الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر
الحياة اختبار للعاقل على الطاعات وترك الشهوات
الحامد لله والمادح له أهل لأن يعود قرير العين
العطاء رغم المنع من مكارم الأخلاق
ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس
دعاء
يا فارج الهم وكاشف الغم، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها، صلّي على محمد وآل محمد وأخرج همي واكشف غمي، يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
اللهم إني أسألك سؤال من اشتدت فاقته وضعفت قوته وكثرت ذنوبه، سؤال من لم يجد لفاقته مغيثا ولا لضعفه مقويا ولا لذنبه غافراً غيرك يا ذا الجلال والإكرام أسألك عملاً تحب به من عمل به ويقيناً تنفع به من استيقن به حق اليقين في نفاذ أمرك.
اللهم اقبض على الصدق نفسي واجعل فيما عندك رغبتي وهب لي صدق التوكل عليك.
اللهم إني أسألك خوف العابدين لك وعبادة الخاشعين لك ويقين المتوكلين عليك.
اللهم هذه حاجتي فأعظم فيها رغبتي وعاف فيها جسدي فقد أصبحت وأنت ثقتي ورجائي في الأمور كلها فاقض لي بخيرها ونجني من مضلات الفتن آمين رب العالمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
الصبر على شهوة النفس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». رواه مسلم. لذلك يجب أن نتتبع سير السلف الصالح فسوف نجد كيف كانت لديهم الدوافع للصبر على المكاره وكبح جماح الشهوات فالمؤمن يجب أن ينظر في حاله وفي ذاته وفي أعماله ورغباته يرى إن كانت هذه الرغبات هي التي تقوده أم أن باستطاعته أن يأخذ منها ما أباحه الله ويترك ما حرمه الله عليه؟ فالحياة اختبار والعاقل من اختبر نفسه ليرى مدى إيمانه وصبره على الطاعات وعدم الجري وراء الشهوات المحرمة التي يجب أن يتدرع بما يحفظه عنها ويحصنه من بلائها ودرعه في ذلك قيام الليل والصيام والصدقة فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟
قال: «أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى» حيث أن الصدقة على الشحيح الذي يخشى الفقر أثقل ومن هذه ترى قوة النفس وجهادها في مواجهة شهوة المال وكذلك بالنسبة للشهوات الأخرى ومما يبعد المسلم عن الشهوات حرصه على ملازمة أهل الطاعات والبعد عن أصحاب السوء والملذات لكي لا يشجعوه على أفعالهم وينقاد معهم إلى دائرة الهلاك.. وكذلك على المسلم أن يعلم تماما ويؤمن أن استعانته بالله جل جلاله بالدعاء الصادق أن يبعده الله عن شهوات الدنيا وملذاتها وألا تكون أكبر همه وأن هذه الملذات ستفنى مع الجسد عندما يرحل الإنسان عن هذه الدنيا ولا يبقى إلا العمل الصالح فقد قال تعالى: «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور» (سورة آل عمران).
في الذكر والتذكير (لفضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله) يقول فضيلته:
في وهج الحر قد يأوي المرء إلى حجرة «مكيفة» الهواء يبقى في داخلها مراح الأعصاب! وربما كان حظه أتم فذهب إلى مصيف عليل الرياح لطيف الأنفاس فهو حيثما اتجه في ربيع دائم!
إن علاقة المؤمنين مع ربهم، نور السموات والأرض تتراوح بين هذه المنازل فقد يعيش العابد في صومعة معزولة عن ضجيج المجتمعات وآثامها، راكناً إلى الحميد المجيد الفعال لما يريد، فهو سعيد بربه ترنو إليه بصيرته وتتحدد عنده وجهته، ويظل كذلك بعيداً عن لفح الحياة الضالة والعوج الشائع وربما رزق بيئة صالحة، انهزم فيها الشيطان واستقر في جنباتها الحق وتجاوبت في أرجائها أصداء التسبيح والتحميد فهو يمشي على نور من يعينه، وأنوار من اخوانه المتعاونين معه على البر والتقوى.
كان الصحابة، رضوان الله عليهم، يستمتعون في جوار النبي صلى الله عليه وسلم بربيع دائم من الأنس بالله والهتاف باسمه وكان النبي الجليل صلى الله عليه وسلم ــ كما وصفه ربه ــ سراجاً منيراً يرمي بأشعته في كل أفق ويجمع الناس على وحدانية جياشة المشاعر والمسالك تتصدر كوناً كبيراً كل شيء فيه يسبح بحمد ربه!
شعرت بأبعاد العبودية التي قامت عليها سيرة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم في مناح كثيرة من حياته ولكني تريثت طويلاً عند طرفة عميقة الدلالة رواها ابن عباس رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها تقول: اللهم اكتب لي بها أجراً وحط عني بها وزراً واجعلها لي عندك ذخراً وتقبلها مني كما تقبلتها عن عبدك داود عليه السلام».
قال ابن عباس رضي الله عنه سمت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سجدة ثم سجد فقال مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة!
هذه الطرفة كما قلت عميقة الدلالة فهي تدل على أن صاحب الرؤيا أحسن الاستفادة من تعاليم الإسلام حتى نضح ذلك على سريرته وهو نائم وهي تدل كذلك على فؤاد الرسول المربي صلى الله عليه وسلم موار بعاطفة من حب الله يهيجها أي شيء فقد التقط الدعوات المنسوبة إلى الشجرة وأخذ يرددها في سجود خاشع لرب العالمين.
وصلة الأنبياء بالله تتحرك للملابسات المثيرة. إن زكريا لما رأى القدرة العليا تتجرد من قانون السببية وتسوق الفضل الإلهي إلى مريم بغير حساب انعطف إلى ربه يجأر: «هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء».
ومحمد صلى الله عليه وسلم تربطه بنور السموات والأرض روابط فوق الحصر وقد كان جهده أن يجعل البيئة كلها من حوله عابدة ساجدة ذاكرة شاكرة.
روى النسائي عن يعقوب بن عاصم عن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول «ما قال عبد قط: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مخلصاً بها قلبه ناطقاً بها لسانه. إلا فتق الله له السماء فتقاً حتى ينظر إلى قائلها من الأرض وحق لعبد نظر إليه أن يعطيه سؤاله».
لا أحب أن أفسد هذا المعنى السمح بتكلف تأويل! كل ما يفيده الحديث المروي أن القلب الموحد قد تعرض له فورات إخلاص وصدق، تجعل كلمة التوحيد تنطلق من فمه فما يوقفها دون عرش الرحمن شيء! وما يشقى صاحبها بعدها أبداً!.
والتوحيد المذكور في هذه السنن يقوم على فقه لأسماء الله الحسنى واصطباغ بمعانيها والحامد لله أو المادح له أهل لأن يعود قرير العين.
ويحضرني قول لأحد العارفين وقد سئل: ما أفضل الدعاء يوم عرفة؟
أجاب: «لا إله إلا وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» قيل له: هذا أثناء لا دعاء! قال: أما تعرف قول الشاعر:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني
حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء!
مكارم الأخلاق:
من مكارم الأخلاق:
حسن الخلق.. صلة الرحم.. العفو والصفح.. والعطاء رغم المنبع فقد روى الحاكم وغيره عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عقبة، ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك» وفي رواية عند أحمد «وتصفح عمن شتمك».
حب الله وحب الناس
روى ابن ماجة وغيره: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس».
عقوق أب
عن كتاب «عاقبة عقوق الوالدين» للشيخ ابراهيم الحازمي وكتاب «الأعلام فيما ورد في بر الوالدين وصلة الأرحام» أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الأب وابنه فقال الابن: أليس للولد حقوق على أبيه يا أمير المؤمنين؟
قال عمر: بلى.
قال: وما هي؟
قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب.
فقال يا أمير المؤمنين: أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعران ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً.. فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
أبوذر يسأل زوجته:
سأل أبوذر زوجته: فيم البكاء والموت حق؟
قالت: لأنك تموت وليس عندي ثوب يسعك كفناً.
فتبسم وقال لها: لا تبكي.. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: «ليموتن الرجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين..» وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية ولم يبق منهم غيري وها أنا ذا بفلاة الموت فراقبي الطريق.. فستطلع علينا عصابة من المؤمنين فإني والله ما كذبت ولا كذبت.. وأتت القافلة وعلى رأسها عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حفظ اللسان:
عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت».
وعن أنس: أن لقمان قال: «إن من الحكم الصمت. وقليل فاعله».
وقال مالك بن أنس: «كل شيء ينتفع بفضله ــ أي زيادته ــ إلا الكلام. فإن فضله يضر».
قال أبوالدرداء: «لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين: منصت واع أو متكلم عالم».
أذكار مشروعة:
> ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا سلم من صلاة الفريضة استغفر الله ثلاثاً وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».
اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون»
الشيخ ابن عثيمين.
مواقع النشر (المفضلة)