[align=center]قال تعالى: “وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون” (الحشر/21)
وقال عز من قائل: “كذلك يضرب الله الأمثال” (الرعد/17)
[/align]

لا تكاد تخلو حياتنا اليومية وأحاديثنا الجانبية من ذكر الأمثال والإستشهاد بها ... ولعلها أي الأمثال شكلت جزءاً من ثقافة مجتمع أو دليلاً على وجوده ... فحاتم الطائي لولا المثل الذي يضرب به لما عُرف على مر التاريخ .
أيضاً الأمثلة دليل على فطنة وأدبيات وحس ... وبلاغة تختزل لك موعظة بجملة .. وتصورياً بلاغياً بديعاً .
حياتنا ... في الجزيرة غنية بالأمثلة .. فهي منبع الثقافة وسوق للبلاغة .. هنا وددت أن يدلي كل ٍ بدلوه في هذا البحر ... ليغرف لنا من المعرفة حتى ننهل من معينها الذي لا ينضب ... وتعم الفائدة على الجميع :



[align=center]* وافق شنٌ طبقه :[/align]

كان رجلٌ من دهاة العرب وعقلائهم يقال له شَنٌّ. فقال: لأطوفَنَّ حتى أجد امرأةً مثلي فأتزوجها. فبينا هو في بعض مسيره إذ وفقه رجلٌّ في الطريق. فسأله شن: أين تريد؟ فقال موضع كذا، (يريد القرية التي يقصد لها شن ). فرافقه فلما أخذا في مسيرهما، قال له شن: ‏
‏ أتحملني أم أحملك؟ ‏
‏ فقال له الرجل: يا جاهل، أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني؟! فسكت عنه شن. وسارا، حتى إذا قربا من القرية، إذا هما بزرع قد استحصد فقال له شن: ‏
‏ أترى هذا الزرع أُكل أم لا؟ ‏
‏ فقال له الرجل: يا جاهل، ترى نبتًا مستحصدًا، فتقول أتراه أُكل أم لا؟! ‏
‏ فسكت عنه شن. وسارا، حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن: ‏
‏ أترى صاحب هذا النّعْش حيًا أم ميتًا؟ ‏
‏ فقال له الرجل: ما رأيتُ أجهل منك! ترى جنازة فتسأل عنها أمّيت صاحبها أم حيّ فمضى معه. وكانت للرجل ابنة يقال لها طَبَقَةُ. فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه. فقالت: ‏
‏ يا أبتِ، ما هذا بجاهل. أمّا قوله: أتحملني أم أحملك فأراد: أتحدثني أم أحدِّثك حتى نقطع طريقنا. ‏
‏ وأما قوله: أترى هذا الزرع أُكل أم لا، فإنما أراد أباعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا. وأما قوله: أترى صاحب هذا النّعْش حيا أم ميتا، فأراد هل ترك عَقِبًا يحيا بهم ذِكْرُه أم لا. ‏
‏ فخرج الرجل فقعد مع شنّ، فحادثه ساعة، ثم قال له: ‏
‏ أتحبّ أن أفسر لك ما سألتني عنه؟ ‏
‏ قال: نعم. ‏
‏ ففسره. فقال شنّ: ‏
‏ ما هذا من كلامك، فأخبِرْني مَنْ صاحبه. ‏
‏ فقال: ‏‏ ابنةٍ لي. ‏
‏ فخطبها إليه، فزوّجه إيّاها وحملها إلى أهله. فلما رأوهما قالوا: ‏
‏ وافق شَنٌّ طبقة! ‏
‏ فذهبت مثلاً.