أحد .. نصف لغتي هي العزف على هذه الآلة .. ولا يستطيع إنسان أن يتعامل مع الناس.. بنصف لغة )) ورحت اهبط درجات السلم.. وأنا أتابع كلامي .. الذي أوجهه لنفسي.. أكثر مما أوجهه (لباهر) ..( لكني عندما أكون مخموراً .. نعم يا(باهر).. عندما أكون مخموراً .. لا أرى كم هي قذرة جدران غرفتي .. لا أرى دورة المياه اللا إنسانية التي استخدمها .. حتى أنني لا أشعر بثقل الوقت ولا أن الساعات طويلة .. أشعر كأني روح إلهية.. في يدها بوق عظيم .. وعندما أضع ذلك البوق على شفتي .. تخرج منه الجواهر .. تخرج منه سيمفونية رائعة .. تخرج منها رائحة الزهور.. وليالي الصيف الجميلة .. يخرج..يخرج منه الجمال )) وصمت لحظات متفكرا ..قبل أن أتابع (( عندما أكون مخموراً يا (باهر).. فقط .. عندما أكون مخمورا)) ورحت أجر قدماي نحو ظلام الحارة .. ومن ورائي نظرات (باهر).. تلاحقني في إشفاق .. وأنا أتابع لنفسي (( يا الهي .. إنني أحمل كثيراً من التعاسة .. في داخل صدري كثيراً من الحزن .. أنا لا شيء .. بكل بساطة .. أنا لا شيء على الأطلاق .. أه يا ربي .. لقد سئمت حياتي هذه )) واستندت على الحائط .. ودفنت وجهي في زراعي.. وأجهشت بالبكاء .. وعندما هدئت قليلاً.. ملت على حقيبتي.. أفتحها في حنان .. أخرجت منها آلتي العزيزة .. ووضعتها على شفتي.. وبدأت في العزف .. في البداية .. انبعثت من الناي نغمات شفافة .. كأنها البلور .. عظيمة الجمال .. رقيقة .. ثم لم تلبس أصابعي أن عزفت ..رغماً عني .. ألحان شاذة منفرة.. في تتابع سقيم .. حملت هذه النغمات الخشنة .. كل ما يعتمل في نفسي.. من أحباط.. وغضب.. وفشل.. ويأس .. فقط جعلت أنفخ بكل ما اتيت من قوة .. وسرعان ما انتشر القبح في الهواء .. سرت في طريقي.. وأنا أنفخ في البوق.. نغمات مضطربة .. كما لو كنت أبكي حياتي في داخلها .. أنا ضياء الزين .. شاب صغير.. صناعته خلق الموسيقى الجميلة .. أنا شاب صغير بوجه رجل عجوز .. حياتي سلسلة من المستحيلات .. أنا مثل زهرة نبتت في قاعدة من الأسمنت المسلح .. أنا شاب على وشك أن يغادر سطح الأرض .. ليستقر في أعماقها




    ضياء الزين

  2. #2
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الثانى

    الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الثانى
    ألقيت نظرة على أضواء الشارع بالأسفل .. وأنا جالس على حافة السطح .. إلى يميني.. تستطيع أن ترى حجرتي الحقيرة.. الكالحة .. وإلى اليسار .. حبل غسيل.. منشور فوقه.. عدداً من القمصان .. ونتيجة للظلام.. بدت لعيني.. كلها سوداء.. كالأشباح .. وفي تلك اللحظة.. هبت دفعة من الريح .. فراحت القمصان بأزرعها الفارغة.. ترفرف في اتجاهي .. تدعوني أن أقدم.. لأشاركها.. في حياة الخواء.. الشبحية.. التي تحياها .. كانت تدعوني إلى الفناء .. فأخرجت زجاجة الخمر من جيب معطفي .. ورفعتها نحو الأشباح القماشية.. وقلت في همس ساخر (( في صحتك)) وفي سكون الليل .. جرعت ما تبقى في الزجاجة.. من السائل الذهبي .. ثم ألقيتها تحتي.. في لا مبالاة .. وأخرجت الناي من الحقيبة.. وألقيت عليه نظرة حانية .. قبل أن استرسل في الغناء ..من حقى ان اشدو بالحزن ..من حقى ان اشعر بالغبن.. من حقى ان اتسكع فى الطرقات..من حقى ان اطلق من صدرى الااهات.. كنت اناوب بين الموسيقى والغناء.. في تناسق بديع .. وفجاء توقفت عن العزف .. وتسمرت في مكاني .. عندما وقع بصري على فتاه .. جميلة .. بسيطة .. رقيقة .. تشعر عند النظر إليها.. بالدفئ والانوثة .. كانت تقف على السطح المجاور .. لا يفصلها عني الا السور .. سمعت صوتها الحالم يقول (( أرجوك لا تتوقف .. استمر في العزف والغناء . ).. فقلت ساخراً.. رغم تأثري ببرائتها .. ( لا لم اعد استطيع .. لا اعتقد اني قادر على الاستمرار الا في شي واحد .. هو هذا الشي.. وركلت زجاجة الخمر الفارغة .. لتتدحرج فوق السطح .. ثم تسقط في الشارع المظلم .. وترتطم بالارض .. ونظرت إلى الفتاة وتابعت (( بالفعل هذه هي الحقيقة .. فأنا لا استطيع الاستمرار في العزف والغناء .. لان في داخلهما يمكن.. حزني وخجلي.. وفشلي .. في التفاعل مع الحياة..والناس من حولي )) والقيت نظره اسى على الزجاجة المنتحره.. في قارعة الطريق .. ثم لم البث ان رفعت رأسي فجاءة .. في انتباهه مخمورة .. وكأني تذكرت شيئاً هاماً .. وقلت للفتاه ( هل يمكنك يأ انستي ان تعيريني بعض النقود لكي .. ) صمتت .. عدت إلى رشدي سريعاً .. هل وصلت إلى هذه الدرجة من السفالة .. استغل فتاة بريئة.. بحقاره .. من اجل زجاجة خمر .. وهززت رأسي .. ووضعت الالة الحبية في الحقيبة .. وهممت بالاتجاه نحو باب السلم .. عندما سمعت الفتاه.. تقول في حزن ( هل تعني انك لن تعزف ابداً بعد اليوم ) توقفت.. نظرت نحوها .. استجمعت رباطة جأشى وقلت .. ( لا .. لا يا انستي .. لقد انتهيت لتوي من عزف اخر الحاني .. اخر الحاني كلها .. وليس هناك المزيد )) ثم قلت بحزن .. ( سعدت بالتعرف إليك يا انستي .. فأنت تبدين لي فتاة جميلة وجذابه )) تعجبت من مقدرتي على محادثة الفتاه.. بهذه الكلمات الحلوه .. وهذه الجراءه.. التي لم اعهدها في نفسي من قبل .. ولكن على ما يبدوا ان قرب نهايتي .. هو الذي حل العقده من لساني.. ففقهه قولي .. وتابعت ( انت جديدة على هذا الحي .. أليس كذلك .. ) .. اومئت برأسها.. فصمتت متفكراً لحظات .. ثم تابعت ( كنت امل ان اصحبك في جوله .. لاعرفك على هذا الحي.. الحبيب إلى قلبي .. كنت آمل ان اخذك.. إلى حيث تعزف الموسيقى الرائعة .. كنت آمل ايضاً ان تستمعى إلى .. وانا اعزفها هناك )) وتوقفت لحظات متفكراً .. ثم تابعت برنه اسى ( كان جميلاً ان اتعرف إليك يا انسه ) ثم اكملت مسيرى نحو باب السلم ..

  3. #3
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الثالث

    الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الثالث
    كان محل الالات الموسيقية.. في مواجه سينما مترو تماماً .. وعندما دفعت الباب الزجاجي .. دق جرس معدني.. كان معلقاً هناك .. ودخلت المحل .. وانا احمل الحقيبة.. التي تحوي داخلها.. بوقي العزيز .. كان صاحب المحل رجلاً سمينا .. يرتدي نظاره ذات اطار ذهبي .. وسلسلة معدنية.. تلتف حول رقبته .. وعندما رأني اتجه نحوه .. نظر إلى حقيبتي.. بنظره تحمل الكثير.. من خيبه الامل المصطنعة .. فقد نقل بصره بسرعة.. إلى النافذة الزجاجية.. المطلة على الطريق .. التي كانت ممتلئه.. بالالات الموسيقي .. الشبيهه ببوقي .. وسمعت صوت الرجل وهو يقول ( لقد عدت مره اخرى هه .. ) .. وضعت الحقيبة فوق العارضة الزجاجية.. التي كان يرتكن عليها .. ففتحها وتفحص الناى لبرهه.. ثم قال دون حماس ( عشرة جنيهات ) .. قلت في هلع ( عشرة جنيهات فقط ) وهنا اغلق الرجل الصندوق .. ودفعه نحوي .. بما معناه.. اما ان تقبل او ترحل .. قلت بسرعة ( اقبل .. اقبل ) وبعد ان وقعت على ايصال البيع .. ناولني الرجل الورقة المالية .. القيت على الناي.. نظره وداع .. وانا اتحسسه بحنان .. فقال لي صاحب المحل ضاحكاً ( لماذا لا تقبله ايضاً ) .. وفعلاً رفعته امامي وجهي .. ورحت أتأمل تفاصيله بإستغراق.. ثم أعدته إلى موضعه .. وإتجهت نحو باب المحل .. وقبل أن أخرج .. سمعت الرجل يقول (( هل بدلت عملك )) . فألتفت إليه .. وقد بدأ على وجهي.. أنني لم أفهم.. ما يعني.. بقوله هذا . فأشار إلى الناى .. وهو يتابع (( لم تعد في حاجة إليه .. هه )) فأجبته هامساً (( كما لو كنت تسألني .. عما إذا كنت.. لم أعد في حاجة إلى قلبي )) ودرت على عقبي.. وقلت في إستسلام .. (( فات أوان ذلك الآن )) ثم تابعت لنفسي وأنا أغلق الباب الخارجي (( سأخرج من هنا .. لأدخل الخانة المجاورة .. وبعد عشرون دقيقة.. سأخرج منها.. ثم .. )) ووضعت يدي على صدري في حنان.. وأنا أتابع (( ثم لن أعود في حاجة إلى قلبي هو الأخر )) وتابعت طريقي . خرجت من الخانة أترنح .. لا أستطيع السير.. إلا بصعوبة بالغة .. ألقيت نظر على المحل.. الذي بعته بوقي.. منذ قليل .. فوجدت صاحب المحل... يضعه في نافذة العرض الخارجية .. وقد أرتفع سعره.. فجاءه.. إلى خمسين جنيهاًً .. وعندما رآني الرجل أنظر إليه.. قال في حرج (( هناك مصاريف كثيرة يجب علي دفعها .. إيجار المحل .. النور .. الضرائب ..وفي النهاية.. لابد لي من بعض الأرباح .. حتى أستطيع الإستمرار في الحياة )) وصمت لحظة وهو يتفحصنى.. ثم قال (( ثم أنت موسيقي ..والموسيقى ليس عليه إلتزامات كثيرة .. )) كان يصلني صوته من خلف الزجاج مكتوماًُ .. فتابعت طريقي وأنا أقول (( نعم ليس علي إلتزامات كثيرة .. ليس علي إلتزامات على الإطلاق )) وعبرت الطريق نحو سينما مترو ..وفجأة سمعت صوت.. عجلات شاحنة.. تزحف على الأرض .. من جراء.. ضغط السائق.. الشديد.. على الفرامل .. وعلى ألطوار المقابل.. رأيت إمرأة.. تصرخ بشدة .. وقد أخفت وجهها بكفيها.. في فزع .. وطبعاً شعرت بشيء معدني .. يضربني بقوة .. ويلقيني إلى جانب الطريق.. منكفئاً على وجهي .. بعد ذلك .. لم أعد أشعر بشيء

  4. #4
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الرابع

    الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الرابع
    لا أعرف كم بقيت على وضعي هذا .. ولكنى عندما فتحت عيني .. رأيت المشهد حولي .. كما تركته قبل الحادثة .. الناس في غدو ورواح .. والمحال .. والأصوات المختلفة.. تملأ الجو.. صحيح أنني لاحظت.. إختلاف في الوجوه .. ولكن هذا لم يشغلني كثيراً .. على ما يبدو .. أن خطة الإنتحار.. قد فشلت هي الأخرى .. وببطئ شديد .. بدأت أتحسس وجهي وجسدي .. وبصعوبة دفعت نفسي .. ونهضت واقفاً على قدماي .. تلفت حولي .. الشاحنة لا وجود لها .. كما لو كانت قد تبخرت ..أتجهت نحو الطوار .. وعلى حين غرة .. رأيت ضابط بوليس.. أمامي مباشرة .. فرفعت يدي أمام وجهي.. بحركة لا إرادية.. وهتفت في خوف شديد (( أرجوك يا حضرة الضابط .. أنا لست ذلك النوع من المخمورين .. لقد كانت هناك تلك الشاحنة .. كل ما فعلته أنها قبلتني فقط .. ولكنك تستطيع أن تسأل عني الشاويش أبو زيد.. وسيخبرك.. أنني لست من ذلك النوع السيئ من المخمورين )) ملئني الذهول.. وأنا أتطلع إلى الضابط .. أنه ينظر هنا وهناك.. ومن خلالي .. دون أن يراني .. ثم ها هو يعدل من وضع مسدسه.. ثم ينصرف.. مبتعداً عن طريقي .. ليتركني أحدق فيه بدهشة بالغة .. تلفت أنظر حولي .. ورأيت الحانة على بعد خطوات .. فأتجهت نحوها .. وأنا أخرج سيجارة.. من جيب سروالي .. وضعتها في فمى .. ولكنى لم اجد عود ثقاب لاشعلها .. انتظرت حتى اقترب مني شاب.. بصحبه خطيبته .. وهتفت به (( معذرة يا اخي .. هل تمانع في ان تعطيني .. ) ولكنه تجاوزني.. هو وفتاته .. دون حتى ان يلتفتا نحوي .. هناك رجل قادم من الاتجاه المعاكس .. قطعت عليه طريقة قائلاً ( معذرة يا سيدي .. هل اجد معك قداحة لاشعل سيجارتي .. ) ولكن الرجل هو الاخر تخطاني.. دون أن يلتفت نحوي .. وكأنه لا يراني .. وقفت أهز رأسي متفكراً .. وعلى وجهي إبتسامة تائهة .. ثم لم ألبث أن عبرت الشارع.. إلى الجهة المقابلة .. حيث تقع سينما مترو .. كانت الفتاة.. في شباك قطع التذاكر .. مشغولة .. في قراءة مجلة عن السينما .. فنظرت نحوها .. من خلال قضبان الشباك.. وأنا أقول (( السينما هى صندوق الاحلام هة )) .. ولكن الفتاة تابعت القراءة .. وتجاهلتني تماماً .. فعدت أقول .. (( أنا لا أعاكسك يا آنستي .. فأخت صديقي أشرف.. هي التي تجلس مكانك.. في العادة .. وكنت أريد أن أتحدث معها .. عما جرى لي مؤخراً .. في البداية كانت هناك تلك الشاحنة .. التي تتقدم مسرعة في إتجاهي .. ثم .. على الأقل كوني ظريفة معي . وتخلي عن هذه المجلة لمدة ثواني.. وإسمعيني .. فأنا على ما يبدو .. أصبحت غير قابل للمس .. فأنا مثلاً عندما أتحدث مع الناس .. وأطلب منهم إشعال سيجارتي .. )) ولكنى بترت عبارتى فجأة .. عندما حانت مني إلتفاته.. إلى المرآة الكبيرة.. التي تحتل كامل الحائط.. المواجهة لشباك التذاكر .. ورايت في داخل المرآة كل شي .. كل شي .. الفتاة .. الشباك .. افيش فيلم ( فلاش دانس ) .. أما أنا.. فلم يكن لي وجود داخلها.. على الإطلاق .. إقتربت من المرآة.. في خطوات مرتجفة .. وواجهتها . ولكنى لم أرى إلا الخلفية .. أما أنا فقد أنعدمت تماماً .. تحسست المرآة .. تحسست نفسي .. وفي النهاية.. سقطت ذراعي إلى جانبي .. وأنا أقول في تسليم .. (( يبدو أنني قد مت بالفعل .. هذا هو ما حدث .. لقد أنتهيت تماماً )) ..وقفت في مدخل السينما .. ورحت أتطلع إلى وجوه الناس.. الذين يعبرون أمامي .. متنقلاً من وجه إلى أخر .. ثم هتفت بأحدهم (( هاااي .. أيها الرجل الأنيق .. أنا شبح .. لقد قامت الشاحنة بعملها.. على أكمل وجه.. هذه المرة )) وصمت برهة قبل أن أتابع (( عووو .. أنا أفزعك الآن .. لماذا لا تخاف مني .. ألم تفهم بعد .. أنني شبح .. شبح .. شبح )) وعندما فشلت في جذب إنتباه المارة نحوي.. أخذت نفساً عميقاً .. ورحت أضرب في الشوارع.. على غير هدى.. وأنا أقول (( لأول مرة في حياتي القصيرة أنجح في شئ ما )) .. في داخل الحانة .. كان هناك .. عدد قليل جداً من الزبائن.. موزعون هنا وهناك .. في انحاء القاعة .. توجهت مباشرة نحو البار .. وجلست على المقعد الدوار .. أمام سيد البارمان مباشرة .. رجل في الخمسينات في عمره .. تبدو على ملامحه الطيبة والحكمة .. ورحت أضرب النضد بأصابعي.. وعندما لم يلحظني.. قلت ساخراً (( سيد البارمان . لا يعمل اليوم .. أليس كذلك )) ثم نظرت نحو الرجلين.. اللذين يجلسان إلى جواري.. وتابعت (( ولا أنتم أيضاً تستطيعون رؤيتي )) ثم دورت بالمقعد في حركة بانورامية.. وتابعت.. وأنا أنقل بصري بين رواد الحانة (( أنتم جميعاً لا تروني )) .. ثم رفعت أصبعي أما وجهي وقلت (( ولكن لدي ملاحظة هامة أيها السادة .. لقد أعتدت المجيء إلى هذا المكان.. كل يوم تقريباً .. ولكني لم أشاهد أحداً منكم من قبل .. ويؤلمني جداً أنكم لا تستطيعون ملاحظتي .. مثل أهل حياتي الماضية .. بالرغم لشوقي الشديد إلى إهتمامكم بي .. وتعاطفكم معي )) .. درت بالمقعد مرة أخرى.. مواجهاً سيد البارمان .. وتأملته في إعجاب.. وأنا أواصل (( وأحب أيضاً أن أقدم لكم .. شخصاً عزيز على جداً )) ورفعت يدي في حركة تمثيلية.. نحو سيد وتابعت (( هذا هو سيد البارمان .. لقد كان يمدني في بعض الأحيان بكأس أو كأسين .. كمنحة من المحل .. عندما لا يكون معي نقود .. لقد كان بالفعل رجلاً لطيفاً .. هل تعلمون ماذا فعل معي في أحد الليالي ..)) ونظرت في عينيه التي لا تراني وقلت لة(انت تعلم جيدا ما فعلتة من اجلى) ثم أستطردت مخاطبا رواد المكان.. (( لقد بحث عن أسطوانة لي .. كنت أشارك العزف فيها.. واحد من رواد الغناء العربي .. وكان هذا منذ فترة طويلة .. وكان لي في هذه الأسطوانة .. عزف منفرد على الناى .. لقد شغل هذه الأسطوانة من أجلي .. وكانت مفاجأة كبيرة لي )) .. هززت رأسي.. مبتسماً بإمتنان للذكرى .. ثم عدت أقول (( هل تصدقون هذا الشيء اللطيف من سيد العجوز )) ثم تلاشت الإبتسامة عن وجهي.. وأنا أواصل (( حدث كل هذا .. عندما كنت حياً )) وغادرت مقعدي.. متجهاً إلى باب الخروج .. ولكنى توقفت في منتصف الطريق .. ورحت أتطلع حولي متفكراً .. وأنا أقول لنفسي ( ولكن هذا غريب جداً .. فلو هذا ما حدث لي .. أقصد هل سأظل أتنقل من مكان إلى أخر هكذا.. بدون هدف .. إن هذا قد يورثني الجنون .. أقصد أنه ليس هناك من أتحدث إليه أو أستمع إليه .. كلا سواء .)) ثم فتحت باب الحانة وخرجت.. وأنا أقول (( كنت شاب عجوز لا يثير إنتباه أحد ..والان اصبحت.. شبح شاب عجوز.. ايضا لا يثير انتباة احد )) . قادتني قدماي الى ذلك الركن المظلم .. من الشارع الخلفي .. الذي يطل.. على ملهى الأوقات السعيدة .. الذي حدث فيه ذلك الموقف المؤثر..العاصف.. بيني وبين ( باهر ).. مساء الأمس .. الباب مغلق .. والموسيقى تصلني ضعيفة واهية .. ولكن فجأة .. طرق مسامعي .. صوت عزف منفرد.. لناى .. ولكنه كان قريباً جداً مني .. فألتفت حولي .. أبحث بعيناي .. عن مصدر تلك الموسيقى الخلابة.. وهناك إلى جوار أحد الجدران الكاحلة .. رأيت رجلاً يرتدي ملابس رسمية بيضاء .. منهمك في عزف مقطوعة موسيقية جميلة .. فرحت أتقدم من مجلسه .. مستمتعاً بالنغمات الرائعة.. الصادرة من الناي .. ولكنه توقف عن العزف .. عندما أقتربت منه .. فقلت له مسحوراً بالموسيقى العذبة (( أرجوك أستمر.. إن عزفك رائع )) فإذا بالرجل يبتسم.. وهو يقول لي (( أشكرك )) .. ضربت رأسي بكفي في ذهول .. ونظرت إلى الرجل.. وسئلته في دهشة (( هل قلت لي اشكرك .. هل سمعت صوتي .. )) أتسعت إبتسامة الرجل وأجاب (( نعم سمعتك )) فقلت بلهفة (( وهل تراني )) عاد الرجل يهز رأسه.. وهو يقول (( بكل وضوح )) حككت رأسي غير مصدقً .. ثم قلت (( هل أنت شبح أيضاً ..)) فإبتسم الرجل وقال (( ليس كذلك بالضبط )) فقلت في حماس (( هذا الصباح .. ألقيت بنفسي أمام شاحنة مسرعة ..)) ثم مبتسماً تابعت (( صدقني .. إن هذا ضار جداً بالصحة .. لا تحاول تجربته يوماً ما )) فإبتسم الرجل الغامض .. وهو يناولني بوقه قائلاً (( هل تحب أن تعزف قليلاً على هذا الشيء.. يا ضياء )) فتناولت الناي من يده في حماس .. وأنا أقول . (( نعم نعم .. أتمنى ذلك .. هل تسمح لي )) فأشار الرجل نحوي مؤكداً (( يمكنك أن تفعل به ما يحلو لك )) تناولت البوق ..لكنى توقفت فجأة.. محدقاً في وجه الرجل .. وأنا أقول في ذهول (( ضياء.. هل قلت ضياء )) فهز الرجل رأسه وقال (( نعم .. ضياء الزين !. هذا هو أسمك .. أليس كذلك )) قلت موافقاً (( نعم هذا هو أسمي .. ولكننا لم يسبق لنا التعارف من قبل )) فقال الرجل ببساطة (( ليس بصورة رسمية .. ولكنى أعرفك على نحو ما .. وأعرف أنك عازف ناي ممتاز .. وأنا أيضاً خبير في العزف على الناي .. والآن .. هيا .. أرني عزفك )) وأشار إلى الناي بطرف إصبعه .. فرفعته إلى فمي .. وما هي إلا لحظات قليلة .. حتى بدأت الموسيقى الجميلة الرائعة.. تمليء الجو من حولنا .. كانت النغمات دافئة .. وغنية .. وممتلئة بالحياة .. ولكنى توقفت بعد فترة .. ونظرت إلى الرجل الغامض وسئلته .. (( كيف رأيتني.. وعرفتني .. هل أنت شبح.. هل أنت رجل ميت )) فقال لي الرجل .. وهو يضغط على حروف كلماته (( أنا لست ميتاً .. حتى أنت لست ميتاً أيضاً )) فإتسعت عيناي في ذهول وقلت (( أنا لست ميتاً))فقال(( بكل المقاييس )) فقلت وأنا أشير بذراعي في الهواء (( هل تعني أن رواد البار .. والفتاة في شباك قطع التذاكر ..والناس اللذين في الشارع )) قاطعني الرجل (( كلهم أموات .. وأشباح أيضاً .. أنت الوحيد الحي في هذه المدينة )) فقلت له (( لقد أخبرتك لتوي .. أنني ألقيت بنفسي أمام شاحنة هذا الصباح )) فقاطعني الرجل مرة أخرى قائلاً (( هذا هو ما فعلته بنفسك .. أما الآن فأنت لست هنا .. ولا هناك .. أنت في الوسط .. أنك تعيش حياة برزخية .. بين الواقع والخيال .. ترى ما هي نوع الحياة التي تفضلها الآن )) فقلت متفكراً (( أتقصد أن هناك فرصة أمامي .. كي أعود حياً مرة أخرى .. إلى تلك الحياة التعيسة .. التي هربت منها منتحراً .. أو أن أصبح ميتاً رسمياً .. كما هو الحال.. مع أهل المدينة هؤلاء )) هز الرجل رأسه موافقاً وقال (( نعم .. ولكن قبل أن تختار ما بين هذا أو ذاك .. أحب أن أعرف السبب.. الذي دفع بك إلى الإنتحار )) .. كررت على مسامع الرجل الغامض .. كل ما قلته الباهر بالأمس .. فتطلع الرجل إلى عيني مبتسماً .. ثم قال (( حسناً .. لا تتخذ قرارك الآن .. فقط إتبعني .. فأن أريد أن أطلعك على أمر ما .. قد يساعدك في إتخاذ قرارك )) سار الرجل الغامض أمامي .. وأنا أتبعه .. وأصوات الموسيقى الخافتة.. القادمة من الملهى .. تنساب في ظلام الحارة .. قطعنا شارع طلعت حرب حتى نهايته .. عبرنا ميدان التحرير .. ثم دخلنا في حي جاردن سيتي الهادئ.. وراح الرجل الغامض يتنقل من شارع إلى أخر .. وأنا أتبعه في صمت .. متفكراً فيما يحدث من حولي .. إلى أن توقفنا أمام فيلا.. رائعة الجمال .. وعلى بوابتها.. شاهدت.. لافتة ضخمة.. مكتوب عليها .. (( معهد العلاقات الإجتماعية )) وإندهشت جداً .. فأنا رغم معرفتي التامة .. بتفاصيل هذا الحي .. إلا أنني لم أشاهد هذا المعهد من قبل .. وكأنه قد برز.. فجأة.. من العدم .. ودخلنا .. بعد أن سمح لنا رجل الأمن .. الواقف على البوابة بذلك .. وصعدنا درجات السلم المؤدية إلى باب الفيلا .. وعندما أصبحنا داخلها .. وقفت في الصالة الكبيرة.. أتلفت حولي .. كان هناك تسعة أبواب مغلقة .. تقع على محيط دائرة .. وقال الرجل الغامض .. وهو يشير إليها .. (( خلف كل باب من هذه الأبواب .. ستتعلم شيئاً جديداً .. ربما يساعدك في إتخاذ قرارك الهام .. والآن إلى الأمام )) وتوجهنا نحو الباب رقم (1).. وفتحه الرجل الغامض ودخل .. وتبعته أنا على الفور

  5. #5
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الخامس

    الحياة مرة اخرى..فن التفاعل مع الناس والحياة ..الفصل الخامس
    ????????????????????وجدت نفسي أقف في قاعة .. متوسطة الحجم .. قد صفت فيها.. مجموعة كبيرة من المقاعد .. وفي المواجهة.. كان هناك ما يشبه المسرح الصغير .. وقد سلطت عليه أضواء قوية .. بينما كانت بقية القاعة.. تسبح في الظلام .. في وسط المسرح جلست سيدة عجوز .. نحيفة .. على وجهها علامات السنين المتعاقبة.. على شكل خطوط متداخلة .. كانت ترتدي جلبابا ًعربياً.. من ذلك النوع .. الذي ترتديه النساء.. في بلاد الشام .. وكانت جالسة على وسادة.. فوق الأرض .. والديكور الموجود حولها.. بسيط للغاية .. يعطيك إيحاء .. بالحياة المتواضعة .. التي يحياها عامة الناس .. ولكن أهم ما يميز هذه المرأة العجوز .. التي تشبه فلاسفة اليونان .. هي تلك النظرة المتألقة.. في عينيها .. من خلال النظارة الطبية.. التي ترتديها .. أما المقاعد .. فقد جلس عليها أناس من مختلف المشارب .. إتخذنا أن وصاحبي .. مقعدين في مؤخرة القاعة .. وما هي إلا لحظات .. حتى بدأت العجوز الفيلسوفة.. في الكلام.. فقالت (( مرحباً بكم أيها السادة والسيدات .. أسمي مدام نورا .. محاضرتنا اليوم تدور حول.. كيفية التخلص من الخجل الإجتماعي .. والإنطواء .. الذي يمنعنا من التفاعل مع الحياة والناس بسهولة .. إن السبب الرئيسي في خجلنا .. هو خوفنا من الناس .. خوفنا من أن نتعرض للإحراج .. خوفنا أن لا نقول ما يفترض فينا قوله .. أو أن لا نقول شيئاً على الإطلاق .. إذن فالخجل ما هو إلا نوع من الخوف .. وبتركيز إهتمامنا على معالجة الخوف .. فسوف يتم التغلب على الخجل.. بطريقة آلية .. والطريقة المثلى للتغلب على الخوف من أي شئ في الحياة .. بسيطة جداً .. وديناميكية أيضاً .. فقط كل ما عليك فعله.. هو تحويل هذا الخوف إلى حب .. وستكون النتائج مبهرة .. إنقلاب جذري في العلاقات داخل نفسك .. فبعد أن كنت تبتعد وتنفر وتهرب .. ستقترب وتألف وتتمنى اللقاء .. وهذا هو بالضبط .. ما سوف نفعله.. مع خوفنا من الناس .. سنحوله إلى حب .. بغض النظر .. عن تحليل منشأ هذا الخوف .. أو إرجاعه إلى أسبابه الأصلية .. لأن ذلك سيكون مضيعة للوقت .. سنبدأ مع مشكلتنا من النهاية .. من الأمر الواقع.. هناك خوف من الناس.. يمنعنا من التفاعل معهم بنجاح .. ونريد أن نحول هذا الخوف إلى حب .. ماذا نفعل .. هناك طريقة عملية ومجربة في هذا المجال .. ولكنها في حاجة إلى إستخدام خيالنا.. بطريقة مبتكرة.. وغير تقليدية .. ولكى تتضح الصورة أكثر في العقول .. سأجري عرضاًً حياً امامكم .. هل هناك من يرغب في المساعدة )) ودون أن أدري .. وجدتني أرفع يدي مع آخرون .. في أماكن متفرقة من القاعة .. ووقع إختيار ( مدام نورا )) على شخصى الضعيف .. فتقدمت من المنصة.. وجلست إلى جوارها .. وبعد أن سئلتني عن أسمي .. قالت بصوتها الواثق الأليف (( حسنا يا ضياء .. ما الشيء الذي تحبه بالفعل .. من كل قلبك )) فقلت دون تفكير (( بالطبع آلة الناي.. التي أملكها )) فظهر الإرتياح على وجه مدام نورا ) ثم قالت (( حسناً .. الآن تخيل الناس .. أي ناس .. وكل الناس .. يقولون لك .. يا ضياء لو نحن نايك.. فبماذا ستشعر نحونا )) فقلت على الفور (( بالطبع سأشعر نحوهم بالحب )) فربتت ( مدام نورا ) على فخذي مبتسمة .. وأشارت لي بالعودة إلى مجلسي .. فعدت.. وواصلت هي قائلة (( وكما شاهدنا جميعاً الآن .. أن هذا السؤال السحري.. المتضمن لكلمة لو .. له قدرة كبيرة.. على التأثير في أفكارنا.. ومشاعرنا بطريقة.. مباشرة .. وفورية .. وإليه .. فأنت مجبر منطقياً.. على الإجابة عن السؤال .. وفي إجابة السؤال حل مشكلتنا . . فنستطيع بكل سهولة .. وعن طريق تخيل الناس .. وهم يسألوننا هذا السؤال السحري .. أن نفرغهم من مضمونهم المخيف .. لنسكب مكانه.. المضمون المحبب إلى قلوبنا .. وهكذا نشعر نحوهم بالحب.. بدلاً من الخوف .. وصدقوني أنكم سوف تصبحون خبراء.. في إبتكار الطرق.. التي تقربكم من الناس .. فنحن نحب الإجتماع بمن نحب .. ولذلك ستجدون أنفسكم.. وقد تحولتم.. إلى أشخاص إجتماعيون.. رغماً عنكم .. فقط فكر في شيء تحبه جداً .. تخيل الناس يسألونك .. يا فلان .. لو نحن هذا الشيء المحبب إلى نفسك .. فبماذا ستشعر نحونا .. ستجد أنك تجيب على الرغم منك .. أشعر نحوكم بالحب طبعاً .. كما فعل صديقنا.. ضياء.. منذ قليل .. لقد أفرغ السؤال التخيلي.. الناس.. من مضمونهم المخيف .. ليحل مكانه.. مضمون الناس المحبوب .. ولكن هناك ملاحظة هامة .. أود أن ألفت إنتباهكم إليها .. لابد من تكرار صيغة السؤال.. بكل كلماتها.. على هذا النحو .. الناس : يا فلان لو نحن الشيء المحبوب لك .. فبماذا ستشعر نحونا .. ولاحظ أهمية نطق كلمة الناس.. في بداية السؤال .. لآن نطقك لكلمة الناس قبل السؤال السحري .. سوف يدفع إلى عقلك بصورة الناس .. ويقنعك لا إرادياً .. أنهم هم الذين يلقون عليك هذا السؤال بالفعل .. والآن متى نستخدم هذه التقنية .. وكم من المرات ينبغي علينا تكرارها .. سوف نستخدم هذه التقنية على الدوام .. منذ إستيقاظنا.. إلى أن نذهب إلى الفراش.. وعندما نجد أنفسنا.. مقبلين.. على مقابلة الناس .. ويداهمنا ذلك الشعور السيئ .. بالرغبة في الهروب من هذا اللقاء.. على الفور كرر هذا السؤال .. على نفسك.. العديد من المرات .. الناس : يا فلان لو نحن الشيء المحبب لك(طبعا اذكر اسمك مكان كلمة فلان..ما تحبة مكان كلمة الشىء المحبب لك) .. فبماذا ستشعر نحونا .. وهكذا كرر السؤال بهذه الصيغة .. ومع التكرار.. ستجد أن نفسك من الداخل .. بدأت في التبدل .. ليحل الرغبة في اللقاء . محل الرغبة في الهروب ..وأنا أعتقد أن هذه التقنية سهلة للغاية.. وغير مملة .. لذلك أقترح عليكم إستخدامها.. بأكبر عدد ممكن من المرات.. خلال يومكم ..إنتهت المحاضرة.. فغادرت أنا وصاحبى القاعة.. لندخل إلى القاعة رقم (2) .. وكانت صورة طبق الأصل .. من القاعة السابقة .. كل ما تبدل.. هو الرداء الذى ترتديه ( مدام نورا ) في هذه المرة .. كان جلبابا عليه نقوش فرعونية .. وجلسنا في مقاعدنا .. وبدأت ( مدام نورا ) في القاء محاضرتها فقالت (( لقد أرجعنا الخجل.. والضعف في العلاقات الإجتماعية .. في محاضرتنا السابقة .. إلى الخوف من الناس .. الذي يدعو الشخص.. إلى التقوقع داخل نفسه .. والإبتعاد عن الناس .. فيؤدي هذا الى قلة إستخدامه.. لمحصوله اللغوي .. وعلى مدى الشهور والسنين.. يحدث انفصال .. بين الخيال والأفكار من جهة .. والكلام الذي يعبر عنهما.. من جهة أخرى.. فمن الممكن أن يعالج مريض الخجل .. من خوفه من الناس .. بالطريقة التي أشرنا إليها سابقاً .. ولكنه رغم ذلك.. سيظل غير قادر على الكلام .. أو التفاعل البياني .. عن تواجده وسط الناس .. تماماً كما يحدث لك .. عندما تتعرف مثلاً على سائح أجنبي يزور مصر .. ولكنك لا تعرف اللغة التي يتحدث بها .. فأنت ترغب في البقاء معه أطول فترة ممكنة .. ولكن في الوقت ذاته.. لا تستطيع التفاعل معه بيانياً.. وهذا هو نفسه.. شعور مريض الخجل.. الذي نجح في علاج نفسه من خوف الناس.. ولكنه بالرغم من ذلك.. لا يستطيع التفاعل معهم كلامياً .. ولعلاج هذا الشق من الموضوع .. نحن في حاجة للبحث.. عن طريقه .. نستطيع من خلالها .. أعاده الصلة.. بين الفكر والخيال.. والكلام المعبر عنهما . أنه أسلوب شبيه بالأسلوب .. الذي تعلمنا به الكلام .. في مراحل طفولتنا الأولى .. كان كل الجهد المبذول من الأهل.. في تلك المرحلة .. موجهة لعقد هذه الرابطة.. بين الأشياء.. والكلمات المعبرة عنها .. فمثلاً كان الأب يشير إلى التفاحة .. ويقول لأبنه تفاحة .. تفاحة .. ويكرر ذلك أمامه العديد من المرات .. سواء كان ذلك على التفاح .. أو الطبق .. أو الفراش .. وعندما تنشأ هذه الرابطة.. بين الأشياء وأسمائها .. يستطيع الطفل أن يقول لوالده بكل سهولة .. أنا أريد تفاحة.. أو أريد أن أكل في الطبق .. أو أريد أن أذهب إلى الفراش .. وأنا لا أعتقد أن المصاب بالخجل .. يجهل.. أو لا يستطيع إستخدام الكلمات المناسبة .. للتعبير عن هذه الأفكار.. والخيالات الساذجة البسيطة .. وإلا عدة الناس متخلفاً عقلياً .. وهذا لا يحدث في الواقع .. ولكنى إكتشفت طريقه سهلة ومجدية .. لإعادة الإتصال.. بين الخيال والفكر والكلام.. عند البالغين .. الذين كانوا يعانون من إنطواء.. افقدهم هذه الصلة .. وهنا مدت ( مدام نورا ) يدها إلى الأرض بجوارها .. وإلتقطت كتاب.. كان موضوع هناك .. ورفعته أمام الجميع.. ليرونه بوضوح.. ثم تابعت قائلة.. هذا كتاب روائع للأدب العالمي .. ولكن عن طريق القصص المصورة .. وهذا الكتاب أثبت الكثير من الفائدة .. في علاج النقص في الكلام .. الناتج عن الخجل .. ففي هذا الكتاب الحل الأمثل .. لمشكلة إعادة الربط .. بين الأفكار والخيال والكلام .. فستجد.. عندما تقراء هذه القصص المصورة .. وهي من روائع الأدب العالمي .. أي أن لها قيمة أدبية في حد ذاتها .. سوف ترى بوضوح .. كيف تم التعبير عن الأفكار والخيال .. بالكلمات .. الصور هي الأفكار والخيال .. أو معادل موضوعي لهما .. والكلمات المكتوبة لشرح هذه الصورة .. هي الكلمات التي نتفوه بها.. للتعبير عن أفكارنا وخيالاتنا . والسر يكمن في أن هذه السلسلة .. قد أعدت بطريقة مبتكرة بعض الشيء .. كان الرسام يأخذ الجملة الأولى من العمل القصصى .. ثم يتخيل لقطة مصورة لهذه الجملة .. فيرسمها .. بعد ذلك ينتقي الجملة الثانية .. ليرسم لمضمونها لقطة أخرى وهكذا.. إلى أن ينتهي من جميع جمل القصة .. وقد حولها كلها إلى لقطات .. ويأتي دورنا نحن بعد ذلك .. فنري الصورة .. ونقرأ الجملة المصاحبة.. التي تفسرها .. الصورة هنا ترمز إلى خيالنا وأفكارنا .. والجملة المصاحبة .. تعرض علينا الطريقة .. التي نستطيع بها .. التعبير عن هذه الفكرة .. أو هذا الخيال .. ومع القراء والحفظ والتكرار .. وإعادة تخيل اللقطات في عقولنا .. ومحاولة إستعادة الكلام.. الذي يعبر عن هذه اللقطات .. سيؤدي بنا الأمر إلى إستعادة الرابط.. بين الأفكار والخيال والكلام.. وستجد على الفور .. أن لسانك مرغم على التعبير.. عن كل ما يدور داخل عقلك .. ودون وعي منك .. ولأن عقولنا على الدوام في حالة تفكير .. أو في حالة تخيل .. فستجد أن رأسك على الدوام .. مملؤ بالكلام .. الذي يغلي هناك كالمرجل.. في إنتظار إخراجه إلى الوجود .. لمجرد الرغبة فقط .. في التنفيس عن الضغط .. لاحظ ..وليس للرغبة في الكلام في حد ذاته .. والآن ما هي أسهل وسيلة .. للتخلص من هذا الكم اللاإرادي من الكلام .. نعم أسمعكم تقولون في نفس واحد .. ان اسهل طريقة.. لاخراج هذا المخزون الهائل.. من الكلام .. هو ان تلقيه على مسامع صديق.. او صديقة .. او احد افراد عائلتك .. وعندما لا تجد أي من هؤلاء.. فماذا ستفعل .. الضبط .. ستجد نفسك مدفوعاً وبقوة الضغط الداخلي .. لعمل علاقات جديدة .. مع اناس جدد .. فقط لكي تستطيع التنفيس عن مرجلك الكلامي .. وما تعريف الشخص الاجتماعي الا انه هو الشخص الراغب على الدوام .. في اقامة علاقات جديد وباستمرار مع الاخرين .. ارايت لقد اصبحت شخصاً اجتماعياً دون ان تدري .. والان المشكلة التي ستواجهها أيها لخجول المنطوي.. سابقاً.. هي.. كيف تمنع نفسك من الثرثرة .. ومن عمل علاقات جديدة.. مع ( طوب الأرض ) ... قبل أن اترككم.. احب أن انبهكم .. إلى انه ليس من الضروري.. استخدام هذا الكتاب بالذات .. روائع الادب العالمي المصورة .. أي كتاب شبيه بمنهجه.. سيؤدي الغرض .. ولكنى ارى.. أن هذا الكتاب بالذات.. له نكهة خاصة .. لانك ستضطلع من خلاله.. وبطريقة مبسطة.. على هذا الروائع .. التي صدعوا رؤسنا .. منذ طفولتنا الباكرة .. بأهمية قراءتها . وصدقني .. كان معهم كل الحق .. في التأكيد.. على قراءة مثل هذه الأعمال

المواضيع المتشابهه

  1. أحب الحياة وأحب كل الناس وأحس بـ داخلي مائة نغم يملوا السكات
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 13-06-2008, 06:36 PM
  2. بحث للغه الانجليزيه للصف الاول ثانوي الفصل الثاني
    بواسطة &بنت النور& في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-05-2008, 04:23 PM
  3. أنـــأ و القنبله النوويه ((الفصل الاول))
    بواسطة F . B . I في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-09-2007, 11:32 PM
  4. عيوبي لااراها وعيوب الناس اجري واراها.......
    بواسطة مـــيــــشـــــو في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-04-2006, 08:30 PM
  5. إهداء الي اغلي الناس عندي وحبي الاول والاخير : ..............؟
    بواسطة لبيب المالكي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-04-2006, 12:54 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •