المرأة لوحة فسيفسائية تحمل كل الألوان


( 1 )


امرأة تحمل شيء من اثر جمال لا يخفى على الناظر إليها من الوهلة الأولى

إلا أن الفوضى تملؤها من رأسها إلى أخمص قدميها , لابل حتى أن هذه الفوضى تتوغل إلى ابعد من شكلها الخارجي لتظهر في كلامها وحركاتها وصوتها الصاخب , انفعالاتها الحادة لأتفه الأسباب ثم هدوؤها غير المبرر
فوضاها حتى في مشاعرها " اشعر أنها لاتعرف من تحب ومن يحبها من تكره ومن يكرهها " فوضاها تنبأني بشتات روحها
حولها أبناءها في افضل حالاتهم تلمح هنا حالة التعلق الشديدة بين الطرفين
يحومون حولها كفراش يحوم حول ناره التي يرتفع لهبها عند هبوب ريح ثم يخمد لهبوب أخرى
تتعامل مع أبناءها بإسراف عاطفي ومادي فضيع

بقي الفرد الكارثة في العائلة الأب أو الزوج قبل ذلك

تشعر في الحالات النادرة التي تقرر فيها الحديث عنه
شيء من رائحة الكره بين كلماتها وفي الحالات الأكثر صراحة تشعر بالاحتقار الذي تسربه إليك مع حديثها
إلا أنها في اكثر وقتها تتعامل مع سيرته بعدم اكتراث ولامبالاة كبيرة جداً
عندما نعود بها لعقد من الزمن سنرى أنثى بكامل حلتها
في طفولتي كنت أراها المثل الأولى في الأنوثة وكانت كذلك في نظر كل من عرفها
قادتها العادات والتقاليد كشاة إلى من لا ترغب ومن لا يستحق وربما هو أيضا مثلها لم يكن صاحب خيار إلا انه اقل منها خسارة
فقد قرر الاستمتاع بها فترة ثم ركنها على حافة الإهمال ليكمل حياته كما يحب ولتدفع هي ثمن كلمة قالوها هم لم ترفضها خجلاً وحياً


( 2 )


وضعت حولها ألف حاجز .. طمرت جراحها بصمت
وأصبحت تنزف تحت ظلال ابتسامة كاذبة
قررت أن تحمل الألم وحدها .. دون بوح
هربت منهم ومني ومنها
ولسؤال غائر حد النزف : ماذا حل بكِ

ثــــــار غضبها

" أنتِ أكثر من يعرفني ,,, فكيف تسألين "
لم أعد أعرفكِ سيدتي أشعر بك فقط

لبستي السواد , رفعتي الحواجز , ومددتي المسافات , فأصبحتي لي أرض مجهولة

وأنا التي قطعتك قبلا سهولا وجبال
اليوم لم يعد يؤذن لي .. فقد أعلنتي الغموض
لا تغضبي إن سالت ماذا حل بكِ
لا أملك بلورة سحرية هو قلب مازال ينبض بحبك وجراحك التي لا اعرفها


( 3 )


لن أتحدث عن شكلها وملامحها ولا نبضها وجراحها
لم يعد يهم فكلها أصبحت تحت التراب وتلاشى الجمال وتوقف النزف

إلا أن ذكرها باقي وسيرتها تعطر الأحاديث إعجابا وتخضب القلوب بشجن
عندما كانت القاعدة (( المرأة نصف كائن ومواطن من الدرجة الثانية ))
كانت هي الاستثناء ولامجال لشذوذ هنا
تعيش خارج دائرة الزمن لأنها من أولئك الذين يصنعون العصور بدل الذوبان فيها
قاعدتها هي (( كيان اكبر من حدود الجسد وامرأة لكل الاحتمالات ))


( 4 )


سيدتي هنا متحجبة سافرة
قاسمتني الطريق ذات يوم فقتلت ضحكاتها وهمسها احتراما أوجده حجابها
عندما ارتدت ثياب العفة أو عندما ألبسوها لها لم يلبسوا قلبها ولسانها ونظرها العفاف
كانت تصطاد بضحكها وحركاتها في بحر الغرائز .. وتلطخ صورة الاحتشام


( 5 )


وضعني القدر معها لأكون في يوم حدثها أو حادثها لم تكن الأسرة البيضاء تحملها بل هي من حمل البياض معها
لم اكن اعلم أنها تحتل تلك المساحة الواسعة من القلب راهنت عليها من قبل وراهنتها على إني لا ادخل أحد هناك بسرعة
إلا أنها كسبت الرهان واحتلت
حين كانت تستجدي الحياة كان همي يشغلها وذكري يحضرها
فاصبح واضح مدى الفرق بين قصوري وعطاءها .. جزري ومدها
وأصبحت اعلم باني ذات عطاء مشروط ومرهون بطول المدة




__________________


امــرأة تـــنـــزف حـــبــراً