السلفية بين أهل السنة والامامية - السيد محمد الكثيري ص 697 :

]* الشيعة والصحابة :


أما ما يردده السلفية من أن الشيعة يسبون الصحابة ويتبرأون منهم . فإن في القضية ملابسات شائكة جدا . وتتجاوز فكرة السب والشتم ، فليس للشيعة عداء شخصي مع

الصحابة ! ! وإن كان لهم بعض الاعتراض على مجموعة ممن أطلق عليهم المؤرخون اسم صحابة . فالخلاف ينطلق من تعريف الصحابي .


فابن حجر العسقلاني في إصابته يعرف الصحابي : " من لقي النبي ( ص ) مؤمنا به ومات على الإسلام ، طالت مجالسته معه أو قصرت روى عنه أم لم يرو ، غزا أو لم يغز ، من رآه ولم يجالسه ، ومن لم يراه لعارض " ( 115 ) .


وإذا كان كل هؤلاء يعتبرون صحابة فإن المشكل هو في اعتبارهم كلهم عدولا ، لا يتطرق إليهم الجرح والتعديل كما يدعي ابن عبد البر . وهذا بخلاف الواقع والعقل .


فأهل السنة والسلفية مجمعون على أن الصحابة ليسوا معصومين . وعليه فوقوعهم في الخطأ والزلل أمر ممكن . بل حدث فعلا . وهو مستمسك الشيعة . ومن يراجع كتب

التاريخ والسير سيجدها تتحدث عن أخطاء مجموعة من الصحابة . فخالد بن الوليد الصحابي ، قتل مالك ابن النويرة الصحابي ظلما وعدوانا وزنا بزوجته ، وأراد عمر بن الخطاب أن يقيم عليه الحد لكن أبا بكر رفض .

( 115 ) نقلا عن النظام السياسي في الإسلام رأي السنة رأي الشيعة حكم الشرع ، المحامي أحمد حسين يعقوب ، ط 1 - 1990 م ، ص 112 . ( * )





- ص 698 -


ولعمر بن الخطاب اجتهادات خاطئة خالف فيها النصوص القرآنية والنبوية ، كإلغائه سهم المؤلفة قلوبهم ، وإجازته الطلاق الثلاث بلفظ واحد مما دفع بابن تيمية زعيم السلفية إلى

رفض هذه الفتوى واعتبار الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع إلا طلقة واحدة ، وهو مذهب الشيعة الإمامية . وحرم عمر متعتي الحج والنساء ، وقد عمل بهما الصحابة على عهد

الرسول وخلافة أبي بكر وشطرا من خلافة عمر إلى أن قام قائلا : إنهما متعتان على عهد رسول الله وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما ، إحداهما متعة النساء ، ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة ، والأخرى متعة الحج ( 116 ) .


مع أن القرآن صريح في حليتها . فإذا رفض الشيعة اجتهاد عمر بن الخطاب وتمسكوا بالنصوص ، قيل لهم أنتم تسبون الصحابة .


وقد خالف الخليفة الثالث عثمان بن عفان الكثير من أحكام الإسلام مما أدى إلى مقتله ، وقد كانت أم المؤمنين عائشة تنادي وتقول " اقتلوا نعثلا فقد كفر " .


يقول الدكتور إمام عبد الفتاح : " كان عثمان لا يريد أن يلزم نفسه بسياسة خاصة يطمئن إليها المسلمون ، وغيرهم من أهالي الدول الإسلامية في عهده . وكان هذا أول خروج

عن المثال ! وفي خلافته عين عثمان أقرباءه منهم عمه الحكم بن العاص - وهو الذي طرده الرسول من المدينة - ومنهم الوليد بن عقبة أخو عثمان لأمه الذي عينه واليا على

الكوفة ، وكان يشرب حتى الفجر ، فيصلي بالناس أربعا ! وقد روينا قصته من قبل ، وهو ممن أخبر النبي ( ص ) أنه من أهل النار ! وعبد الله بن أبي سرح على مصر ،

ومعاوية على الشام ، وعبد الله بن عامر على البصرة . . الخ ، فكان هو الخروج الثاني عن المثال ( 117 ) .

( 116 ) سنن البيهقي ، ج 7 ، ص 206 ، نقلا عن الإلهيات للشيخ جعفر السبحاني . الدار الإسلامية ، ط 1 ، 1990 م ، ج 2 ، ص 959 .

( 117 ) الطاغية ، د . إمام عبد الفتاح إمام ، سلسلة عالم المعرفة الكويتية ، عدد رقم 183 ، مارس / أذار 1994 م ، ص 195 . ( * )