لعبة الظل والضوء لا تنحصر بالفنون التشكيلية فحسب، ولا تتصل بالرسامين والنحاتين فقط، بل تطال كل ما يحيط بنا من مظاهر السعي إلى الجمال والكمال لدى البشر، ولذا كان فن الديكور أو التصميم الداخلي يحتاج إلى سعة في الخيال وقدرة على التذوق الفني، وفهم كاف لدور اللون والشكل والمساحة، وكلها مهارات ينبغي أن يتمتع بها مهندس الديكور· ولعبة الظل والضوء في هذا، تتلاقى مع الطبيعة التي أبدعها خالق البشر، التي جاءت منتظمة متدرجة كما نرى في ألوان الزهور وجمال الحدائق، أو متناقضة لتكشف عن جمال الشيء بوضعه إلى جانب نقيضه، كما يحدث عندما نستخدم الأسود والأبيض أو الأحمر والأبيض أو الأحمر والأسود، أو في تدرج الألوان ما بين الزهري والبنفسجي، وهنا يأتي دور الإضاءة لتمنح العين قدرة على الحلم والتصور والتخيل·
هذا ما يقوله المهندس المعروف الأستاذ كمال برهوم الذي قام باختيار وتصميم الديكورات لأهم الفيلات والقصور في لبنان والمملكة العربية السعودية ولندن وسواها لأهم الأسر العربية·

يؤكد برهوم أن شخصية صاحب المبنى تلعب دورها في هذه الخيارات فالبعض يبحث في مقر إقامته أو ساحة عمله عن الفخامة والزهو والدلالة على الدور والمكانة، فيما البعض الآخر يبحث عن الحميمية في الإطلالة بحيث يشعر المقيم والزائر بدفء العلاقة بينه وبين المكان، بما يساعد على الاسترخاء والشعور بالراحة· وهناك من يبحث عن البهجة في المحيط الداخلي والخارجي فلابد من أن تكون الألوان والإضاءة والديكور والأثاث ذات ألوان فرحة زاهية رائعة، بينما يمكن أن نرى فريقاً رابعاً يعتبر أن الارستقراطية هي مبعث راحته واهتماماته لذا لا يرتاح إلا إلى الألوان الهادئة الثابتة والأساسية، فإذا أدرك المصمم طبيعة صاحب العمل عرف كيف يتعامل مع الألوان والإضاءة والأثاث والقماش والستائر وحتى الرسوم واللوحات، ولكل إنسان طريقته في إبراز وتحقيق هذه المطالب المختلفة، تماماً كما هي الحال مع مصمم الأزياء الذي يعكس التراث أو الحداثة أو الحشمة أو التحرر في تصميماته، فالديكور في هذا المجال مشابه لتلك الإكسسوارات المناسبة التي توضع للزي كشك الخرز أو التطريز بالخيوط الفضية أو الذهبية أو إضافة اللآلئ والجواهر، حسب ما تقتضيه طبيعة الثوب وثقافة المجتمع الذي يتوجه المصمم للعرض فيه·

المساحة

المساحة أساس للديكور الجميل، فبعض الديكورات تساعد بألوانها وإضاءاتها على إظهار أضيق الأماكن وأصغر الشقق مريحة للعين، وبعض الديكورات تكسب المسحة الواسعة أجواء مليئة بالحميمية والهدوء والاسترخاء·
ويلعب السقف دوراً أساسياً أيضاً، من هنا ينبغي أن يدرك مصمم الديكور دور السقف ارتفاعاً وانخفاضاً ليعرف كيف يتعاطى مع الجص والرخام ومواضع النور ومسارب الهواء ومستوى الحرارة والرطوبة كي يحسن اختيار الأثاث الذي يحول دون الشعور بالاختناق حيناً أو بالفراغ الواسع حيناً آخر·
وهنا، يلعب الحاسوب دوره في التصميم وتحديد المساحات والفراغات، لهذا، لابد من التنسيق بين مصمم الديكور والمهندس المعماري أثناء مرحلة البناء للمساعدة في منح الفريقين قدرة على التحكم بالإطار العام للشكل المطلوب إنجازه·