كنت مجرد وردة

--------------------------------------------------------------------------------


كنت وردة وحيدة في بستان الحياة ..
تشرق علي الشمس كل يوم تجرحني بأشعتها ..
ففي كل يوم أتألم لأسير في طريق الذبول ..
يمر بي الناس دون أن ينظرون ..
لا يهتمون بي ولا يتأملونني بنظرة حانية تعيد إلي رونقي ..
يمرون بي ولم يفكروا لحظة بأن يسقوا جذوري
التي افتقدت إلى مياه الرفق والعطف ..
يمرون بي وكل ما فعلوه هو قطع أوراقي وبعض بتلاتي ..
حتى ان منهم من كادت قدماه أن تدوسني دون أن يشعر ..
بقيت هكذا أبث عبيري .. منتظرة من ينشقه أو يقدره ..
إلى أن هبت نسائم ذلك الشتاء التي حملت إليك عبيري ..
اقتربت مني نظرت إلي وابتسمت .. مددت يداك
وبكل رقة لمست بتلاتي فتمايلت فرحاً بلمساتك ..
صحيح أنه كان الشتاء .. لكن برودته كستني بدفء حبك ..
ورياحه العاصفة أشعرتني عند هبوبها بتمسكك بي ..
أما أمطاره القوية فقد امتزجت داخلي بماء حنانك ..
كنت الوحيد الذي يدافع عني .. يتحمل ألم أشواكي .. يقدر جمال ألواني ...
الوحيد الذي يمسح ندى دموعي .. يخاف عليّ حتى من فراشة ربيع ..
إن مر يوم ولم تأتِ فيه .. أفتقدك وأشتاق إليك ..
وإن أزعجني شيء أو ضايقني فحينها تأتي أنت لتواسيني ..
كنت الأنفاس التي تتخلل أوراقي وبتلاتي ..
الأنفاس التي زرعت الأمل فيني وأبعدت عني شبح الذبول ..
كنت أنتظرك وأتحرق لرؤاك ..
لأعطر هواءك وأنت بجانبي كل يوم بعبير جديد أستمد جماله من اهتمامك بي ..
اعتقدت أنك ستبقى وتعيش لي ..
لكن ذلك اليوم مر وغير موازين حياتي البسيطة ..
أتيت كعادتك . لكن كان بقربك حبك القديم .. تتكلم معه وتبتسم له..
حبك القديم الذي جرحك وتركك لي .. هاهو يعود ..
أحسست بالغيرة وأنك ستنساني معه..
منعت عنك عبيري في ذلك اليوم .. متمنية أن تعود لي في الغد وحدك دونه ..
لكنك لم تعد .. وهجرتني ..
بقيت أنتظرك وبتلاتي المتراخية مفتقدة للمساتك لتنعشها ..
وجذوري عطشى لمياهك تسقيني ..
بقيت أنتظرك .. إلى أن لمحتك في يوم من بعيد ..
عندما بدأ الغروب يرسم لوحته وغدا نور الشمس بالتلاشي ..
رغم ضعفي ووهني ارتفعت قليلاً .. وتحركت سيقاني ..
واتجهت بنظراتها نحوك .. يملأها الحنين ...
مررت لكنك لم تنحني لتتأملني .. بل أكملت طريقك وتركتني ..
رمقتني بنظرة ساخرة ..
كأنك لم تمر يوما ببستان حياتي ..
هدم الظلام مباني الضوء ومع انهدامها .. سقطت أنا ..
وراح السواد يلون أجزائي ..
وشيئاً فشيئاً أخذت تنسحب مني الحياة وبهدوء ..
ولم يعد في خيالي وأنا في الطريق إلى الذبول ..
إلا هذه الكلمات ..
أملي الوحيد بات لا يعرفني



منقول