* «عندما تنضب الأفكار يتحول الأسلوب الرومانسي الى المنقذ» أو بمعنى آخر اسهل طريقة للتغلب على المأزق.
هذا ما قاله مصمم دار لانفان، ألبير الباز، ولهذا السبب تجنب الرومانسية تماما في تشكيلته التي قدمها الاسبوع الماضي، وقدم في المقابل رؤية مختلفة عن المرأة التي ستلبسها: فهي قوية وتعرف ما تريد. وحتى عندما قدم بعض القطع المستوحاة من الأساطير اليونانية القديمة، فانه اصبغ عليها مسحة عصرية، بل ومستقبلية، تجمع الأسلوبين الحديث والرياضي. لكن رغم نظرته الواضحة الا ان تشكيلته تفتقد الجرأة والاثارة التي رأيناها في عرض سيلين مثلا او كلوي، حيث راعى فيها ان المرأة العصرية تريد ازياء عملية تنقلها من مكان العمل الى سهرة عائلية حميمية. ولا شك ان سيلين، من خلال مصممتها الشابة ايفانا أوماجيك، هي اكثر من ترجمت هذه القوة بنجاح من خلال تلاعبها بالأقمشة السميكة والشفافة والتصميمات القوية والأنثوية. من جهته قدم كارل لاغرفيلد لدار شانيل، قصة قصيرة ومثيرة، كان فيها الفستان الناعم كما تصورته الآنسة كوكو شانيل حاضرا لكن برؤية مصمم الدار العبقري، الذي استطاع أن يجعل أي طفلة تتمنى لو تصبح فتاة، وكل امرأة ناضجة لو عادت عقارب الزمان الى الوراء لتستطيع ان تستمتع بها. كالعادة كان اللون الأسود واللون الأبيض هما السائدان مع زخات من ذهب هنا وهناك.
لكن الحديث عن دار شانيل لا يكتمل من دون الحديث عن الاكسسوارات الرائعة التي لا تعترف بعمر أو بمقاييس معينة، بدءا من الأحزمة الذهبية الى الأحذية والحقائب المطعمة بسلاسل الدار ولؤلؤها، التي ستجد لها سوقا واسعة.
في المقابل كانت الاكسسوارات التي استعملها كريستيان لاكروا أكثر جرأة، سواء تعلق الأمر بالعقود الضخمة المتعددة الصفوف أو الصنادل العالية التي جاءت بتفاصيل كثيرة وكشاكش تنافس الأزياء في ابتكارها.
فعلى ما يبدو، اختار هذا المصمم الذي كان في السابق يشطح في استعمال الألوان المتناقضة والمتداخلة، أن يخفف من أسلوبه في الأزياء التي جاءت بألوان هادئة وحيادية على أن يعوض الأمر في الاكسسوارات.
لاكروا اطلق على تشكيلته «رحلة متوحشة» وعند النظر الى صنادله فان العنوان يكتسب معناه، لأنها فعلا تذكر بالتماسيح والأدغال.
* ترويض جون غاليانو
* عروض الأزياء بالنسبة للعديد منا مسرحية تقوم على الفانتازيا والأحلام التي تأخذنا إلى عوالم رائعة وبعيدة عن الواقع اليومي الروتيني، وهذا ما يعرفه المصممون جيدا، ولهذا السبب يعمد العديد منهم إلى تقديم نسخة من إبداعاتهم على منصات العرض تكون مثيرة للغاية ولا يمكن تصور ارتدائها في الواقع، ونسخة أخرى أكثر هدوءا وأسهل تسويقا. وهذا بالضبط ما تعودناه من مصمم دار كريستيان ديور، جون غاليانو، الذي يعرف تماما ما تريده وسائل الإعلام من صور في غاية الغرابة والسريالية تجعله دائما يحتل الصفحات الأولى، كما يعرف تماما ما تريده المرأة من أناقة وأزياء مميزة تجدها في المحلات المترامية في كل أطراف العالم. كل هذا تغير في اسبوع الموضة. فبعد عشر سنوات قضاها غاليانو مع كريستيان ديور حقق فيها الكثير من النجاحات، يبدو أن جذوة جنونه قد انطفأت ومعها انطفأ جزء مهم من وصفته السحرية الناجحة. صحيح ان الأمر قد يروق للمرأة التي ستتوجه إلى المحلات في الموسم المقبل، لكنه أصاب وسائل الإعلام بخيبة كبيرة. التفسير الذي صرح به غاليانو من انه يريد تشكيلة عقلانية بعيدة عن العاطفة، غير مقنع مما يدعو إلى التساؤل عن السبب وما إذا كان مضطرا ومطالبا بترويض خياله، لأن لا أحد يريد ان يصدق ان النبع قد جف وأن خياله توقف عن إعطائنا تلك الفسحة من الحلم، لكننا يمكن ان نصدق ان الفن والإبداع وحدهما لا يبيعان وأنه أصبح لزاما عليه ان يتبع الخط الذي ساد في باريس هذا العام، وقبل في ميلانو ونيويورك، الذي يرفع شعار التسويق اولا والفن ثانيا.
فالتحدي الآن أمام أي مصمم هو ان يتوفق إلى معادلة الإبداع والابتكار مع وضع التسويق نصب عينيه من خلال ازياء لا يمكن ان تقاومها المرأة.
مواقع النشر (المفضلة)