مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 9

الموضوع: أوفى الأوفياء

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Rose أوفى الأوفياء

    كان رسول صلى الله عليه وسلم مجمع الأخلاق الكريمة، ومنبع الشمائل الرفيعة، ومهوى الأفئدة المتطلعة لقمم السمو والنقاء.

    يا مَن له الأخلاق ما تهوى

    العلا.. منها، وما يتعشق الكبراء

    وإن تلك الصفات لحرية بإفراد الأسفار، ولن تكفي للإحاطة بجلال قدره، وعظيم شأنه، ورقي خلقه، ويكفيه قول الحق تبارك وتعالى: “وإنّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظيم”، (القلم:4).

    ويجد المتابع للحظات حياته صلى الله عليه وسلم عبر صفحات سيرته أن هذه الأخلاق تشع بأنوار مضيئة تفيض على من حوله فتغمر قلوبَهم بالنور، وتهديهم أعظم الدروس في محاسن الأخلاق وكرم الشمائل التي تجلت في القدوة الكاملة والأسوة الحسنة التي دعانا ربنا جل وعلا إلى اتباعها والاهتداء بهديها، والتي ضحى رسولنا صلى الله عليه وسلم من أجلها بأهم ما تحتاجه النفس البشرية وهي خصوصية الحياة، فقد كانت سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام صفحة ناصعة مشرقة مفتوحة أمام الجميع ممن هم في عهده وإلى الآن وإلى قيام الساعة، يقرأ فيها كل من أوتي حظا من القراءة أو يسمع بها كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فيجدون كل ما تحويه حياته من أحوال في نومه وأكله وجلوسه ومشيه وزواجه وحديثه مع أهله وأبنائه، في لحظات فرحه وحزنه، وجوعه وفقره، والتصدي له ومجابهته بالقوة.. وكل ما مر به من مواقف وأحوال تعرض للإنسان العادي أو الإنسان القائد.. وكل هذا من أجل أن تبقى سيرته معروفة للجميع فتكون لهم هدى، وتثبت إمكانية قيام الحياة وفق ما أراده الله عز وجل في نموذج بشري مهما اعترضته من عقبات.

    ونجتزئ من أخلاقه الحميدة صلى الله عليه وسلم صفة واحدة هي صفة الوفاء، ونحاول أن نستقصي مظاهر هذا الخلق النبوي العظيم، ولن يكون استقصاء فعالا أبدا، لأن مواقفه أكثر من أن ينالها الحصر في مثل هذه العجالة، لكنها محاولة للوقوف أمام بعض المواقف المحمدية المشعة بأنوار الوفاء.

    مفتاح الكعبة

    عند فتح مكة.. أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عثمانَ بن طلحة وهو من حَجَبة البيت أن يأتيه بمفتاح الكعبة فجاء به، ففتح البيت ودخل عزيزا لا يرد له رأي، وكان في يوم ما قبل هجرته إلى المدينة قد طلبه من حامله عثمان هذا، لكنه أغلظ له القول، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا عثمان لعلك ترى يوما هذا المفتاح بيدي، أضعه حيث شئت). فقال عثمان: لقد هلكت قريش يومئذ وذلت، فقال: صلى الله عليه وسلم: (بل عمرت وعزت يومئذ).

    واليوم سلمه المفتاح بيده فدخل البيت، ولما خرج منه سأله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ابن عمه وصهره وحامل ألوية معظم غزواته أن يجمع لبني هاشم الحجابة والسقاية، لكنه صلى الله عليه وسلم استدعى عثمانَ من جديد ودفع إليه المفتاح مع العهد الخالد: (اليوم يوم بر ووفاء خذوها خالدة مخلدة قد دفعها الله إليكم ولا ينزعها منكم إلا ظالم). وما زالت إلى اليوم فيهم، لا يجرؤ أحد على أخذ المفتاح منهم لئلا يوصف بالظلم ويلطخ بعار الدهر.

    الطاهرة خديجة

    قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر يستقبل ما أرسله أهل مكة لفداء أسراهم الذين وقعوا بأيدي المسلمين، ووُضع بين يديه كيس ففتحه وهو يسمع قول حامله: هذا بعثته زينب بنت رسول الله لفداء زوجها أبي العاص بن الربيع. وخرجت اليد الشريفة من الكيس بقلادة، فأطالت العين النظر فيها، وأرسلت الذاكرة رسائل الماضي حين كانت هذه القلادة في جيد الطاهرة خديجة، ثم وهي في يديها تلبسها زينبَ ليلة زفافها. واستقبل القلب رسائل الذاكرة فكادت العين تفيض بما تحرك من عواطفها الكامنة في القلب الرقيق، واستقبل رسالة أخرى من ذاكرته القريبة حين سعى المشركون في تطليق بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، فنجح مسعاهم مع عتبة وعتيبة ابني أبي لهب، أما العاص زوج زينب فقد أبى عليهم ما أرادوا، ورفض عرضَهم بتزويجه بمن شاء من نساء قريش وقال: لا والله لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على الأسير: (والله ما علمت عنه إلا خيرا)، فلم يكن ممن شارك يوما في قتال المسلمين أو أذاهم، ثم قال يعرض عليهم أمرا: (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا). فرضوا جميعا وأطلقوه وردوا مال الفداء عليها، فكان أحد من أطلق بلا فداء.

    ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي تذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم خديجة، بل هو في تذكار دائم ووفاء دائم وذات يوم أتى إليه صلى الله عليه وسلم. بهدية فقال: (اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة، إنها كانت تحب خديجة). وحين سمع مرة استئذان هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة تذكر خديجة واستئذانها الشبيه بما يسمع الآن وقال: (استئذان خديجة!)، يشبهه بأسلوب خديجة في استئذانها، وقال: (اللهم هالة) فقد كان حريصا على صلة قريباتها وصديقاتها وتمنى أن تكون هي التي تستأذن في الدخول لكي تتاح له فرصة إكرامها، وكانت هي حقا.

    وجاءته امرأة مرة وبين يديه لحم، فقرّبه إليها وجعل يناولها إياه، ويحتفي بها احتفاء بالغا، فلما خرجتْ قالت عائشة: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: (إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حُسن العهد من الإيمان).

    مطعم بن عدي

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر: (لو كان مُطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتْنى لأطلقتهم له). كلماتٌ تنضح بالوفاء والاعتراف بالجميل، واستثناءٌ لا يمنحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد وإن كان من المسلمين، لكنه يحققه لرجل واحد مشرك، لما كان له من مواقف خيّرة، فهو الذي دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة في جواره عند عودته من الطائف بعد أن أساء أهلها استقباله وأبلغوا قريشا بقدومه عليهم يدعوهم للإسلام فاشتدت حملتها ضده، كما أن مطعم نفسه كان واحدا من أشد المناهضين للصحيفة الظالمة أيام المقاطعة، ومن أنشط الساعين في نقضها، بل هو الذي مدّ يده لينتزعها من جدار الكعبة ويشقها، بعد أن ألحقت الأذى بالمسلمين جوعا وعزلا وإنهاكا لكل قواهم، ولم يعهد عنه أي خطأ في حق الإسلام كما كان يفعل بقية كفار مكة.

    صلح الحديبية

    أثناء مناقشة بنود معاهدة الصلح في الحديبية استعدادا لكتابتها بيد سهيل بن عمرو جاء (أبو جندل) ولدُه فارّاً من حبس أبيه، ويداه ما تزالان مقيدتين، فألقى نفسه بين المتعاهديْن: والده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، مستنجدا بالثاني من الأول وقومه، وكان من الشروط التي أرادتها قريش أن يرد المسلمون كلَّ من يذهب إليهم مسلما من المشركين دون أن يفعل المشركون العكس.

    فإذا بالوالد ينهض قابضا على الابن المسلم بقوة وخشونة وهو يزجره ويسلمه لمن يعيده إلى حبسه، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما زال العهد لم يكتب. فرفض سهيل وهدد بالامتناع عن إكمال الصلح.

    قال صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي. قال سهيل: ما أنا بمجيزه لك. قال صلى الله عليه وسلم: بلى.. فافعل.

    فأبى سهيل وقال بصلف: ما أنا بفاعل. يا محمد لقد لجت القضية بيني وبينك.

    فيقول الرسول الوفي صلى الله عليه وسلم: (صدقت).

    لم تُكتب المعاهدة، وإنما هي مناقشة شفوية لم تصل إلى حد التوثيق، لكنه شرف الكلمة، وأمانة المسلم، فيتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المبتلى المستغيث أبي جندل: اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا وتم لهم ذلك بفضل الله عند اجتماعهم مع أبي بصير، أحد المعذبين المردودين، وقيامهم بقطع الطريق على قوافل قريش وتجارتها حتى أضروا بها، فسعت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يردهم إليه ليتخلصوا مما يلقونه من الأذى منهم.. واعتذر عن فعله موضحا السبب بقوله: (إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا، وأعطيناهم على ذلك عهدا، وإنا لا نغدر بهم).

    وفاء نادر الوجود وفاء لعهد غير مكتوب، يرى صاحبَه معذباً يستغيث به خائفاً من أن يفتنوه عن دينه ولا يمد إليه يده لينقذه وفاءً لعهد لم يكتمل الاتفاق عليه بعد، وإن أصر على استعادة المظلوم المستنجد فهو على حق لأن العقد لم يوقع بعد، وما عليه ملامة في نصر صاحبه عند كل منصف، لكنها الثقة في أمر الله، والحرص على الكلمة، والالتزام بخلق الوفاء الذي صار بتلقائية مبعث الأفعال ومنبع التصرفات.

    “اللهم ارحم الأنصار”

    في أعقاب غزوة حنين كانت غنائم المسلمين كثيرة لأن قبائل هوازن ومن حالفها قد أتوا إلى الحرب بأموالهم وأنعامهم ونسائهم، فكانت كلها من نصيب المسلمين بعد النصر، ففرقها الرسول صلى الله عليه وسلم في القبائل المسلمة وخص قريشا بقدر كبير منها، ولم يعط الأنصار شيئا منها. فخشوا أن يكون ذلك نتيجة خطأ منهم، أو أنه استبعادٌ لهم، وظن بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم قد سعد بعودته إلى داره، ولا يريد العودة معهم، فحزنوا لذلك، وقال بعضهم: إن هذا لهو العجب، يُعطي قريشا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ وأبلغ سعدُ بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالهم وما وجدوه في أنفسهم. فقال صلى الله عليه وسلم: اجمع لي القوم. ففعل، والتقى بهم لا يشاركهم غيرهم في هذا اللقاء.

    وسألهم: (يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم؟ ألم أجدكم ضُلالاً فهداكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟ وأعداءً فألّف الله بين قلوبكم بي؟) فاعترفوا بالفضل: بلى، والله ورسوله أمن وأفضل. ولو أنهم كانوا من ذوي المن وقليلي الإيمان لعيروه بنصرهم له، أو ظنوه يعيّرهم بذاك، لكن ردهم هو دليل إيمانهم العميق، فسألهم: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ فتساءلوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ورسوله المنّ والفضل.

    فجاءهم التشريف المحمدي اعترافا بسبقهم وتضحيتهم وصدقهم: (أما والله لو شئتم لقلتُم، فلصَدقتم ولصُدّقتم: أتيتنا مكذَّبا فصدّقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فواسيناك. أوجدتم عليّ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعُاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكَلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضوْن يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وواديا وسلكت الأنصار شعبا وواديا لسلكتُ شعب الأنصار وواديها، الأنصار شعار، والناس دثار) ثم ختم بالدعاء لهم: (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار، وأبناءَ أبناءِ الأنصار) أورد البخاري عدة أحاديث في ذلك في كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال. وانظر ابن هشام 2/ 498 باب (وجد الأنصار).

    (وكلتكم لإسلامكم) ومَن مِن الناس يملك عينيه وهو يقرأ تلك الكلمات؟ فكيف إن كان من أحفاد الأنصار أو من أهل المدينة؟ أعظم وسام وأجل شهادة يفوز بها المرء في الدنيا أن يثق رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسلامه. وأكبر هدية وأوفر غنيمة أن يعودوا برسول الله معهم فيما يعود الناس بالشاة والبعير وبحطام الدنيا. فانطلقت مشاعرُ الأنصار وعواطف قلوبهم في كلماتٍ محشرجةٍ بالدمع مسبوقةٍ به: رضينا برسول الله قسما وحظا.

    فكان صلى الله عليه وسلم وفيا لمن آزره وآواه، ونصره بنفسه وماله وأرضه، لم يتركهم، ولم يعد إلى بلده بعد أن دان له، بل صحبهم قائلا: (المحيا محياكم، والممات مماتكم)، وسجّل لبلدهم شرفَ الدهر، فكان فيها حيا وميتا، فصارت أقدس البقاع لما ضمته من أطهر الأجساد فوقها ثم تحتها.

  2. #2

    ][ عــضــو الـتـمـيـز ][


    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    الدولة
    «§»دنيــا الولــه«§»
    المشاركات
    19,061
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي

    دااااااائم مبدع ومميز


    في اختيار مواضيعك


    سلمت حبيبتي حطمتني


    على تميزك الدائم


    الله يعطيك العافيه

  3. #3
    مشرفه سابقه

    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    7,935
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    هذا الي نعرفه عن حبيبتي حطمتني
    الله يعطيك العافيه على ها الطرح الرائع
    انت دوم مميز ومبدع
    في اختيار المواضيع الرائعه والقيمه
    الله لا يحرمنى منك ولا من روعة قلمك
    تقبل مروري

  4. #4
    ... عضو نشيط ...


    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    106
    معدل تقييم المستوى
    1

    افتراضي

    شكراااااااااا

  5. #5
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    2,110
    معدل تقييم المستوى
    3

    افتراضي

    جـــــــــــــــزاك الله كل خير

المواضيع المتشابهه

  1. غباء الأوفياء
    بواسطة مناير الشـووق في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-06-2011, 03:09 PM
  2. منفي إختياراً
    بواسطة جزيل المعاني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 14-10-2009, 09:45 PM
  3. ليس لي منفى لإقول لي وطن
    بواسطة have fun في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 08-03-2008, 09:30 PM
  4. للخيانة رائحة عفنة، لا يشمها ويتأذى منها سوى الأوفياء
    بواسطة الحوراء بنت نجد في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 46
    آخر مشاركة: 23-08-2007, 07:59 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •