تخلف الطائرات النفاثة أثناء تحليقها، خطا ابيض اللون، والسبب في ذلك يعود إلى امتزاج الانبعاثات الحارة والرطبة التي تخرج من محركات الطائرة النفاثة مع الهواء الخارجي الأقل كثافة وضغطا وحرارة، الأمر الذي يؤدي إلى تكاثف بخار الماء الذي قد يتجمد أحيانا. وعليه تتشكل سحابة تشبه، من حيث المبدأ، “السحابة” التي تخرج من أنفاسنا الحارة في يوم بارد.

يحتوي عادم الطائرة النفاثة على ثاني أوكسيد الكربون وأوكسيدات الكبريت والنتروجين ووقود غير محترق، وسخام، وجزيئات معدنية. ويشكل السخام مكانا لتكثف بخار الماء. بيد أن الآثار البيضاء التي تخلفها الطائرات النفاثة تختلف من حيث سماكتها وطولها ومداها باختلاف ارتفاع الطائرة ودرجة الحرارة والرطوبة في الجو.

وكثيرا ما تشير تلك الآثار إلى حالة الطقس. فالخط الرقيق السريع الزوال يشير إلى انخفاض الرطوبة في الارتفاعات العالية وهذا يدل على الطقس الجيد، في حين تعكس الخطوط السميكة والطويلة الأمد مستوى الرطوبة المرتفع في أعالي الجو، وهذا مؤشر مبكر إلى احتمال هبوب العواصف.

تدور الغازات الممزوجة ضمن السحابة التي تخلفها الطائرة النفاثة بحسب الهواء المحيط بها. وتدعى مناطق الدوران هذه “الدوامات”، ويمكن لأي سطح حاد، كرأس الجناح مثلا ان يسبب دوامة اثناء الحركة ان كان حجمه كبيرا بقدر كاف أو كان تدفق الهواء سريعا بالمستوى الملائم.

ويمكن لهذه الدوامات أحيانا ان تتداخل مع بعضها. ونتيجة تخلخل الهواء الذي ينجم عن اتخاذ الطائرة مسارا غير مستقيم تماما، تشكل الدوامات سلسلة حلقات خلف الطائرة النفاثة. ولهذه الظاهرة أسباب عديدة تعود إلى تباين الحرارة أو كثافة الهواء خلال المسار بسبب طبقات الجو المختلفة.

ومن الممكن ان تتحول الخطوط الدخانية المستقيمة خلف الطائرة، إلى خطوط متموجة لتشكل بعد ذلك حلقات تسبح في أعالي السماء، كما لو أنها صادرة عن سيجار عملاق.

وهناك دراسات تشير إلى احتمال ان يكون لبخار الماء الذي تجمد ضمن الذيل الأبيض الذي تخلفه الطائرة، دور مشابه لظاهرة “البيوت الزجاجية”، التي تسهم في رفع درجة حرارة الأرض، باعتبار أنها تشكل مادة عازلة للرطوبة والغازات في الجو.