في مكان ما .....وفي يوما ما....كان هذا الحوار بيني وبين القمر
رأيته ساطعا في كبد السماء وقد اكتمل البدر
ناديته وقلت له : هل لي بمحادثتك أيها القمر ؟
أجابني قائلا :من المخاطب ؟ قلت : واحد من بني البشر
رد علي وقال : ماذا تريد مني يا عزيزي في وقت السحر ؟
قلت له : أسألك بالله لماذا غُرم بك البشر ؟
ولما جعلوك مهوى أفئدتهم ونظموا فيك الشعر ؟
فتبسم لي ضاحكا من سؤالي وقال إليك جوابا من صديقك القمر
أتعرف يا هذا لأنهم لم يعرفوني عن قرب وغرهم سحر النظر
أنا عبارة عن مخلوق قد أبدع في صنعه رب البشر
حياتي أولها هلال وآخرها محاق و بينهما أكون البدر
عمري أنا لو حسبته قصير فهو فقط شهر ....
أستمد نوري من شعاع الشمس فلها جزيل الشكر
بمراحل عمري يحسب الناس أوقاتهم على مدى الدهر
هلال إذا رأوه صاموا وإذا شاهدوه بعد شهر كان عيد الفطر
قد أنزل الله في كتابه سورة تحمل اسمي ولي كل الفخر
ضرب الله في انشقاقي معجزة لمن كان قد عمي البصر
شرعت عبادة إذا غاب ضوئي لخسوف طال أم قصر
جعلني الإله سببا في مد وجزر لهذا البحر ...
أظهرني للخلائق في الليل لذا حسبا أني من عشاق السهر
لأني قريب من الشعراء لذا تغنوا بي وبجمالي البكر
يا صديقي لو جئتني ونزلت على سطحي لظننت انه قد خدك النظر
و لعرفت أني مجرد خلاء موحش يشعرك بالخطر
سطحي ثقوب ملأتها النيازك الساقطة في سالف العصر
وأرضي صحراء لا ماء فيها وهي مليئة بأخشن الصخر
لا حياة من حولي لذا أعيش وحيدا متألما أبد الدهر
هذه هي حقيقتي يا عزيزي بلا غرور ولا فخر
فبكيت حزنا على صديقي و محبوبي القمر
فقلت : لو علم الناس حقيقتك لجفاك كل البشر
و لنظموا فيك هجاء مقذعا و لصرفوا عن وجهتك النظر
فسبحان من أبدع في خلقه وأحكم الصور ....
رد علي متثائبا يا عزيزي رفقا بي فلقد هدّني السهر
ائذن لي بالانصراف فلقد قرب طلوع الفجر
وإلى لقاء قريب يا صديقي على موعد مع القدر
مواقع النشر (المفضلة)