اجتمعوا في مجلس فقال أحدهم طرفة ( نكتة ) فضحك الجميع إلا هو، ثم قال آخر نكتة أخرى فلم يضحك أحد سواه، نظر إليه الجميع باستغراب شديد لسخافة النكتة سائلين إياه ما الذي يضحكك ؟ فأجابهم أنه لا يضحك على النكتة الأخيرة وإنما على سابقتها!! هل تعلمون ما هو السر الكامن خلف هذا ؟!! بالطبع كلكم يعرفه، ومن لم يعرفه فيخشى عليه أنه يعانيه.
هذا نموذج واحد من مئات النماذج من الطرف والنكت التي يتندر بها الناس عن شريحة كبيرة من الخلق يعيشون بيننا، نتعامل معهم ويتعاملون معنا، قد يتسببون لنا في كثير من الإحراج خاصة إن كانوا من أقربائنا أو من زملائنا في العمل، سواء كانوا رؤساء أم مرؤوسين، إن الأغبياء قد فرضوا أنفسهم كواقع يجب أن نتكيف ونتعامل معه شئنا أم أبينا.
ينقسم الأغبياء من حيث الفهم إلى ثلاثة أنواع؛ فمنهم من لا يفهم مطلقا، ومنهم من يفهم نوعا ما ولكن ببطء شديد، ومنهم من يفهم بشكل خاطئ؛ وهذا هو أخطرهم، أما من حيث السلوك والتصرفات فنستطيع أيضا تقسيمهم إلى ثلاثة أنواع، فمنهم من يعلم أنه غبي ويتعامل على ضوء هذه الحقيقة فيدع التصرف لغيره؛ وهذا هو أفضلهم فلا يخشى منه، ومنهم من يعلم أنه غبي ولكنه يكابر فيتصرف منفردا لإثبات عكس هذه الحقيقة؛ وهذا بلا شك خطير جدا، أما النوع الثالث فهو الذي لا يعلم أنه غبي بل يخيل إليه عكس ذلك تماما فيتوهم بسبب ما يمتلكه من غباء شديد أنه أذكى الأذكياء، فلا يقيم وزنا لآراء الآخرين معتبرا إياهم أغبياء لا يعتد برأيهم، وهذا النوع له حظ كبير جدا خاصة في تولي رئاسة الإدارات الحكومية والشركات، مما كان له أثر سيئ على نفسيات الموظفين خاصة من كان ذو عقل منهم ويعرف حقيقة من يرأسه.
وقد يحمل أحيانا نفس الشخص الحامل لصفة الغباء– أي كان نوعه من الأنواع السابقة- صفة أخرى ليست بعيدة عنها وهي الدلاخة، فتتفاعل الصفتان تفاعلا قويا لا يحدث مثيله حتى في أكبر وأحدث المفاعلات النووية والكيمائية في العالم، فتتداخلان وتتشابكان بشكل قوي يجعل من فصلهما أمر عبثي من ضرب المستحيل، فتكون النتيجة أو المُخرجة شخص غامض يتصرف بدلاخة وغباء في ذات الوقت مما يكون له آثار كارثية حادة خاصة إن كان من النوع الثالث المشار له آنفا.
ارتبطت صفة الغباء بالحمار منذ قديم الأزمان ارتباطا وثيقا فأصبحا وجهان لعملة واحدة، فلا تكاد ترى الحمار حتى تتذكر الغباء، ولا أدري ما هو السبب في ذلك؛ أهو الموروث الثقافي الذي ربط الحمار بالغباء أم شكله وتصرفاته هما اللذان يوحيان بذلك، فشكل الحمار وطريقة مشيه ووقفته تقول ذلك بكل وضوح، أيضا هناك بعض التصرفات للحمار لا أعلم سببا لها إلا الغباء، فبماذا يفسر أحدنا وقوفه تحت أشعة شمس الصيف الحارقة بعد الزوال والظل أمامه ؟!!
لذا فعندما ينادى أو يوصف شخص ما بأنه حمار- مع اعتراضنا الشديد على ذلك- فالمقصود هو نعته بصفة الغباء المتوفرة في الحمار التي وافقت صفة الغباء لديه وليس القصد تشبيهه بالحمار كحيوان، أي كقول أيها الغبي، وقد يغضب الكثير من الأغبياء عندما ينادى "يا غبي" أو "يا حمار" ولكن تبقى هي الحقيقة المرة التي لابد من تجرع آلامها، ولا ننسى أن التشبيه بالحمار قد ورد في القران في قوله تعالى ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) وفي قوله ( مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفارا ) فلماذا الغضب ؟؟!!
عزيزي الغبي؛ اعلم أن العلاج من هذا المرض العضال ليس مستعصيا كما تتخيل، ولكنه يحتاج إلى خطوات جريئة منك، فلا بد أن تعترف أولا أنك غبي، فأولى خطوات العلاج الناجح تكون الاعتراف بوجود الداء، ثم بعد ذلك تستشعر بكل شفافية نقاط القصور لديك والتي تبرز فيها هذه الصفة جلية للعيان، ثم تحاول بعد ذلك أن تجد الشخص الغير غبي- من وجهة نظر الآخرين لا من وجهة نظرك- فتجعله يتصرف كلما طفت إلى السطح نقاط القصور هذه.
تمتــ،
aljookar
تشااوو :23ar:
مواقع النشر (المفضلة)