وهج الأيام يشع على جنبات السنين متمدداً بدفء المحبة وحرارة المشاعر.. صورة طبيعية لألق الحياة الجميلة بسعادة الأنفس يغمرها الإحساس بمتعة الحياة، جمال التفكير، نقاء الرؤية للفكر والإنسان والوجود، بين مد الأيام وجزرها يتناول المرء صوراً عدة لتراجيديا الحياة بإيقاعها المتناغم مع الوقت والمسافات، تتراكم في أرشيف ذاكرته تجارب مليئة بالفائدة مفعمة بالعطاء..


خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان مفكراً متسائلاً باحثا عن الحقائق متناولا تفسيرات للحياة لألغازها، أسرارها، خباياها، منها مايجد له إجابة في عقله ومفتاحاً في تفكيره ومنها ما يظل غامضاً مستوراً تحت أسرار الخالق عز وجل، كي يسبح الله العظيم في صنعه وإبداعه في خلقه، ليتعلم المرء كيف أن الحياة على تناولها يبقى منها ما لا يدركه البشر في عقولهم ويفسرون كنهه في مدركاتهم المحدودة.. فتتشكل صورة جميلة بين الإنسان والطبيعة وتتضح للإنسان المفكر حقيقة جلية مفادها التدافع بين الكائن الحي الإنسان والكائن الحي الطبيعة منذ ولادة هذه الحياة وتكوينها القديم.


صنع الإنسان له مجداً تليداً وعمر الأرض بما وهبه الله عز وجل من عقل وعلم وإدراك، إلا أنه وقف عند أسرار عظيمة للحياة لا يفك معادلاتها إلا خالقها فلا يلبث الإنسان المفكر إلا أن يسبح الله على ما خلق وأبدع وصور..


*ماعلاقة أسرار الحياة بسعادة الإنسان في حياته؟.


هي علاقة العقل والروح, التفكير والإحساس, الإعجاز والإيمان، علاقة بين هبات الله سبحانه وعطاياه لخلقه والمؤمنين بها والمتأملين من ذوي الأفئدة الطاهرة والعقول النيرة، الذين لا تبعدهم عجلة السنين وحطام الماديات عن المسافة بين عقولهم وأرواحهم، فيتأملون ما خلق الله من عجائب الحياة وبديع صنعه فيها، علاقة بين أسرار الطبيعة وجمالها وفنها وإعجاز الله فيها وبين أولئك الذين ارتقت أنفسهم وسمت عقولهم وارتفعت أرواحهم فيرون ما لا يراه غيرهم من بقايا الناس الذين تعطلت آلة التفكير لديهم وانزووا في جحور مظلمة وأعشاش بالية ترهقهم فيها ألوان الظلام الكئيبة فلا يرون نوراً ولا ينشدون بصيصاً.


في كل صباح تشرق فيه الشمس تنادي الحياة بدفئها بجمالها بفتنتها بإشراقتها برونقها عقل الإنسان وروحه كي تسمو به وترتفع بمدركاته عن غوائل النفس وشرورها، تريد منا أن نعيش محلقين لا منغلقين مرفرفين بالإيمان لا مسرفين بخطايا الشيطان، أليس للإنسان رسالة يسعى لتحقيقها ؟ فما هي رسالته إذن غير عمارة الأرض بطاعة الله وعبادته.. هذه الرسالة الطاهرة التي تمنحه الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة وتعطيه فرصة ثمينة في عمره لكسب سعادة الدارين والنجاح في الحياتين.


لقد أرهقت الحياة أناساً كثيرين، وما أرهقت الحياة مؤمناً إلا بما كتب الله له من القدر وما أخلفه من الفضل والأجر.


تمر السنوات صعبة شاقة على أصناف من الناس لم يسيروا في دروب النجاح، نجاح القلوب وفلاحها وسلامة العقول وصلاحها، جل ما يفكرون عرض من الحياة الدنيا يصرفون له أوقاتهم الثمينة وما أدركوا أن الأرزاق أقدار مقدرة يسعى لها المسلم ويبذل السبب لا أن يصرف وقته عن الهمم العظيمة للحياة من أجل ظل زائل.


كل امرئ يتمنى في حياته النجاح والسعادة والصحة والسلامة والنعيم والخير والراحة, وهذه بلا شك أمنيات معقولة يقاتل من أجلها معظم البشر واتفق الإنسان مع الإنسان في مختلف ثقافات الدنيا على جدية المطلب وحتمية العمل واهمية الوجود.


بيد أن للأهداف سبلاً لتحقيقها وللأماني طرقاً للوصول إليها انشق الناس إلى أقسام وصنوف وألوان لتحقيق هذه المآرب، والسعيد في حياته من سار في الدرب السليم وسلك المسلك الصحيح، كي لا تشق عليه الرحلة ولا يتعبه المسير.


في رحلة العمر البعيد

وخطوة المرء العنيد

بحر سترسو الأمنيات

عليه في وقت مديد

فلا تشق النفس في

بحر الأماني والوعيد

وانظر إلى الطير المحلق

في السماء وكن سديد

وعش حياتك غانما

ولتظفر العيش الرغيد

فالنفس في موج الحياة

تدافع البحر الشديد

فالماء يطفئ جذوة

والنار أصهرت الحديد

ماء التسامح والحياة

ولاسوى الماء يفيد


كن مشرقاً في حياتك، محلقاً في سمائك، خيراً في عطائك، بحراً في جودك، ملكاً في تفكيرك، بطلاً في مسيرتك، اصنع لحياتك مجداً وستظفربإذن الله، لا تكن من ذوي الهمم الضعيفة واخطب لنفسك حياة شريفة، استمتع بما وهبك الله عز وجل فأنت قوى لا يقهرك إلا ضعف نفسك، وتأكد أن الحياة للأقوياء بالله عز وجل..


وأخيراً.. اجعل عقلك حديقة غناء بالخير الوارف ولا تزرع فيها السموم والشرور.