يقول ميشيل رواب، استاذ علوم الحشرات في جامعة ميرلاند: تخيل ملكة الفراش وهي تبحث عن الرحيق أو عن قرين في أحد المروج الخضراء، في ظهيرة يوم رطب من أيام شهر يوليو/تموز، ومن دون سابق انذار تهب عاصفة في الأفق تسير بسرعة كبيرة، وما هي إلا لحظات حتى تصفر الرياح ويهطل المطر بغزارة. بالتأكيد ليس هذا هو المناخ الذي تنشده تلك الملكة، فمتوسط وزن ملكة الفراش لا يتعدى 500 ميلي جرام، أما قطرة المطر الكبيرة فقد يصل وزنها الى حوالي 70 ميلي جرام أو ربما أكثر.

وإذا ضربت قطرة مطر بهذا الحجم ملكة الفراش، فإن ذلك يوازي ضرب انسان ببالون ماء وزنه يتجاوز ضعف وزن كرة لعبة البولينج. ولذلك يندر ان نشاهد الفراش اثناء المطر.

يروي لنا المهتمون بعلم الحشرات والقشريات هواة ومحترفون، قصصا عديدة عن العجائب التي يصادفونها اثناء مراقبتهم للفراشات التي تختبئ بين النباتات وأوراق الاشجار عندما تكمد السماء وتقوى الرياح. وليست الأمطار فقط التي تهدد حياة الفراش، فحتى الرياح الباردة تسبب انخفاض درجة حرارة جسم الفراشة وعجزها عن الطيران، لأنها بحاجة الى تحمية عضلاتها بوساطة اشعة الشمس قبل الاقلاع.

المأوى الليلي

كما ان الطقس الغائم يقوض قدرة الفراشة على تجميع أشعة الشمس التي تحتاجها كي تتمكن من الطيران. وعند اصطدام قطرة مطر بفراشة، تواجه الأخيرة خطرا مضاعفا، يتمثل في سقوطها في بيئة خطرة حيث يكون مفترسوها على أهبة الاستعداد لتلقفها، أو فقدانها القدرة على استعادة درجة حرارة جسمها لمتابعة الطيران.

وتلجأ الفراشات الى مأواها الليلي بعد مغيب الشمس بساعة أو ساعتين. وقد يتمثل هذا المأوى في اعشاب طويلة، أو نباتات خضراء، أو داخل قطع خشبية، أو تحت ورقة كبيرة، أو داخل كهوف، وأحيانا تستخدم اشياء من صنع الانسان مثل سور أو سلة. وقد تكون ملاجئ الفراشات في النباتات النامية تحت غصن شجرة يمنع وصول قطرات المطر الى النباتات التي تحته أو الى الفراشة التي تحتمي بها.

ويخلد بعض أنواع الفراش الاستوائي، ومنها فراشة “حمار الوحش” الى مأواها في وقت أبكر من المعتاد في الأيام الماطرة مقارنة بالأيام المشمسة، حتى أنها تنزع الى النوم لمدة أطول في الصباح على أمل ان ينجلي الطقس وتظهر الشمس. وخلاصة القول إن الهم الأول بالنسبة للفراش خلال المطر هو تجنبه تماما بشتى الوسائل حتى بالنوم الطويل. وهي دائمة البحث عن ملاذ آمن ودافئ تعود اليه كلما أمطرت السماء وانخفضت درجات الحرارة.