كان 'سيزر' فتى نشيطا بين أقرانه، يتميز بذكائه في التعامل مع الآخرين، اكتسب ثقة من حولها، كبارا وصغارا، ذا أدب جم مع أصدقائه، وفي المدرسة تميز بالنشاط الثقافي، وإقامة المسابقات العلمية، ونظرا لغزارة المعلومات فقد فاز في العديد من تلك المسابقات، حيث كان يفتخر بتعدد الكؤوس في غرفته، فهذه كأس من تلك المدرسة، وتلك من هذه الهيئة.
أنهى 'سيزر' تعليمه بإحدى المدارس الفندقية الراقية، كان يحصل على أعلى الدرجات في الاختبارات النهائية في كل عام، وكان الأمل يحدوه في ان يصبح يوما ما Chief في أحد الفنادق العالمية.
وتفوق 'سيزر' في السنة الأخيرة، وكان ترتيبه من الأوائل، وعمل بأحد الفنادق الفاخرة في العاصمة الفلبينية 'مانيلا'، واجتهد إلى أن تحقق له ما أراد وأصبح Chief.
وبعد يوم عمل شاق، ذهب 'سيزر' إلى منزله، وفي الطرق تقابل مع أحد الاصدقاء القدامي في المدرسة الفندقية التي كانا يدرسان بها، وتبادلا السلام، وقال لصديقه: إلى أين أنت ذاهب؟ لم لا تأتي لنسهر معا؟ قال صديقه: عندي مقابلة الآن، حيث إنني سوف اختبر للعمل بأحد الفنادق العالمية، فلماذا لا تأتي معي وتقدم 'طلبا'، وتختبر، وبعد الانتهاء سوف نجلس معا.
كان النجاح حليفا ل'سيزر'، فقد كان ما يمتع به من مؤهلات علمية وشخصية من خلال خبرته في العمل حافزا كبيرا لأن يكون احد الفائزين، ورشح للعمل بأحد فنادق المملكة العربية السعودية، ووفق في العمل هناك، وبعد مضي فترة اراد العودة الى بلاده، وفي اثناء عودته حمل معه من الذكريات ما لا ينسى، فقد كان يتعجب لعدم وجود بعض المأكولات مثل لحم الخنزير، والمشروبات الكحولية، وكيف ان هؤلاء القوم كانوا لا يأكلونها ولا يشربونها..؟!
يقول 'سيزر': انتقلت في عملي من المملكة العربية السعودية الى دولة الامارات، حيث عملت بإمارة 'دبي' مدة اخرى، ثم جئت الى الكويت وعملت في فندق (...) وهو من سلسلة فنادق عالمية بوظيفة chief، ولما كنت اشرف على احدى المناسبات بداخل الفندق، فقد نفذتها بكل عناية، ودقة، فإذا بأحد الاصدقاء ممن حضروا تلك المناسبة يقول لي: هل تريد ان تعرف شيئا عن الدين الاسلامي؟، قلت: نعم، فقال لي: ان لجنة التعريف بالاسلام قريبة من هنا، واخذني وهناك قابلت داعية فلبينيا يدعى 'عبدالله سبريتوا' - رحمه الله - وقد كان قسيسا من قبل، شرح لي ما الاسلام، وبين لي اركانه، وصار بيننا نقاش طويل حول وحدانية الله، وعرفت ان الله هو الواحد الاحد الذي لم يلد ولم يولد، وقد القى على مسامعي آية من القرآن الكريم، ثم ترجمها لي، قال تعالى: 'وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب' المائدة: ،116 ولما ترجم لي معنى الآية الكريمة انهمرت دموعي ندما على تقصيري في ذات الله.
وتقابلنا في المرة الثانية، وقلت له: بقي شيء واحد لم استطع تفسيره مازال عالقا في ذهني، قال لي: وما هو؟ قال: لما تحرمون أنواعا معينة من المأكل والمشرب؟، قال لي: فهمت ما تريد، فقرأ علي قول الله عز وجل: 'يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون' المائدة: ،90 وردد علي ايضا قول الله عز وجل: 'إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم' البقرة: ،173 وترجم لي الآيتين، وظل يشرح لي معناهما لمدة ساعتين، وماذا أراد الله من خير لعباده المؤمنين من خلال تجنب هذه المنهيات، وكيف ان العلم الحديث أثبت ما جاء في القرآن قبل أربعة عشر قرنا من الزمان. وأشهرت إسلامي في اللجنة وسط الإخوة الدعاة والموظفين، وكانت فرحة إخواني بي اكثر من فرحتي بدخول الإسلام، حقيقة شعرت بإخوة لم أشعر بها من قبل، فهذا الدين عظيم بمبادئه وتعاليمه. والحمد لله وقد اسلمت زوجتي وأولادي اثر دعوتهم للإسلام، بل إنني اصبحت أدعو كل شخص غير مسلم للإسلام، فهذا واجبي، حتى لو احضر له حقيبة الهداية، وأعطيها له كهدية.
مواقع النشر (المفضلة)