أَخَيِراً غَردَت العُصفُورَة بَعَدَ صَمتٍ طَالَ صَيفَاً كَامَلاً
ولكِنَهَا لَم تُدرِك أَو رُبَمَا أَدرَكَت مُتَأَخَرَة
أُنَهُ قَد حَلَ الخَرَيِفَ
حَيثُ تَشرَع ُالطُيُورَ المُهَاجِرَة أَجنِحَتِها
وتُسَافِر إلى وطَنِها الأَبدِي
(الغُربَة )

وطَائِرُكِ يَا عَزِيِِزَتَي العُصفُورَة
طَائِرٌ مُهَاجِر بِإِمتِيَاز
فَقَد نَمَا فِي رِحم الوَحَدَة
وتَرعَرعَ فِي كَنَفِ الغُربَة

طَائِرُِكِ يَا عَصفُورَتِي عُرِفَ ومُنذُ البِدَايَة
بِمَا يَعَتَمَل فِي نَفسُكِ ولَكِنَهُ فَضَلَ أَلا يَفرِضَ عَلَيِكِ غُربَتَهُ
فَهَي مُوحِشَةً و قَاسِية
كَصحرَاءٍ مُمُتَدةٍ بِلا نِهَايَة
وهو يَخَشَى عَلَى جَنَاحِيكِ الرقِيقَتيِنِ
أَن يَضِيِعَا فِي مَجَاهِل أصَقَاعِه النَائِيَة

قَد تَقُولِينَ أَنَ شَلالات حُبُكِ تَستَطِيعَ
أَن تُحِيلَ صَحَرَاءَ قَلبِه إِلى جِنَان خَضَراءَ
وَلكِنكِ بِذَلك تَسكُبِينَ مِياهُكِ العَذَبة فِي فَوهَةِ بُركَانٍ
قََد يُحَوِلَهَا فِي لَحظَة إِلى غَيِِمَةٍ تَائِهَةَ
أَو قَد تُحَوِلَهُ إِلى بُركَانٍ خَامِد
يَحتَاج لِسِنِينَ لِتُنبِتَ جُذُورَ زَهَرتَكِ التَي تَنتَظِرِين

وَمَعَ ذَلك فَإِن طَائِرُكِ مُعجَب بِكِ أَشَدَ الإِعجَابَ
لِمَا أَظهَرتِهِ مِن جُرأَة وشَجَاعَة يَندُرُ أَن تَتَوفَرانِ لِعَصفُورَةٍ شَرقِيِةَ
فَلا تَتَنَكَرِي لِشَجَاعَتُكِ أَو تَتَراجَعِي عَنَها
فَهي إِحَدَى أَجمَلَ صِفَاتُكِ

يَعرِفُ طَائِرُكِ أَيَُتَها المُغرِدَة كَم تَتَحَمَليِن مِن مَسؤُولِياتٍ وآلَام
وَهُوَ لا يَلُومُكِ عَلَى كَونُكِ تَحلُمِينَ بِعشٍ دَافئٍ يَضُمُكِ وإِيَاهُ وَ صِغَارٌ رَائِعِين
لَكن الأُمُور فِي الوَاقِع لَيسَتَ عَلَى هَذهِ الصُورَةِ الوَردِية
فالعُشُ كِي يَكُونَ دَافِئَاً يَجِب أَن يَكُونَ مُستَقَراً و ثَابِتَاً وبَعَيدَاً عَن أَهَواءِ الرِيِاح
ويَجِب أَن يَحَمِلَ مَؤُونَةً كَافِيةً فَلا يَجُوع الصِغَار
وكُلَ هَذَا ليَسَ سَهلُ المَنَال عَلَى طَائِرٌ لا يَملِكُ سِوَى جنَاحِينِ
وَ رَغَبَة الرَحِيل

طَائِرُكِ يَتَمَنَى لَو أَنَه يَستَطِيعُ أَن يَضُمُكِ بِجَنَاحِيهِ
لِيحمِي جَسَدُكِ الرَقَيق مِن بَردِ هَذَا العَالَم القَاسَي
ويَغمُرُكِ بِدِفءِ حَنَانُهِ الذَي يَمتَدَ بِلا حُدُودَ