بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحدهـ , و الصلاة و السلام على من لا نبي بعدهـ , و بعد :
للقرآن الكريم خصائص فــارق فيها جميع الكتب , و مزايا لا توجد في غيرهـ من الكتب السابقة :
و من ابرزها ....
o أنه مهيمن على الكتب السابقة :
و المراد هنا أنه شاهد و أمين على الكتب التي خلت من قبله . قال تعالى :
(( و أنزلنآ إليك الكتاب بالحق مُصدقاً لما بين يديـه من الكتاب و مهيمناً عليه فاحكم بينهم بمآ أنزل الله و لا تتبع أهواءهم ....))
o أن الله تكفَّل بحفظه :
تكفل الله بحفظ القرآن عن سائر الكتب و تعهد ربنا بذلك سبحانه . قال تعالى:
(( إنا نحن نزلنا الذكر و إنّا لهُ لحافظون ))
o تيسير حفظه و تلاوتـة :
لقد يسر الله و هوّن و سهّل القرآن الكريم قراءة و حفظاً و فهماً . قال تعالى :
(( و لقد يسرنا القُرءان للذكر فهل من مُدكر ))
فلا عسر و لاحرج في قراءته و فهمه و لا في حفظه و لا في تذكره و تبصرهـ ...
و لكن اين المعتبر و المتذكر بآياته .
o أنه يتعبد بتلاوتة :
لقد أمرنا الله تعالى بقراءة كتابه الكريم و تلاوتـه .
(( أتلُ مآ اُوحِىَ إليك من كِتَابِ رَبِك لا مُبَدِلَ لِكلِماتِهِ و لن تجدَ من دُونهِ مُلتحدا :27: )) الكهف .
و هناك عبادات لا تتيم و لن تُقبل إلا بقراءة القرآن و أخرى يندب فيها شيئاً منه .
فالفاتحة واجبة في كل ركعة , و سميت صــلاة الفجر قرآناً لكثرة ما يقرأ بها من الفرقان .
(( أَقِمِ الصلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ إلى غَسَقِ الَّيلِ و قرآن الفَجرِ إن قرءان الفجر ِ كان مشهودا :78: )) الإسراء .
o الثواب و الأجر لقارئــــه و سامعــــه :
تضافرت الأدلة على بيان ما أعدهُ الله من الثواب لقارئ القرآن الكريم و المستمع لقرءاته ...
(( وَ إذا قُرِئَ القُرءانُ فاستمعوا لهُ و انصِتوا لعلَّكم تُرحمون :30: )) الأعراف .
و في الحديث النبوي ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه و سلم :
( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة , و غشيتهم الرحمة , و حفتهم الملائكة , و ذكرهم الله فيمن عندهـ ) ...
o أن قارئــه لا يملـّ و مستمعهُ لا يكلّـ :
يقول صلى الله عليه و سلم في وصفه للقرآن :
( و لا يشبع منه العلماء و لا يخلق عن كثرة الرد , و لا تنقضي عجائبه )
و هذا يحدث حين يردد بعض الأخوة و الأخوات آياتٍ بينات , قد حفظوها من نعومة اضافرهـم ....
كذلك يقف عند بعض الايات التي فيها العبرة ... و العظة ... و الفهم ... و يتلذذ في ترديدها أو سماعها فلا يكل و لا يسئم ...
و هذه وقفة تأمـــل عند بعض الأخوة و الأخوات المدمنين لسماع مزمار الشيطان و سبيل الخنى ...
فقد تجدهم يملون و يسئمون من ترديد في قراءة قصة أو أغنية أو قصيدة ...
فصدق عثمان بن عفان رضي الله عنه
(( لو طُهرت قلوبكم ما شبعتم من كـلام ربكم )) .
o أنــه سريع التفلت :
عجيبٌ هــذا القرآن ....
فكم هو ميسر و سهل الحفظ لمن طَلَبَهُ وجَدَّ في إدراكـه ...
فهو أيضاء ...
سريع التفلت ممن لا يعتني بــه و لا يتعاهدهـ .
يقول صلى الله عليه و سلم : ( تعاهدوا القرآن , فالوالذي نفسي بيدهـ لهو اشدُّ تفصياً من الإبل في عقلها ) .
و تفصياً : أي تفلتاً و تخلصاً .
فيجب على صاحب القرآن المداومة على استذكار القرآن و تلاوتة و تدبره من حين للآخر .
o الأستشفاء بالـقرآن :
القرآن الكريم شفاءً لأمراض القلوب و الأبدان . قال تعالى :
( وَننزِلُ من القرآنِ ما هو شِفَاءٌ و رحمةٌ للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا :82: ** الإسراء .
إذاً هو شفاء للقلوب من أمراض معنوية و حسية ...
فهو علاج للشرك ... و أمراض الشهوات و الشبهات ... و الحسد و الغل و الكرهـ , و هو كذلك رقية شرعيةى يُعالج بها بعض المرضى ....
o أنــــه مُـعـجز :
القرآن الكريم هو حجة الله تعالى التي انزلها على نبيه صلى الله عليه و سلم .
و الإعجاز في القرآن من عدة أوجـــه متعددة ...
فهو معجز في بـلاغتـه و فصاحته ...
فكما أذعن لهذه الحقيقة الوليد ابن المغيرة مـع كفره و عناده ...فقال :
و الله إن له حـــلاوة , و إن عليه لـطـــلاوة , و إنه لمُثمر أعــلاه , مغدق أسفله , و إنـه ليعلوا وما يُعلى عليه , و إنه يحكم ما تحته ....
و المواقف كثيرة ....
و قد تحدى الله أن يأتوا بمثل القرآن أو بعشر سور أو بواحدة ...
و هو كذلك معجز في اسلوبه و نظمه و وقعه و جودة سبكة و إحكام سورهـ و تعدد أساليبة مع أتحاد معانية و إيجاز اللفظ مع وفاء المعنى ...
النقاط مثيرة ... و الأدلة كثيرة ... لكننا أختصرنا و أوجزنا بتفادي الإخلال بالهدف و المراد ...
و اسأل الله ان يتقبل منّا اعملنا صالحها تقربا لوجه تعالى , و أن لا يكون في هذه الإطروحــة خللاً مؤثراً , و أن ينفعنا و ينفع بنا .
-------------------------------=-=-------------------------------
أوجــزهـ و لخـصـه ...أخيكم .
طارق بن نزال المنور .
من كتاب : حياةُ القلوب : لدكتور / عبد العزيز العويد .
مواقع النشر (المفضلة)