الوقت عند المسلم



الإسلام دين يعرف قيمة الوقت و يعطيه حيزا كبيرا من الاهتمام،و يوضح خطورة تضييع الوقت على حياة المسلم، بل يجعل الشرع الحكيم إدراك هذه القناعة إحدى مؤشرات و ملامح الإيمان بالله. يقول الله عز و جل:(إن في اختلاف الليل و النهار و ما خلق الله في السماوات و الأرض لآيات لقوم يتقون). لان كل مفقود يمكن للإنسان أن يسترجعه إلا الوقت، و هو أنفس ما يملكه الإنسان و قد كتب الأستاذ احمد بلحاج يقول: المسلم الحق هو الذي يعطي أهمية قصوى لوقته، و يعتني به اعتناء شديدا لان الوقت عمره فإذا سمح بضياعه فهو سفيه بهذا السلوك الطائش و لا يفرط في هذه الثروة الرائعة عاقل و لا محالة انه سيسال عن تصرفه فيه. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال عن أربع:عن عمره فيما أفناه...) إلى آخر الحديث.
إن المسلم ليسير حثيثا إلى الله، و كل دورة للفلك تتمخض عن صباح جديد ليست إلا مرحلة من مراحل الطريق الذي لا يتوقف فيه أبدا؛ أفليس من العقل أن يدرك المرء هذه الحقيقة و أن يجعلها نصب عينيه و هو يستبين ما وراءه و ما أمامه. و من الخداع أن يحسب المرء نفسه واقفا و الزمن يسير انه خداع النظر حين يخيل لراكب القطار أن الأشياء تجري و هو جالس؛ و أصحاب النظر القاصر يعرفون من الزمن آثاره المحدودة و يكتفون بتعداد الأيام و يسهرهم ما ذهب منها. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(متى أنام؟ إذا نمت بالليل أضعت حق ربي و إذا ما نمت بالنهار أضعت حق الرعية فمتى أنام؟). قال تعالى:( تبارك الذي جعل في السماء بروجا و جعل فيها سراجا و قمرا منيرا و هو الذي جعل الليل و النهار خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا).
و قد وزع الإسلام عباداته الكبرى على أجزاء اليوم و فصول العام، فالصلوات الخمس تكتنف اليوم كله، و المقرر في الشريعة أن جبريل نزل عند الله ليرسم أوائل الأوقات و أواخرها ليكون ذلك من ذلك النظام محكم يرتب حياة الإنسان المسلم و يقيسها بالدقائق من مطلع الفجر إلى مغيب الشفق. قال سبحانه و تعالى:(فسبحان الله حين تمسون و حين تصبحون و له الحمد في السماوات و الأرض و عشيا و حين تظهرون).
و الإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره و نواهيه فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيما في محاربة المبطلين الذين يضيعون أعمارهم في التسلية و اللهو و لا يدرون أن كل يوم بزغت شمسه إلا نادى مناد من قبل الحق يا ابن ادم أنا خلق جديد و على عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح فاني لا أعود إلى يوم القيامة.
يقول المحاسبي:و الله لو كان الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي غير خاسر اشتري بها أوقاتا لخدمة المسلمين.


الخــجـــولـــ....؟