أصدر مجمع الفقه الإسلامي بجدة بياناً يرد فيه على الرسومات الكاريكاتورية المسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم التي نشرت في صحف الدنمارك والنرويج وقال أمين عام المجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة في البيان "لم ينكر أحد كبار الكتاب الصحفيين بالدنمارك هذه الهجمة الشرسة معللاً موقفه" بأن هذا لون جديد من الأدب متقبل في المجتمعات الغربية فالرسومات النقدية الكاريكاتورية والكلمات الساخرة التي تتناول شتى المواضيع وكافة الفئات والأفكار هي عبارة عن نقد وسخرية هادفة وذكية أيضاً، وأن هذا مقبول ومتعارف عليه في العالم بأسره، باستثناء ما يخص الإسلام" وهو يتعجب من هذه الحرمة التي يتمتع بها الإسلام دون غيره، ويعزوها إلى وجود جماعة تحتكر لنفسها حق النقد والتفسير لكلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وإزاء هذا الكلام البعيد عن الصحة والذي يختلط فيه الجد بالهزل، والحق بالباطل ننبه أولاً إلى أن اللون الأدبي الجديد الذي يدعو له ويحذوه كثير من الكتاب لا ينبغي أن يتناول كل غرض، لأنه لا يتماشى مع كل الموضوعات، وأن السخرية أو التهكم اللذين يقرهما ليس محلهما الأديان والعقائد، ولكنهما ينصبان على حياة البشر وتصرفاتهم وما هم غارقون فيه أو مبتدعون له من المناهج البحثية والتوجهات الفكرية مما هو غير يقيني أو غير خالص من الريب والاحتمالات.
ولذلك أصبح من الواجب أن نذكر بأن الأديان والعقائد الصحيحة لا يجوز أن تخضع لما يخضع له هذا اللون المستجد من الأدب في العالم، لأن السخرية والاستهزاء إذا لابسا الدين ضاعت حقيقته وفسد الاعتقاد.
والإسلام يقوم أساساً على تلقين العقيدة الصحيحة وبيان شرع الله، وتهذيب سلوك الإنسان. وهو متمم للأديان، يدعو إلى الإيمان بكل الرسالات وبالرسل وما جاؤوا به من كتب.
فالإيمان بالديانات والرسل والكتب والاعتراف بهم وتوقيرهم شرط من شرائط الإيمان والإسلام. والخروج عن هذا الحد تجاوز لحقيقة الإيمان وبُعد منه وانصراف عنه. ونحن لذلك نعجب من الفئة الضالة التي تريد إرهاب المسلمين بشتى صور الإرهاب لصرفهم عن عقيدتهم وتلبيس الحق بالباطل لديهم.
وهذه الأعمال لا تنبو عنها الأديان ولا تحرمها وحدها لأن العقل والحكمة يقتضيان ذلك أيضاً، ويحضان على التعارف والتعاون والتآلف بين الناس. وهذا ما أكدته الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة. ففي الدورة التاسعة والخمسين في الجلسة العامة المنعقدة 11/11/2004 صدر قرار بتشجيع الحوار بين الأديان، وهو يدعو إلى مناهضة تشويه صورة الأديان. والجمعية العامة تؤكد أن التناصح المتبادل والحوار بين الأديان يشكلان بعدين هامين للحوار فيما بين الحضارات وثقافة السلام".