يجب ان يقف الناس كثيراً أمام جرائم القتل التي يرتكبها الآباء ضد أولئك الذين تزوجوا بناتهم عرفياً. فإن تلك الجرائم تعتبر دليلاً واضحاً علي ان ذلك الزواج اللقيط لم يصلح أداة لكسر أنف الغيرة. وليس فيه من معاني الزواج الذي شرعه الله سبحانه قدر خردلة. والا فإنه لو كان أداة شرعية معتبرة لحل عرض الفتاة لما انتاب أولئك الآباء إحساس بالضيم والذل وافتقاد الكرامة والشرف. يدفعهم إلي الانتقام من اولئك المارقين الذين تسببوا في هذا الإحساس القاتل.
ولأنه ليس من المقبول عقلاً. ولا من الجائز شرعاً أن يربي الأب ابنته. ويحترم حقها في الخروج للتعليم أو العمل. ثم يفاجأ بها. وهي تعيش في بيته. وتتغذي من خيره حاملاً في شهرها الثالث أو الرابع. فإذا ما مزقته الصدمة أخبرته أنها قد أتت بهذا الحمل من زواج عرفي. ولو أنه قد سلك معها أو مع من فعل بها ذلك مسلكاً متهوراً لما وجد من يلومه من الناس. فإن الله تعالي لم يشرع الزواج ليكون أداة لسرقة الأعراض. أو وسيلة يحتال بها خائن مارق علي أعراض الفتيات ليوقعهن في شراك حبائله. حتي إذا ما وقعت الفأس في الرأس كما يقولون وانتهي كل شيء. وأخذ يساوم الفتاة وأهلها كما يساوم الخاطف ضحيته. ويعيرهم بأنهم لم يحسنوا تربية ابنتهم. وأنها هي التي طاردته وتوسلت اليه بحبها لكي يتزوجها. ومن ثم ينقلب القاتل إلي مقتول. ويتحول الفاجر الداعر إلي ضحية بسبب موت الضمير. وغفلة الفتاة.
لقد شرع الله الزواج ليكون وسيلة للتعارف الأسري الذي يجمع شمل أسرتين علي أساس النسب والمصاهرة. فقال سبحانه: "وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا" والنسب هو ما ربط المولود الناتج عن الزواج بوالديه المتزوجين. والمصاهرة هي صلة القربي بين أسرتي الزوجين. ولا يغني في الزواج صلة عن الأخري. ولهذا يقوم الزواج علي العلاقة بين الزوجين. كما يقوم في ذات الوقت علي العلاقة بين الأسرتين. وما يسمي بالزواج العرفي يطيح بهذا المقصود الشرعي الواضح. كما انه يؤدي إلي إهدار العرض من غير حماية. واغتصاب ولاية الأب علي ابنته وموئل عرضه دون سبب شرعي. وبعيداً عن عينه. ومن وراء ظهره. والخطأ نهايته خطأ وندم. وعلي من يحتالون لسرقة الأعرا اشباعا لنزواتهم أن يعوا هذا.
مواقع النشر (المفضلة)