كان من المفترض ان تراه عاكفاً على مذاكرة دروسه، او ان يقضي وقتا للعب مع زملائه، او ممارسة اي هواية اخرى، رايناه في هذه الساحة المخصصة للغسيل.
فيصل البكري في عنفوان شبابه فعمره 18 عاما تفاجئنا بإجابته عندما سألناه لماذا أنت هنا تغسل السيارات وتركت الدراسة فقال بأنه لم يذهب إلى المدرسة أصلا.
يقول بأنه عاش يتيما فوالده توفى وعمره لم يتجاوز السنتين وبأنه أصغر اخوانه السبعة.

الاعتماد على النفس
اخوة فيصل السبعة يعملون برواتب ضعيفة جدا لا تتجاوز الألفي ريال وهم مهددون بالفصل في اي وقت فالشركات التي يعملون بها تعتمد على العقود السنوية على حد قوله.
ويضيف بأنه يشعر بالخجل فاخوانه كلهم يعملون وهو لا يعمل فقرر ان يخرج للعمل ويعتمد على نفسه ويشارك اخوانه في مصروف البيت.

ثلاث سنوات
منذ ثلاث سنوات بدأ فيصل يعمل في غسيل السيارات بلا ملل، حيث يبدأ عمله من الساعة الثالثة عصرا وحتى العاشرة ليلا، وعن مدخوله اليومي يقول بأنه يتراوح مابين 50 إلى 100 ريال، ويتقاسمه كمصروف بينه وبين اسرته.
شباب سعوديون نادرا ما تراهم يعملون في هذا العمل او ربما لا تراهم لكننا رايناهم وتحدثنا معهم ففيصل البكري ليس هو الشاب الوحيد في ساحة الغسيل بل هناك العديد من الشباب الذين تركوا ثقافة العيب واقتحموا مجال العمل بشتى انواعه ليأكلوا من كد أيديهم وسيتفيدوا من اوقاتهم.

الفراغ يقتلني
الشاب هادي القحفلي قد اخذ جزءا من اسمه فرأيناه شاباً هادئاً يميل إلى الانطواء قليلا منشغلاً بهمومه شارداً بذهنه كأنه يفكر في المستقبل البعيد، وعندما سألناه عن سبب مجيئه إلى هذا المكان وقبوله للعمل بغسيل السيارات صمت قليلاً ثم قال كاد الفراغ يقتلني ويحطم مستقبلي ولم اجد لقتل الفراغ الا هذا العمل.
ترك الدراسة
هادي عمره 23 سنة وأكمل دراسته إلى المرحلة المتوسطة، وترك الدراسة بسبب حالة أسرته المادية، فوالده متقاعد ويقول أن والده لم يجبره على هذا العمل ولكنه من نفسه ترك الدراسة لكي يساعد أسرته في مصاريف الحياة.

البحث عن عمل
ويضيف هادي بأنه منذ أكثر من أربع سنوات وهو يبحث عن عمل ولكنه لم يجد، وعن عمله الحالي فيقول بأنه لم يجد اي صعوبة فبمجرد حضوره إلى الساحة وامتلاكه بعض جالونات الماء (عدة الشغل) يمارس عمله بشكل طبيعي جداً، ولا أحد يعترض عليه.
3 آلاف ريال
وعن المدخول الذي يكسبه هادي من غسيل السيارات فيقول ما بين ألفين إلى 3 الآف شهرياً.
مشروع تجاري
اما عن تفكيره المستقبلي فيقول هادي بأنه يفكر ويطمح في عمل مشروع تجاري لكن بعد ان يجمع له مبلغاً من المال وان يكون نفسه بنفسه.
العمل في غسيل السيارات لا يحتاج إلى رأس مال كبير او إلى شهادة او إلى ملف أخضر علاقي او اجادة اللغة الانجليزية او غيرها من الشروط الوظيفية التي تميل إلى التعقيد بل بمجرد امتلاكك بعض جوالين من الماء وسطلاً وخرقا وقبل كل ذلك ان تمسح من ذهنك ما يسمى ثقافة العيب.
توفي والده وعمره ست سنوات، فبعد الانتهاء من المرحلة المتوسطة قرر مجبراً بسبب ظروفه المادية ترك الدراسة، وعمره الآن 20 سنة.

15 ريالا للسيارة
وعن سعره غسيل فيقول بأنه يغسل السيارة الواحدة بـ 15 ريالا، اذا كان من الداخل والخارج، و10 ريالات للغسيل الخارجي، ويشير موسى بأن بعض الزبائن وخصوصاً اصحاب السيارات الفارهة يعطوننا احياناً زيادة على ذلك من أنفسهم فالبعض منهم يعطينا 30 او 20 ريالاً.

عمل شريف
وعن نظرة المجتمع لمن يزاول هذا العمل بأنها نظرة دونية قال موسى لقد أصبح المجتمع يتقبل هذه الأعمال ويشجع الشباب عليها، ويضيف بأن بعض أصحاب السيارات يأتون من أماكن متفرقة من أجل ان يغسلوا سياراتهم عندنا بالرغم من وجود العمالة الأجنبية في كل مكان، ولكنهم يعملون ذلك من أجل تشجيعنا على العمل ونحن نقدر لهم ذلك.