مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 14

الموضوع: **كيف نصل للسعادة**

  1. #1
    ... عضو مميز...


    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    256
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي **كيف نصل للسعادة**

    السعادة التي يعبّر عنها شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ في أوج إحساسه بها: "ما يفعل بي أعدائي؟ إن سجني خلوة، وإن قتلي شهادة، وإن تشريدي سياحة في سبيل الله".



    إن فقدان السعادة من قلب المرء، يعني بداهةً، حلولَ القلق والاضطراب النفسي في شخصه، فتجتمع عليه السباع الأربعة، التي تهد البدن وتوهنه، فضلا عن كونها تحلق سعادته وتقصر اطمئنانه، ألا وهي الهم والحزن والأرق والسهر .
    ولا أشد ـ عباد الله ـ، من وقوع الهم في حياة العبد، إذ هو جند من جنود الله ـ عز وجل ـ سلطه على من يشاء من عباده ممن كان ضعيف الصلة بالله، خوي الروح، مرتعا للمعاصي والذنوب وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَـاواتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [الفتح:7].
    ولقد سئل علي بن أبي طالب وأرضاه: من أشد جند الله؟ قال: (الجبال، الجبال يقطعها الحديد ؛ فالحديد أقوى، والنار تذيب الحديد؛ فالنار أقوى، الماء يطفئ النار؛ فالماء أقوى، السحاب يحمل الماء؛ فالسحاب أقوى، والريح تعبث بالسحاب، فالريح أقوى والإنسان يتكفأ الريح بيده وثوبه؛ فالإنسان أقوى، والنوم يغلب الإنسان؛ فالنوم أقوى، والهم يغلب النوم؛ فأقوى جند الله هو الهم يسلطه الله على من يشاء من عباده).
    فالمفهوم إذاً ـ عباد الله ـ أن السعادة والطمأنينة عطاء من الله ورحمة، كما أن الهم والقلق والضيق غضب من الله ومحنة، فقد يلتقي الملتقيان يتواجهان النفس بالنفس، وبينهما من الفوارق كما بين السماء والأرض، بل وفي أحلك الظروف، وحين تدلهم الخطوب يظهر البون شاسعا بين موفق سعيد يغبط، وبين هلع جزع يتعوذ بالله من حاله، ولقد ذكر الله مثل هذا في كتابه الحكيم عن غزوة أحد حينما ألقى النوم والنعاس على المؤمنين، في حين أن القتال قائم بعد سويعات ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مّن بَعْدِ ?لْغَمّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى? طَائِفَةً مّنْكُمْ [آل عمران:154]. النعاس في هذه الحال دليل على الأمن والأمان، لمن كانوا جازمين بأن الله سينصر رسوله، وينجز له مأموله، ولهذا قال عن الطائفة الأخرى وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقّ ظَنَّ الْجَـاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الاْمْرِ مِن شَىْء [آل عمران:154]؛ أي من القلق والجزع والخوف، وهذا شأن أهل الريب والشك، يعيشون بين (لو) المتندمة و(ليت) المتسحرة.
    عباد الله، إن السعادة عبارة يتوهم معظم الناس في تفسيرها ولا يتفقون عليها، يجلبون بخيلهم ورجلهم على ما يتوهمونه، ثم يعودون بخفي حنين وكأنهم خرف يكلم الأشباح، أو يطعن في الرياح، فصاروا كطالب اللؤلؤ في الفلاة، مجهود البدن كسير النفس خائب الرجاء. فظن الغني منهم أن سعادته كامنة في صحته وعمارة قصره، وتوهمها الفقير في الثروة والملبس الحسن، وأكد السياسي أنها في تحقق الأهداف، والمهارة في جعل الجور عدلا والقوة شرا، وجزم العاشق على أنها في الوصال، والتيم بمعشوقه، وعند فلان كذا وعند علان هي ذا...
    ولكن المنصف الملهم ـ عباد الله ـ حينما يبرق بعيني بصيرته، ليعلم يقينا سخف التخمين وسحق الهوة التي يقع فيها أصحاب الأوهام المعلولة ؛ فإذا بالغني يرى أن قصره المشيد قد شاطره السعادة الموهومة فيه، خدمه وحشمه بل وكلب حراسته وفيله، فتأكد له جيدا، أن السعادة لا تتمثل في بناء الدور وتشييد القصور، وإذا بالفقير المرهق، ينظر إلى أصحاب الثروة واللباس الفاخر ملتاثين بطيف سعادة، إنما هي رجع ضوء منعكس على سحابة عما قريب ستنقشع؛ فيقول في قرارة نفسه: هذا القطن الذي يلبسونه، كان في الغابة على الأشجار، والحرير الذي يباهون به في بطن دودة تعيش في الأوكار، أما الحلي الذي يلبسونه فقد كان وسط أحجار ينقلها بغل أو حمار، فيتيقن حينئذ أن السعادة الحقة، قد تمثلت في مثل شخص الفاروق في حين إن البردة تكسوه مرقعة، والزيت أدم له والكوخ مأواه، ومع ذلك يهتز كسرى على كرسيه فرقا من خوفه وملوك الروم تخشاه.
    فالسعادة إذاً ـ يا رعاكم الله ـ، ليست في وفرة المال ولا سطوة الجاه، ولا كثرة الولد، ولا حسن السياسة، السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشترى بالدنانير، لا يملك بشر أن يعطيها، كما أنه لا يملك أن ينتزعها ممن أوتيها.
    السعادة دين يتبعه عمل، ويصحبه حمل النفس على المكاره، وجبلها على تحمل المشاق والمتاعب، وتوطينها لملاقاة البلاء بالصبر، والشدائد بالجلد، والسعيد من آثر الباقي على لفاني إِنَّ ?لَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـانُ وُدّاً [مريم:96]. ذالِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَـائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
    السعادة ـ أيها المسلمون ـ، هي الرضا بالله والقناعة بالمقسوم والثقة بالله واستمداد المعونة منه، من ذاق طعم الإيمان ذاق طعم السعادة، قال رسول الله : ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا)) [رواه مسلم][1].
    ولذا فإن من أضاع نعمة الرضا، أصابه سُعار الحرص والجشع؛ فهو يطمع ولا يقنع ويجمع ولا يدفع، يأكل كما تأكل الأنعام، ويشرب كما تشرب الهيم، ولقد صدق رسول الله ؛ حيث يقول: ((من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله)) [رواه الترمذي][2].
    ولقد كتب الفاروق إلى أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنهما ـ يقول له: (أما بعد، فإن الخير كله في الرضى، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر).
    إذاً يا عباد الله، لا تخش غمًّا ولا تشكُ هماً، ولا يصبك قلق مادام أمرك متعلقا بقول الله ـ جل وعلا ـ في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)) [رواه البخاري ومسلم][3].
    بهذا الحديث وأمثاله بدت السعادة في وجوه السعداء، والتي يعبر عنها من أحس بنشوتها من أئمة الإسلام فيقول: "إننا نحس بسعادة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بحد سيوفهم".
    السعادة التي يمثلها من يغدو في خمائلها ويقول: "إنه لتمر علي ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذاً في عيش طيب".
    إن أمثال هؤلاء هم الذين ابتسموا للحياة حينما كشرت عن أنيابها، واستقبلوا الآلام بالرضى والتسليم، اللذين يحولانها إلى نعمة تستحق الشكر والحمد، على حين أنها عند غيرهم مصائب تستوجب الصراخ والعويل.
    فإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية، فإن الإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، هو ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها الَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ امَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ طُوبَا لَهُمْ وَحُسْنُ مَـئَابٍ [الرعد:28، 29].
    فاعلموا عباد الله أن لفقدان السعادة أبوابا ينبغي إحكام إغلاقها وكشف عوراتها، فمن ذلك الغناء مزمار الشيطان، ورقية الزنا، الذي ينبت النفاق والقلق كما ينبت الماء الكلأ، يقول الله فيه: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان:6]. ولقد أقسم ابن مسعود ثلاثا على أنه الغناء.
    كما أن من مهلكات السعادة، جعل البيت المسلم محلا لمردة الجن وبعد الملائكة، وذلك بنشر الصور التي حرمها الشارع على جدرانه وفي فنائه، ورسول الله يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة))[1]، فما بال الكثيرين يغلقون أبوابهم في وجوه الملائكة ويستدعون أسباب الشقاء والقلق ثم هم ينشدون السعادة بعد ذلك؟!
    وبعدُ ـ عباد الله ـ فإن من أبواب الشقاء: الذنوب والمعاصي التي قال عنها المصطفى : ((إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )) [رواه أحمد][2]. وقد قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في مسنده: "وجد في خزائن بني أمية حنطة، الحبة بقدر نواة التمر وهي في صرة مكتوب عليها: هذا كان ينبت في زمن العدل".
    ولذا ـ عباد الله ـ فإن سعادة القلب، المثمرة بركة الرزق منوطة بالطاعة والتقوى، ولقد جاء عند مسلم في صحيحه في وصف المهدي المنتظر الحديث وفيه: ((ويقيم الدين الذي بعث الله به رسوله، وتخرج الأرض بركتها وتعود كما كانت، حتى إن العصابة من الناس ليأكلون الرمانة ويستظلون بقحفها – أي قشرها – ويكون العنقود من العنب حمل بعير..)) الحديث[3].
    ومن أسباب القلق ـ أيها المسلمون ـ التهاونُ بشأن الصلاة أو التقليل منها، ورسول الله يقول: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة )) [رواه أحمد والنسائي][4].
    (وكان إذا حزبه أمر اشتد عليه لجأ إلى الصلاة) [رواه أحمد وأبو داود][5]. ثم إن ترك الذكر والدعاء والاستغفار، محل للشقاء والهم والحزن، ولذا كان لزاما على من ينشد السعادة ألا يغفل هذا الأمر المهم، بل عليه أن يمسك بزمامه، ويعضّ عليه بالنواجذ، وليستحضر قول النبي : ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)) [رواه أبو داود والنسائي][6].
    ولقد دخل رسول الله المسجد ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة فقال: ((يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟)) قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله. قال: ((أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك)) قال: بلى يا رسول الله، قال: ((قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: الله إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)). وقال أبو أمامة: "ففعلت ذلك، فأذهب الله همي وقضى عني ديني". [رواه أبو داود][7].

    منقووووول منقووووول منقووووول منقووووول

  2. #2
    ][..للعشق مكان وللحب عنوان..][


    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    ساكن في قلوب المحبين
    المشاركات
    1,408
    معدل تقييم المستوى
    2

    افتراضي

    يعطيك العافيه على الموضوع يا غالي

  3. #3
    ][ ..قـلـم مـمـيـز.. ][


    تاريخ التسجيل
    Feb 2005
    المشاركات
    4,552
    معدل تقييم المستوى
    5

    افتراضي

    يعطيك العافيه يا رب

    السعاده كل شخص يتمناه ويسعى اليها

    وانشالله دايما ايامك سعيده يا رب


    تقبل تحياتي

  4. #4
    ... عضو مميز...


    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    256
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي هلااا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    عاصمة مملكة الحب

    arts of love
    شاكر لكم المرور الجميل الذي عطر نقلي ولكم كل الشكر والتقدير ودمتم بخير

  5. #5
    ... عضو مميز...


    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    256
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي هلا

    هلا ومرحبا اخواني
    وين تفاعلكم مع موضوعي المنقول ما شفنا شئ يالله نتريا التفاعل الزين من اعضاء منتدى الزين

المواضيع المتشابهه

  1. نصيحة للسعادة
    بواسطة اميرة العناد في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-10-2006, 02:39 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •