داعيه اسلامي اندونيسي ( نيو لوك )
السلعة الجيدة تتميز بعدة صفات: رخيصة الثمن، سهلة الاستعمال، تتماشى مع العصر، ومفيدة".
هذا ليس جزءا من إعلان تجاري، أو محاضرة في التجارة، وإنما هي واحدة من مجموعة كبيرة من النصائح السريعة، يقدمها عبد الله جيمنستيار الداعية الإسلامي الإندونيسي المحبوب.
إذا طبقنا نصيحة جيمنستيار على الكلمات، فيمكن أن نقول: حتى تكون داعية ناجحا -وظيفتك الكلمات- فلا بد أن تقول كلاما بسيطا يفهمه الجمهور العادي ويسهل تطبيقه، ويتماشى مع العصر، ومفيد.. وهذا بالضبط ما يفعله الأخ "جيم" كما يطلق الإندونيسيون.
مثل نجم سينما
الأخ "جيم" يبلغ من العمر 42 عاما، بدأ الظهور على شاشة التلفزيون منذ عدة أعوام، لكن شعبيته تصاعدت في وقت قصير جدا؛ ليزيد جمهوره عن 60 مليون شخص يتابعون محاضراته الأسبوعية عبر التلفزيون، إضافة إلى شرائط الكاسيت وأفلام الفيديو والكتب، وقد وصلت شعبيته إلى حد أن يصبح ثمن الساعة الواحدة التي يقدمها من البث التلفزيوني إلى 100 ألف دولار، وذلك بحسب جيمنستيار نفسه.
يخترق جيمنستيار الجموع الحاشدة على دراجته البخارية؛ حيث جاء أكثر من خمسة آلاف شخص ليستمعوا إلى الدرس الذي يقدمه، ويشاهدوه على شاشات تلفزيونية ضخمة تملأ المكان. تتزاحم الجماهير من حوله، البعض يقبِّل يده، والبعض الآخر يمد يده محاولا لمسه، وكأنه نجم سينمائي محاط بالمعجبين.
المكان تزينه لافتات تحمل نصائح الأخ "جيم" العملية السريعة، واحدة منها تقول: "سبع خطوات للنجاح: كن هادئا، خطط لحياتك، كن ماهرا، ومنظما، ومثابرا، وقويا، ومتواضعا".
يقف الأخ "جيم" على المسرح، يلقي المحاضرة لمدة ساعة، يهتف بكلمة ويهمس بأخرى، ويلقي النكات، ويطعِّم كلماته بأغانيه التي تشتهر في جميع أنحاء إندونيسيا، وفى النهاية تدمع عيون الحضور على صوت دعواته لإندونيسيا والعالم الإسلامي.
تتعلق قلوب الجماهير بالرجل الواقف على المسرح، وبعضهم جاءه من أماكن بعيده، فقط ليشاهده ويستمع إليه. لقد تصاعدت شعبيته بشكل هائل، حتى إن أربعة من المرشحين الخمسة في انتخابات الرئاسة الإندونيسية استعانوا به للتحدث في حملاتهم الانتخابية. ومن المشاهد المذهلة أيضا أن قوات الشرطة أخذت تدندن أغنيته "اعتنِ بقلبك" لتفريق جموع المتظاهرين.
داعية وإسلامي.. وعصري
هناك من يؤمنون أن الزمن يسير إلى الأفضل، وأن كل جيل يعرف ما لم يعرفه الجيل الذي قبله، وهناك أيضا من يرون العكس؛ العصر الذهبي بالنسبة لهم هو الزمن الذي مضى. وأيا كان رأيك فلا خلاف على أن لكل عصر لونه وشكله ورائحته، ولكل عصر علماؤه وأدباؤه ولغته وفلسفته.
وفى عصرنا هذا لقب (الشيخ) تحوَّل إلى (داعية إسلامي)؛ لأن هذا لغويا أدق، والداعية الإسلامي العصري يرتدي كما يرتدي أبناء عصره، ويحدثهم عن الموضوعات التي تهمهم وبلغة يفهمونها؛ فإذا كان في مصر تحدث بالعامية المصرية، وإذا كان في إندونيسيا تحدث باللغة الإندونيسية.
الأخ "جيم" داعية إسلامي عصري، يشبه عددا من أبناء جيله بدءوا في الظهور في عدة دول إسلامية، واستطاعوا في وقت قصير كسب جمهور كبير -أغلبهم من الشباب- وذلك من خلال معادلة بسيطة تعتمد على اختيار موضوعات تهم الناس، والحديث عنها بلغة يفهمها الناس.
فبدلا من الاستغراق في الحديث عن غيبيات الدين وطقوسه، يختار "جيم" الحديث عن الأمور الحياتية اليومية. وهو لا يكتفي بالحديث عن الأخلاق بشكل مجرد؛ بل يربطها دائما بواقع الحياة اليومية، كما يلتزم بالحياة العملية؛ فعندما يتحدث عن التعامل مع الأطفال أو النجاح في العمل أو أي موضوع آخر، فإنه يجيب بشكل واضح ومحدد عن سؤال: ماذا أفعل؟ وكيف؟
"نشعر أنه يهتم بنا، وبحياتنا" يلخص (إيريسان) -وعمره 22 سنة- سبب قدومه من العاصمة جاكرتا إلى باندونح التي تبعد مسافة 4 ساعات بالسيارة، خصيصا ليستمع إلى الأخ جيم.
أما (زوتشال منصف) وعمره 46 سنة، فيصف الأخ جيم قائلا: "طريقته سهلة جدا، ويمكن لأي شخص بسيط مثلي فهمه". و(يني إيرين) -32 سنة- تعمل محاسبة، ولا تستطيع أن تنام قبل أن تشاهد إحدى محاضراته المسجلة، وتقول: إنه أثر بحياتها تأثيرا هائلا.
ولا تقتصر شعبية الأخ جيم على عامة الناس فقط، بل تشمل أيضا عددا من رجال الدين في رجال الدين في إندونيسيا، فـ(عمر شهاب) رئيس مجلس علماء المسلمين في إندونيسيا يثني عليه قائلا: "إنه يمثل تيارا جديدا في الدعوة...".
لا يعتمد على الحوار من جانب واحد، وإنما يقوم على حوار يجريه الداعية مع الجمهور "وإذا كانت البساطة تقرب الداعية من الناس فلا شك أيضا أن (الكاريزما) تلعب دورا كبيرا هنا؛ إنها مغناطيس سري يملكه شخص فيحبه الناس، ولا يملكه آخر فينصرفون عنه، والأخ جيم يمتلك هذا السحر.. "أنا لا أستمع إليه، أنا أتبعه".. هكذا يقول أحد الشباب واصفا علاقته بهذا النجم الإندونيسي.
عبد الله جيمنستيار
مواقع النشر (المفضلة)