يندر أن تجد بيتاً من بيوت الناس ليس فيه بنت أو أكثر، ومن المعلوم أن رعاية البنات والحفاظ عليهن أكثر رهقاً من الأبناء لذلك رتب الإسلام على تربية البنات أجوراً عظيمة حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل من بعض القوم: واثنتين يا رسول الله: قال واثنتين).
إلا أنه من المؤسف أن بعض الناس يحصر الإعالة والإحسان للبنات في الجوانب الحسية من المأكل والمشرب والملبس ونحو ذلك، ويغفل جوانب العطف والحنان، والأمور القلبية والنفسية، من الجلوس معهن، والتبسم لهن والإنصات لحديثهن وتلمس حاجاتهن ومعالجة مشاكلهن، ذلك أن هذه الأمور أهم من سابقاتها مما يستطيعه جميع الناس، إذ إنه ما ضحك على كثير من بنات المسلمين حتى وقعن في شبائك الغزل والفحش إلا بعد خلو بيوتهن من تلك الرعاية، فلا تجد الواحدة منهن تسمع كلمة عاطفية تشبع نفسها من أب ولا أم فتجدها تبحث عن ذلك عن طريق الهاتف، فيصطادهن ذئاب لا يرقبون في حرمات المسلمين إلاً ولا ذمة.
ومن الخطأ في الفهم أن يظن ظان أن الأجر العظيم المترتب على رعاية البنات يناله من قصر في تربية البنات وتعليمهن أحكام الشريعة، ومن ترك لهن الحبل على الغارب فلم يبين لهن أهمية الطهر والعفاف ولم يراقب أعمالهن ولباسهن، فلا يدري أين يذهبن ولا مع من يركبن، وقد ملأ بيته بأنواع من الموبقات التي تلهب الغرائز وتثير الشهوات، وتدعو إلى المعاصي حتى يكسب هو بانحراف أولئك البنات ثم يلوموا المجتمع في ذلك.