قبل أيام أعلنت مجموعة من العلماء الألمان والانجليز عن نجاحهم في معرفة (العمر الحقيقي) للقمر...
وكنت شخصيا أعتقد أنني أعرف هذه المعلومة (أربعة بلايين عام) حتى توقفت عند كلمة «الحقيقي». فكثير من الناس لا يعلم أن معظم الحقائق العلمية تذكر بطريقة تقريبية ونسبية وتتضمن الكثير من الكلمات المطاطة (مثل: أكثر من، ولا يزيد على، ويقدر ب، ولا يقل عن). وبناء عليه يمكن القول إن عمر القمر كان حتى وقت قريب (يقدر ب) أربعة بلايين عام (ولايقل عن) 4000 مليون عام (ولايزيد على) أربعين مليون قرن...!!!

أما الرقم الذي تم التوصل اليه مؤخرا فيعد أكثر الأعمار دقة وأقربها للصحة ويبلغ 4,527 بليون عام. وقد توصل اليه العلماء في جامعة أكسفورد بالتعاون مع جامعة كولجن الألمانية من خلال قياس صخور قمرية ومقارنتها بصخور فضائية مختلفة. وتمت عمليات القياس بشكل منفصل في كلتا الجامعتين وتوصل كل فريق في النهاية الى النتيجة ذاتها - مما يجعل الرقم السابق هو أحدث وأدق رقم فلكي معروف - !!

على أي حال لطالما ظل قياس عمر الأشياء مشكلة عويصة في علم الفلك والفيزياء.. بل ثبت أنه كلما تقدمت معارفنا الفلكية اتضح أن عمر الكون أكبر مما كان يعتقد (بل إن هناك من يرى أن الكون أزلي بذاته ليس له بداية ولا نهاية)..

ولأن «عمر الكون» مسألة أعمق من فهم الانسان - وأقدم من وجوده كمخلوق - ظهرت العديد من الفرضيات والتخمينات المضحكة ؛ ففلاسفة الإغريق مثلا اتفقوا على أخذ متوسط الآراء المطروحة بينهم وقدروا عمر الكون بعشرة آلاف عام.

وفي اليابان القديمة حسبوا عمر الكون بدءاً من عمر الشمس (التي نزل منها أول إمبراطور حكم اليابان قبل 4500 عام). وفي عام 1644 حاول الدكتور جون لايت من جامعة كيمبردج استنتاج عمر الكون من خلال الأحداث الواردة في التوراة فتوصل الى نتيجة عجيبة تقدر ب3298 قبل الميلاد (وتحديدا في تمام التاسعة صباحا من اليوم الرابع عشر في العام).. وبعده بست سنوات فقط حاول اسقف عموم ايرلندا جيمس يوشير المزج بين أحداث التوراة والأساطير اليونانية فخرج بنتيجة تدعي ولادة الكون في يوم الأحد 23 أكتوبر من العام 4004 قبل الميلاد!!!

ولم تبدأ أول محاولة علمية جادة إلا عام 1760 حين افترض عالم يدعى بافو أن عمر الكون هو 75000 عام (من خلال حساب الوقت اللازم لتجمد الصهارة في كواكب المجموعة). وفي عام 1831 ادعى عالم آخر يدعى تشالز لييال أن عمر الأرض - وبالتالي الكون - يصل الى 20 مليون عام بناء على العمر المقدر لبعض الأصداف المتحجرة.

وفي عام 1897 أدخل وليم تومسون تعديلات مهمة على عملية القياس الحراري فخرج بنتيجة تراوحت بين 200 إلى 400 مليون عام. وفي بداية القرن العشرين حسب عالم الذرة رذر فورد الفقد الإشعاعي لبعض الصخور فوجد أن عمرها يتجاوز 2 بليون عام!!

.. أهم خطوة في الاتجاه الصحيح أتت عام 1929 حين اكتشف عالم الفلك أدوين هابل ظاهرة انفجار الكون (حيث تتوسع النجوم انطلاقا من نقطة مركزية واحدة)؛ واعتمادا على معادلة التوسع التي استخرجها افترض العلماء أن مجرات الكون كانت ضمن كتلة مركزية واحدة قبل 3 بلايين عام. وفي عام 1952 رفع العلماء هذا الرقم الى 10 بلايين عام بعد اكتشاف نجوم بعيدة..

أما آخر رقم فظهر من وكالة ناسا عام 1999 حين اكتشفت مجرات جديدة فاتضح أن نقطة انطلاقها (من كتلة مركزية واحدة) لايمكن أن يقل عن 21 بليون عام!!

على أي حال ؛ مهما وصلت الأرقام الجديدة يظل عمر الكون صغيرا وقابلا للتكرار مقارنة بقدرة الخالق عز وجل.. فرغم ضخامة الرقم الأخير - وعدم ضمانه كنتيجة نهائية - تشير آيات كثيرة الى تكرار عملية الخلق وإعادة تشكيل الكون لمرات عديدة }يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده}.


م ن ق و ل


اخوووكم وفيت ,,,