عرفت الكلمة عن طريق القلم ، حينما التقينا لأول مرة على بساط الحرف ، وأمام ديوان الفكر ، تضللنا قواميس اللغة ، ومعاجم الأدب ، ففتنت بجمالها ، وسحرت بأبعادها ، فكانت بداية لورانس مع الكلمة ، وبداية الكلمة مع قلم لورانس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رافقت الكلمة ، وزاملت معانيها ، فكنت أبحر معها ، وكانت تسافر معي من قصور الخواطر ، إلى سواحل المقالات ، وكأننا نبحر في بحر مليء بجواهر المعاني ، وروائع القوافي ، ولكن هذه السفينة لا تعرف لها ميناء ترتاح فيه ، من عناء سفرها ، ولهيب أمجادها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأتيني الفكرة في ضميري ، فأضعها في رف صغير في عقلي ، لأعطيها وقتا في التفكير بها ، ولا أجعل الأفكار الأخرى تزاحمها ، لتصبح في خاطرتي هي المكان والعنوان ، بعد ذلك أقتني الكلمات ، فآخذها كلمة كلمة ، وأتدبرها حرفا حرف ، ثم أغسلها بقلمي ، وآخذها إلى مكان تحت الشمس ، كي تلبس الواقع ، وتعرف خيال الحاضر ، بعد ذلك أكويها لكي تكون في لفظ ساطع ، وتركيب متناسق خلاب ، ثم أرجع إلى الفكرة في عقلي ،فألبسها تلك الكلمة ، ليعانقها القلم ، فيرسمها على صفحته ، لتكون في أبهى صورة ، وأزهى لوحة ، فيكون مكانها الإبداع ، وجائزتها النجاح ، فقد أصبحت مميزة برسمها ، متميزة في معناها ، فالجمال مكانها ، والإمتاع عنوانها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلتني بالأمس رسالة عبر الإيميل من أنثى لا أعرفها ، تقول بأنها تبحث عن التميز والجمال في كتابتها ، ولكنها لا تستطيع أن تصل إليه ، وما علمت تلك الأنثى أن التميز هو حضورها ، والجمال هو كتابتها ، والروعة هي في كلماتها ، ولكن العباقرة لا يرضيهم إلا الإبداع ، فلا يقتنعوا بالرضى القليل ، فإما أن يعانقوا المجد بكامله ، وأن يحلقوا في سماء النجاح ، أو يكسروا أقلامهم ، فلله درها من أنثى تحمل همة التميز والجمال في قلمها ، والإبداع في كتابتها .
[ وإذا كانت النفوس كبارا .... تعبت في مرادها الأجسام ]
ــــــــــــــــــــــــــــــ
في حقيقة الأمر قد تعبت من مجاراة الكلمة ، وربما أتعبت قلمي في رسم كلماتها ، وأتعبت الكلمات من كثرة زياراتي لها ، وربما تاقت تلك الكلمات إلى ذاك الميناء الذي يرسوا بسفينتها ، لأنها قد تعبت من السفر والترحال عبر فكري ومع قلمي ، وهذا من حقها علي ، ومن حقي أيضا عليها ، فقد تعبنا سويا من الوصول إلى درجات الإبداع ، ومراتب النجاح ، ويكفينا فخرا أننا حاولنا وعملنا ، وربما أننا فشلنا ، ولكن هذا ليس معناه نهاية الطريق .
ــــــــــــــــــــــــــــ
تبقى الكلمة هي عنوان كاتبها ، فهي أنشودة القلم في أي زمان ، وإلى أي مكان ، فهوية القلم تلك الكلمة ، وعنوان الكاتب هو القلم الذي نعرف من خلال أمانة الكلمة عليه ، ما هي بيئته ومظاهر روعته وإبداعه ، فالكلمة لها ميزانها في محاكم الإنصاف ، وذكريات العقول ، ومستقبل القلوب ، لأنها تسكن هناك .. في مدارس الحنين ، ومنازل اللغات المنشودة .
أمنياتي
لـورانس
مواقع النشر (المفضلة)