السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

أيا نفسُ مالكِ.. وما جرى لكِ.. تُكثرين من كلامكِ.. وتسرفين بعباراتكِ.. وتتشبثين بآرائكِ.. وتطلقين العنان للسانكِ.. يبحر في كل مكان.. هذا اللسان.. ذو الحجم الصغير.. والشأن الكبير.. يُصغّر الكبير.. ويكبّر الصغير.. يُحددّ المصير.. حيّر العقول بما يقول.. به تقضَى أصعب الحاجات.. وبه يَشقى كثير الزلاّت.. يورد للمهالك.. ومع كل ذلك.. لا يعترف! يخطئ ويدافع.. ولا يترك العقل بأن يُراجع.. لا يعرف الأسف.. يرى فيها الهزيمة والتلف.. أيُعقل أن ينطق بالأسف.. لمن معه اختلف!. ما هذا! أيعقل هذا؟ أأكون غلطان! وأنا صاحب البيان! والناطق باسم كل هذا الكيان! أنا صادق.. وأملكُ الحقائق.. فالأسف ليس لي.. بل لمن اختلف معي..
هذه أنتِ يا نفس.. بُليتِ بضَعف الحَدس.. أفي الأسف نقص! ألا تعلمين أنكِ في زوال.. وخُلقت دون الكمال.. فالخطأ فيكِ وارد الاحتمال.. على أي حال.. تذكري أنكِ لبشر.. لتعرفي أين الخطر.. وأين سيكون المقرّ.. بعد القبر.. الذي سينهش دُودَهُ اللسان.. وما معه من أعضاء وبنان.. فالله المستعان.

***

أيا نفس مالكِ.. لا ترضين بما قسم الله لكِ.. أنظري لمن دونكِ.. حتى تعرفين أنكِ.. في أفضل حالاتكِ.. فإن أصابكِ مرض.. فغيركِ ولسنوات على السرير الأبيض.. وإن أصابك نقص المال.. فهو ما بين قدوم وزوال.. فستتبدل الحال.. بإذن مُغير الأحوال.. وإن أصابكِ همٌ وحَزَن.. فصحّة البدن.. لا تُقدّر بثمن.. وإن فقدتِ أحد الأطراف.. فغيركِ على كرسيه لا يقدر على الالتفاف.. وإن فقدت حبيب.. فالصبر هو الطبيب..
وإن أصابكِ أمرٌ جللْ.. وتعاظم واستفحل.. وضاقت بكِ السُبل.. ولم تنفعكِ الحيَل.. فلا تفقدي الأمل.. فإنه مكتوب للفرج بأن يتأجّل.. عاودي العمل.. واتركي الكسل.. وقاومي الوجل.. فسيشرق دربك مهما حصل.. فلا بد لنهاية الطريق بأن تصل.. وتعرفي أن الحياة تستحق البذل.. فكما فيها علقمٌ وحنظلْ.. فيها شهدٌ وعسلْ..

***

نصيحة وفاء.. مع كل بلاء..عليكِ بالدعاء.. فإنه وجاء.. وفيه كلّ الرجاء.. لرافع السماء.. بالخير والشفاء.. وكشف الابتلاء.. والراحة والصفاء.. في دنيا الفناء.. واهجري الذنوب.. صاحبة الخطوب.. جالبة العيوب.. ففيها كل الشقاء.. وأدّي العبادة.. مفتاح السعادة.. بقلب خَشوع.. وذلٍ وخَضوع.. عندها أطمع من صاحب المنّة.. أن تكوني النفس المطمئنة.