هذه رسالة أبعثها إليك ولدي الحبيب.. أرسلها على لسان كل والد محب لفلذة كبده.. إنها رسالة عجلى أسطر فيها ما يجيش في نفسي.. مجرد خطرات نفس وآهات حزن وكلمات حب أملاها الواجب وفرضتها المسؤولية الدينية والوطنية التي طوقت بها عنقي ما حييت.. ولدي إنني أعجب من صنيعك أن جعلت بيني وبينك واسطة إنها أمك، لقد قالت لي بالأمس إنك تهم بالسفر إلى خارج المملكة وكان المفترض أن تحدثني أنت بكل ما تريد وجهاً لوجه دون أن تحتاج إلى طرف ثالث يتحدث بلسانك وعنك حتى ولو كانت أمك فأنت اليوم قاربت العشرين ولذا فإنني أتعامل معك تعامل الرجال وربما أشاورك وأداورك..
ولدي إنني لا أعترض على مبدأ السفر فالله عز وجل أمر في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين بالسفر والسير والضرب في الأرض والتأمل في هذا الكون الفسيح، ولكنني أضع بين يديك ولدي خمسة أسئلة لا بد أن تجيب عليها بصدق وصراحة قبل أن تفكر ببدء رحلتك الميمونة:
أولها: ماذا تهدف من سفرك هذا؟ لماذا ستسافر؟ ماذا تنوي أن تفعل هناك؟
أسفرك سفر طاعة أم أنه والعياذ بالله سفر معصية؟ لا أقصد من هذا اتهامك بما هو ليس فيك إن شاء الله ولكني أحذرك أن تقع فيما وقع فيه البعض من الشباب في رحلاتهم إلى خارج المملكة.. لقد واقع بعضهم الزنا وشرب الخمر وربما صار من مدمني المخدرات وهناك من أصيب بالإيدز مرض نقص المناعة المعروف عافانا الله وإياك، ولا أخالك لم تسمع عن شيء من ذلك، وأنا ومثلي كل أب ناصح وصادق مع نفسه وذريته لا نحب أن يكون هذا الصنيع من أبنائنا لا سمح الله..
ثانياً: من هم رفقاؤك في سفرك هذا؟ فالصاحب صاحب والقرين بالمقارن يقتدي، فإياك وإياك وأصدقاء السوء فإنهم يخونون من رافقهم ويحزنون من صادقهم ويرزؤون من سافر معهم، وقربهم أعدى من الجرب، وإن لم تكن على يقين من كلام أبيك فاسأل أولئك الذين درسوا في مدرسة الحياة وصاغتهم صروف الزمن وصهرهم تقلب الحوادث والدهور.
ثالثاً: إلى أين ستسافر لبلاد كفر أم لديار إسلام؟ هل تعرف شيئاً عن المكان الذي ستذهب إليه؟ هل قرأت شيئاً عن عادات وتقاليد الأناس الذين ستقابلهم هناك؟ كيف ستتصرف في الظروف الصعبة التي قد تحيط بك لا سمح الله؟ هل تعرف عنوان السفارة أو القنصلية السعودية في البلد الذي ستذهب إليه؟
رابعاً: كم مدة السفر هذا أتطول أم أنها لعدة أيام؟
خامساً: ماذا يترتب على سفرك هذا؟ أيترتب عليه نقص في الدين وضياع مسؤولية أو تقصير في أداء واجب أم لا؟
بعد أن تجيب على جميع هذه الأسئلة لك أن تستفتي قلبك متجرداً من هواك فإن أفتى لك بالسفر فأنا على استعداد أن أشتري لك التذكرة وأن أبارك خطواتك المباركة بإذن الله.. ولكنني واثق أن ذلك لن يكون لأنني أشك في قدرتك على إجابة الأسئلة السابقة بما يكون مبرراً لسفرك متى كنت صادقاً مع الله أولاً ثم مع نفسك ووالدك ثانياً، حفظك الله ولدي أنت وإخوتك وأخواتك في حضرك وسفرك وأعانك على نفسك وهواك والشيطان والله المستعان.
مواقع النشر (المفضلة)