رسالة مع طائر
كتبت ٌعلى ورقة صفراء رسالة عمري ووضعت فيها مشاعري وأحاسيسي ثم بحثت عمن يحمل رسالتي فلم أجد إلا طائراً يحلّق في الهواء فناديته لأطلب منه أن يحمل رسالتي لمكان بعيد ولكن وضعت له شروطاً فلا يكون وادياً ولا مكانا غير ذي زرع ولابد له أن ينظر جيداً قبل أن يلقي رسالتي فلا يسقطها في حفرة من حفر الآبار أو مستنقع أو بركان.
حمل الطائر رسالتي وحلّق إلى البعيد ولكنه كان يشعر بثقل كبير يشعر معه بأن توازنه سيختل وسيسقط أرضا إلا أنه يعود ويرتفع مرة أخرى عندما يتذكر ذلك الرجل الذي لا يعرفه ولماذا أعطاه هذه الرسالة وترك بني جنسه من البشر .. أسئلة كثيرة دارت في رأس هذا الطائر الصغير وأخيرا أقنع نفسه بإجابة تحمل بعضاً من الغرور لم يجد أحداٍ يأتمنه غيره ولذلك قرر البحث بكل أمانة عن مكان جميل يليق بتلك الرسالة التي لا يعلم مضمونها ولكن وعد ذلك الرجل بعد أن رأى الحزن في عينيه وبرغم هذا كان في عينيه بريق آسر غموض يلف نظراته كأنها تحمل سراً من الأسرار وأخذ يطير ويطير وفي كل مرة يصل إلى مكان ما كان يعجز عن فك الرسالة من ساقه وكأنها ترفض النزول في المنطقة التي يريد إلقاء الرسالة فيها .. شعر الطائر بخوف شديد وأخذ يسأل نفسه ترى ماذا تحمل هذه الرسالة؟ الخوف دبّ في قلبه الصغير وحلّق سريعا ليبحث عن نقطة يبدأ منها ليستطيع فك رموز تلك القصة الغريبة التي لا زال سيدها ينظر اليه ويراقبه يستجديه إكمال المسير ويحقق له ما يريد لأنه يعلم بأن الطائر لن يبخل عليه بتحقيق ذلك لأنه لا زال يبحث ويبحث عن مكان يركن فيه ويضع تلك الأمانة التي أثقلت ظهره وتلك الغمة التي شغلت تفكيره ولكنه برغم كل التعب يجد نفسه متعاطفا مع ذلك الرجل ولا يعلم سبب ذلك ، أي سر من الأسرار يحمله ، من يكون ذلك الرجل شعر بأنه يحمل حزن العالم بأسره لأنه يريد أن يقول شيئا ولا يستطيع البوح به فصار عبئا ثقيلا عليه يتعبه يشعره بنفور من نفسه حتى صار لا يعلم أيكره نفسه أم يحبها وبرغم كل تلك المشاعر لا زال الطائر يجول في الفضاء باحثا وهو يرفع يديه الى السماء يتمنى تحقيق مرادهه إلى أن هبت ريح قوية لم يستطع الطائر عندها الصمود فسقط في البحر ولكنه رفع نفسه سريعا لينفض عن ريشه الماء ويتمكن من التنفس سريعا حتى لا يموت قبل إيصال الأمانة ورفع نفسه ليكتشف هول الصدمة الكبيرة فالرسالة لم تكن معلقة في رجله فأخذ ينظر حوله بخوف ورهبة ماذا يفعل؟ لقد ضيّع الأمانة .. ترى ما العمل؟ كيف يواجه ذلك الرجل. وعاد مرة أخرى للتحليق علّه يجد مراده وفجأة ظهرت له الرسالة وقد بللتها مياه البحر اسرع اليها حاول حملها فلم يستطع فلقد اصبحت ثقيلة عليه وأخذ يدور حول نفسه لا يعلم ماذا يفعل؟ إلى أن خطرت له فكرة بسيطة سيجر تلك الرسالة بمنقاره إلى أن يوصلها إلى الشاطئ ولكن عليه توخي الحذر حتى لا تنقطع الرسالة وبينما هو يحاول أن يمسك أحد أطرافها انقطع جزء منها فرفع الطائر منقاره مذعورا رباه وردد في نفسه لا بأس من قطعة صغيرة سأحاول مرة أخرى وظل على هذا الحال حتى صارت الرسالة قطعا صغيرة وهو عنده أمل بحملها وإيصالها ولكن حصل أمر أدهشه فبعد أن تقطعت الرسالة تلون جزء من البحر أو المساحة التي تقطعت فيها الرسالة بدم قانٍ ذعر الطائر ورفع نفسه للأعلى وأخذ ينظر بخوف ورهبة ثم نظر حوله مليّا وهو لا يستطيع تصديق ذلك او تفسيره وقرر العودة لذلك الرجل ليسأله عن هذا السر وحمل الطائر نفسه مرة أخرى في رحلة أشق وأصعب من الأولى لأنها تحمل خوفا ورهبة وتساؤلات كثيرة وبعد مرور أيام عديدة وصل الطائر الى النقطة التي التقى فيها بذلك الرجل تحت الشجرة الظليلة وعندما وصل وجد السيد وقد تلفح بالسواد ممسك بيديه ورقة وقلما فاقترب منه ولكن لم يشعر بوجوده فحدث نفسه لعله نائم وعاد واقترب منه مرة أخرى ونظر اليه مليّا .. إن وجهه كأن الروح لا تسري فيه وكأنه فارق الحياة نعم إنه كذلك مات بسرّه وهو لم يعرفه وقف الطائر حزينا يفطره الألم والحسرة ويقول مات سيدي وفي صدره الأثقال مات وأعط سرّه للبحر لأنه يستطيع كتمانه وعندما وصل اليه فارق الحياة وودعته لأنه ارتاح إلى الأبد.
عجبتني أحضرتها لكم
رد مع اقتباس
رد
مواقع النشر (المفضلة)