درجت معظم النساء على الاحتفاظ بكميات كبيرة من منتجات إزالة الشعر الزائد لأن من غير المقبول اجتماعياً مشاهدة مظهر الساق المكسوة بالشعر ومنظر الشعر على الذقن لدى الأنثى.
ولا غرو إذاً أن تصبح كريمات الحلاقة ومزيلات الشعر غير المرغوب فيه وما شابهها من المنتجات من متطلبات الحياة العصرية للمرأة.

بيد أن الأمر ليس كذلك لدى لويزا ليليا أسيبس البالغة من العمر 24 عاماً، والتي يكسو الشعر الأسود الكثيف جميع جسدها التي يفترض أن تخلو تماماً من الشعر، وذلك منذ أن قدمت إلى الحياة؛ حيث ولدت بما يسمى فرط الشعر (hypertrichosis) - ويعرف أيضاً بمتلازمة المذؤوبة (werewolf) - وهي عبارة عن حالة وراثية نادرة للغاية تؤثر في واحد فقط من كل عشرة بلايين من البشر.

وتعتبر ليليا منظرها غير العادي هبة إلهية؛ إذ تتحدث في هذا السياق قائلة: «إن الشعر جزء مني. فقد خلقني الله هكذا ولا أرغب في تغيير هيئتي».

ونشأت ليليا وترعرعت في أسرة قوامها تسعة أفراد في لوريتو بالمكسيك.

وقد توفي والدها وعمرها 11 سنة فقط فاضطرت للخروج للعمل في هذه السن المبكرة. ولأجل مساعدة أمها وإخوتها وأخواتها، كانت تخرج مع أخيها فاجاردو أسيبس لكسب الأموال من خلال إقامة العروض والظهور فيها على أنهما من «العجائب الطبية».

وكان المال الذي يعودان به إلى المنزل بمثابة بشارة وفأل خير على الأسرة. وتسترجع ليليا شريط ذكرياتها متحدثة عن تلك الأيام بقولها: «كانت الحياة عصيبة. وقد كنا نعمل في الحقول ولكن عمنا الراحل مانويل والذي كان كذلك مغطى بالشعر الكث، اقترح علينا وقتها الالتحاق بفرق عروض السيرك - أنا وشقيقي فاجاردو. وكان الحضور يحبذون أخذ صور فوتوغرافية معنا كما كنا نحظى بمعاملة طيبة».

يشار إلى أن ليليا وشقيقها فاجاردو البالغ من العمر 30 عاماً ورثا هذه الحالة النادرة من أمهما ماريا دو جيسوس البالغة من العمر 55 عاماً والتي كانت تحمل المورثة المسببة لهذه المتلازمة برغم أنها ليست مصابة بها. وقد تأثر بها حالياً أكثر من 20 فرداً من أعضاء أسرتها، حيث أصيبوا بهذه المتلازمة، وأصبحوا يعرفون بمسمى البشر المستذئبين.

وتتحدث ليليا عن مسقط رأسها لوريتو واصفة إياها بأنها مدينة صغيرة وبالتالي فإن سكانها يعرفون عائلة ليليا ويتقبلونهم كما هم بين ظهرانيهم. أما الأغراب، فإنهم يصيحون من الدهشة كما تقول ليليا التي تردف مستدركة إنهم يسكنون في منطقة معزولة ويعرفون جميع السكان تقريباً.

وأفادت ليليا بأنها لم تواجه أي مشكلة - لا هي ولا شقيقها فاجاردو - في إقامة علاقات الصداقة؛ وأن أمها كانت تقول لهما دائماً إن شعرهما جعل لهما خصوصية مميزة. وتضم قائمة المصابين بهذه المتلازمة النادرة كلاً من داني ولاري، وهما من أقارب ليليا ويعملان في مجال الفنون البلهلوانية، وكذا ابنة فاجاردو البالغة من العمر 12 عاماً واسمها كارلا، وابنته أريسيا البالغة من العمر ثلاث سنوات. أما خوزيه، إبن ليليا البالغ من العمر عامين، فهو غير مصاب بالمتلازمة. وقد أعربت ليليا عن استغرابها قائلة: «لعل من دواعي العجب والاستغراب أن أثنين من أقربائي ليس لديهما شعر زائد على الإطلاق ومع هذا فإن لديهما أطفالاً مولودين بشعر على وجوههم في حين أن خوزيه ليس لديه شعر وهذا ما أكاد لا أصدقه. وبكل حال، سواء كان لديه شعر أم لا، يظل إبني الذي أحبه أياً كان شكله». وقد تزوجت ليليا منذ عامين من زوجها ريكاردو مارتينيز البالغ من العمر 27 عاماً بعد أن تقابلا عندما كان عمرها 19 عاماً. وتحدثت عن لقائها به قائلة إنها لم تواجه مشكلة في ذلك وقد تركت العمل في عروض السيرك والتحقت بوظيفة في مصنع محلي وعندما ذهبت لحضور حفل في لوريتو قابلت ريكاردو الذي كان يعمل نادلاً وتبادلا أطراف الحديث ولم ينزعج إطلاقاً من مظهرها ومنظر وجهها المكسو بالشعر.

وبعد أن توقفت هي، استمر شقيقها في أداء عروض السيرك حيث ظل يجوب الولايات المتحدة بصفته الولد الذئب ولكنه أصبح حالياً يبحث عن وظيفة محلية بعد أن حلق الشعر الزائد. أما ليليا فقد أشارت إلى أنها لم تقدم إطلاقاً على حلاقة الشعر الزائد. ومضت تقول: «دأبت عمتي وبعض قريباتي على إزالة الشعر الزائد لديهن ولكنه كان ينمو كلما قمن بحلاقته ولذلك أصبحت بشرة كل منهن خشنة جداً». وأما الحصول على وظيفة، فهو لم يكن بأي حال مصدر مشكلة بالنسبة لها. فقد التحقت قبل أربعة أعوام بسلك العسكرية وانضمت إلى الشرطة بتشجيع ومؤازرة من أمها - وهي الوظيفة التي تحبها. وقالت إنها لم تواجه أي مضايقة بسبب مظهرها وإن معظم الناس يحترمون الشرطة ولكنها وظيفة محفوفة بالمخاطر واحتمالات التعرض للعنف إلا أن خدمة المجتمع تظل هي الهدف.

وقدحاولت ليليا مساعدة كارلا ابنة أخيها حتى تتصالح هي الأخرى مع وضعها ومظهرها. وتحدثت ليليا عنها قائلة: «ظللت أذكر لها أنها جميلة وأن عليها أن تتجاهل نظرات الإستغراب من الآخرين. وعندما تكبر وتقابل الرجل المناسب فإنه سوف يحبها كما هي وهذا هو عين ما حدث لي وبالتالي يمكن أن يحدث لها أيضاً».