مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 8

الموضوع: لسانان.. أم لسان تريدون؟

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    لسانان.. أم لسان تريدون؟

    أعلم - يا هداك الله -، وربما تعلم أكثر مني، أن كل الأديان والعقائد، بل وحتى الفلسفات الإنسانية الوضعية قد أعلت من مكانة الصدق، بل ورفعته على رأس القيم الأخلاقية.
    ولم يكن فلاسفة الإغريق - سقراط وأرسطو وإفلاطون - أول من حاول أن يضع الأسس العقلية ل (المدينة الفاضلة)، أو يحدد معايير الفضيلة وصفات الإنسان الفاضل النبيل.
    فهذا الإنسان، وهذه المدينة، ظلت هي حلم البشرية منذ أن خلق الله البشر - بل وغير البشر - على هذه الأرض.
    ما بين بابين
    ورغم اختلاف رؤى البشر ما بين من يدين بدين كتابي سماوي وعقائد غير سماوية مثل البوذية والكنفوشيوسية، وحتى تلك الوثنية التي تجسد آلهتها في عناصر الطبيعة من شمس وشجر وأصنام حجرية أو طواطم حيوانية، أو في أرواح الأسلاف، إلا أنها تجمع - بلا استثناء - على قيمة الصدق كواحدة، بل وأكبر القيم الأخلاقية.
    أتعرف يا هداك الله وإيانا - لماذا؟
    لأن إغلاق المرء باب الصدق يدخله في باب أو يفتح في وجهه باباً آخر هو النقيض له، إلا أن ذلك الباب - أي عدم الصدق - يفضي إلى أبواب أخرى كثيرة، بينما الصدق يفتح باباً واحداً لا يضيع المرء فيه بين احتمالات كلها مزالق خطرة.
    فعدم الصدق يفتح باب الكذب.
    والكذب يفتح أبواباً كلها تفضي إلى الحجيم.. جحيم الدنيا والآخرة.
    فالكذب يفتح أبواب: الرياء، والغش، والمراء، والمداهنة، والتجسس، والتحسس، والنفاق، وترصد عورات الناس، وأخطاءهم، وغيرها من الصفات الذميمة والمكروهة والمذمومة.
    بينما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم، مقابل ذلك (الصدق منجاة) لأن طريقه واحد، سواء في الدنيا أو الآخرة
    {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} كما قال سبحانه
    وتعالى.
    وحين سئل صلى الله عليه وسلم إن كان المؤمن يسرق أو يزني قال نعم، يمكن أن يفعل المؤمن، ولكنه حين سئل إن كان المؤمن يكذب قال: لا.
    وما هو الصدق
    ويكاد - بل هو مؤكد - أن الصدق كل لا يتجزأ، فأنت لا تستطيع أن تكون نصف صادق ونصف كاذب. هذه منطقة لا تحتمل التذاكي واللعب على الحبلين.
    وقد قالها أبرهام لنكولن الرئيس الأمريكي الذي اشتهر بأنه محرر الرقيق في أمريكا بعد حرب أهلية شعواء في تلكم القارة حين قال: (إنك تستطيع أن تخدع كل الناس لبعض الوقت، وتستطيع أن تخدع بعض الناس لكل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت).
    أتدري لماذا؟
    ما لم يقله - غفر الله له -: لأن الله لم يخلق كل هذا باطلاً، ولأن {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} سورة الزلزلة، وقال جل من قال {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} صدق الله العظيم.
    والآن قد يعن لك سؤال: ما الذي تعنيه بهذا الصدق الذي تصدعنا به؟.
    كيف نعرفه؟ وكيف نعرف الصدق من الكذب؟ وكيف نتعرف على الصادق من الكاذب؟
    الإجابة تبدو كأبسط ما يكون ولا تحتاج إلى (دروس إضافية)، فقط ما تحتاجه هو أن نلجأ إلى المنهج التحليلي المنطقي الذي يستند على أسسٍ معرفية منطقية.
    فالصدق قيمة أخلاقية فردية وشخصية، ذات مردود اجتماعي، ثم هي حين تدخل في الحيز الابستمولجي أي (المعرفي) لتكون ذات وظيفة معرفية ثقافية حضارية، يفتح نوافذ ما هو فردي وشخصي على فضاء ما هو كوني.
    وهذا ما اتفقت عليه واجمعت كل الديانات السماوية والاعتقادات الأخرى، بما فيها الوثنية والفلسفات الإنسانية كما قلنا.
    إلا أن ميكيافيلي الذي أبعد الصدق عن السياسة في كتابة (الأمير)، وأباح الغش والكذب والنكث بالعهود والمناورة، فاتحاً الأفق أمام (الوسيلة) على حساب (الهدف)، لأنه وضع (الهدف) كغاية مهما كانت قذارة (السبل) و(الوسائل) التي توصل الى تحقيقه.
    ثم أن الهدف عنده لم يتجاوز سقف (السلطة) فأحدث قطيعة بين (الأهداف) و(الوسائل).
    وفيما يبدو لي - والله أعلم من قبل ومن بعد - أنه كان يعبر بصوت عال ومسموع عن بعض الغرائز (الذئبية) في الإنسان، حين تنبهم المسافة أو الفجوة بين رغباته ووسائله لتحقيق هذه الرغبات والأهداف.
    وهذا واحد من مستويات أو طبقات الصدق العديدة فالصادق مع نفسه، صادق مع واقعه، ومع من هم حوله، أياً كانت درجاتهم: فوقه أو تحته. فالصدق كما قلنا قبل قليل لا يقبل التجزؤ أو التجزئة.
    معيارية الصدق
    والآن دعنا نعود إلى الوراء قليلاً.
    لقد تسألنا عن معيارية الصدق، سواء على صعيد الفرد أو المجتمع أو الدولة أو الكون؟.
    والإجابة، بعد الاستطراد السابق هي:
    بما أن الصدق قيمة أخلاقية فردية تتافوت بين شخص وآخر، فإن المعيار الوحيد لها، هو، أن يتطابق سر المرء وجهره، أي عدم إزدواحية شخصية المرء.
    وإذا رأيت شخصاً - رجلاً كان أو امرأة - يتحدث بلسانين، أو يتلبس شخصيتين، فاعلم أنه كاذب، وخذ مع كاذب هذه كل ما ذكرت لك من صفات مشينة.
    فالصادق هو الإنسان نفسه.
    وهو الإنسان الذي تطابق مع نفسه.
    فهو في المجلس الرسمي، مثلما هو في مجلسه الخاص، مثلما هو في وحدته مع نفسه، لا شاهد في هذه الحالة إلا الله.
    لقد كدت أصعق مرات كثيرة، حين نتداول التحديات التي تواجه الوطن، وما الذي (يجب) علينا أن نفعله في مجالسنا الخاصة.
    كان بعضنا يطرح آراء نقدية بمنتهى الشفافية ونحسبه يعبر عن رأيه بدق. وما أن نستمع إليهم في جلسة رسمية إلا وتجد الواحد منهم قد انقلب (180) درجة، فيكيل المدح والثناء مباركاً هذا الواقع الذي وجه صوبه سهام نقد لا يخلو من صدق ومصداقية!.
    وتحار: مع من أتعامل.. أشخص البارحة أم اليوم؟!.
    هذا شخص له وجهان، ولسانان فهو إذن كاذب ومنافق.
    إلا أن الكارثة تتمثل في أن هؤلاء هم الذين يصلون إلى تحقيق أهدافهم الذاتية وطموحاتهم الشخصية، في ظل مجتمع أدمن هذا النوع من الرياء.
    من ضحايا الكذب؟
    يمكنك إذا كنت صادقاً لا تسعى لمكسب شخصي أن تقول: هنيئاً لهم بما كسبوا و{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} كما قال المولى عز وجل.
    ولكن تأمل الوجه الآخر من الصورة.
    لقد حدث (انقلاب) في المعايير القيمية بحيث أصبح الكذب ذكاء والصدق بلاهة، وبالتالي صار الصادق هو الغبي، والكذاب والمنافق ذو الوجهين هو الأكثر حنكة وفهلوة وشطارة مثلما يقول إخوتنا في الشقيقة مصر.
    وللمفارقة: إذا كانت أسباب هذا الانقلاب في مجتمعات أخرى ترجع إلى العوز والمنافسة بسبب شح الموارد والمداخيل، فإنه هنا نشأ بسبب (الوفرة).
    تلك (الوفرة) التي فتحت شهية الغزيرة الاستهلاكية على آخرها، فأصبح الكسب هو الهدف بغض النظر عن (الوسائل) لتحقيق هذه الأهداف، وإشباع هذه الرغبات.
    وفي ظل مناخ مثل هذا، ما الذي نتوقعه من أصحاب هذه النزعات المادية الذاتية الشخصية، غير أن يدوسوا بكل القيم الأخلاقية والإنسانية في سبيل تحقيق طموحاتهم وأطماعهم؟!.
    أتدري من هم ضحاياهم؟.
    تحديداً، وبالدرجة الأولى، هم من يمثلون النقيض لهم، فتراهم يكيدون لهم، مستغلون في ذلك ضيق المسافة ما بين قلوبهم وما يجري على ألسنتهم من قول يعبر عما في هذي القلوب.
    هؤلاء الصادقون لا يستطيعون تزوير الحقائق ولا تزوير أنفسهم، ولا تزوير ما في قلوبهم، ولذا فإنهم يفضحون أنفسهم بأنفسهم، فهم لا يعيرون لغير ما في ضمائرهم بالاً، لسبب بسيط، لأنهم في المقام الأول يخشون الله ويرجون ما لديه.

  2. #2
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    بَ الدِنيآ العُوجَه !
    المشاركات
    8,251
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي


    حبيبتي حطمتني
    يسلموو يعطيك العافيه أخوي مشكورة ألف شكر
    ولاتحرمنا من جديدك
    تحياتي لك

  3. #3
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    الطفلة البريئة

    تسلمين أختي العزيزة

    أشكرك جزيل الشكر

    على حضورك ومشاركتك

    وأتمنى دايما تنوري مواضيعي البسيطة .

    دمتي كما تحبين

  4. #4
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    قلب أمي
    المشاركات
    6,869
    معدل تقييم المستوى
    7

    افتراضي

    سورة الزلزلة، وقال جل من قال {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} صدق الله العظيم

  5. #5
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    13,656
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي

    يعطيــــــك العافيــــــه

المواضيع المتشابهه

  1. كيف تريدون الخواطر تكون ؟ ؟هااااام
    بواسطة هذه حياتي في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-11-2007, 03:58 PM
  2. هل تريدون ان يصبح وجهكم كالقمر يوم الحساب؟؟؟؟
    بواسطة درة الزين في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 20-08-2006, 09:53 PM
  3. اذا تريدون إشعال مشاعركم .....مع الشمــاااالى حيااااكم ....؟؟
    بواسطة الشمـــااااالي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-06-2006, 12:19 PM
  4. هل تريدون ان تضمنوا النطق بالشهادتين عند الموت؟؟
    بواسطة لوستي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 06-10-2005, 01:40 AM
  5. ادم وحوااء ... ماذا تريدون ؟؟؟
    بواسطة سعودي وايلي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-07-2005, 02:36 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •