مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 6

الموضوع: إنسانية الإنسان لا تتحقق إلا بالإيمان

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Thumbs Up إنسانية الإنسان لا تتحقق إلا بالإيمان

    ليس من الإسلام في شيء تأكيد جانب واحد من جوانب الطبيعة البشرية على حساب الجوانب الأخرى، فالإسلام لا يخص الفطرة الروحية للإنسان وحدها بتأكيد خاص منفرد فليس مطلوبا من الإنسان أن يعزف عن الحياة الدنيا كل العزوف، ولا أن يعيش متجها إلى الآخرة دون سواها.

    كما أن الإنسان لا يستطيع أن ينمي جانبه الروحي إلا بتحقيق الانسجام مع كيانه الجسماني والنفسي، كذلك لا يستطيع أن يتجه إلى الآخرة إلا بتأكيد ذاته روحيا وأخلاقيا في الدنيا. وهذا يعني أن الحياة بكل تشعباتها لابد أن تكون مصبوغة بالصبغة الروحية عن طريق الإيمان كما يمارسه المؤمنون ويعيشونه ويتحقق هذا المسعى من خلال سلوك الإنسان المسؤول مسؤولية خاصة أمام الله، وهو ما يتيح للإنسان تأكيد كرامته وحريته.

    وفي دنيانا هذه، في هذا العالم الذي يعيشه الإنسان المؤمن عن وعي بأن الله هو الذي خلقه، وبأن الآخرة تحدد صورته، يستطيع الإنسان بثمار الإيمان وبالأعمال الصالحة أن يحقق إنسانيته وبذلك يجد الإنسان نفسه على الطريق الذي عرّفه الله بني آدم، طريق الإسلام لله والخضوع لإرادته سبحانه وتعالى.

    الحياة الروحية


    والإنسان موجه بالفطرة لحياة روحية، وهذا يعني من منظور الإسلام أنه موجه لعبادة الله فبغير الإيمان لا تكون للأعمال، حتى الأعمال الصالحة منها، قيمة معتبرة كما تدل على ذلك العديد من آيات القرآن الكريم.

    ومنحة الإيمان ينالها الإنسان بالسعي الدؤوب الذي يجعله جديرا بها. وما نسميه الإيمان قوامه العلاقة الشخصية بين الإنسان والله. ومن خلال هذه العلاقة ينال الإنسان القدرة على سلوك السبيل إلى آيات الله المنزلة في كتابه الكريم، وإلى آيات الله في الكون كله وفي نفسه كما ينال مفتاح الحياة الروحية.

    ومن خلال التمسك بالإيمان في الحياة اليومية، وبذل الجهد كل يوم من جديد من أجل تحقيقه، ينال المرء الحياة الروحية ويكتسب القدرة على التفكير والعمل المبدع.. وإن ما يقوم به الفرد من سلوك شخصي، في أي وقت وفي أي مكان، له دور بالغ الأهمية في حياته الإيمانية، حيث يشهد هذا السلوك الظاهري في أغلب شؤون الحياة على الإيمان الباطني. والقرآن الكريم يؤكد استمرار أهمية السعي الشخصي الأخلاقي للإنسان وبذل الجهد في إثبات الذات روحيا وهو ما ينمي شخصية الإنسان ويؤكد حريته.

    ويضرب القرآن الكريم في هذا السياق مثلا يدور حول رجلين لكل منهما شخصية مختلفة عن الآخر، أحدهما رجل أبكم عديم الفهم لا يقدر على شيء أبدا لعدم فهمه وعدم قدرته على النطق، وهو لذلك عبء على سيده، كلما أرسله لينجز شيئا، فشل وعاد دون أن يأتي بخبر، ويسأل القرآن كيف نسوي بين هذا الرجل وبين رجل آخر يتمتع بالاستقامة والحياة الروحية ويأمر بالعدل ويلتزم به ويمثل قدوة للآخرين؟ والعدل في الإسلام اسم من أسماء الله الحسنى. والرجل الذي يأمر بالعدل يصفه القرآن بأنه: “على صراط مستقيم”.

    والصراط المستقيم تعبير من التعبيرات العديدة التي يطلقها القرآن على الإسلام وهو على النقيض من طرق الضلال والانحراف، ومن شأنه أن يبلغ بمن يسلكه الهدف مباشرة.

    حرية الإنسان

    والأعمال الصالحة التي يطلبها الإسلام تتمثل أولا وقبل كل شيء آخر في الأعمال التي تحقق العدل ولا تحيد عنه بحال من الأحوال. كما نستخلص ذلك بوضوح من المثل السابق على الرجلين المشار إليهما. فالله سبحانه وتعالى كما يذكر القرآن الكريم في موضع آخر (التوبة: 19)، لا يهدي القوم الظالمين. ولهذا يشدد في هذا الموضع بوضوح وجلاء على أن سقاية الحاج، أي رعاية الحجاج، وعمارة المسجد الحرام لا تساوي في قيمتها أعمالا أهم منها مثل تلك الأعمال التي يقوم بها من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد بنفسه وبماله في سبيل الله.

    والإيمان الحق هو إيمان القلب الذي يؤمن بالله وينقاد لهدايته. وهذا الإيمان يحفز الناس يوميا إلى السعي على نحو متجدد ومتواصل نحو العمل من أجل حياة صالحة. وبغير الإيمان يبتعد الإنسان شعوريا أو دون وعي منه على نحو متزايد عن النبع الحقيقي للحياة وعن الواقع الحقيقي، وتشتد حياته الروحية فقرا فيفتقد الأمل والحماس والعزم والأخلاق.

    ويرتبط ذلك بأن الإنسان ليس وليد المصادفة. فقد خلق لمقصد وطبقا لخطة إلهية. وتتضمن هذه الخطة حرية الإنسان في أن يقرر لحياته ما يريد. ولو كانت حياته تتقرر من خارجه وليس من داخله، أي لو كانت حياته لا تنطبع بطابع قراراته الروحية لكان من المتنكبين عن الطريق المستقيم التائهين في سبل الضلال.

    وبفضل الروح التي نفخها الله فيه عند خلقه، والتي تعد حلقة الوصل الدائمة بين الله وعباده، يستطيع الإنسان عندما يقرر الإيمان، أن يستلهم الروح الإلهية، وأن يسلك طريق الإسلام المستقيم، وعندئذ يعبد الله بكل كيانه، وهذا من “الدين القيم” كما يبين لنا ذلك القرآن الكريم.

    وقد أرسل الله أنبياءه كما ورد في القرآن الكريم في كل الأزمان يدعون الناس إلى الدين الحق. وكانت دعوتهم إلى الله تتمثل في المقام الأول في أن يكونوا مُثلاً يحتذي بها الآخرون.

    الإيمان.. والأخلاق

    ويؤكد كل من القرآن والسنة بوضوح وجلاء أن الأخلاق جزء من الحياة الدينية لا ينفصل عن الإيمان، وينبهان باستمرار إلى أن حسن سلوك الإنسان له أهمية حاسمة بالنسبة إلى مصيره الروحي. ومن البديهي أن الأخلاق لا تعني في هذا السياق مجرد ترك الأعمال المنافية للأخلاق عن خوف من العقاب، وإنما تعني في المقام الأول أداء الأعمال الصالحة بدوافع روحية، تلك الأعمال الصالحة التي تنبع من السعي إلى تحقيق قيم الحق والخير والعدل والرحمة أو بعبارة أخرى تنبع من نكران الذات.

    ومن المهم في هذا السياق أن نشير إلى أن الإسلام لا يطلب المستحيل، فهو لا يطلب من الإنسان أن يكون إنسانا صالحا صلاحا مطلقا، أو عادلا عدلا مطلقا. وإنما يطلب منه أن يبذل كل الجهد في أن يكون سلوكه سلوكا صالحا وعادلا.

    وهذا التميز بين الأمرين مهم جدا. ففي مقدور الإنسان أن يسعى ويجتهد في أداء الأعمال الصالحة. أما أن يكون الهدف هو أن يصير الإنسان إنسانا كاملا كمالا مطلقا فهذا شيء نراه بحق أمرا مستحيلا. ولهذا يدعو القرآن الإنسان الى أن يجتهد قدر استطاعته في الالتزام بقيم السلوك الأخلاقي وعلى رأسها قيمتا العدل والرحمة، والخبرة العملية تعلم كل إنسان قيمة العدل، فإن لم تعلمه العدل فهي على الأقل تعلمه أن يتمنى العدل، وبخاصة إذا وجد نفسه عرضة للظلم.

    رباط الرحمة

    والأساس الذي يقوم عليه العمل الأخلاقي هو قدرة الإنسان على أن يرى نفسه في أخيه الإنسان. والقرآن يبين لنا أن الله يسبغ عونه على الإنسان الذي يسعى لتحقيق العدل لا لنفسه فقط، ولكن أيضا للمظلومين من إخوانه من البشر. والله يلقي إلى الإنسان الذي يؤمن به كما يشير القرآن إلى ذلك حبل نجاة من عنده، أو العروة الوثقى، بالتعبير القرآني لينجيه في هذا العالم المتلاطمة أمواجه المتفرعة سبل الضلال فيه. وبذلك ينقذه الله من الضياع. والإنسان الذي يسعى لإنقاذ إخوانه من البشر من الضلال ينقذ بذلك نفسه أيضا. وحين يفتح قلبه للرحمة “التي هي اسم من أسماء الله الحسنى” من أجل الآخرين فإنه ينالها هو أيضا. وفي هذا المعنى يعبر الحديث النبوي الذي رواه البخاري: “من لا يَرحم لا يُرحم”.

    والإيمان الذي يدعو إليه الدين لا يحدث أثره إلا عندما يستقر في القلب، لأن القبول الظاهري بالدين لا يكفي ولا قيمة له، والإيمان بالقلب هو الإيمان الصادق بالله المتصف بكل صفات الكمال والذي وسعت رحمته كل شيء. ورباط الرحمة الذي يربط المؤمن بإخوانه من البشر وبالمخلوقات التي يتهددها خطر ما يأتي من عند الله.

    وقد أخذ الجانب الروحي في الإسلام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان يوجه حياة أعداد متزايدة من الناس. وأدى ذلك إلى نشأة واحدة من أعظم الحضارات التي عرفتها البشرية في تاريخها. ولا يزال الإسلام إلى اليوم في عالمنا الذي تحول إلى قرية كونية يمثل، بناء على مبادئه العالمية، القوى المحورية للحياة الروحية بالنسبة للمسلمين. ذلك لأن الإسلام يدعو إلى العقيدة الإيمانية التي دعت إليها جميع الأديان السماوية منذ بدء الخليقة.

    إن “التقوى”، أو بتعبير آخر “البر”، هو كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذات مرة: “البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وخفت أن يطلع عليه الناس”.

  2. #2
    مشرفه سابقه

    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    7,935
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    اخي العزيز حبيبتي
    الله يعطيك العافيه على ها الطرح الرائع
    والله لا يحرمنا منك ولا من روعة قلمك واسال الله
    ان يجعل ما كتبت في موازين حسناتك
    دمتم بخير وصحه

  3. #3
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    أختي المحترمة
    وعد الليل
    أشكرك جزيل الشكر
    وربي يرزقك دايما خير
    ولا يحرمك من الأجر والثواب
    وأنشالله مرورك ومشاركتك
    في ميزان حسناتك يارب .

  4. #4
    ... عضو نشيط ...


    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    165
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي

    لا ألــــــــــــــــــــــــه إلا الله ..


    (( حبيبتي حطمتني ))




    جزاك الله خيـــــــــــــر على هالطرح الأكثر من رائع ..






    وجعلها الله في موازين حسناتك ..

    آميـــــــــــــــــــــــــن ..

  5. #5
    الله يرحمها ويغفر لها


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    مصر المنيا
    المشاركات
    3,324
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    [align=center][/align]

المواضيع المتشابهه

  1. لو الأحلام تتحقق
    بواسطة صدى الصمـت في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 20-01-2007, 11:16 AM
  2. لوحة مفاتيح إنسانية جدا
    بواسطة اشين شمالي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 13-12-2006, 02:23 AM
  3. أيها الإنسان لا تظلم أخاك الإنسان
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-04-2006, 03:17 PM
  4. أمنية لم تتحقق!
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-04-2006, 05:12 PM
  5. ما أجمل السعادة بالإيمان!!
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 01-04-2006, 08:11 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •