يعتنق اكثر من ثلاثة آلاف وستمائة فرنسي الأصل الاسلام سنويا. اي انه مع بزوغ كل شمس يعلن اكثر من عشرة فرنسيين اسلامهم وينطقون بالشهادتين.. هذا ما نقلته صحيفة لا كروا الكاثوليكية عن ديديه ليسشي مسؤول مكتب الديانات في وزارة الداخلية الفرنسية، الذي اشار الى ان اعتناق الديانة الاسلامية ليس مسألة جديدة في البلاد. ولكن الظاهرة اليوم هي ان معتنقي الاسلام من الفرنسيين هم من الشباب.. بينما كانت في الماضي محصورة في اوساط المثقفين المتأثرين بالصوفية.
وفي هذا الوقت يتأثر الفرنسيون باصدقائهم ورفاقهم في المدرسة او في الحي. فواحد من ثلاثة من معتنقي الاسلام اعلن شهادته بفضل علاقاته مع اصدقائه المسلمين من سكان الضواحي الفقيرة.
الروحية
ويشير ايريك يونس جوفروا استاذ مادة الاسلام في جامعة ستراسبورغ، الذي اسلم في عام 1984 متأثرا بالصوفية، الى انه حتى منتصف التسعينات كان معتنقوا الاسلام من الفرنسيين يمرون في مختلف الديانات بحثا عن الروحية ثم يجدون الاستقرار لدى اشهار اسلامهم. اما اليوم فإن الوضع قد تغير حيث ا ن هناك عددا كبيرا يشهر اسلامه داخل السجون. وقسم من هؤلاء يتجه نحو الاسلام المتطرف.
أنواع الدخول في الإسلام
ويقول لوييك لو باب في اطروحة الدكتوراه التي ناقشها في المعهد العالي للعلوم الاجتماعية في مارسيليا، والمخصصة لدراسة بعض حالات الدخول في الدين الاسلامي، يقول: هناك اربعة انواع من معتنقي الاسلام من اصل فرنسي.
الاول ثلث هؤلاء يعتنقون الاسلام الزاهد او الصوفي، والثلث الآخر بسبب محاكاتهم اليومية للمسلمين، كالتضامن معهم خلال شهر رمضان، فهناك عدد من التلامذة الفرنسيين يبدأون الصيام قبل ان يصبحوا مسلمين وثلث هؤلاء يعلنون اسلامهم للتمكن من الزواج بالفتيات المسلمات.
وقسم من هؤلاء لا يعتنقون الاسلام عن قناعة حقيقية. بل لاسعاد حبيباتهم او عائلات زوجاتهم.
والنوع الرابع هم من معتنقي الاسلام المتطرف وبعض هؤلاء يدخلون في الاسلام لانهم يرفضون المجتمع الغربي. واسلامهم اشبه بالذي يدخل في حزب سياسي. ويقول برونو عبدالحق غيدرون عالم الفيزياء والفضاء، الذي اسلم قبل عشرين سنة، ان اسلام بعض الفرنسيين هو بمنزلة من يريد ان يظهر تمايزه عن الآخرين.
البحث عن الحقيقة
ويشير امام مسجد مدنية ليون كامل قبطان الى ان الفرنسيين الذين اسلموا بفعل الصداقة مع رفاقهم المسلمين يدخلون الى الاسلام للبحث عن علامات ومؤشرات لهم تقودهم في حياتهم، ويجدون في الدين الاسلامي الاجوبة عن الاسئلة التي يطرحونها.
مثل العائلة والسلطة الأبوية، وهم بعد إسلامهم يشعرون في المسجد بأنهم محاطون بالمحبة والرعاية.
ويلفت ايريك يونس جوفروا النظر الى ان المنظمات الإسلامية الفرنسية تجد صعوبات للتأقلم مع الشباب الفرنسيين المنتمين حديثا الى الإسلام.
ويخرج عن هذه القاعدة بعض المساجد مثل مسجد باريس الكبير الذي اعد دورات وبرامج لهؤلاء تتضمن الدورس الدينية الخاصة بهم، ويتعين على المسلمين خوض امتحان يحصلون بموجب نتائجه على افادة باعتناقهم الإسلام.
ويقدم مسجد مرسيليا عدة محاضرات للفرنسيين الراغبين في اعتناق الإسلام قبل ان يدلوا هؤلاء بالشهادة، وهناك محاضرات خاصة بالفرنسيين أو الفرنسيات من الراغبين في الزواج من مسلمات أو مسلمين، يقول امام مسجد مرسيليا، الذي يعرب عن دهشته، ان هؤلاء يجهلون حتى قواعد ديانتهم المسيحية.
ظاهرة جديدة
وتقول الباحثة الفرنسية جوسلين سيزاري والمدرسة في مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة هارفارد الاميركية، انه تصعب معرفة مااذا كان عدد معتنقي الاسلام قد زاد في السنوات الاخيرة ام لا، لان الظاهرة في اوروبا وفي الولايات المتحدة موجودة منذ الستينات، ولكن الاكيد هو انه بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 بدأت الانظار تسلط على هؤلاء.
وقالت ان ظاهرة الدخول في الاسلام كمشروع سياسي تأخذ اهمية اكبر من الماضي، فأمام غياب الاجوبة عن الاسئلة التي يطرحها بعض الشبان، حول النتائج السلبية للعولمة والعدالة الاجتماعية، فإن هؤلاء يبحثون عن الاجوبة في الاسلام.
بعض المشاهير الفرنسيين ممن اعتنقوا الإسلام
الاكثر شهرة الآن هو فرانك ريبيري (23 سنة)، الذي التحق اخيرا بالمنتخب الفرنسي لكرة القدم وشارك في بطولة كأس العالم، وهو متزوج من وهيبة وهي من اصل جزائري، اعتنق الاسلام خلال فترة مراهقته.
وقبل كل مباراة يصلي على ارض الملعب ويقول ان الدين الاسلامي يعطيه القوة.
وهناك لاعب كرة قدم آخر لا يقل شهرة عن ريبيري وهو نيكولا انيلكا (27 سنة)، اعتنق الاسلام في سن الحادية عشرة من عمره، عندما كان يتدرب في نادي باريس سان جرمان.
مواقع النشر (المفضلة)