مشوار دلوعة السينما * شادية *
الفن في الزمن الجميل
شادية دلوعة السينما
لقبت بـ «فتوش» الدلوعة بين أفرادأسرتها
زواج كمال الشناوي من شقيقتها أخرس إشاعة حبهما
أطلق عليها حلمي رفلة اسم «شادية»
لم تتعرف عليها والدتها عندما تحولت إلى عجوز شمطاء في «المرأة المجهولة»
شادية البدايات:
قد بدأت مشوارها في الحياة بعشقها للفن وقد كانت الظروف مهيأة لشادية لأن تصبح نجمة كبيرة. فقد كانت السينما في هذا الوقت تحتاج إلى ظهور فتاة الأسرة المتوسطة المطحونة. دلوعة خفيفة الظل تكون موازية لفاتن حمامة ومن المفارقات الغريبة والطريفة في بداية حياة الفنانة الكبيرة شادية أنها عندما غنت أمام لجنة المسابقة التي تقدمت لها قال لها المخرج الراحل أحمد كامل مرسي والذي كان عضواً في اللجنة «روحي اعملي عملية اللوز قبل أن تغني» ومع ذلك تحمس لها أحمد بدرخان وعندما انفض الشركاء في اتحاد الفنانين قام حلمي رفلة بتبني الموهبة الجديدة والتي أطلق عليها شادية.
الدلوعة «فتوش»
«فتوش» الدلوعة كما لقبها أفراد عائلتها، هي فاطمة كمال شاكر بنت لأم مصرية من أصل تركي وأب يعمل مهندسا زراعيا بأرض الملكية وكانت رقم «5» في ترتيب الأخوات حيث يكبرها أشقاؤها محمد وسعاد وطاهر وعفاف التي غزت البيوت والقلوب دون «سابق إنذار»، دخلت عالم الفن الجميل منذ أن كانت في السابعة عشرة من عمرها عام 1946، عندما ظهرت في لقطة واحدة من فيلم «أزهار وأشواك» والذي كان بطولة مديحة يسري ويحيى شاهين ومعهما «النجمة» آنذاك سناء سميح، التي رفضت أن تجلس بجانب «شادية» في افتتاح الفيلم بالبنوار الخاص بالنجوم ليس لسبب آخر سوى أنها «كومبارس»، فبكت شادية في هذه الليلة كما لم تبك من قبل، لقد بكت كبنت 17 التي أخفقت في قصة حبها الأولى، لتقسم بألا تسقط في شراكه مرة أخرى بعد أن أهينت كرامتها الصغيرة لتراودها جدياً فكرة ترك المجال كله قبل أن تبدأ بالفعل.
لم ينجح «أزهار وأشواك» جماهيرياً ولكن النجاح الوحيد في هذه التجربة هي شادية نفسها، والتي لفتت أنظار المخرج حلمي رفلة الذي حضر مونتاج الفيلم، فبهرته براءتها ورقة ملامحها، وقرر أن يأخذها كبطلة في فيلمه الجديد مع المطرب محمد فوزي «العقل في إجازة» 1947 لتدخل شادية تلك الفتاة الساذجة حياتها الفنية من القمة، حيث بدأت كبطلة للأفلام السينمائية، ومنذ ذلك الحين استمرت شادية على الشاشة تؤدي بـ «تلقائية» شديدة دور الفتاة المراهقة، المرحة، الشقية، الدلوعة، التي تبحث عن الحب طوال فترة دامت إلى ما يقرب من عشرة أعوام، قدمت خلالهم حوالي «60» فيلماً كاملاً.
لكن سرعان ما لبثت شادية وأن شعرت بالملل من دور البراءة والمراهقة و«البنت العبيطة» ــ على حد قولها ــ، وهو الدور الذي كان لا يتطلب من وجهة نظرها سوى إظهار المرح والشقاوة، حتى تحولت دفة الأمور كثيراً عندما قدمت فيلم «ليلة من عمري» مع المخرج عاطف سالم 1954 الذي كان بمثابة حالة تمرد واضحة على صورتها التي ترسخت في أذهان جمهور شباك التذاكر التقليدي، بعده قدمت شادية فيلم «شاطىء الذكريات» 1955 مع المخرج عز الدين ذو الفقار، وبالفعل بدأ يرى المخرجون وجوها أخرى في موهبة شادية التي كانت تبذل قصارى جهدها لكي تثبت تنوعها.
مع قدوم نهاية الخمسينيات كان على الفتاة البريئة أن تنضج، لتتزوج وربما تصبح أماً، حيث تدرجت شادية في أدوارها السينمائية، مما ساعد أكثر على مصداقية أدوارها وتقمصها «الطبيعي» والمناسب للدور فقد لعبت دور الزوجة الغيورة في «إنت حبيبي» 1957 مع يوسف شاهين، والزوجة التي تحاصرها مشاعر الحيرة بين الزوج والعشيق في «لوعة الحب» 1960 مع صلاح أبوسيف، والمرأة والزوجة العاملة في «مراتي مدير عام» 1966، وفيلم «كرامة زوجتي» 1967، ولا يمكن أن نغفل عن ذكر مرحلتها الكوميدية الاجتماعية التي كان معظمها أيضا مع المخرج فطين عبدالوهاب مثل «الزوجة 13» 1962، «عفريت مراتي» 1968، «نص ساعة جواز» 1969 الذي وضعت فيه بصمة منفردة بأدائها لدور الممرضة «العانس» التي «لا تسعى» إلى جذب الرجال خلفها، في المقابل تتسول النظرات من طبيبها الوسيم، والذي يبدو أنه غير مدرك للموضوع أصلاً كما لا يمكننا أن ننسى دورها الشهير في فيلم «ميرامار» عام 1968 مع دور «زهرة» الفتاة الريفية البسيطة التي تقع ضحية أهواء أربعة رجال من زمن نهاية الستينيات.
خذلت مرحلة السبعينيات شادية كثيراًَ، حيث تراجع نوعاً ما دورها كبطلة للسينما كما تراجع دورها كمطربة، حيث اقتصرت أفلامها خلال تلك الفترة على ثمانية أفلام فقط خلال عشر سنوات ولم تنجح شادية بصورتها الجديدة في مزاحمة جيل جديد صاعد من فتيات السبعينيات مثل ميرفت أمين ونجلاء فتحي ومديحة كامل، ليخبو بريق شادية الذي لازمها حتى «نحن لا نزرع الشوك» لتقرر اعتزال الشاشة تماماً بعد فيلمها الأخير «لا تسألني من أنا» عام 1984، مكتفية بنجاحها الكبير في مسرحية «ريا وسكينة» آنذاك.
في فترة نضوجها الفني التي جاءت مع أصعب المراحل التي مرت بها مصر، قدمت شادية أعمالاً هامة للكاتب العالمي «نجيب محفوظ» الذي بهر بأداء شادية لنساء رواياته حيث يقول «كنت أظن أن شادية لا علاقة بينها وبين أبطال رواياتي فهي تلك «الدلوعة» التي يحلم بها أي شاب، بينما أعمالي تدور في إطار مختلف لكن «فتوش» تمكنت مرة أخرى من التمرد على طبيعتها الخاصة لتقوم بأداء واحد من أهم أدوارها على الإطلاق مع شخصية الغانية «نور» في فيلم «اللص والكلاب» عام 1962، والتي تصبح نقطة الضوء الوحيدة في حياة سعيد مهران، بعدها قدمت دور «حميدة» في زقاق المدن للمخرج حسن الإمام 1963، لتنال شادية إعجاب نجيب محفوظ الشديد الذي لم يخف دهشته الشديدة لنضج بطلتنا في زقاق المدق بقوله «لقد كنت أشعر بكل خلجة من خلجات حميدة متجسدة أمامي، لقد كانت شادية ناجحة للغاية في هذا الدور».
حياة شادية في سطور:
> قدمت شادية خلال فترة ما يقرب إلى أربعين عاما (1946 ــ 1986) لتاريخ الفن العربي حوالي «117» فيلما و«10» مسلسلات إذاعية ومسرحية واحدة.
> «8» فبراير 1929 ولدت فاطمة كامل شاكر أو شادية في الحلمية الجديدة بالقاهرة.
> 1946 كانت السنة التي دخلت فيها شادية إلى عالم الفن والسينما بداية من اشتراكها بدور بسيط في مشهد من فيلم «أزهار وأشواك» الذي لم يحقق نجاحا يذكر وفي عام 1947 كانت أول بطولة لها مع محمد فوزي في فيلم «العقل في إجازة» كما أن هناك حقيقة لا يعلمها الكثيرون وهي مشاركة شادية بصوتها فقط في الأغنية التي تغنت بها الشخصية التي جسدتها الراقصة حكمت فهمي على الشاشة في فيلم «المتشردة».
حكايات حب وزواج
> 1947 تعارف شادية وكمال الشناوي وكونا أشهر ثنائي في السينما المصرية مع مطلع الخمسينيات، حيث بلغ عدد الأفلام التي جمعتهما 25 فيلماً، حتى اعتقد الكثيرون أن هناك قصة حب بينهما، ولكنه تزوج أختها عفاف.
> 1952 كان أغزر أعوام شادية الفنية حيث قدمت في هذه السنة «13» فيلماً أي أنها كانت تشترك في فيلم جديد كل شهر، ولم يضاهيها في هذا الرقم سوى إسماعيل ياسين في قمة مجده.
> 1952 تقابلت شادية مع عماد حمدي في «قطار الرحمة» الذي كان متجهاً للصعيد وله أهداف إنسانية عميقة وقد اشترك فيه عدد كبير من الفنانين، وتزوجا أثناء تصوير مشاهد فيلم «أقوى من الحب» بالإسكندرية عام 1953، وكان يكبرها بحوالي 23 عاماً، ودام الزواج «3» سنوات لينتهي نهاية هادئة بالانفصال.
> 1965 تزوجت من صلاح ذو الفقار بعد قصة حب ملتهبة وانفصلا انفصالاً نهائياً عام 1969.
> 1956 ظهرت قصة حب بين شادية وفريد الأطرش أثناء عملهما معاً في فيلم «ودعت حبك» وقد اعترف الاثنان بذلك ولكنهما لم يتزوجا وذلك بسبب العناد والكبرياء الذي سيطر على كل منهما.
شادية العجوز الشمطاء
> 1959 برعت شادية في فيلم «المرأة المجهولة» مع المخرج محمود ذو الفقار، الذي قامت به بعد أن استبعدت هند رستم من الدور، على الرغم من أنه لم يكن واثقاً من ترشيح كمال الشناوي لشادية لأداء الدور، ولكنها برعت فيه، لدرجة أن والدتها حين جاءت للأستوديو لم تتعرف على ابنتها التي تحولت إلى عجوز شمطاء.
> 1962 كانت نقلة كبيرة في حياة شادية الفنية حيث دخلت عالم الإنتاج السينمائي بفيلم «اللص والكلاب» الذي وضعها في مستوى فني مختلف عن الفتاة الدلوعة الشقية وأوضحت بهذه التجربة قدراتها الفنية المختلفة وإمكاناتها في التنوع خاصة أنها في هذا الفيلم لم تغن على الإطلاق مما جعله استعراضاً مبهراً لقدراتها التمثيلية فقط.
> 1966 رشحت شادية لدور البطولة في فيلم «القاهرة 30» مع المخرج الذي كانت تواقة للقيام به ولكنها كانت تعتقد أنها سترزق بطفل، فاعتذرت عن أداء الدور الذي أدته بعد ذلك السندريلا سعاد حسني.
> 1970 كان موعد شادية مع فيلم «نحن لا نزرع الشوك» مع دور «سيدة» أحد أشهر أدوارها عن رواية الأديب يوسف السباعي وقد قامت بأدائه مرتين، مرة في فيلم سينمائي مع المخرج حسين كمال، ومرة ثانية في مسلسل إذاعي مع المخرج محمد علوان.
> 1984 قدمت شادية للسينما آخر أفلامها «لا تسألني من أنا» مع المخرج أشرف فهمي.
> 1985 اشتركت شادية في أول وآخر عمل مسرحي لها «ريا وسكينة» التي حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً وحطمت الأرقام القياسية.
> 1986 كان آخر ظهور لشادية على المسرح لإحيائها لليلة المحمدية حيث غنت أول أغنية دينية لها «خد بإيدي» التي كانت تناجي فيها الرسول الكريم بقلب خاشع وعين دامعة، والتي قوبلت بعاصفة من التصفيق، وبعدها قررت الاعتزال مكتفية بما حققته من نجاح وأصبحت تسعى إلى نجاح أكبر.. إلى التقرب من الله.
أشهر تعليق لشادية
«لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال، حيث أنني لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويداً رويداً.. لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة.. لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف سيشاهدونها.. أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس».
مواقع النشر (المفضلة)