** كثيرة هي الأعمال التي تنسج خيوط الفرح والارتياح في هذه الحياة، سواء كانت هذه الأعمال نبعت من وحي توجيه ديني أو من منطلق غاية دنيوية سليمة.
لكنَّ أجمل وأوفر هذه الأعمال فرحاً وسعادةً، فضلاً عن مردودها الأخروي، هو ما يتعلق ب(كتاب الله العظيم)، هذا الذي يزرع الطمأنينة بالقلوب في الدنيا، ويُرشد في الآخرة إلى جنة المأوى.
وما أسعد مَن سخَّره الله للعناية بالقرآن الكريم تعليماً أو تحفيظاً أو إنفاقاً أو تشجيعاً وحفزاً على الإقبال عليه!.
لقد توقفتُ سعيداً ومتأملاً أمام منشطين موفَّقين يستهدفان الحث على تعلُّم القرآن وحفظه!.
* الأول (مسابقة الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات) التي تبناها وينفق عليها الأمير الموفق إلى كل خير (سلمان بن عبد العزيز)، وما أبهى أن تستمع إلى (آيات القرآن الكريم) يتلوها بأصوات مؤثرة شباب وصغار جعلوا (القرآن العظيم) هدفهم وغايتهم حفظاً وتأملاً وتفسيراً، وهنيئاً لهؤلاء الحفظة والحافظات الذين واللائي سوف يعيشون ويعشن في ظلال القرآن تحفظهم وتحفظهن تعاليمه - بإذن الله - من كل خطأ أو طيش، وهنيئاً لأولياء أمورهم وأمورهن. وأما ما أقوله لصاحب وراعي والمنفق على هذه المسابقة: فاستبشر بالخير، وثوابك عند ربك في دار السعادة والنعيم بإذن الله، وهنيئاً لك أن وظفت جزءاً من وقتك وجهدك وبعض ما أفاء الله به عليك لهذا العمل المبارك الذي سوف تجده بحول الله أمامك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وعمل صالح جميل.
ولعلي أقترح لاستمرار هذه الجائزة ولتكون صدقة جارية أن يتبنّى سموه إقامة (وقف خيري) يُنفق منه بشكل دائم على هذه المسابقة التي تهدف إلى أجمل وأشرف غاية: تعليم القرآن وتحفيظه. وقد أفتى سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - بجواز ذلك: (جواز الوقف أو الوصية على مَن يتعلم القرآن، وكذلك الهبة، وكذلك على مَن يقوم بتعليم القرآن العمل الإداري المتعلق به) كما جاء في نص الفتوى.
* أما المنشط الثاني المتعلق هو الآخر بالقرآن الكريم فهو (مسابقة حفظ القرآن لذوي الاحتياجات الخاصة)، هذه المسابقة التي يرعاها رجل من دوحة سلمان بن عبد العزيز - وكم هو سلمان بن عبد العزيز وأسرته مباركون - ألا وهو الأمير سلطان بن سلمان الذي تبنّى هذه المسابقة وينفق عليها. إنني لم أملك دمعة فرَّت من عيني عندما حضرت قبل نحو ثلاثة أسابيع الحفل الختامي لهذه المسابقة، عندما كنت أشاهد وأستمع إلى هذه الفئات الغالية وهي تقدم (نماذج من حفظها لسور القرآن)، وبعضها - بسبب ظروفها - لا تستطيع أن تقرأ الآيات إلا بصعوبة شديدة، وأسأل الله أن ينيلها ثواب مَن قال عنهم مَن تنزَّل عليه القرآن الكريم: (الذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه كان له أجران).
وأما ما أقول للأمير الصديق سلطان بن سلمان: (فإن مَن شابه أباه فما ظلم)، وسرْ في دروب الخير: رعاية للمعاقين وعناية بكتاب الله. ولا أزال أذكر عندما صدر الأمر الملكي بتعيينك أميناً عاماً للهيئة العليا للسياحة وقلت لك: أرجو ألا تنشغل عن جمعية المعاقين، فقلت لي: (هذه هي الأهم والأغلى، وقد أنشغل عن كل شيء إلا أن أنشغل عن هذه الجمعية)، وقد وفيت وصدقت، أسأل الله أن يكتب لك ولأبيك ووالدتك ولأخويك الغاليين الراحلين أجر هذه الأعمال المباركة، وأسأل الله أخيراً أن يجعل القرآن العظيم قائدنا وسائقنا جميعاً - عندما نغادر هذه الدنيا - إلى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
قد تشغلنا الحياة ولكن..!
** توقفتُ كثيراً وأنا أقرأ هذه الرسالة الجميلة الوفائية التي وصلتني عبر الجوال من صديق عزيز، تقول مفردات هذه الرسالة:
* (في بعض الأحيان نؤثر الصمت!.
لا لشيء.. إلا لأنا لم نستطع البوح عن خواطرنا..
قد تشغلنا الدنيا.. وقد تتعبنا الأيام.. لكن..
يبقى (القلب) يذكركم.. وتبقى العين متلهفة لرؤيتكم..
ويبقى الدعاء بظهر الغيب لكم).
هل أبهى من أن يذكرك إنسان عزيز وفاءً بالقلب، ودعاءً باللسان؟!
هذه الرسالة ليست اعتذاراً، ولكنها عناق بهي وتواصل أبهى.
إن هذه الصورة المضيئة تأتي في مواجهة صورة أخرى معتمة ترسم ملامح انشغال الكثيرين ليس عن أصدقائهم بل عن أقاربهم بسبب الغرق في ماديات الحياة وبهارجها وكأنها تغني عن التواصل الحميمي مع الغالين عليها.
* أيها الناس:
المادة تنتهي فضلاً عن أنها قد تُشقي، بينما الحب يبقى وحده الذي ينثر أزاهير السعادة في قلبك وقلوب الآخرين.
آخر الجداول
** موقف مؤثِّر:
لما كبر القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه أخذ (القرآن الكريم) بين يديه وقال: (لقد اشتغلنا عنك بالجهاد في سبيل الله) ثم بكى.
مواقع النشر (المفضلة)