"مدرسة الماضي" نظرة على التراث
حياة بسيطة وخبرة طويلة رسمت ملامحها وحفرت خطوطها على وجوه أجدادنا، تعلموا في “مدرسة الماضي” ودخلوا إلى “خيمة المطوعة” لتلقي العلم وحفظ القرآن، مسافات طويلة قطعوها أرهقت أرجلهم، وشمس حارقة لوّنت بشرتهم، وحقيبة بسيطة كانت كنزهم، طعام ودفاتر وأقلام وحفظ كتاب الله كان حلمهم، تلك الصورة القديمة لم تكن سوى نظرة إلى الوراء والتعليم في القدم وكيف تطور عبر الوقت إذ ما قورن بين محصلي العلم منذ سنوات ليست بالبعيدة والمقبلين على العلم اليوم، كانت المدرسة القديمة تضم بين جنباتها الفتيان والفتيات يتلقون العلم سوياً ويلعبون معاً ويكبرون معا متسلحين بالعلم والدين في آن واحد.
هي صورة نمطية رسمتها دائرة التنمية الاقتصادية ضمن فعاليات مفاجآت العودة إلى المدارس لتكون إحدى الفعاليات المهمة كمجسد حقيقي للتعليم الإماراتي في السابق، حيث تم تجسيد تلك اللوحة القديمة في خيمة بسيطة مُقسّمة ومُطعّمة بالخوص الخارج من حضن الأجداد ومفروشة بالسجاد، وفي المنتصف جلسة بسيطة تجلس عليها “المطوعة” وهي تلقن الأولاد العلوم والمعارف وتُحفظهم القرآن الكريم مُقسّمة الوقت إلى حصص من نوع خاص بينها استراحة قصيرة لتناول الطعام، فإلى جانب أنها تقوم بتحفيظ الأطفال أجزاء من القرآن الكريم وبعض أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم)، كانت بمثابة الأم لهم جميعاً فهي حازمة غير قاسية، وحانية من دون ارتخاء، لها العديد من الوسائل الخاصة في التأديب والتعليم اكتسبتها بالفطرة ومن الطبيعة الإماراتية واستطاعت من خلالها تخريج رجال أشداء يقدرون العلم ويسعون إليه.
ولم تكن تلك الخيمة البسيطة سوى ترجمة وفرصة رائعة ليتعرف الأطفال وذووهم إلى النمط القديم من التعليم والذي يعد جزءاً مهماً من تاريخ الدولة وتراثها، كما أنها وسيلة للمقارنة بين ما ينعم به أطفالنا هذه الأيام من تعدد في أشكال المدارس، وتنوّع المناهج ورفاهية المباني وبين ما كان يعانيه الطلبة في الماضي في سبيل الحصول على العلم والمعرفة وإدراكهم بضرورة تطبيق الحديث النبوي الشريف “اطلبوا العلم ولو في الصين”، فربما كان المكان ضيقاً بعض الشيء ولا يوجد فيه وسائل ترفيه إلا انه مكان حقيقي خرّج علماء وأساتذة احتلوا أعلى المناصب.
مواقع النشر (المفضلة)