إلى متى الغفله؟
[align=center]الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين .
أخي وأختي : الذي يتأمل أحوال الناس في هذا الزمن تجدهم حريصين على أموالهم وعلى وظائفهم , وصحتهم , لكن أمور دينهم والتفقه فيها وتطبيقها والتقيد بها فهي آخر مايفكرون فيه وإن هم فكروا.
أوقاتهم ضائعه بلا فائده , بل إن اغلبهم قد تضيع في المحرمات وإضاعه الواجبات يبحثون بزعمهم عن الراحه والسعاده, وهم بعملهم هذا لن يجدوا الا الشقاء والتعاسه, شعروا بذلك ام لم يشعروا لقوله تعالى: ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشه ضنكا ونحشره يوم القيامه أعمى)
ولقد مات عند الكثير من هؤلاء الشعور بالذنب , ومات عندهم الشعور بالتقصير, حتى ظن الكثير منهم أنه على خير عظيم , بل يرد على خاطره أنه مقصر في أمور دينه, فبمجرد قيامه بأطول الدين ومحافظته على الصلوات ظن في نفسه خيرا عظيما , وانه بذلك قد حاز الاسلام كله وان الجنه تنتظره في نهايه المطاف , ونسى هذا المسكين مئات بل آلاف الذنوب والمعاصي التي يرتكبها صباحا ومساءً من غيبه او بهتان او نظرة الى الحرام او غير ذلك من المعاصي والمخالفات التي يستهين بها ولا يلقى لها بالاً ويظن انها لا تضره شيئا . وهي التي قد تكون سببا لهلاكه وخسارته في الدنيا والاخره وهو لا يشعر لقوله (ص): ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته) ناهيك عن مايرتكبه البعض من كبائر وموبقات من ربا وزنا ولواط ورشوة وعقوق ونحو ذلك.. وإن الرء ليعجب والله اشد العجب!! من الغفله الساكنه في قلوبهم ! ألم يمل اولئك هذه الحياه ؟؟ ألم يسألوا أنفسهم ؟ ثم ماذا في النهايه ؟ ماذا بعد كل هذه الشهوات والملذات؟ ماذا بعد اللهو والعبث ؟ ماذا بعد هذه الحياه التافهه المملوءة بالمعاصي والمخالفات ؟ هل غفل اولئك عما وراء ذالك .هل غفلوا عن الموت والحساب والقبر والسراط والنار والعذاب . أهوال أهوال وأمور تشيب منها مفارق الوالدان , ذهبت اللذات وبقيت التبعات , وانقضت الشهوات وأورثت الحسرات , فهل من عاقل يعتبر ويتدبر ويعمل لما خلق له ويستعد لما أمامه.
راجع نفسك وحاسبها وانظر كيف أنت في هذه الحياة , هل أنت من أولئك اللاهين الغافلين أم لا ؟ وهل أنت تسير في الطريق الصحيح الموصل إلى رضوان الله وجنته, أم أنك تسير وفق رغباتك وشهواتك حتى ولو كان في ذلك شقاؤك وهلاكك , انظر في اي الطريقين تسير فإن المسأله والله خطيره وإن الامر جد وليس بهزل , ولا اظن ان عندك شيء أغلى من نفسك فأحرص على نجاتها وفكاكها من النار ومن غضب الجبار .. انظر كيف انت مع اوامر الله واوامر رسوله (ص) .. هل عملت بهذه الاوامر وطبقتها في واقع حياتك ام اهملتها وتجاهلتها وطبقت ما يناسبك ويوافق رغباتك وشهواتك .
يامن تعصي الله الى متى هذه الغفله ؟ الى متى هذا الإعراض عن الله؟ ألم يأن لك اخي ان تصحو من غفلتك ؟ ألم يأن لهذا القلب القاسي أن يلين ويخشع لرب العالمين (الم يأن للذين أمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ) [الحديد:16] أعلنها توبه صادقه وكن شجاعا وكن حقاً عبداً لله تعالى , وهل يكون الإنسان عبداً حقيقياً لله وهو متمرد على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير ,, الم يأن لك أن تسير في قافله التائبين ؟ هل أنت أقل منهم ؟ حاشاك ذلك ؟ ألا تريدون مايريدون ؟ هل هم في حاجه إلى ما عند الله من الثواب وانت في غنى عنه ؟ هل هم يخافون الله وانت قوي لا تخافه؟
إياك إياك أن تغتر بهذه الدنيا وتركن إليها وتكون هي همك وغايتك , فإنك مهما عشت فيها ومهما تنعمت به فإنك راحل عنها لا محاله , فيا أسفاً لك اذا جاءك الموت ولم تتب ويا حسره لك إذا دعيت الى التوبه ولم ولم تجب , فكن عاقلا فطناً واعمل لما أنت مقدم عليه فإن امامك الموت بسكراته , والقبر بظلماته , والحشر بشدائده واهواله, وهذه الأهوال ستوجهها حتماً وحقاً وستقف بين يدي الله وستسأل عن أعمالك كلها صغيرها وكبيرها فأعد للسؤال جواباً ( فوربك لنسألنهم أجمعين (92) عما كانو يعملون(93))
[ الحجر]
و والله إنه لا يليق بعاقل أبداً أن يلهو ويلعب في هذه الدنيا ويعصي الله وامامه مثل تلك الاهوال العظيمه , ووالله إنها لأكبر فرصه أن أمهلك الله وابقاك حياً الى الان واعطاك فرصه للتوبه والانابه والرجوع إليه فاحمد الله على ذلك ولا تضيع هذه الفرصه وتب الى الله مادمت في زمن المهله قبل النقله , وتذكر أولئك الذين خرجوا من الدنيا والله لتخرجن انت منها كما خرجوا , لكنك أنت الآن في دار العمل وتستطيع التوبه والعمل , واما هم فحال الكثيرين منهم يتمنى الرجوع والتوبه ولسان حالهم يقول كما في قوله تعالى : ( يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ) [الانعام] , فأحذر أن تغلط غلطتهم فتندم حين لا ينفع الندم . وانقذ نفسك من النار ما دام الامر بيدك قبل ان تقول : ( رب ارجعون (99) لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ) [المؤمنون] . فلا تجاب حينها لذلك , فإني والله لك من الناصحين وعليك من المشفقين .[/align]
مواقع النشر (المفضلة)