تعصب الأكاديميين حوَّل العملية التشكيلية لطلاسم
اعداد : طاهر محمد علي
اعتبر الفنان التشكيلي المهاجر عادل كبيدة ان الابداع التشكيلي لا يأخذ قيمته، ومعناه إلا اذا تجاوز الواقع باضافات غير مسبوقة تبرر وجوده وجديته، متجاوزاً آلام الغربة، والاستلاب الثقافي، مشيراً الى ان العودة للتراث هي تعبير صادق عن آمال وطموحات مجتمعاتنا، مؤكداً ان حوار الوسائط الشعبية لابد ان يتمثل في اعادة البناء الفني باشكال جديدة مرتبطة بالواقع الثقافي، والرؤى الفكرية والجمالية.
ويزمع كبيدة الذي يتخذ من القاهرة مقراً لهجرته التي بلغت حوالي (17) عاماً عن السودان، يزمع العودة الى ارض الوطن لتنفيذ مشروع جداريات لمدينة ام درمان تحت مظلة حوار الوسائط الشعبية، ولكبيدة مشاريع فنية اخرى نتناولها في حوارنا معه:
التقاه في القاهرة: طاهر محمد علي طاهر
* ماذا تعني بفكرة الحوار مع الوسائط الشعبية؟
- العملية الابداعية التشكيلية اخذت منحى صفويا وطبقيا، ومن خلال منحاها ذلك نبعت عندي فكرة تجربة اسميتها بحوار الوسائط الشعبية، لأنها تقوم على رفع حالة الغربة عن النفس، والتحرر من الاستلاب الثقافي الذي نعيشه في عصر العولمة منذ بدايات القرن الماضي، وهي دعوة مكملة لدعوة كثير من المثقفين والمبدعين في ما سمى احياناً بالاصالة، والمعاصرة، والعودة الى التراث.. في السودان لدينا تجربة (مدرسة الخرطوم) وهي تجربة انتمت للتراث الانساني بشكل واسع، وكانت جزءا من افرازات وثقافة ذاك الزمان.
وحتى ننتمي للمرورث لابد من العودة إليه، والغوص في اعماقه، واجترار المخزون البصري، واعادته الى الواقع.
* باعتقادك ما الذي يميز تجربتك الفنية؟!
- كان لابد لي ان ابحث عن اسلوب اعمق، ومنهج آخر غير الذي انتهجه السابقون في مجال الرسم للموضوعات الشعبية، وعرضوه بشكل واسلوب رسم على الاطار، واعيد الى صالات العرض من جديد، وآخرون اتخذوا منه اداة ليعيدوا تجسيده مرة اخرى على نفس الاطار و(الفريم).. محاولتي كانت للتقارب مع او استلهام التراث باعتباري ابن هذا العصر التكنولوجي، فلا يمكن أن يكون الكف رمز الحسد عندي، وحتى القناعات بالحسد، والخوف من العين تغيرت، فكان لابد من الالتصاق بالمجتمع عن طريق وسائل اخرى تفتقت لفتح الحوار مع الوسائط الشعبية المختلفة، عسى ان تتجاوز مفهوم الاطار، وتجربتي حتى الآن داخل المرسم ولا يزال امامها مشوار طويل.
* أنت الآن تطرح مشروعاً جديداً لتحويل مدينة (أم درمان) الى مدينة ثرية بالجداريات؟!
- يعتبر الجدار من اهم الفنون المرئية، البصرية في حياة الناس، وبالعمل في هذا المشروع نكون قد تخلصنا من اهم ما يعزلنا عن جماعتنا ويسمح للفن، والانسان ان يثق في قدراته الابداعية، ويكتشف انه استطاع أن يحقق كثيراً من التعويض للواقع الناقص في حياتنا، وبشكل يمكننا من أن نشارك في عصر العولمة بصدق، ومنتج يستطيع ان يؤثر، بدلاً من سلبية التوجه، كما انه يحقق للفنان روح المبادرة في ابتداع الوان لم يتم مسها من قبل.
تجربة الجدار مضمونها يتجه الى سكان الحي لتغيير وجهة نظرهم تجاه هذا الجدار الاغبش الطيني، والجالوص، والطوب الاحمر، والدرجة القميئة في اللون مساحة كبيرة من احيائنا السكنية، فاذا لفتنا نظر الناس الى انه بقليل من الالوان الترابية يستطيع هذا الجدار ان ينطق بالحياة من جديد، ويمس وجدان الناس، لينهض كل شخص على تلوين حائطه، وباب منزله، ويشكل على الجدران بعض المفاهيم التراثية، والقيم الموروثة. وبالتالي ستتحول المدينة اذا نجح المشروع في التأثير على الآخرين الى متحف (انثربولوجي) حقيقي، نستطيع ان نقرأ منه ثقافة امة، ونكتفي عائدين الى مذكراتنا بدلاً من الطواف حول ثقافات السودان المختلفة، وبالتالي نعيد (لام درمان) قدرتها على صياغة الاشكال القومية التي لعبت دوراً في تكوينها كمدينة تجارية في السابق، ومحط تجمع للثقافات المختلفة.. وتستطيع المدينة ان تعيد الحوار من جديد لتلك الثقافات او عرضها بشكل متحفي، وأم درمان هي فكرة في التأثير على الانسان من خلال ازقتها التي تجمع كل اهل الحي، وبالتالي الحفاظ على البيئة بشكل عام وتزيين الفراغ الذي يعود على الانسان نفسياً بالخير الكثير، ويعدل من مزاجه اليومي.