مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: التقدم الذي يريده الإسلام

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Thumbs Up التقدم الذي يريده الإسلام

    ليس كل “تغير” “تقدما”.. فالتقدم لغة هو السير إلى الأمام، لكن الأمام الجديد إذا لم يكن خيرا وأفضل من السابق القديم لا يستحق المعنى الاصطلاحي للتقدم، حتى وإن انطبق عليه معناه اللغوي؟!.

    وإلا، فهل يعد تقدما السبق إلى الجديد في وسائل الدمار؟! وفي وسائل الترف التي تزيد من رخاوة الإنسان وتخنثه؟! أو الجديد والسبق في سبل اللذة والشهوة غير المضبوطة بالأخلاقيات؟!.

    إن قرآننا الكريم يعلمنا أن التقدم هو المقابل للتأخر “لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر”، “ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين”، لكن “التأخر”، في مواقع النساء عند الصلاة بالمساجد أفضل لهن وللرجال من “التقدم”!، ولقد كان “تقدم” و”سبق” بعض الصحابة في غزوة احد إلى جمع الغنائم، هو الكارثة التي جلبت الهزيمة إلى المسلمين؟!، فليس كل تقدم خيرا، وليس كل سبق ارتقاء، بالمعنى الحقيقي للتقدم والارتقاء.



    قوانين التقدم وسننه


    كذلك يعلمنا القرآن الكريم أن للتقدم قوانينه وسننه، وأن التخلف والتأخر ليس إلا ثمرة لغيبة هذه السنن والقوانين، فليس التقدم أمنيات وأحلاما للكسالى والقاعدين، حتى ولو حسنت منهم النوايا وصحت لديهم المعتقدات النظرية، فحتى الإيمان الديني، لا يكتمل إلا إذا جاء العمل ليجسد التصديق!.

    وشواهد القرآن الكريم على هذه الحقيقة تتعدى اقتران الإيمان بالعمل في آياته الكريمة الكثيرة وهو ملحظ له دلالته الكبرى وإنما نرى هذه الشواهد أيضا، في مثل قول الله، سبحانه وتعالى: “ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب. من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا”.

    فتحقيق الغايات في السعادة والتقدم والارتقاء، وتغيير سلبيات الواقع ونواقصه لا يتأتى بمجرد الأماني، حتى ولو كانت أماني المؤمنين، فبصرف النظر عن عقائد أصحاب الأماني مؤمنين كانوا أم غير مؤمنين فلابد لتحقيق الأماني من الأخذ بالسنن وإعمال القوانين، والتعلق بالأسباب، فهذا الكون الذي نعيش فيه قد أبدعه الله لغايات وحكم، وأقام نظامه على القوانين والعلل والعلاقات والأسباب، التي لا تبديل لها ولا تحويل، كان ذلك منذ بدء الخلق، وحتى يبدل، سبحانه وتعالى، هذه السنن والقوانين والأسباب، فيرث الأرض ومن عليها: “سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا”، “فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا”، “سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا”، “سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا”.بل إنه حتى المعجزات، التي هي خوارق للسنن والقوانين المعتادة أي خوارق للعادة إنما هي صنع إلهي، يتفرد مسبب الأسباب، وخالق السنن، ومقنن القوانين، بإظهارها على أيدي رسله وأنبيائه، لتأييدهم وإقامة الأدلة والإعلام عن صدق دعوتهم، وذلك وفق قوانين وسنن لهذه المعجزات، لا يعلمها ولا يستطيع السيطرة عليها ولا التحكم فيها البشر العاديون.


    النزعتان الباطنية والمادية

    لكن الخلاف قد وقع بين المذاهب والفلسفات في معنى التقدم، وفي المناهج والسبل المحققة للارتقاء، فأصحاب النزعة الباطنية الغنوصية: يرون التقدم، والارتقاء الذي يسمونه خلاصا يرونه في المجاهدة الفردية، الجوانية، التي تعتمد على العرفان الذاتي، وتقوم على إدارة الظهر للمادة وعالمها، والجسد وحاجاته، والدنيا وما فيها، وذلك وصولا إلى قمة التقدم والارتقاء الخلاص بالفناء في المطلق والكلي والحق، وهم في سبيل ذلك يحطون من شأن الأسباب ومنها العقل و النقل والحرية و الإرادة والاستطاعة والقدرة رافضين الاعتراف بأية علاقة تلازم أو فعل أو تأثير بينها وبين النتائج والمسببات والثمرات، وذلك اعتمادا على أن هذه النتائج والمسببات والثمرات إنما هي هبات وفيض وإلهام لا اثر فيها للأسباب!

    وعلى النقيض من هذه النزعة (الباطنية الغنوصية) ذات الأصول الفارسية في مذاهب التقدم تأتي النزعة (المادية) ذات الأصول (الإغريقية الغربية).فمفهوم التقدم، لدى الماديين وتجلياته في الحضارة الغربية الوضعية العلمانية يعني: السيطرة على الطبيعة وقهرها من قبل الإنسان، ذلك الإنسان الذي تصوره الماديون: (سيداً لهذا الكون)، لا حدود لحريته واختياره، وهدف هذه السيطرة على الطبيعة والقهر لها، هو تحقيق الحد الأقصى من (القوة) والحد الأقصى للإنسان والتي رأوها غير متناهية كل ذلك، بصرف النظر بل وبرغم أخلاقية أو لا أخلاقية السبل والوسائل المحققة لهذه الغايات، بل وبرغم وبصرف النظر عن لا أخلاقية كثير من هذه المقاصد والغايات؟!


    الرؤية الإسلامية

    اما الرؤية الإسلامية للتقدم، والمذهب الإسلامي في الارتقاء، فإن له مفاهيمه المتميزة، ومناهجه المتميزة أيضا.

    ونحن إذا شئنا معياراً لهذا التقدم الإسلامي، وللمذهب الإسلامي في الارتقاء، فليس كالوسطية الإسلامية، معيارا، يتميز به عن مفاهيمه المغايرة في النزعة (الباطنية الغنوصية العرفانية)، وفي نقيضتها (النزعة المادية) أيضا، فبالوسطية الإسلامية يكون التقدم إسلاميا، وذلك عندما يكون تحقيقا:

    أ للتوازن، الذي هو الوسط، أي العدل، في ذات الإنسان الفرد، وفي علاقاته بالآخر، وأيضا في علاقاته بالبيئة والطبيعة والمحيط.

    ب وتحقيقا للتوازن الذي يجمع بين (الوحدة في الإنسانية) بين البشرية جمعاء، وبين (التعددية) في الشعوب والقبائل والقوميات والحضارات، ليصبح العالم (منتدى حضارات متميزة، ومتفاعلة) لا متصارعة، ولا منغلقة، أو تابعة بعضها للبعض الآخر.

    ج وتحقيقا للتوازن بين (وحدة الدين الإلهي) أزلا وأبدا في أمهات عقائد الإيمان: بالألوهية الواحدة، والإيمان بالغيب واليوم الآخر والحساب والجزاء، وبالعمل الصالح، مع التعددية في الشرائع، ليكون السباق والاستباق على درب الاقتراب الأكثر من تحقيق مثل الاعتقاد الأصح بعقائد هذا الدين الإلهي الواحد.

    د وتحقيقا لتوازن مصادر المعرفة، وسبل تحصيل هذه المعرفة، بتكامل آيات كتابي الخالق، سبحانه وتعالى، آيات (كتاب الوحي المقروء) وآيات (كتاب الكون المنظور)، مع تكامل سبل الإنسان لتحصيل معارف هذه الآيات، هداية: العقل، الذي إن استقل بمعارف عالم الشهادة، فلن يستقل بإدراك معارف عالم الغيب، وهداية: النقل والوحي بلاغا قرآنيا، وبيانا نبويا التي تهدي الإنسان فيما وراء مدركات ملكاته النسبية، كمخلوق نسبي القدرات والملكات، وهداية: الحواس الخمس، التي تدرك بالتجربة الكثير من حقائق هذا الوجود، وهداية: الوجدان والنور القلبي الذي هو لطيفة ربانية خلقها الله متعلقة بالقلب جوهر الإنسان .

    ه وتحقيقا لتوازن حقوق كل من (التوحيد) لخالق كل شيء أسبابا كانت أم مسببات والتسليم بأسباب مادية، قائمة في الظواهر الكونية والبشرية والنفسية، لها فعل وتأثير في المسببات.

    فوجود هذه الأسباب المادية، وفعلها في المسببات حقيقة لا ريب فيها، والإيمان بأن هذه الأسباب الفاعلة، هي أيضا مخلوقة للفاعل الأول والخالق الأوحد لكل موجود، هي الأخرى حقيقة لا ريب فيها، فهذا الكون المادي، والبشري تحكمه (الأسباب المخلوقة) لخالق كل ما في الوجود، أسبابا كانت أو مسببات.


    مفهوم الوسطية

    وهذه الوسطية الجامعة بين (توحيد خالق كل شيء) وبين الاعتراف (بفعل الأسباب المودعة في الطبيعة) هي التي عبر عنها عن صدقها، وعن صعوبة استيعابها من غير أهل الاختصاص أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (163 255ه 780 869م) عندما قال: (إن المصيب هو الذي يجمع: تحقيق التوحيد، وإعطاء الطبائع حقها من الأعمال، ومن زعم أن التوحيد لا يصلح إلا بإبطال حقائق الطبائع، فقد حمل عجزه على الكلام في التوحيد، وكذلك إذا زعم أن الطبائع لا تصلح إذا قرنها بالتوحيد، ومن قال هذا فقد حمل عجزه على الكلام في الطبائع، وإنما ييأس منك الملحد إذا لم يدعُك التوفر على التوحيد إلى بخس حقوق الطبائع، لأن من رفع أعمالها رفع أعيانها، وإذا كانت الأعيان هي الدالة على الله، فرفعت الدليل، فقد أبطلت المدلول عليه).

    و وتحقيقا لتوازن (سلطة الإنسان) في عمارة الأرض بما تقتضي من حرية وإرادة واستطاعة وقدرة واختيار ومسؤولية وتكليف وبين (سيادة الحاكمية الإلهية) فوق (سلطة الإنسان) لأنها (سلطة الإنسان) الخليفة لسيد الوجود وخالق كل موجود وراعي ومدبر كل أمر، وليست سلطة الإنسان المغتصب للسيادة الإلهية في هذا الوجود، ومن ثم فإنها (سلطة) محكومة بآفاق (سيادة الحاكمية الإلهية)، المتمثلة في الشريعة الإلهية والتي هي بنود عقد وعهد الاستخلاف الإلهي للإنسان. وإذا كانت الكهانة الغربية قد أفرطت عندما ألغت (سلطة الإنسان) بجعلها الدولة والعلم والاجتماع والسياسة وكل العمران البشري دينا ثابتا مقدسا وسيادة وحاكمية إلهية لا خلافة فيها ولا حاكمية للإنسان، وذلك يوم أن ادعت أنها تحكم الدولة بالتفويض والحق الإلهي، ثم جاءت العلمانية الغربية كرد فعل لذلك ففرطت، عندما جعلت سلطة الإنسان في الدنيا والدولة (سيادة وحاكمية) لا معقب عليها من نبأ الغيب وشريعة السماء وحقوق الله، حتى لتقرر هذه العلمانية للإنسان إذا هو اختار أن يحل الحرام ويحرم الحلال الديني، فإن هذا الخلل في التوازن، لدى فريقي الإفراط والتفريط، هو الذي برئت منه الوسطية الإسلامية في علاقة (سيادة الحاكمية الإلهية) ب (سلطة الأمة) في الفكر الدستوري لدولة الإسلام.

    وصدق الله العظيم إذ يقول: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا”.

  2. #2
    مشرفه سابقه

    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    7,935
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    تسلم اخي حبيبتي حطمتني على ها الموضوع
    الرائع والمفيد بنفس الوقت الله يعطيك العافيه
    على ها المعلومات وان شا الله يعم بنفعها الجميع
    اللهم يجعل ما كتبت في موازين حسناتك يارب
    تحيتي لك

  3. #3
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    وعد الليل

    أسعدني مرورك أختي الغالية

    جزاكِ ربي خير الجزاء على مشاركتك

    في هذا الموضوع واللي أتمنى يستفيد منه الجميع .


    أخوكِ في لله

المواضيع المتشابهه

  1. اهداء لكل متذوقين الشعر الراقي( الثقيل الثقيل )
    بواسطة هبوب النود في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-04-2008, 02:02 AM
  2. الإسلام الدين الذي علمنا أسرار السعادة
    بواسطة fatinn في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-04-2008, 03:25 AM
  3. النشيد الذي هز قلوب أعداء الإسلام وأبكي المسلمين
    بواسطة الَمُعَطيْ.الَمَحَرُوُمْ في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-02-2008, 12:55 AM
  4. اغنية يردده الجميع احذروها !!
    بواسطة د.كيف في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 24-11-2006, 05:16 AM
  5. رمز عبدة الشياطين يردده ابنائنا..
    بواسطة أم صقر في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29-09-2006, 12:18 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •