مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 11

الموضوع: العادات القديمة ميراث الأجداد للأحفاد

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Rose العادات القديمة ميراث الأجداد للأحفاد

    تترسخ العادات والتقاليد حسب أنظمة المجتمعات واختلاف مكوناتها الثقافية والحضارية، وبعض هذه العادات والتقاليد تشكّل مادة ثرية لدراسة ما يُسمى علم نفس الشعوب وتحليل أنماط تفكيرها وموروثاتها، وإذا كان الكثير من هذه الموروثات قد دخل في زوايا النسيان مع التحولات الحضارية التي طرأت على حياة المجتمعات في العقود الأخيرة فلا يزال بعضها مستمراً في البقاء ضمن حياة البادية ومن خلال أساليب تعامل المنتمين إلى الجذور البدوية، حيث طرق الحياة القديمة والمفاهيم الراسخة تظل سائدة طالما أنها تشكل قيمة إنسانية عميقة.

    وتبدو عادات “الجيرة” و”الوساقة” و”الخوي” و”البشعة” و”الثأر” وغيرها، منتمية إلى الحياة القبلية الماضية، لكنها مازالت موجودة الآن في حياة البدو. وإذا كانت بعض هذه العادات والتقاليد كالثأر والغزو تتخذ مظهراً سلبياً يعبّر عن الجهل والعصبية، فإن بعضها الآخر يدل على أخلاق البدو السامية في حفظ الذمام وإكرام الضيف إلى أقصى حدود الكرم، والغيرة على العرض، والتحلي بالإباء والشمم والوفاء، ونرى هذه الصفات تنعكس في أقوال أهل البادية وأشعارهم وأمثالهم الدارجة، كما تتجلى في عاداتهم اليومية وأخلاقهم الموروثة.

    و”الجيرة” عند البدو من المحرمات التي يدافع عنها البدوي بكل ما يملك ولو كلفه ذلك ماله ودمه، ضعيفاً كان أم قوياً، رجلاً كان أم امرأة، حتى ولو كانت هذه المرأة وحيدة لا رجل لها، فلبيتها حرمته وحصانته أمام أقوى الناس وأعزهم شأناً، وتُسمى الجيرة الوجه لأنه أكرم جزء في جسم الإنسان، كما يقول الباحث في شؤون البادية، حسن الخضير المقبل : “من يعتدي على من أجارته بعدما استجار بها فكأنما لطمها على وجهها، ومن انتهكت جيرته يحمل العار مدى عمره، ويصبح وجوده عاراً على أهله وعشيرته إذا لم يأخذ بحقه من المعتدي، خاصة أن بدو العرب وحضرهم اشتُهروا بإغاثة الملهوف وإيواء الطريد، وتاريخهم مليء بمثل هذه المواقف مما يجعلهم ينتقمون من المعتدين عليهم إثر الاستجارة بهم. وكانت لطائم النعمان تسير محمّلة بالبضائع من بلاد العراق إلى اليمن في كل عام لا يرافقها جند ولا تحميها قوة، وإنما كانت تُجار من قبل زعماء العرب، فمنهم من يجيرها على قبيلة كنانة، ومنهم من يجيرها على قبيلة مضر، ومنهم من يجيرها على أهل الشيح والقيصوم، ويعنون بها كل العرب”.

    شروط للجيرة : ومن الأمور المتعارف عليها في حياة البادية حتى الآن الحل من الجيرة، فعندما يعجز المجير عن القيام بالتزامه تجاه من استجار به ولا يكون قادراً على حمايته، أو أن يكون المُجار قد أخلَّ بالشروط المتفق عليها للجيرة، ففي هذه الحال يقول المجير “هذا حدي وحديدي عن جيرتك يا فلان”، موجهاً كلامه للشخص الذي أجاره، وحينها يبحث المستجير عن رجل آخر في العشيرة يجيره، أو يرحل إلى عشيرة أخرى. وربما يطلب المستجير نفسه من المجير أن يتحلل من جيرته له، فيقول له “انفض عني”، وهذا يحدث حين يرى أن المجير عاجز عن حمايته، أو حين يرى منه تحيزاً لخصمه. والجيرة، أو الوجه، هما كلمتان مختلفتان باللفظ ومتفقتان بالمعنى عند البدو، كما يرى الباحث حسن المقبل، فالجيرة ترتبط بالوجه في أغلب الأحيان، والعكس صحيح، فمن يقول “أنا بوجهك” فهو في جيرتك، والذي يلتجئ هارباً من عدوه إلى بيتك هو في جيرتك، وتحدث الجيرة بأشكال مختلفة، وحينما يطلق عليها صفة “الوجه” تتم عن بعد كأن يقول أحدهم “أنا بوجه فلان”، وربما لا يكون فلان هذا حاضراً ولكن عليه القيام بجميع الالتزامات المترتبة على “الجيرة” بعد علمه بذلك. وهناك “الوجه” عن قرب كأن يطرد الخصم خصمه فيستجير المطرود بأقرب الناس إليه ويقول له “أنا بوجهك”، ويعني أنا بجيرتك. وهناك جيرة النسب وهي أن يجير الرجل ابنة عمه أو قريبته حين يتقدم للزواج منها من هو أبعد نسباً عنها، فيقول أمام عدد من الرجال “اشهدوا أن ابنة عمي مجيورة” فلا يجرؤ أحد عندئذ على طلب يدها، وسواء وافقت هي على الجيرة أم رفضتها، عليها وعلى أهلها القبول والطاعة.

    عادات سلبية: أما الثأر فهو يشكّل إحدى العادات السلبية التي مازال لها وجود في البوادي العربية وليس في البادية السورية فحسب، وإذا كان الثأر ليس من الخصال الحميدة للمجتمع العشائري فإن هذا لا يمنع من القول انه كان من السمات المميزة لهذه المجتمعات بحكم طبيعة حياتها وظروف معيشتها، وكما ينجدك البدوي إذا استنجدته والتجأت إليه وطلبت حمايته، فإنه بالمقابل لا يصبر على الأخذ بثأره إذا أسأت إليه، فإذا قتل رجل من عشيرة رجلاً من عشيرة أخرى قامت العداوة بين العشيرتين، ونشبت الحروب حتى تقوم العشيرة المتضررة بأخذ ثأرها وقتل شخص من العشيرة الأخرى يوازي قتيلها بمستواه ومكانته، أو تتصالح العشيرتان بعد الاتفاق على دفع الدية، وينطبق ذلك على الأفراد أيضاً، فالبدوي لا ينام على ضيم ولا يستكين لظلم، ويصبر على ثأره أربعين عاماً ويقول حين يأخذ بثأره “إنني تعجلت أخذه” كما يقول المثل الشعبي. وربما استنكر أهل الحضر هذه العادة في البداية، لكن من يطّلع على شؤون البادية يعلم أنه لولا وجود هذه العادة الراسخة عند البدو لغدت البادية دار حرب دائمة، لأن قانون الثأر العشائري الذي يتحقق بعد إهدار الدم يصد المجرمين والأشرار عن جرائم كبرى، ويقول الباحث أحمد وصفي زكريا الذي ألّف كتاب عشائر بلاد الشام: “البدو يتجنبون القتل حتى أثناء الغارات والغزوات ما أمكنهم ذلك لئلا تنزل بهم الضربات الهائلة التي تأمر بها شريعة الانتقام، وهي الشريعة التي تجعل البيداء في أمن وسلام يسافر فيها المرء غير خائف من صولة أشرار البدو وإن سلبوه ماله”.

    تحصيل الحقوق: ومن العادات البدوية التي لا تزال منتشرة في البوادي “الوساقة” وهي إحدى طرق تحصيل الحقوق عندهم، يلجأون إليها حين يكون لأحدهم على الآخر ديون مالية، تجمعت بأخذ الماشية والمحاصيل الزراعية وغيرها، وحينما يحدث التأخير في تسديدها أو نكرانها، ولا يستطع الدائن أن يستردها بالوسائل السلمية، يلجأ الدائن، أو صاحب الحق، إلى الإغارة على إبل خصمه أو غنمه فيأخذ منها ما يساوي ديونه، ثم يطلبه للجلوس أمام القضاء عند أحد الحكماء أو المرموقين في البادية للفصل بينهما. ويقوم الطرف الأول بوضع ما أخذه في وجه أقرب شخص يلتقي به، أو أقرب بيت يصل إليه من الحي، ولا يحق له الاحتفاظ به وإلا يعتبر مغيراً ناهباً ينطبق عليه حكم العدو الغازي.

    ويعتبر حق الصحبة، أو “الخوي”، من عادات البدو الإيجابية التي زالت مع التحولات التي شهدتها الحياة المعاصرة، وهي قيمة إنسانية كبرى حضَّ عليها الإسلام والشرائع السماوية عامة لأن الله عز شأنه أوصى بالصاحب والرفيق بالسفر، والبدو يقدّرون هذه الصحبة بفطرتهم، فالصاحب في الطريق يمنح صاحبه ما يمنح نفسه من ماله وحمايته ورعايته، ولو لم يكن بينهما أي معرفة سابقة، وجمعتهما المصادفة في الطريق فحسب. والتخلي عن الصاحب “الخوي” أمر مشين وغير مقبول عند الكرام من البدو، ولا يفعله إلا كل جبان، ويسمّون من تخلى عن رفيق سفره “سويد الوجه”، أي أسود الوجه.

    وكلنا يذكر قصة البدوي الذي كان يسير على فرسه في الصحراء فوجد رجلاً تائهاً منهكاً من التعب والجوع فأطعمه وأسقاه وأردفه وراءه، وبعد مسافة من المسير وثب الرجل على البدوي ورماه أرضاً ومضى على الحصان، وهنا نادى عليه البدوي: أرجوك يا خوي لا تبلغ أحداً بالذي فعلته بي. وهنا استغرب الرجل وقال له لماذا؟.. فقال البدوي كي لا تطير النخوة من رؤوس الرجال؟

    وربما تعطي هذه الحكاية مدلولات واسعة عن حياة بدوية تميزت بعاداتها الأخلاقية ومبادئها الراسخة ومعانيها السامية، فيما تشكّل العادات البدوية قيمة عليا وأسلوب حياة مثالية في كل المجتمعات إذا استفاد منها المعاصرون ووضعوها ضمن أساليب التعامل الإنساني.

  2. #2
    ... عضو مميز...


    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    344
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي

    الغالي الرائع حبيبي حطتني


    كفيت ووفيت معلومات رائعه


    وموضوع رائع وقمه في الروعه


    تقف احرفي عاجزت امام ابداعاتك


    شكراً لك من الاعمــــــــــــاق

  3. #3
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    تسلم أخوي العزيز القلب الطائر

    أسعدني وشرفني حضورك ومشاركتك

    الرائعة والكريمة في موضوعي البسيط

    ربي لا يحرمنا منك ولا من طلتك الغالية .

    دمت كما تحب

  4. #4
    ][..إيــداع الــزين.. ][


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    آقوٍلكٍ سـٌرٍ
    المشاركات
    7,880
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    فالجيرة ترتبط بالوجه في أغلب الأحيان، والعكس صحيح، فمن يقول “أنا بوجهك” فهو في جيرتك، والذي يلتجئ هارباً من عدوه إلى بيتك هو في جيرتك، وتحدث الجيرة بأشكال مختلفة،
    حبيبتي حطمتني
    تسلم ع هالمعلوماااات القيمه
    ويعطيك العاافيه يااااارب
    لاعدمناااك

  5. #5
    ][--اضحك ودمعي حاير وسط عيني--][


    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    al-zen.com/vb
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    مشكوور يالغلااا على المعلومات القيمهـ ..

    واللهـ يعطيك العافيهـ ولا هنت ..

    دمت بخير ..

    ..

    ..

    ..

    أبـــوصالــح

المواضيع المتشابهه

  1. ميراث ملوث بالدم !
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20-04-2007, 07:39 AM
  2. خيمة الأحفاد تخلد تراث الأجداد
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-09-2006, 04:39 PM
  3. منازل الماضي تختزل صمود الأجداد
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-08-2006, 10:31 AM
  4. *·~-.¸¸,.-~*في محراب جنونه*·~-.¸¸,.-~*
    بواسطة شاطي الاحلام في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 31-05-2006, 05:04 AM
  5. ميراث أهل الجنة منازل أهل النار
    بواسطة بنت العين في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 21-05-2005, 11:41 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •