من دول النهر والحقل و الجبل .. يهاجر مجبرا إلى دول النفط والاسهم والتجارة المفتوحة ..
معادلتنا المعكوسة .. جعلت الشاب العربي يقضي سنين عمره إما هائما على وجهه يبحث عن وظيفة في بلده .. أو مهاجرا كطائر (السنونو ) في بلد عربي آخر ..

أطلت عليكم .. لكنه كان ساندويش شاورما ..يحمل في طياته معاناة جيل عربي كامل .. جيل تقطعت به الحيل وانقطعت به الأسباب .. وحشي رأسه بالتذمر والملل والكآبة .. تماما كما يحشى ساندويش ش ا و ر م ا !!

باااااااااااااااااااااااي [align=center]--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم ..
بدأت مرحلة البيات الصيفي للكثير من أعضاء المنتدى .. والسبب هو مواسم الاختبارات ( اللعينة ) ..
أتمنى لهم جميعا التوفيق وسنبارك لهم قريبا بإذن الله ..

ليس هذا موضوعنا .. موضوعنا عن الشاورما .. فأنا والشاورما وجهان لعملة واحدة .. سيما وأنني آخذ في تفاصيل جسدي كثيرا من تفاصيل جسد ساندويتش الشاورما ..
وفي محل الشاورما الذي كسب من وراء معدتي (اسم الله واللهم لا حسد ) يوجد عامل من بلد عربي شقيق .. مكافح ذلك العامل .. أظنه يعاني من لفح فرن الشاورما .. أكثر من معاناة الجنود الأمريكيين من لفح المقاومة العراقية ..
قبل ساعة ..رمقني بنظرة كئيبة قائلا .. نيالك ياعم ..
تفاجئت من كلمته .. وتساءلت في نفسي أولا ..نيالي بـ شو .. و ع شو ؟؟ نيالي لأني ( دب ) ثقيل الوزن أو لأني عازب مضرب عن الزواج حتى يومي هذا بسبب تعنت خطيبتي .. أو لأن من الأعضاء من يشتمني على الطالعة والنازلة في عاشق لبنان بعلمي وبدون علمي .. أو لأني مستعد لأصرف كل مافي جيبي من أجل الشاروما ؟؟( كل تلك الأسئلة دارت بخلدي )

هنا تمالكت أعصابي وسألته بلطف من جديد : نيالي بـ شو ؟؟ وع شو ؟؟
أجابني بأنني محظوظ إذ لا أقف أمام المشواة نصف نهار كما يقف هو .. ولا أجهد عضلاتي من تقطيع الشاورما كما يجهد هو .. ولا أقطر عرقا كما يقطر هو ..
دعوت لصاحبي (الله يعطيك العافية يا معلم ) ( ويكتبلك الرزق الحلال دائما وأبدا ) ( ولقمة العيش الهنية لك ولأولادك )


لكنني تساءلت في نفسي من جديد .. يالها من معادلة صعبة بالغة التعقيد .. سوى هذا العامل .. يوجد أشخاص آخرون يقضون يومهم على مقعد وثير خلف مكتب أنيق .. ويقبضون مرتبا هو أضعاف مايقبضه عامل الشاورما !!
قطرة العرق الواحدة التي تستغرق نهارا كاملا كي تتشكل على جبين أحدهم ..لا تستغرق سوى بضع ثوان كي تتشكل على جبين هذا العامل .. الذي يقطر جسمه عرقا بحجم ما يقطر لحم الشاورما التي أمامه زيتا ودسما !!

مسكين أيها المواطن العربي الذي لم تكمل تعليمك الجامعي أو نصف الجامعي .. مصيرك الشقاء .. وظيفتك العناء .. مرتبك الكفاف .. ورزقك مرهون بقطرات عرقك المسكوبة من جبينك..

لو كانت المرتبات بحجم قطرات العرق والمجهود البدني المبذول .. يا إلهي !! لكان عامل النظافة الذي يزيل القاذورات من أمام منزلنا كل يوم يستلم أعلى مرتب في الدولة !!
لوكانت الوجاهة الاجتماعية بحجم السعرات الحرارة المحروقة من الأجساد .. لاحتلت صورة خادمة منزلنا الصفحة الأولى في صحفنا المحلية ..ولكان عامل الفرن بجاورنا يملتك أفخم منازل حينا!!
لو كانت الفرص الوظيفية توزع بحسب القدرة على التحمل والإنجاز .. لفاز بها ذلك الشاب الذي أفنى عمره يكدح على سيارة أجرة من صباحه حتى غروب يومه .. ولازال يبحث عن وظيفة ملائمة تلم أسرته بعد شتات ..

المعادلة معكوسة .. والوطن العربي لازال يرزح تحت صخرة جهل كبيرة .. تجعل من العامل مصنفا بحسب شهادته لا بحسب قوته وقدرته على الأداء .. وسرعته في الإنجاز ..
نحن نعطي الوظيفة الأعلى للأعلى شهادة .. ونصرف الراتب الأثمن للأكثر جلوسا على الكراسي ..

محصلة معادلتنا المعكوسة .. هي البطالة المقنعة .. ومحدودية الفرص الوظيفية
معادلتنا المعكوسة هي التي جعلت المواطن العربي[/align]
Best-1