كيف نبعد الربو عن الطفل؟
الربو من أكثر الأمراض الطفولية المزمنة انتشارا في معظم انحاء العالم.
ويعتقد الخبراء ان نسبة عالية من الاطفال المصابين بالربو قد تصل الى النصف لا يشخص هذا المرض لديهم، وبالتالي فإنهم لا يتلقون العلاج الفعال ضد هذا المرض التنفسي.
وكثيرا ما يكون الوالدان غير مدركين لاحتمال اصابة طفلهما بالربو، أو انهما يظنان بأن اصابة طفلهما باعراض قليلة عابرة لهذا المرض لا تستوجب القلق، وهذا الجهل يؤدي الى تفاقم الحالة، فالدراسات الاخيرة تؤكد بان الاكتشاف المبكر للربو والمعالجة السريعة هما خير طريقة للتحكم في اعراض الربو وتفادي حدوث تلف رئوي طويل المدى عند الطفل، وتتوافر اليوم عقاقير اكثر فاعلية تستطيع منع، لا مجرد وقف، نوبات الربو، واتاحة الفرصة لأن يحيا الاطفال حياة طبيعية تماما.
سبب انتشار الربو على هذه الصورة مازال غير معروف ويعزو البعض هذه الزيادة الى ان الاطباء اصبحوا اكثر مقدرة على تشخيص المرض، وتجيء هذه الزيادة في عدد حالات الاصابة بالربو، في وقت كان يظن فيه ان لابد ان يتناقص، لا سيما ان تلوث الهواء في بعض البلدان اخذ في النقصان، وصارت البيئة اقل سمية، مما يزيد من عمق هذا اللغز الطبي، انه على الرغم من حقيقة ان التلوث الهوائي هو المهيج الاكبر للربو، فان بعض البلدان الاكثر تلوثا، تكون نسبة الاصابات بالربو فيها اقل عددا.
ومما هو ادعى الى السخرية والحيرة معا ان الافراط في النظافة ومراعاة اسباب الامان، ليسا من العوامل التي تحول دون الاصابة بهذاالمرض.
فالجملة المناعية عند الطفل يجب ان تتدرب على المقاومة، واختلاطه الى حد ما باطفال مصابين يكسبه هذا التدريب.
السبب الأرجح
ان التفسير الارجح لانتشار الربو، هو ان اطفال هذه الايام اقل حركة واكثر التصاقا بأجهزة الكمبيوتر والتلفزيون. والمنزل، كما هو معروف، حافل باسباب التحسس الكامنة في ذرات الغبار المنزلي المشحون بالسوس المجهري، وقشور شعور الحيوانات الاليفة، والعفن ودخان السجائر، بل وروث الصراصير احيانا، كما ان المنازل تبنى في هذه الايام بشكل يحفظ الحرارة شتاء، ويمنع تسرب حرارة الجو الخارجية صيفا، مما يعني تهوية اقل.
اطفال اليوم ايضا اقل حركة واكثر خمولا، وهذا يؤدي الى اصابتهم بالبدانة التي تزيد احتمالات اصابتهم بالربو.
وبالنظر الى ان العلامات المنذرة بالربو شبيهة بالعلامات المرافقة لامراض اخرى اقل ضراوة مثل الاصابات التنفسية كالرشح والتهاب الحلق، فان اعراض الربو كثيرا ما تخفى على الطبيب، فان كثيرا من الاباء تعلموا ان الازيز هو العارض الذي يميز الربو ولكن المعروف الآن ان السعال عندما يزمن هو اقوى دليل منذر بالاصابة بالربو.
والواقع ان هناك عدة اسباب تؤدي الى عدم تشخيص احدى الحالات بأنها اصابة ربو، وبالتالي لا يعالج المريض بعلاج الربو طبعا.
ومن المهم ان يعرف الوالدان ان طفلهما مصاب بالربو لان الطفل المصاب باعراض، مهما كانت خفيفة، معرض لنوبات عنيفة من الربو، فلو ظن الوالدان مثلا ان طفلهما مصاب بالتهاب شعبي بسيط ثم تعرض الطفل بعد ذلك لنوبة عنيفة من الربو فانهما يكونان جاهلين لكيفية التصرف في هذا الوضع.
خطأ التشخيص
اكثر الاطفال تعرضا لخطأ التشخيص هم الرضع، لان الازيز والسعال شائعان جدا بين الاطفال الصغار وسبب ذلك راجع الى ضيق مسالكهم الهوائية، ومع ذلك فان الربو لا يرحم الكثيرين من الرضع والاطفال الدارجين على السواء.
ان اصابة طفل دون العام الثالث من عمره بأربع نوبات او اكثر من الازيز، تدل في العادة على وجود الربو.
وكثيرا ما لا يكون الوالدان مدركين بان طفلهما مهيأ وراثيا للاصابة بالربو، فاذا كان احد الابوين يعاني اي شكل من اشكال الحساسية أو الربو، يزداد احتمال اصابة طفلهما بهذه الامراض، وحوالي 80% من الصغار المصابين بالربو، يعانون ايضا انواعا اخرى من الحساسية، ويتمتع الخبراء الآن بفهم اوضح عن كيفية حدوث الربو، واسباب حدوثه، كما حدث تغير هائل في طريقة العلاج الموصى بها، فقد كان الاطباء يظنون ان نوبات الربو ترجع اسبابها في المقام الاول الى ضيق في العضلات المحيطة بالانابيب الهوائية، وكانوا يستخدمون الموسعات القصبية Bronchodilators وهي اكثر ادوية الربو استعمالا، لانها تعمل بسرعة على تخفيض اعراض المرض بجعلها العضلات ترتخي وتتوسع، غير ان الابحاث الاخيرة بينت ان السبب الفعلي للربو هو التهاب كامن في داخل المسالك الهوائية، يؤدي الى انكماش الانابيب العصبية الى الداخل واحداث زيادة في السوائل المخاطية، وهذا يضيق حجم الفراغ المتبقي لتدفق الهواء.
وللقضاء على التهاب داخل المسالك الهوائية يصف الاطباء اليوم لمرضى الربو عقاقير استنشاقية من السيترويدات القشرية corticosteroids التي تقلد عمل الهرمونات الطبيعية التي يفرزها الجسم لمقاومة الالتهابات.
الوقاية خير من العلاج
تنص ارشادات الجهات المختصة في برامج التثقيف الصحي والحيلولة دون النوبات الربوية، على ان يقوم الاطفال المصابون بالربو الذين تصيبهم اعراضه ثلاث مرات على الاقل اسبوعيا، باستنشاق العقاقير السيترودية يوميا، وفي حين ان الاطفال يظلون مع ذلك محتاجين الى عقاقير توسيع القصبات الهوائية لوقف النوبات، فان الاستعمال المنتظم للسيترويدات الاستنشاقية يحول دون حدوث النوبات في المقام الاول.
وربما كانت للسيترويدات القشرية فوائد اضافية، فالربو الذي لا يصار الى التحكم فيه دوائيا، يمكن ان يسبب ندوبا دائمة بالانابيب القصبية، مما يزيد الامر سوءا.
وتوصي نتائج الابحاث بان استنشاق المريض للسيترويدات خلال عامين من الاصابة بالمرض قد يمنع، بل ويعيد عملية التندب، التي يعتقد الخبراء بانها تصيب المريض حتى في الحالات الخفيفة من الربو.
والى عهد قريب كان الاطفال دون الثالثة من العمر يمنعون من استعمال السيترويدات الاستنشاقية، وغالبا ما كان يوصف لهم عقار كرومولين Cromolyn وهو عقار مضاد للالتهاب اخف مفعولا، يجب اعطاؤه للأطفال الصغار اربع مرات يوميا.
غير ان ادارة الغذاء والدواء الاميركية، اقرت في العام الماضي استخدام صيغة جديدة من السيترويدات الاستنشاقية للأطفال في الشهر الثاني عشر من العمر فما فوق، تستعمل يوميا بمعدل مرة واحدة او مرتين فقط. وقد احدثت هذه العقاقير الجديدة ثورة في مكافحة الربو عند الاطفال والرضع والدارجين.
محاذير
ان الاطفال الذين تنتابهم نوبات متقطعة من الربو بمعدل مرتين في الاسبوع او اقل من ذلك لا ضرورة لاعطائهم عقاقير سيترويديه استنشاقية، بل يكفي ان يتفادوا مسببات التحسس في داخل المنزل. وتبين احدى الدراسات الحديثة ان التخلص من الحيوانات المنزلية الاليفة وتجنب دخان السجائر وما الى ذلك من مهيجات الربو من شأنه تخفيض شدة الاعراض بنسبة قد تصل الى 40% لدى الاطفال دون السادسة من اعمارهم والمصابين بالربو.
واخيرا فإن تفادي الربو ومقاومته ليسا من اختصاص الاطباء فقط، بل ان هنالك دورا مهما يجب ان يضطلع به الآباء والامهات، واطفالهم ويجب على الوالدين اولا ان يفهما سبب او اسباب حدوث الربو وكيف يمكن التحكم فيه ومعالجته وتفادي اسبابه.
المهيجات الرئيسية للربو هي:
-1 مسببات التحسس: غبار الطلع، شعر الحيوانات الاليفة، سوس الغبار العفن، الصراصير.
-2 الانشطة: التمارين العنيفة، الضحك، الصراخ، البكاء.
-3 للرضع: الدخان (من السجائر او الحطب)، العطور، الرذاذ روائح المواد الكيميائية.
-4 الامراض: الرشح، الانفلونزا، اخماج الجيوب الوجهية.
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)