الخادمات والسحر من مجتمعنا
السحر الأحمر والسحر الأسود وطلاسم وخصل شعر معقودة بحذاء وصور الزوج والزوجة وقطع من الثياب...
كل تلك المفردات هي الأهم في أي قصة يتناقلها الرجال والنساء السعوديون
تحكي عن دجل وسحر الخادمات الآسيويات.
وبعيداً من مدى صحة تلك القصص وحقيقتها أو كونها طرفة محبوكة وخيالاً واسعاً
تبدي ربات بيوت في السعودية قلقاً
كلما اقترب موعد قدوم خادمة آسيوية!
بعضهن
خصوصاً اللاتي ينتظرن الخادمة الأولى
يترقبن ويثرثرن عن الخوف الذي ينتابهن.
لا يعود السبب عندهن إلى الخوف من احتمال كون الخادمة لا تجيد أعمال المنزل
أو كونها قاسية في تعاملها
بقدر ما هو خوف من كون الخادمة تتعاطى السحر!
تتداول كثيرات من ربات البيوت قصصاً «مرعبة» عن خادمات سحرن كفلاءهن
وتغيرت حياة الاسرة إلى الأسوأ بسب سحر صنعته الخادمة لخدمة نفسها فقط.
وعلى رغم أن كثيراً من القصص لا تخلو من المبالغة والتهويل
إلا ان قصصاً أخرى لا تخلو من طرافة رغم قسوة الموقف.
لا تقف قصص أعمال السحر الذي تصنعه الخادمات الآسيويات عند التفريق بين الزوج وزوجه
فمن الذباب الكبير الذي ترك فضلات سوداء على الستار والشباك إلى تنبؤات كوماري المخيفة...
تبقى كل هذه القصص والحكايات فكاهات وطرفاً مبالغاً فيها
لا يمكن إثباتها بأي حال من الأحوال
فكيف لخادمة تجيد صنع السحر أن تأتي لتعيش بـ 600 ريال شهرياً
في حين كان بإمكانها الارتزاق من سحرها بدلاً من إيذاء الناس من دون مقابل؟
كائنة ما كانت الحال
ليست رواية تلك القصص هنا
كما رواها أصحابها نصاً
إلا من قبيل التأكيد على ما يدور في أواسط الناس وبين العامة.
بل للإشارة أيضاً إلى ما وصل إليه الاعتقاد بحقيقة قدرة هؤلاء العاملات اللاتي لم يأت بعضهن إلا لطلب الرزق في وقت يصر بعض الأهالي على رميهن بتهم كثيرة لا أساس لها من الصحة.
وابتداءً من اليوم تفتح «الحياة» ملف «الخادمات» على خمس حلقات.
في الحلقة الأولى (اليوم) حديث عن العلاقة بين الخادمات والسحر
وفي الحلقات المقبلة هناك هروب الخادمات
ومدى حاجة المجتمع والأسر بشكل خاص إليهن
وحلقة عن خادمات Vip بمواصفات ملكات الجمال
وأخيراً هناك العنف الصادر ضد الخادمات ومنهن.
حملات تفتيش على ممتلكات الخادمة بحثاً عن خصلات شعر وطلاسم سحرية ...
«عاملات» ينسفن علاقات زوجية و«مساحيق» ساحرة تمنحهن «العيش الرغيد»
تشير أم فيصل التي كانت تسمع عن قصص الخادمات الساحرات
إلى أنها استقدمت خادمة لتخدمها وابنها الشاب
نظراً لعدم قدرتها على تنظيف المنزل وتحضير الطعام.
وتقول:
«بعد مدة من قدوم الخادمة، تزوج ابني من إحدى قريباته ليسكن معي في المنزل نفسه، ولتشارك الخادمة زوجته في تنظيف المنزل وتحمل أعباءه. لكن بدأت علاقة ابني تسوء مع زوجته. وعلى العكس من ذلك بدأت تتحسن مع الخادمة لتصل إلى تبادل الأحاديث والضحكات التي لم تكن تتداول مسبقاً».
تستطرد أم فيصل:
«ازداد الأمر سوءاً حينما تركت زوجة ابني المنزل. بقيت أنا وابني مع الخادمة، وتغيرت حالته النفسية، حينما أصبح كثير الشرود والتفكير. عندها علم بعض الأقارب بالمشكلة وحرصوا على معالجة الابن مكتشفين خلال العلاج بالرقى أن الخادمة سحرته بعد زواجه ليقيم علاقة معها بعيداً من زوجته».
وتشير أم عبدالله (45 عاماً) إلى أنها وقريباتها يحرصن على تفتيش الرسائل الواردة إلى الخادمة من أهلها
إلى جانب التأكد من خلو الرسائل المرسلة من أي جسم غريب يكون داخل الرسالة
وتفتيش حقائب الخادمة قبل سفرها حتى لا تحمل شيئاً تستخدمه في سحر العائلة.
موضحة أن زوجها عاد من المنزل ذات يوم برسالة تخص الخادمة لكنها تحتوي على مسحوق أبيض داخل ظرف عليه بعض الكتابات.
وعندها سلمت الظرف لابنها الذي يعرف بعض السائقين الذين يجيدون لغة الخادمة ليسألهم عن مضمون الرسالة.
فوجئ الابن بأن جميع من قرأوا الرسالة أفادوا بأن مسحوقاً داخل الرسالة أرسل من والدة الخادمة لتضعه في طعام كفلائها
حتى تحظى برعاية جيدة منهم
كما تشير أم عبدالله إلى أن احدى قريباتها فوجئت بجسم غريب داخل رسالة حاولت الخادمة إرسالها إلى أهلها
وعند فتح الرسالة عثروا على خصلات من شعر
إلى جانب صور لرب المنزل، تبين في ما بعد أن الخادمة حاولت إرسال الرسالة لأهلها
وذلك لعمل سحر لرب المنزل وزوجته انتقاماً من سوء معاملتهما لها.
ويشير أبو علي الذي يعمل في أحد مكاتب توعية الجاليات إلى أن انتشار السحر بين الخادمات يرجع في المقام الأول إلى الجهل وليس لسوء النية
موضحاً أن مكاتب دعوة الجاليات تحرص في المقام الأول على طباعة ونسخ الكتب والأشرطة الصوتية التي تحذر من السحر وتبين خطره على الساحر والمسحور
مؤكداً أن كثيراً من الكفلاء يحرصون على تقديم هذه المطبوعات إلى الخادمات والسائقين الذي يجهلون كثيراً من المعاني الدينية المرتبطة بالسحر.
وفي السياق ذاته توضح أم مشعل (50 عاماً) أن إحدى زميلاتها كانت في شجار دائم مع زوجها
وبعد فترة من سفر الخادمة لاحظت زميلتها أن زوجها لم يعد يخاصمها كثيراً
لدرجة أن سلوكيات جديدة بدأ يمارسها مع زوجته
فللمرة الأولى منذ زواجه حرص الزوج على أخذ زوجته لتناول العشاء في مطعم فاخر
وتوضح أم مشعل أن زميلتها تلقت بعد شهرين اتصالاً من الخادمة
تسأل المرأة عن زوجها وهل مازال يخاصمها على أتفه الأمور
فأجابت الزوجة بأن الأمور تغيرت كثيراً بعد ذهابها
وحينها أخبرت الخادمة الزوجة أنها أحبتها كثيراً نتيجة حسن تعاملها معها،
وكعربون محبة للزوجة فإن الخادمة ذهبت عند عودتها إلى بلدتها إلى أحد السحرة مصطحبة قطعة ثوب تعود إلى ذلك الزوج المزعج وقدمته إلى الساحر ليعمل سحراً يؤلف بين الزوجين المتخاصمين،
وتشير أم مشعل إلى أن الزوجة دهشت كثيراً لهذا التصرف الغريب من الخادمة،
الأمر الذي أوقعها في حيرة لم تطل كثيراً،
هل تذهب إلى أحد العلماء لتخبره بما حصل ليفك السحر،
أم تبقي هذه العلاقة مع زوجها، وتؤكد أم مشعل أن الزوجة اتخذت قرارها بالذهاب إلى أحد العلماء الذي أرشدها إلى فك السحر بالقرآن والرقية الشرعية،
ولو على حساب مظاهر اجتماعية تتعارض مع الأوامر الشرعية.
سِحْرُ الفِرَاق» ... خصل من شعر زوجته معقودة بخيوط في حذائه
يروي محمد فهد احد الذين تعرضوا للسحر من الخادمات، قائلاً: «بعد حمل زوجتي بطفلها الثالث كانت حالتها الصحية سيئة للغاية، وطلب منها الطبيب عدم بذل أي جهد، ما اضطرني إلى استقدام خادمة، لكي تقوم بعمل المنزل، وبعد اقل من أسبوعين من طلبي خادمة من احد مكاتب الاستقدام، إذ بهاتفي يرن خادمتك وصلت وعليك الذهاب لأخذها من المطار، وبعد وصولها لمنزلي استقبلها جميع أفراد الأسرة استقبالاً طيباً، واستمرت الخادمة تعمل بكل جد، ولم يكن هناك أي عوائق، وكانت الأمور تسير بكل يسر وسهولة، ولم تكن هناك بوادر مشكلات في المنزل».
ويضيف: «بعد ثلاث شهور من وصول الخادمة للمنزل بدأت الأمور تتغير، وأصبحت لا تتقبل منا أي حديث معها، وتنزوي في احد أركان المنزل، وتكثر من وجودها داخل غرفتها التي خصصناها لها عند وصولها، ولا تخرج منها إلا في أوقات قليلة، فأخذتها إلى احد الأطباء للكشف عليها، خوفاً من أن تكون مريضة، ولكن الطبيب أكد عدم وجود أي أمراض بها، فعدنا مرة أخرى إلى المنزل ولكن الحال بقيت على ما هي عليه».
ويعود ليروي فصولاً من القصة: «في احد الليالي أحسست باختناق كبير، ولم استطع الجلوس في المنزل، وفور خروجي من المنزل بدأ الاختناق يذهب، واستمررت على هذه الحال كثيراً، فأصبحت لا أحب الجلوس في المنزل، وأُكثر من جلوسي خارجه، وحتى زوجتي هي الأخرى أصبحت لا تطيق مكوثي في المنزل، فأصبحت اسكن عند عائلتي وبقي أطفالي وزوجتي في منزلي، فأصبحت في حالة صعبة لا استطيع دخول منزلي وأصبحت زوجتي لا تريد أن تراني، فتفرقت عائلتي، وأصبح أطفالي لا يذهبون إلى مدارسهم، وأنا قررت تطليق زوجتي، لأنني كرهت «العيشة» التي أنا فيها، فأشار لي احد الأصدقاء بالذهاب إلى احد المشايخ القراء لمعرفة أسباب التوتر الحاصل في عائلتي، وعند ذهابي إلى احد المشايخ ابلغني أنني مسحور بعمل الفراق بيني وبين زوجتي».
وفي هذه الأثناء كانت زوجتي في احد المستشفيات لان مـوعد ولادتـها حان، فرزقني الله بمـولودي الثالث، فذهبت زوجتي وأبنـائي ومعهم الخـادمة إلى بيـت أهـل زوجـتي، وكـنت أتـمنى أن أرى ابني، ولـكن لم استـطع فحالة الاختناق لا تزال مـعي كلما رأيت زوجـتي وصـبرت كـثيراً ولكـن مـن دون جدوى، فالوضع لم يتغير فانا لم أر ابني الصغير ولا استطيع التحمل أكثر من ذلك.
فذهبت مرة أخرى إلى احد المشايخ للعلاج بالقرآن، وابلغني بانني مصاب بالسحر، وانه يجب أن استمر في العلاج حتى يخرج السحر مني، ولكن الشيخ ابلغني أن السحر من الممكن أن يكون في داخل المنزل، ويكون صاحب عمل السحر احد الذين يترددون على منزلكم أو احد المقيمين فيه، فتردد في خيالي الخادمة، والتي تغيرت معاملتها معنا، فذهبت إلى المنزل الذي كان خالياً ولا يوجد به احد من العائلة، فبحثت في الغرفة الخاصة بالخادمة عن أي أوراق أو طلاسم فلم أجد أي شي، واستمررت في البحث يومياً ومر شهران على ولادة زوجتي وأنا لم أر ابني الوليد، وبعد فترة من البحث وأنا في غـرفة النوم الخـاصة بي وأثناء بحـثي في خـزانة الملابس لم أجـد أي خيوط للسحـر، ولكـن جـاء في فكري أعـلى خـزانة المـلابس وأثنـاء تفـتيشي فـيها وجـودت أحـذية لي مـوجودة فيها، فأخـذت أفتش فيها حتى رأيت احد الأحذية منزوعة من الداخل وبتفتيشي فيها وجدت في داخلها خصلاً من شعري ومن شعر زوجتي معقودة بخيوط وبداخلها ورقة، فأخذتها إلى احد المشايخ الذي قام بفك عقدها، وابلغني أن الذي قام بعمل السحر هو الخادمة وهو سحر فراق، وبعد ثلاث شهور من المعاناة استطعت أن أرى ابني الذي ولد ولم أره، وكان أول عمل قمت به هو تسفير الخادمة بلا رجعة
... والسحر الأسود يحميها من الإهانة
ساد اعتقاد غريب حول عالم الخادمات، فانتشرت قصص عن الخادمات اللاتي يجلبن طقوس السحر والشعوذة معهن، من أجل توفير الحماية لهن في مجتمع يجهلون خباياه. ويذكر أن السحر الأسود أو الأحمر منتشر بين الخادمات من شرق آسيا، وانتشر هذا النوع من السحر بصورة كبيرة في وسائل الإعلام، ما جعل معظم العائلات يحجم عن جنسية معينة تميزت بهذا النوع من الشعوذة، والتي تؤثر بصورة مباشرة في الأسرة.
ويعتبر السحر قضية تجعل عالم الخادمات مرعباً، فالتعليمات التي تعتمد على كيفية التأقلم مع المجتمع الخليجي تسبق الخبرات العملية للخادمة، بحسب قول سابرينا (خادمة فيليبينية)، وتقول «هناك عند بعض المجتمعات الشرق آسيوية معتقد غريب وباطل، يعتمد على الشعوذة والدجل والسحر، وهو يصب في كيفية أن تملك الخادمة السلطة الأولى في المنزل، وحتى لا تتعرض إلى الاهانة أو الضرب وتكسب مالاً يليق بالغربة التي ستعيشها». وتتمثل الطقوس التي تتحدث عنها سابرينا في أن «تقوم الخادمة بوضع بولها أو قليل من برازها في مشروب تضعه في الثلاجة، ثم تقدمه للعائلة التي ما إن تتناول المشروب حتى تكون الخادمة سيدة البيت بحسب المعتقد السائد».
واكتشفت عائلات بعد سفر الخادمة دلائل توضح عمليات الشعوذة، يقول علي سالم: «منذ وصول الخادمة بأشهر توترت العلاقة بيني وبين زوجتي إلى أن وصلنا إلى حافة الانفصال، وغالباً ما أرسلها إلى بيت أهلها لأنني لا أحتمل وجودها في المنزل، وفسرت هذا بأنني أريد الاختلاء بالخادمة من أجل علاقة مشبوهة، وحينها قررت أن أرحلها وأعيدها إلى وطنها».
بعد رحيل الخادمة اقترح صديق أن يغير طلاء المنزل ويستبدل أثاثه، وأحدث الاقتراح مفاجأة، ويوضح «حين أراد العمال نقل السرير من الغرفة وقع كيسان صغيران وحين فتحتهما وجدت ورقة صغيرة تحمل رسوماً غير واضحة وحروفاً لم أعرف قراءتها وعلى الفور شككت بأنه سحر».
مواقع النشر (المفضلة)