هل مت من قبل ؟

**فهد الفهد** · 12-02-2005, 08:50 PM

الموت مادة دسمة للهذرة والفلسفة.... وكل مجتمع أنساني بثقافته واعتباراته الدينية له نظرة مختلفة للموت بوصفة موت وانتقال الأنسان من عالم لعالم.... كان الأغريق الوثنيين تسيطر عليهم فكرة العالم الآخر ويخلقون له عوالم أسطورية فيها مسحة أدبية لا تخلو من عمق... الآلهات المتعددة وكل آلهة لها عذابها المستطير لأعدائها.... حتى هومير بالغ في رومانسيته لمّا اعتبر الموت رمزاً للخلود في ألياذته..... الوثنيين العرب (قبل ما يكرمهم الله بالأسلام ويرفع قدرهم به) جابوها من قاصرها زي ما نقول وقالو: الأنسان إذا مات صار تراب وخلاص فكونا من هالسيرة!!!!.....

أنا سويت مقارنة بين مجتمعين وثنيين..... وألا يوجد مجتمعات أنسانية لها تصورات مختلفة عن الموت حتى أيامنا هذي زي الهندوس وبعض القبائل الأفريقية المتخلفة.... طبعاً ما جبت طاري النظرة الإسلامية لأننا فارغين من هالسالفة وعارفينها.....

لو استطاع أي شخص في هالكون أنه يجمع كل شي أنقال عن الموت.... شعر، نثر، قصص،... الخ راح نتوصل لحقيقة وحدة كلنا نتفق عليها من دون ما نشعر.... حنا دايمن نكثر من ذكر الموت ونسولف عنه وكل واحد منا لو تكلم عن الموت ما راح يوقف وكل واحد له هدفه وغرضه من الكلام.... أحياناً الموت يعطي أساليبنا في التعبير صبغة رومانسية..... وأحياناً نتكلم عن الموت من قهر..... وأوقات ثانية نتكلم عن الموت باعتباره مصيبة أكبر من قدرتنا على التحمل فنبدأ نتكلم ونفضفض من دون هدف....

الموت شي... والكلام عنه شي مختلف 180درجة.... وشو الموت؟!.. يمكن تقولون وش هالسؤال السخيف، أحد ما يعرف الموت!!.... لكن أنا جاد وأسأل سؤال أبغى أسمع أجوبة مختلفة.... لأن الموت تجربة مختلفة من شخص لشخص.... وكل أنسان له قناعته ونظرته لأي تجربة تمر به في حياته.....

أنا ما أتكلم عن أنسان يوقف قلبه.... والدم يتجمد ويوقف في عروقه حتى يموت المخ.... هذي تجربة حتى المجنون بإمكانه يتكلم عنها....

كان في مجموعة أعرفهم تعرفنا على بعض أيام الدراسة كان من ضمنهم واحد الله يرحمه تعرفت عليه علاقتي به ولا أزين منها.... وكانت بينا روحات وجيات.... أيام إجازة الربيع أنواع المخيمات.... الصيفية صرمحة في الرياض وأن أبعدنا رحنا لأبها أو الشرقية.... وكان وسيع صدر وراعي نكتة وعيّار من الطراز الأول.... استمرت علاقتي به ثلاث سنوات.... وكانت اجتماعاتنا مهيب دايمة.... مرة نتشاوف مرتين في الأسبوع.... مرة أربع مرات... مرة يمر عشر أيام ما نشوف بعض.... كلن و ظروفه.... آخر مرة جلست معه كان في ملحق عند واحد أعرفه، كان الملحق منعزل في بيتهم وفيه وجار ونحب أننا نتجمع فيه دايمن عشان ناخذ راحتنا ونرفع أصواتنا عادي.... كانت جلسة زي أي جلسة عند ضو وطبعاً بريق الزنجبيل و الحليب اللي ما مثله فل كل الوقت.... طولت الجلسة و تفرقنا في وقت مصيّف في الليل.... من بكرة بعد صلاة المغرب دق علي واحد من الربع في البيت (قبل سالفة الجوالات):

وقالها كذا طقها في وجهي من دون مقدمات: فلان يطلبك البيح!!....
.......... <<<< هذا ردي
بيصلون عليه بكرة العصر في الراجحي
.......... <<<< مازال هذا ردي
أنا بأمرك بكره عشان نروح جميع
طيّب <<<<< هذا اللي قدرت أقوله

يمكن هذي أغرب مكالمة بين أثنين خويهم توه ميت..... أنا مع الصدمة وطريقة معرفتي بالخبر ما صار لي شي.... بالعكس عااادي جداً ورجعت للصالة وجلست مع أهلي وقعدنا نكمل سالفة قطعتها المكالمة وأنا ما بعد استوعبت الموضوع..... أجل متى بديت أحس بالجو؟؟!!.... يوم جت الساعة 10 في الليل مرت بي ألعن لحظة تمر على أنسان..... ما أدري كيف أتكلم عنها.... لكنها راحت السالفة (هذي السالفة لها 9سنوات بالضبط) وطبعاً استمرت حياتي..... لكن كانت هاللحظة عبارة عن خطوة جديدة في الموت....

أنا لي تجارب مع الموت شفتها في أقربائي أو ناس أعرفهم.... وعندي قصص غريبة جداً بعضها سمعتها..... وكل واحد منكم برضه له تجارب غريبة.... لكن القصة هذي كان لها وضع مختلف..... هي مهيب أغربهم لكن سياقها في حياتي وتوقيتها كان لها دور كبير..... فمثل هالمواقف تخلي الأنسان يحاول يفهم الموت وعلاقته بالموت..... بأمكاني أشرح الموت بطريقة ساذجة زي ما شرحته قبل شوي..... لكن الموت وتجاربنا معه هو اللي أؤمن أنه يسمى موت.....

الأنسان الناضج صاحب الخبرة في الحياة واللي مر بمواقف كثيرة في حياته يوصل لقناعة أن الموت يحصل للأنسان بالتدريج.... نبدأ بالموت لما نبدأ نفقد اللين نحبهم.... نبدأ بالموت لما نشوف أن حياتنا سخيفة وأن كل الأهداف اللي نبغى نحققها تافهة أو بالغنا في تقديرها..... تبدأ تموت لمّا تفقد أيمانك في علاقاتك وتكتشف بشكل متدرج ومتأخر أنك كنت مكبّر المنخل.....

يمكن بعضكم يقول: أنت وراك قالبها فلسفة ومناحة؟... يااخي كلن يموت وأنت بتموت ليش تعقد السالفة.....
اللي يقول هالكلام أقوله: رتب حياتك من جديد وناظرها وتبي تكتشف أني ما جبت شي جديد.... أنا ما جبت نظرية جديدة.... والفلسفة تنبع من تجربة وكلنا مجربين...... هذي تجارب تفرض نفسها على الأنسان ويُجبر أنه يتعايش معها..... كلن له اسلوبه في التعامل وهذا اللي خلاني أقول في البداية أن كل واحد له نظرته وفلسفته.....

الموت الحقيقي ما يحدث فجأة.... يحدث بالتدرج واللحظة اللي يغطون وجهك فيها في المستشفى تسمى لحظة: مغادرة الروح وبس..

**medomedo** · 12-02-2005, 10:46 PM

تسلم أخي فهد على المجهود في طرح موضوعك

اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا

أخي الموت حق على كل مخلوق...فكل ماهو من خلق الله فاني والبقاء لله وحده

وليس الموت هو النهاية بل هو بداية الفترة الحقيقية لحياة الانسان الأبدية

فتمر الحياة بالانسان كساعة من نهار لايدرك أنه لم يفعل شيء بها إلا في لحظة الموت

وبعد ذلك يكون الحساب والثواب أو الجزاء

يهاب الناس الموت عادة لأن مابعده حياة مجهولة المصير ومن طبع الانسان الخوف من المجهول

يكره الناس الموت لأنه سبب لفراق الأحبة بدون أمل رجوع

وحال لسان المؤمن دائما يقول

اللهم أحينا دامت الحياة لنا خير
وأمتنا دام الموت لنا خير

دمت أخي العزيز

أخوك
medomedo