مسؤول كبير، مسلم وشديد التدين، فعل ما سطرته في العنوان! لماذا؟,,, إذا مررت في شارع مدحت باشا في قلب المدينة القديمة في دمشق ترى كنيسة الروم الكاثوليك الكبيرة، لكن ما يلفت النظر، تلك المنارة (المئذنة) التاريخية القديمة المنفردة شاخصة كأنها إصبع السبابة يشهد بالوحدانية لله، منارة بلا مسجد، منارة لا يفصلها عن جدار الكنيسة سوى عدة أقدام، فتساءلت عن قصة منارة بلا مسجد ملتصقة بالكنيسة, يجيب مطران الكنيسة والتاريخ بأن عمر بن عبدالعزيز عندما ولي الخلافة، وبدأ بعمليات التصحيح، وأولها رد مظالم الناس وإرجاع حقوقهم، وعزل أمراء بني أمية الظلمة، وأنصف آل بيت النبوة، وحاور الخوارج,,, الخ,,, عندما شاع وذاع خبر عدالة عمر، ذهب اليه وفد من أهل الكتاب يشكون أن بعض الأمراء غصب أرضا من الكنيسة كانت وقفا نصرانيا، وبنى عليه مسجدا ولما ثبت عند الخليفة عمر هذا التجاوز أمر بهدم المسجد، وهدم فعلا، لكن بقيت المنارة شاهدة على عدالة عمر، ومبادئ الاسلام التي تقوم على ان الحقوق فوق الانتماءات أيا كانت, سرعان ما ذكرت الأوضاع المتفجرة في العراق، وارتفاع حوادث التصفيات المتبادلة بين الانتماءات المتعددة، وكان للصراع الطائفي أثره وللتدخلات الخارجية دورها في تفجير الوضع، اغتيالات لرموز الدين ودور العبادة، وهناك معركة طاحنة تدور رحاها تحت مسميات عديدة في العراق، لكن اذا فتشت عن خباياها تجد ان المستور دوافع تعصبية دينية، وفي هذه الأجواء يغيب العقل ويضيع صوت العقلاء، ويجبن الكثير عن الادلاء بأصواتهم، وقضية إرباك الوضع الداخلي في المنطقة واحياء العصابات والمناورة من خلالها وتوظيفها كانت احدى الخطط والاستراتيجيات والخيارات المطروحة منذ زمن على مائدة سادة العالم الجدد، ولا أحد يستطيع الجزم بدقة عن حقيقة الأمور، والوضع يزداد انهيارا في العراق على الصعيد الأمني، ونهب الميزانيات والمخصصات بالملايين من المتمصلحين تجار الحروب الأميركيين وأدواتهم في العراق، ويوما بعد يوم يزداد الاحباط لا سيما اذا لم يعرف الناس لماذا يقتل العلماء الأكاديميون الجامعيون بالمئات ومن يقتلهم,,, ومن المستفيد، والمناورات ماضية آخرها قضية الفيديراليات وتقسيم العراق على حسب الطائفة أو العرق جغرافيا,,, ان مسؤولية العقلاء والمفكرين وأصحاب الرأي لا سيما أهل التصدر الديني كبيرة جدا، فإن هم لم يستطيعوا التأثير في مسيرة العراق السياسية، فعلى الأقل بث الوعي وإرشاد الناس الى حرمة الدم والدين والانتماء، والتفكير بالمصير المشترك وإلا فعلى العراق السلام.
مواقع النشر (المفضلة)