لعلك تتعب كثيرا من سيرة الأعداء ولا ترغب في ذكر من وقفوا في وجهك وناصبوك الكراهية وكان كل همهم وضع الحجارة امامك لعرقلة انطلاقة خطواتك.
اذا كنت في معاناة من حزب أعداء النجاح فلا تجعل ذلك مبررا لتخليك عن الدبلوماسية في التعامل.. ومهما التفوا من حولك وسودوا الهواء النظيف الذي تتنفسه بصفاء وحميمية فلا تتخلى عن الحوار الراقي والمحبة التي تعودت عليها.. وترعرعت في كنفها.
انت بالطبع اكبر من الرد على الصغائر وتبديد جهدك ووقتك في تفاهات الامور.. اذن فلتكن كبيرا برؤيتك الواسعة للكون والوجود وهذا لوحده كفيل لأن يضيف الى عمرك عقودا من الزمان.. فكم من كبار بمقياس الزمان صغار في المشاعر والاحاسيس والرؤية الصائبة.
الذوق والسلوك الراقيان فن وهو لا يورث انما منحة ربانية وصفة لكبار النفوس.. كما ان الدبلوماسية ليست كلاما للضحك على الذقون وتمرير المواقف بغية تحقيق مصالح.. بل هي مبدأ في الحياة لاحتواء اخطاء الآخرين وخلق مساحة من روعة التواصل والتجاوز عن الامور التي تعترض سير المواقف الحياتية والتفاصيل اليومية.
السلوك الراقي ليس كما يظن البعض مجرد ابتسامات مزيفة وبعدها يكون الطعن في الظهر قولا وفعلا... ولكنه انتصار للنبل الانساني وإعلاء للعقل والتفكير الراجح.. واحتضان للبشر كلهم.. القريب منهم كالبعيد.. فالمعاملة على حد السواء.. ومن ثم لا يكون الخلاف مع البعض مبررا لظلمهم ودافعا للتحامل عليهم في كل الاوقات.
لا تنشغل بالتفكير في المتربصين بك.. واتركهم للزمن، فالاوقات كفيلة بأن تحبط شرورهم وما يدبرونه بخفاء.. وتجارب الحياة تثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الاصفياء لا توقف خطوات نجاحهم المؤامرات والمكائد.. اذن فاجعل الاشرار على هامش حياتك.. واستمتع بوقتك مع الانقياء الذين صفت سريرتهم وتوافقت رؤيتهم مع رؤيتك المتسامية ونظرتك المتسامحة وروحك العالية.. وابتعد عن المتلونين ولا تكلف نفسك عناء ترويضهم ومجاراتهم في طريقهم المسمم بالأحقاد والكراهية.
صديقي الذي أوتي من الرقة والسمو ما لم يؤته كثيرون جلس الي شاكيا وقال 'تعبت من الطعنات في ظهري وتبلد مشاعر كل من اجبرتني الظروف على معايشتهم، ربت على كتفه'، قلت له: لا عليك منهم.. أنت قلب عامر بالحياة.. وروح نابضة بالنبل، فكن كما انت واحة محبة وستكبر بك وبأمثالك اشجار الخير لتظلل الجميع الصالح منهم والطالح.
اغفر الهفوات.. وكن على يقين من ان النفس الصافية سيرد الله عنها المكائد وستكون هي الفائزة حتى لو حاقها بعض الضرر لوقت قصير.
الحياة رحبة اكثر مما تتصور.. والمواقف لن تنتهي.. فاحرص على التوادد.. وصافح الدنيا كلها، فالانسان اليقظ بداخلك نعمة كبيرة فحافظ عليها واجعلها تغمر الآخرين.
مواقع النشر (المفضلة)