أبيض.. أشقر.. بني.. ألوان تغزو رؤوس الرجال
الملاحظ أن السنوات الأخيرة شهدت انفتاح الرجل العربي على الغرب فازداد اهتمامه بمظهره، وأصبح يسعى هو الآخر إلى التجمل وتحسين صورته على أساس أن الرجل الصحيح شكلا صحيحٌ نفسياً.
وهكذا أصبح معظمهم اليوم يستخدمون مستحضرات تجميلية، التي كانت إلى عهد قريب حكرا على المرأة، من دون حرج، وبالتالي صار منظر الشباب وهم يلونون شعرهم تبعاً لخطوط الموضة، امرا عاديا لا يثير الاستفزاز او الاستغراب، وإن كان بعضهم يفضل صبغ خصلات خفيفة من «هايلايت» على الصبغة الكاملة كخطوة أولى ولتجنب صدمة التغيير الجذري. تقول سلوى عرب الموظفة في أحد محلات التجميل «إن الرجل بات ينافس المرأة في اقتناء صبغات الشعر، ولا يتردد في السؤال عما يناسبه من مستحضرات تتعلق بمظهره».
كما يرى المصور جوزيف (أبو جودة) أن الصبغة شيء عادي بالنسبة للرجل إذا كانت ستضفي عليه بعض الوسامة او المزيد منها، ولا يجب ان يقتصر استعمالها على المرأة. يقول: «على الصعيد الشخصي لونت بعض خصلات شعري على طريقة الهايلايت وكانت النتيجة إيجابية ورائعة، ولو لم تكن كذلك لغيرت اللون فوراً، فالمهم أن أكون مقبولاً في بيتي ومجتمعي. وأعتقد أن جرأتي في استعمال الصبغة تنبع من طبيعة مهنتي كمصور؛ حيث أصبحت أمتلك حساً فنياً يدفعني إلى تغيير مظهري دون تردد، ويتقبله الناس على أساس عملي في الحقل الإعلامي والفني وتأثري بالوسط المحيط بي».
ويضيف أنه لن يتوقف على اتباع خطوط الموضة فيما يتعلق بصبغات الشعر، بل ولا يجد مانعاً في تغيير لون شعره كاملاً، وإذا حدث ذلك فسيختار اللون الأبيض البلاتيني.
وعموما، ليس من الصعب ان يلاحظ المرء إقبال عدد لا بأس به من الشباب اللبناني على صبغات الشعر، خصوصا من الذين يميلون إلى تغيير مظهرهم على الدوام، لما يمنحه لهم هذا التغيير من ثقة بالنفس وإحساس بالتميز، هذا عدا انه يساهم في رفع معنوياتهم، بل وربما في الحصول على وظيفة جديدة كانوا يطمحون إليها، بعد أن أصبحت الثقافة الاجتماعية تركز في معظمها على الشكل أولا ثم المضمون،، على الأقل في بعض المجالات. ويتفق الشاعر محمد رمال مع (أبو جودة) في «أن تغيير لوك الشعرعند الرجل سواء بالصبغة أو بأية وسيلة أخرى ليس معيباً أو حكراً على المرأة». وأضاف متسائلا: «أين المشكلة اذا استعملت الهايلايت للحصول على اللون الأشقر الذي وجدته يلائمني؟ فالرجل مثل المرأة يحب التجدد، فلماذا يقبل المجتمع تجددها المستمر بل ويطالبها بالتغيير لتبقى جميلة في عيون زوجها وأولادها مثلاً، ولا يقبل ذلك من الرجل؟ أليس من حقي أن أتزين أمام زوجتي وأولادي أيضاً؟». من جهة أخرى يرفض المخرج ومصمم الإعلانات رائف الخطيب فكرة تلوين الشعر عندما تتحول إلى هوس عند الرجل: «أنا لا أرفض الفكرة بحد ذاتها، والتغيير مطلوب من فترة إلى أخرى لكن من خلال قصات الشعر وليس عبر تغيير ألوانه».
وحسب الخطيب فإن مفهوم الجمال «يختلف من رجل إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى؛ إلا أن ذلك لا يعني أن يقع الشاب فريسة للصبغة بحجة العمل الذي يفرض عليه ذلك. فنستطيع أن ننتقي من خطوط الموضة ما يتناسب مع تطلعاتنا وشخصياتنا، والأمر في النهاية لا يقاس بلون الشعر إن كان أشقر أو بنيا أو أبيض».
من ناحية أخرى، يؤيد مصفف الشعر الرجالي وفيق صعب استعمال الرجل للصبغة كوسيلة للتغيير على أن يكون هذا التغيير منطقياً يقبله العقل والمجتمع والناس. «فمن المهم أن لا تكون الصبغة فاقعة اللون؛ بل متناسبة مع لون البشرة وطبيعة عمله إضافة إلى وضعه الاجتماعي». وعلى صعيد الألوان المناسبة للشاب يفضل صعب «استخدام الألوان Low-Light الخفيفة لأنها تضفي على وجهه رونقاً جميلاً مثل البني الفاتح. أما الألوان الواضحة مثل البلاتين أو الفضي فنستخدمها غالباً مع النجوم الذين يعمدون إلى تغيير اللوك باستمرار. وبطبيعة الحال لا ينتقدهم المجتمع نتيجة طبيعة عملهم، كما أن الناس ينتظرون هذا التغيير حتى يقلدوهم. وفي فترة سابقة صبغ احد النجوم شعره باللون البني المحمر بالرغم من أنه لون نسائي؛ فتحول إلى موضة انتشرت بين صفوف الشباب».
ومن الملاحظ أن أصحاب التغيير هم الفئة العمرية ما بين 18 و22 عاماً، التي تكون متحمسة ولا تبالي بتقاليد المجتمع كثيرا، كما تكون أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي.
وينصح صعب هذه الفئة بالتركيز على اختيار اللون المناسب لبشرتهم وحواجبهم. «فمثلاً إذا كان شعر الشاب أشقر فنحن ننصحه بالهايلايت الأصفر، أما إذا كان شعره أسود فيجب عليه الابتعاد عن الهايلايت الاصفر واللجوء إلى الدرجة البلاتينية حتى لا تبدو هيئته مبتذلة».
وبينما يشجع صعب الرجل على تغيير لون الشعر من باب الموضة التي تلائمه وتلائم شخصيته، فإنه ضد استعمالها من قبل بعض الرجال لإخفاء الشيب الأبيض «بل أشجع هؤلاء على ترتيب شعرهم، واختيار القصة المناسبة له لإعطائه رونقاً جميلاً بدلاً من استخدام الصبغة».
ويرفض صعب اعتبار الشاب اللبناني جريئاً «كل ما في الأمر انه بدأ بالاهتمام بنفسه قبل غيره بسبب البرامج الفنية التي تبثها التلفزيونات الفضائية بكثافة. فكل يوم يولد فنان جديد، له اسلوبه الخاص الذي يصبح مقلدا في اليوم التالي. ونفس الأمر ينطبق على الشاب الخليجي، الذي لم يعد يخاف نظرات الاستنكار في حال اهتم بمظهره، وأصبح هو الآخر يتابع خطوط الموضة فيما يتعلق بالشعر وألوانه، فمنهم من يستعمل اللون البني القريب من لون الشكولاته، وهو اللون الذي ساد في شتاء هذا العام ولقي قبولا كبيرا، ذلك ان الاهتمام بألوان الشعر وصبغاته أصبح من علامات هذا الزمان، سواء كانت بالنسبة للرجل أو المرأة.
مواقع النشر (المفضلة)