[align=center]السلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركاته
=================================

حين تكون لديك صديقة مثل "رباب" فإن الأمر يستحق حمداً وشكراً كثيراً، طيبة الخلق، رجاجة العقل، العائلة الأصيلة المحترمة، الكرم وكل شيء في "رباب" رائع، لذلك صحبتها جيدةقد تبدو محافظة أكثر مني لكني أراها مثل العقل الواعي الذي يلجم بعض جنوني
هي كذلك تراني في حياتها، ولطالما قالت لي: تعرفين يا "خوله" صداقتنا رائعة لأننا نكمل بعضنا البعض ولا نتحارب على اختلافاتنا
وكنت أرد عليها دائماً: لأن القلوب صافية، ليس فيها أمراض، انظري إلى علاقة ......
فقاطعتني قائلة: حتى هنا ويكفي، تعرفين أنني لا أحب النميمة ولا أحب الفضول المبالغ فيه ولا احب كشف أسرار الآخرين
آه هذه الجملة الأخيرة هي سبب ورطتي الحقيقية الآن، كيف أفتح معها الموضوع الذي يحرقني منذ أسبوع
أنا أحب القراءة وفضولي دفعني بعد كل تلك السنوات لأن أسئلها بأن أرى مكتبة أمها المتواضعة فلطالما تندرنا على كتب أمها القديمة التي كانت تفخر بها
الآن اختلف توجه أمها، ولطالما قالت: خلاص توقفنا عن القراءات التافهة الآن ندعو الله بحسن الخاتمة وليس لي اهتمام إلا كتب الدين
مسألة طبيعية يفعلون ما يفعلون وفي الأخير كتب حسن الخاتمة
استأذنت أمها، وكنت هناك أمام رف بني وكتب من أغلفتها يتبين أنها قرئت كثيراً فهي مهترئة وضحكت وهي تتصفح الكتب وهي قصص لكتاب عرب وقصص قديمة سمعت عنها ولكنها ولدت في جيل قصصه مختلفة، أعجبها عنوان (أنا حرة) أرادت أن قرأه لعلها تلمس معنى جديداً لمفهوم قديم لتلك التي كانت تسمى في الخمسينات (حرية) أخذت الكتاب في تلك اللحظة ووضعته بسرعة في الشنطة ثم أكملت ثرثرتها مع صديقتها، وحين عادت للبيت حذفته جانبا خمسة أيام وهذا الكتاب ملقى على جانب سريرها حتى جاءت اللحظة الحاسمة وفتحته فسقط منه ما جعلها في حيرة حتى هذه اللحظة، وردة جافة يبدو أنها وردة قرنفل في ورقة، ما مكتوب في الورقة لم يمحه الزمن (( معاً إلى الأبد )) ، لا يوجد توقيع، لكن هناك تاريخ
الأمر مع خبث "خوله" لم يستغرق طويلاً فزوج "أم رباب" توفي، و "رباب" لا تزال في الخامسة وهذا التاريخ يبدو أنه بعد موته بعامين يعني من كتب هذه العبارة "لأم رباب" لم يكن زوجها يا إلهي! يبدو أن هناك في قلب هذا الكتاب تنام قصة حب قديمة آه يا خالتي يا عجوز يا متدينة، في كتاب (أنا حرة) وفي ذلك الزمان لك قصة حب!!
كيف أعرف التفاصيل؟ وهي يجوز لي أن أفاتح "رباب" بذلك إنها مسألة محيرة بين الفضول والأصول وقعت "خوله" في شباك حيرتها وبدأت تدخل عقلها في لعبة تدرك أنها ليست من حقها ولكنها لا تستطيع مقاومتها إن علاقتها مع "رباب" غريبة فمع كل الصدق والصراحة فيها فإن هناك حدوداً معينة، "رباب" وضعتها لطالما كانت تسألها: لكننا صديقتان!
وترد الأخرى: ولو، وجود بعض الحدود أمر جيد ليبقي للعلاقة احترامها
ولذا فالأمر صعب، صعب أن يتم فتحه هكذا، هل معقولة أن تتجرأ وتسألها عن علاقة عاطفية لأمها مع رجل غير أبيها حتى بعد وفاة والدها؟ هذا الفضول الحارق يدعوها لذلك، فماذا تفعل اتجاهه؟
بدأت بخبث تستدرج "رباب": هل تعتقدين بأن امهاتنا كن يعرفن الحب؟
ضحكت "رباب": ما هذا السؤال السخيف، كل امرأة تعرف الحب، أمنا حواء تزلت مع آدم إلى الأرض بسبب الحب!
فركت "خوله" رأسها: حسبت بسبب الغريزة!
وبحلقت فيها "رباب" تنذرها من أن تكمل: يكفي في الأمور الدينية لا نحتاج إلى انطلاقك أمنا حواء وابونا آدم خرجا من الجنة بسبب عدم طاعة الله، وفكرت "خوله" بأنها في حاجة لأن تجرجر "رباب" بشكل أذكى: لا صحيح هل تعتقدين بأن أمي وامكِ قد عرفتا الحب؟
ابتسمت "رباب": طبعاً وكان حباًً حقيقياً ولذلك عاشتا على ذكرى آبائنا بعد وفاتهما
آه هذه وجهة نظر ورطة: لكن هل معقولة أن أمي وأمكِ ترملتا في عمر مبكر ولهما رغباتهما بقينا قادرتين على منع نفسيهما من إحساس الحب، بصراحة المسألة غير مقنعة
ابتسمت "رباب": ليست مقنعة بالنسبة لك، لكنها بالنسبة إليهم مقنعة أمهاتنا الوفاء عندهن بالدم إنهن من جيل الوفاء والإخلاص والعيش على ذكرى المرحوم وليس جيل نساء هذا الزمن، الواحدة ترمي أبناءها وتنطلق بوقاحة إذا أحبت رجلاً آخر!
بدت على وجه "خوله" حيرة، فلا يبدو أن هذا الحوار يوصلها إلى ما تريده وفاجأتها "رباب" بسؤال قطع سرحانها: تلفين وتدورين حول موضوع أمهاتنا والحب، لو كان لديك شيء قوليه وارتاحي وريحيني
ياه ،، هذه فرصة أم ورطة؟ وهزت رأسها: لا ، لا يوجد شيء
ابتسمت "رباب" اقتربت ووضعت يدها على يد صديقتها وهي تنظر في عينيها: هل هناك شيء ، أخبريني
بلعت "خوله" ريقها وبدأت بتفاصيل مملة تشرح فيها ما حدث معها و"رباب" مبتسمة تستمع لها بإمعان وهدوء: هذه كل الحكاية وأنا ،، أنا آسفة إن كشفت شيئاً لم يكن يجب أن ينكشف
وقفت "رباب" ثم مدت يدها وسحبت "خوله" من يدها وأخذتها إلى حيث رف كتب أمها ومن دون كلام، بدأت تخرج لها كل كتاب وتفتحه، كل كتاب فيه وردة وورقة، وعبارة ،، (معاً إلى الأبد) ، (العمر كله) ، (مشاركة في كل شيء) وهكذا
بدت "خوله" مذهولة وأزالت "رباب" ذهولها: هذه عبارات خالتي "سنية" صديقة أمي، التي كانت ترسل لها القصص بعد أن تقرأها، إنها قصة صداقة رائعة، وليس حباً مع رجل، آه يا "خوله" مخكِ كله في الغلط

=================================
مع السلامة وفي أمان الله وحفظه ورعايتـه
[/align]