مسابقة للحمير فقط!! لماذا؟
لدي بعض التحفظ على مسابقة ستجرى في إحدى دول المغرب الشقيق عن أفضل حمار وللدقة افضل حمار من فئة الحيوان فقط. ينبع بعض التحفظ من تعاطفي مع الحمار المسكين جراء حتمية تزايد الحسد عليه من بعض الأجناس غير الحميرية بسبب هذه المسابقة.
تتفرع المسابقة الى عدة مسابقات جزئية هي مسابقة الحمار الأكول والذكي والوسيم والصديق وصاحب الصوت الجميل واخيرا وليس آخرا الحمار المغلوب على أمره وتجمع النقاط في النهاية ويمنح الحاصل على أكثر النقاط جائزة عبارة عن أكياس من الشعير الفاخر المستورد وشهادات تقديرية شبيهة بشهادات الجامعيين العرب تعلق على رقابهم (رقاب الحمير) لعلها تشفع لهم ويحصلون على وظائف تؤمن لهم الأكل والعيش الكريم!!!
مسابقة الحمار الأكول تخصص للحمير المرشحة لأكل أكبر كمية من الشعير في وقت محدد ولا أرى أنها تناسب الحمير فالأكل عندها وسيلة وليس غاية أو لملأ وقت الفراغ عمال على بطال. فالحمير معروفة انها لا تأكل إلا لسد جوعها وتتوقف تلقائيا عندما تشبع ولها أوقات ونوعية محددة من الأكل ولهذا السبب فهي لا تصاب بالتخمة والكسل والبلاهة والكوليسترول.
أما مسابقة الذكاء فالمنافسة ستكون حامية الوطيس ولن يكون هناك فائز وذلك لأن جميع الحمير خلقها الله سبحانه وتعالى على درجة متقاربة من الذكاء فهي لا تدعي شيئا ليس لها ولا تتذاكي وإن دل هذا على ذكاء بحد ذاته. فهي الوحيدة التي تعرف متى ترفس، ومن ترفس وكيف ترفس ومع من ترفس ولا تلقي بنفسها إلى مشاكل لا تستطيع حلها ولا تخفي رأسها في الرمل تذاكيا كالنعامة الغبية التي تثير إعجاب الكثير من أصناف آخرى غير الحمير.
أغرب فقرة من المسابقة هي إختيار أجمل حمار أو حمارة (وهل هناك فرق)، حيث يؤخذ بعين الاعتبار مقاييس صحية وجمالية في اختيار أجمل الحمير والغرابة هنا هي إستبعاد الحمير التي تقوم بعمليات تجميل كصبغ الآذان لجعلها تبدو قصيرة أو تجميل الذيل بأعلام لها طابع سياسي او فكري أو عرقي!! وأشير هنا الى ثقة الحمير الكبيرة بنفسها فهل سمع احدكم عن حمير تذهب إلى صالون التجميل؟ الحمير تعتز بنفسها، ولديها ثقة قوية في تكوينها، ولا تزيف مظهرها.
أما مسابقة الحمار الصديق للإنسان فأعتقد أنها مضيعة للوقت لمعرفة الحمير التامة بأنها وإن رضيت ان تكون لها صداقة مع الإنسان فهي ومن خلال تجارب كثيرة تعرف أنه معروف بالغدر، والخداع، وقد لا تنفع سياسة حسن النوايا معه!
ربما تضحك عزيزى القارئ على فقرة الصوت الجميل من المسابقة ولكن فكر قليلا وقل لي ماذا يعيب الحمير في هذا الجانب؟ هل لأن لها نهيقا عاليا مزعجا؟ في نهاية الأمر الحمير لا تتعمد إزعاج السامعين مع سبق الإصرار والترصد فأقصى ما تسعى اليه هو الإتصال بمن حولها من (حمير) ولا تعرف كيفية إستخدام مواد التلوث الصوتي من ميكرفونات ومكبرات فهذا التلوث من أختصاص فئات غير حميرية تظن أنها أعلى شأنا من الجميع!!
ومن الأمور اللافتة للنظر حول هذه المسابقة انها سوف تأخذ بعين العطف الى الحمير المغلوبة على أمرها والتي تحتاج إلى عناية، فقد أنشأت جائزة لأضعف حمار ولا أدري من سيفوز بها فهي كلها مغلوبة على أمرها بالرغم أن هناك أكثر من 350 مليون آخر مغلوب على أمره أكثر منها.
ولهذه الأسباب التي قدمتها أقترح من هذا المنبر الحميري أن نقنع المنظمين باستحداث مسابقة مماثلة لغير الحمير (واللبيب بالإشارة يفهم) مع تغيير إحدى الجوائز المقترحة أعلاه فلا أحد بحاجة إلى شهادة تقديرية تعلق على الرقبة, عفوا على الجدار, ومن اللباقة أخذ موافقة مسبقة من الحمير على هذه المسابقة الجديدة فمن يدري فربما يتظاهر ويحتج بعضهم بحجة التقليد.
::. نبيل فهد المعجل
مواقع النشر (المفضلة)